العقل الجمعي الالكتروني وزعزعة الوعي السياسي
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
بقلم : م.م. زهراء موسى جابر ..
يعد كوستاف لوبون اول من استخدم مفهوم العقل الجمعي في كتاب سيكولوجيا الجماهير الذي يشير فيه الى ان الافراد في التجمعات او الجمهرة يظهرون بالشكل الذي هم فيه لان الشعور او الوعي الشخصي لكل فرد يغيب وينطمس ويعوض بوعي او شعور جمعي وبالتالي يكون الافراد في هذه الحالة منجرفين بهذا العقل الجمعي الذي يتحكم فيهم ويسيطر عليهم.
في عصرنا الحديث الرقمي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الانترنت تلعب دوراً حيوياً في تشكيل وجهات النظر والمعتقدات السياسية للأفراد، فعن طريق العقل الجمعي الالكتروني يتم تبادل الأفكار والمعلومات بشكل سريع وواسع مما يمكنه من ان يؤدي الى انشاء أزمات في الوعي السياسي ما بين الافراد. إذ انه (العقل الجمعي الالكتروني) يعكس تحولا في طريقة تشكيل الراي العام وتأثير الوسائط الرقمية على الثقافة والسياسة والمجتمعات، فيكون تأثيره كبيراً على السلوكيات الاجتماعية والسياسية، إذ انه يمكن للمعلومات والأراء التي تنشر عبر منصات التواصل ان تؤثر على اتجاهات الفكر والقرارات الجمعية مما يعمل على انحياز الافراد نحو مصادر المعلومات التي تؤيد وتؤكد آرائهم المسبقة مما يقلل من التنوع في الآراء وبالتالي يؤدي الى تعميق الانقسامات السياسية وتقليل فرص التواصل والتفاهم بين المجتمعات المختلفة.
وغالباً ما يكون تأثير العقل الجمعي الالكتروني إيجابي عندما يتيح للمواطنين التفاعل مع القضايا السياسة والمشاركة في الحوار العام مما يوسع من نطاق المعرفة السياسية لديهم إذ يمكن ان توفر وسائل التواصل الاجتماعي للأفراد إمكانية الوصول الى المعلومات والأراء السياسية المتنوعة ومن مصادر مختلفة حول العالم مما يمكنهم من فهم القضايا بشكل أوسع, إذ يمكن للأفراد التفاعل مع المحتوى السياسي و التعبير عن آرائهم وبالتالي يؤدي الى تحريك النقاشات وتشكيل التوجهات السياسية مما يساعد على تمكينهم من التعبير عن آرائهم والمشاركة في الحوارات السياسية بشكل اكبر وتوفير قنوات للتواصل المباشر بين الحكومات و المواطنين, ومع ذلك قد يؤدي ايضاً الى نشر المعلومات الزائفة والتضليل السياسي مما يعمل على زعزعة الثقة في المؤسسات وخلق الازمات. وفي بعض الأحيان يمكن ان يستغل العقل الجمعي الالكتروني كأداة للتأثير على الراي العام وتوجيهه نحو اجندات معينة عبر تضخيم الاخبار المضللة لبعض القضايا على حساب الأخرى او عبر اللجوء الى استخدام تقنيات البرمجيات (خوارزميات التشغيل الالي) على منصات التواصل الاجتماعي لتكوين طروحات معينة وفقاً لاهتمامات المستخدم وسلوكياته والذي يساهم في تأكيد وجهات نظرهم المسبقة، ونتيجة لذلك قد يتأثر الجمهور بشكل سلبي مما يؤدي الى انحراف الوعي السياسي وتصاعد الفوضى في المجتمعات. إذ تكمن مشكلة العقل الجمعي الالكتروني في صعوبة التحكم في تدفق المعلومات على منصات التواصل الالكترونية إذ ان انتشار المعلومات الغير دقيقة والغير صحيحة بشكل واسع يؤثر على الفهم الجماعي مما يؤدي الى انحراف الرأي العام عن الحقائق وانحدار مستوى الوعي السياسي للأفراد مما يتسبب في انعدام التفكير النقدي والتمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة. وبالتالي يعزز الانقسام السياسي بدلاً من التواصل والحوار المثمر. وللحد من خلق هذه الازمة ومواجهتها يتطلب ذلك جهود متعددة المستويات من قبل الافراد والحكومات والتي يمكن ان نذكر منها ما يأتي:
توفير برامج تعليمية وتثقيفية للأفراد لتعليمهم مهارات التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة على الإنترنت.
تعزيز الوعي حول تأثير الخوارزميات ودورها في عرض المحتوى السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
تعزيز مهارات التفكير النقدي والتحليل العقلي لدى الأفراد للتمكن من تقييم المعلومات بشكل مستقل ومنطقي.
تشجيع الحوار المدني والنقاش المفتوح حول القضايا السياسية، مع التركيز على الاحترام المتبادل والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة.
تشجيع ودعم وسائل الإعلام المستقلة والصحافة المهنية التي تلتزم بمعايير النزاهة والموضوعية في تغطية الأحداث السياسية.
تعزيز التعاون بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني لتبادل المعرفة والخبرات في مجال تعزيز الوعي السياسي ومكافحة الإشاعات.
وعليه؛ يظهر تأثير العقل الجمعي الالكتروني في خلق أزمات الوعي السياسي على أهمية تفعيل الحوار العام وتشجيع المواطنين على المشاركة الفاعلة في العملية الديمقراطية، والذي يتطلب التوعية بتحدياته ومخاطرة لضمان استخدامه بشكل بناء في تشكيل مستقبل المجتمعات. زهراء موسى جابر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
رفع الوعي بأهمية نظم المعلومات الجغرافية بتعليمية الداخلية
نظمت دائرة التخطيط والتطوير بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية ملتقى "تحليل مكاني ذكي... لمستقبل رقمي مستدام"، وذلك في قاعة الشهباء بجامعة نزوى، بحضور علي بن عبدالله الحارثي، المدير العام. ويهدف الملتقى إلى رفع الوعي بأهمية نظم المعلومات الجغرافية في دعم اتخاذ القرار والتحول الرقمي، ومواكبة التطورات وعرض أحدث التقنيات والتطبيقات في مجال GIS وربطها بالابتكار الرقمي، بالإضافة إلى بناء القدرات وتطوير مهارات الموظفين والمهتمين بهذا المجال من خلال المحاضرات وأوراق العمل.
كما يسعى الملتقى إلى تحفيز الشراكات من خلال تشجيع التعاون بين الجهات الحكومية والأكاديمية والخاصة في مشاريع GIS والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وتسليط الضوء على الإنجازات عبر عرض مشاريع ناجحة محليًّا تعكس أثر نظم المعلومات الجغرافية في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في خدمة المجتمع والتنمية. بالإضافة إلى ربط مهارة نظم المعلومات الجغرافية بالمناهج الدراسية من خلال تدريب المعلمين والإداريين على استخدام برنامج GIS والبرامج المعنية بتسهيل العملية التعليمية والإدارية.
وقدّم المشاركون عددًا من الأوراق العلمية المتخصصة، حيث قدم كل من إبراهيم بن عبدالله البلوشي وقيس بن ناصر العامري من شركة نماء لخدمات المياه الورقة الأولى بعنوان "أثر دقة البيانات المكانية على إدارة إعادة تأهيل شبكات المياه باستخدام نماذج التعليم الآلي والذكاء الاصطناعي" - دراسة حالة (ولاية قريات). فيما تناولت الورقة الثانية "التحول الرقمي في نظم المعلومات الجغرافية (GIS)"، والتي قدمتها ندى بنت مسعود الغافرية من شركة إيزري مسقط.
وقدم حمد بن خميس الأغبري من المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون، رئيس قسم المعلومات الجغرافية المكانية الورقة الثالثة بعنوان "استخدام الذكاء الاصطناعي المكاني في التطبيقات الإحصائية. بعد ذلك قدم المقدم محمد بن هلال الخروصي مدير الخدمات الرقمية بشرطة عمان السلطانية ورقة العمل الرابعة بعنوان "تحليل البيانات الجغرافية لتحسين خدمات مرتادي الطريق"
وعلى هامش فعاليات الملتقى، جرى تدشين الأطلسي الإحصائي المصور من إعداد محمد بن حمد الشّعيلي من دائرة التخطيط والتطوير بالمديرية.
واختتم الملتقى بعرض ورقة العمل الخامسة، بعنوان "تطبيقات مكانية في التخطيط التربوي" قدمها أحمد بن حماد العامري وحمد بن محمد الصبحي من وزارة التربية والتعليم.