الصورة الفوتوغرافية كتابة ضوئيّة للعالم
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
محمد نجيم (الرباط)
أخبار ذات صلةعن دار خطوط وظلال صدر حديثاً كتاب «الفوتوغرافيا المعاصرة.. من التصوير إلى التشكيل» للفنان التشكيلي والباحث المغربي إبراهيم الحيْسن وهو كتاب مرجعي كتاب ضم أربعة أقسام تسلط الضوء على تاريخ الفوتوغرافيا والبدايات التي تأسس عليها هذا الفن، كما يشتمل على مباحث أخرى عن مدارس وثيمات الفتوغرافيا عبر الغوص في تصوير المعمار وعلاقتها بمدرسة «الباوهاوس».
إن الصورة الفوتوغرافية، بحسب الدكتور دخيل قويعة في كلمة الغلاف، تنخرط بوصفها كتابة ضوئيّة للعالم، في مسار التّاريخ، وبنفس القدر تكتسب تاريخها الخاص الذي يروي قدراتها التعبيريّة والجماليّة ويبرهن على ممكناتها الإبداعيّة.
الكتاب الذي بين يدينا «الفوتوغرافيا المعاصرة - من التّصوير إلى التّشكيل»، ثمرة جهد تأمّلي ونقدي في تدبّر التّحوّلات التي مرّت بها الفوتوغرافيا من جهتين، من جهة أنّها تقنية ثمّ من جهة أنّها فنّ في علاقة بالفنون التشكيليّة الحديثة والفنون البصريّة المعاصرة. إذ لا ريب، يقول المؤلف: مثلما أن هذه الصّورة الفوتوغرافيّة ابنة للّوحة الزّيتيّة التي ظهرت ملامحها مع عصر النّهضة الإيطاليّة وأنّ هندسة تناسبات المشهد بها تستمدّ مبادئها من هندسة الموضوع داخل الإطار كما ركّزه فنّانو الكواتروشانتو مثلاً، فإنّ السّينما، بما هي فنّ الصّورة التي تتحرّك، هي ابنة الفوتوغرافيا ذاتها ومن بعدها الصّورة المتلفزة والفيديو الفنّي وغير ذلك من أشكال التّصوير الضّوئي...وصولاً إلى الصّورة الرّقميّة وممكناتها داخل أنظمة البرمجيّات الذّكيّة.
بالنّظر إلى التطوُّر الإبداعي والتقني الذي شهده على مدى عقود كثيرة، يصحُّ القول، حسب رأي المؤلف، كون الفن الفوتوغرافي الحديث والمعاصر تجاوز تجارب البداية والتأسيس، وأمسى إبداعاً متطوِّراً استفاد كثيراً من التحوُّلات الثقافية والعلمية والتكنولوجية والاقتصادية التي يشهدها العالم. زد على ذلك، تحرُّر الفنانين الفوتوغرافيّين وتخلُّصهم من سُلطة المواضيع الكلاسيكية والثابتة المتمثلة في التصوير التوثيقي بمفهومه التقليدي المرتبط بالذكريات، الفردية والجماعية، حيث صاروا يُعالجون ويقاربون بصرياً مواضيع وقضايا جديدة منسجمة مع الرَّاهن، وأخرى مفاهيمية وتجريدية لا تنفصل عن مقاصد ورهانات الحداثة الفنية وما بعدها.
قادت كلّ هذه الابتكارات إلى توسيع دائرة الفن الفوتوغرافي، حيث تنوَّعت الأساليب والتقنيات والمواضيع والقضايا التي قاربها الفوتوغرافيون المعاصرون على نحو مفاهيمي ممتد كرَّس مكانة الفوتوغرافيا داخل مجال الفنون التشكيلية والبصرية على حَدٍّ سواء، وذلك منذ أواخر ستينيات القرن العشرين التي شهدت ولادة مرحلة أساسية من نقاط الالتقاء بين الأنماط المفاهيمية للفن والتصوير الفوتوغرافي الفني التي أرسى دعائمها الأولى فوتوغرافيون كبار يُوجد في طليعتهم الفنانان الألمانيان بيرند بيشر وزوجته هيلا بيشر، واللذان اشتهرا بصورهما الأمامية للمنشآت الصناعية، مما شجّع على إدخال الفن الفوتوغرافي إلى عالم الفن التشكيلي. بذلك، صارت الفوتوغرافيا أكثر شيوعاً ودينامية، متجاوزة حدود الزّمان والمكان بشكل غير مسبوق في تاريخ الفن، خصوصاً في ظلِّ إمكانية خلق المتاحف الافتراضية والتفاعلية التي فتحت مساحات واسعة لانتشار الصورة الفوتوغرافية على أوسع نطاق.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفوتوغرافيا التصوير الثقافة ة التی
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله.. عزت أبو عوف طبيب عشق الفن وأسس "فور إم" وترك بصمة لا تُنسى في السينما
تمر اليوم الذكرى السادسة لرحيل الفنان الكبير عزت أبو عوف، أحد أبرز رموز الفن في مصر، والذي جمع بين الطب والموسيقى والتمثيل، ليقدم رحلة فنية وإنسانية متفردة حفرت اسمه في قلوب الجمهور، لم يكن مجرد فنان، بل حالة فنية شاملة تميزت بالرقي والثقافة والقدرة على التأثير في وجدان المصريين.
النشأة والبدايةوُلد عزت أبو عوف في 21 أغسطس 1948 بحي الزمالك في القاهرة، لأسرة تنتمي إلى الطبقة المثقفة، فكان والده الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، وهو ما زرع فيه حب الفن منذ الصغر ورغم عشقه للموسيقى، اختار دراسة الطب وتخرج في كلية الطب، تخصص أمراض نساء وتوليد، وعمل طبيبًا لعدة سنوات قبل أن تقوده موهبته إلى عالم الفن.
من الموسيقى إلى النجوميةفي سبعينيات القرن الماضي، أسس عزت أبو عوف واحدة من أشهر الفرق الغنائية الشبابية في مصر، وهي فرقة "فور إم" التي ضمت شقيقاته الأربعة: منال، مها، ميرفت، ومنى. قدمت الفرقة لونًا غنائيًا مختلفًا، وكان لها تأثير بارز في المشهد الفني، حيث مزجت بين الأصالة والتجديد، وحققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا استمر حتى منتصف الثمانينيات.
دخول عالم التمثيلرغم أن بداياته كانت موسيقية، فإن موهبته التمثيلية لفتت الأنظار سريعًا. كانت انطلاقته السينمائية في فيلم "أيس كريم في جليم" عام 1992 أمام عمرو دياب، لتتوالى بعده الأعمال السينمائية والتلفزيونية.
شارك في أكثر من 200 عمل، من أبرزها أفلام: "طيور الظلام"، "عبود على الحدود"، "عمر وسلمى"، "حين ميسرة"، ومسلسلات مثل "هوانم جاردن سيتي"، و"أوبرا عايدة"، و"ظل الرئيس"، و"العمة نور".
وجوه متعددةلم تقتصر مسيرة عزت أبو عوف على التمثيل والموسيقى فقط، بل قدم أيضًا برامج تلفزيونية ناجحة مثل "القاهرة اليوم" إلى جانب الإعلامي عمرو أديب، و"هرم الأحلام". كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة دورات منذ عام 2008، وساهم في تطويره واستضافة عدد من النجوم العالميين، مما جعله علامة مميزة في المشهد الثقافي المصري.
الحياة الشخصيةتزوج عزت أبو عوف من حبيبته فاطيما في سن مبكرة، واستمر زواجهما لأكثر من 37 عامًا حتى رحيلها في 2012، مما سبب له أزمة نفسية حادة دخل بسببها المستشفى عدة مرات. لاحقًا، تزوج من مديرة أعماله "أميرة" لفترة قصيرة قبل أن تتدهور حالته الصحية، ويبتعد تدريجيًا عن الأضواء.
رحلة المرض والوداع الأخيرعانى أبو عوف في سنواته الأخيرة من مشكلات في القلب والكبد، وأُجريت له عملية قلب مفتوح، كما تعرض لأزمات صحية متكررة أثرت على قدرته على العمل. رحل عن عالمنا فجر 1 يوليو 2019 داخل أحد مستشفيات المهندسين، وشيّع جثمانه من مسجد السيدة نفيسة، ودُفن في مقابر العائلة وسط حالة من الحزن في الوسط الفني والجمهور.
ترك عزت أبو عوف خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا، وإنجازات لم تقتصر على الشاشة فقط، بل امتدت إلى الموسيقى والإعلام والمهرجانات. عرف بثقافته الواسعة، وتواضعه، وحضوره المحبب لدى الجميع، وظل طوال مشواره رمزًا للرقي والتميز.