التعافي المبكر.. مدخل النظام السوري للسيطرة على ملف المساعدات
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
قالت مصادر في القطاع الإنساني للجزيرة نت إن النظام السوري يسعى من خلال نفوذه في مكتب الأمم المتحدة بدمشق لإلغاء دور المكتب الأممي الموجود في غازي عنتاب التركية والاعتماد فقط على مكتب دمشق.
وبعد زلزال السادس من فبراير/شباط 2023، وافق النظام السوري على إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة والراعي بريف حلب، ثم وافق على التمديد مرتين، بحيث ينتهي التفويض الممنوح لإدخال المساعدات منتصف أغسطس/آب 2024 ليصبح تفويض النظام بديلا عن قرارات مجلس الأمن الدولي التي كانت في العادة تصدر لتنظيم هذه العملية، وهو ما يوحي بتوسيع دور دمشق في الإشراف على المساعدات الإنسانية.
وبحسب المعلومات التي وصلت للجزيرة نت من مصادر دبلوماسية عربية، فإن النظام السوري يناقش حاليا مع عدد من المسؤولين الأوروبيين الذين زاروا دمشق مؤخرا؛ التعاونَ لتسهيل عودة اللاجئين مقابل العمل على تخفيف العقوبات الاقتصادية، وتوسيع أعمال "التعافي المبكر" للبنية التحتية.
وفي حال تم إقرار العمل بصندوق التعافي المبكر، ستكون المنظمات الإنسانية النشطة في شمال غرب وشمال شرق سوريا ملزمة بالتنسيق مع مكتب دمشق للحصول على التراخيص اللازمة لمباشرة عمليات التعافي المبكر.
ويبدي العديد من العاملين في القطاع الإنساني في سوريا تحفظاتهم على طرح التعافي المبكر بشكله الحالي، خاصة في ظل عدم وجود آلية قانونية تنظم هذه المسألة في الدول التي تشهد نزاعات.
ونفى رائد الصالح رئيس منظمة "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني) بمناطق المعارضة السورية إمكانية تحقيق تعاف مبكر في سوريا حاليا، مشيرا إلى غياب الآلية التي تتيح التوزيع العادل لأموال التعافي المبكر، خاصة أن الفكرة قد تؤدي لإلغاء دور المنظمات الإنسانية، وتمنح المؤسسات الحكومية صلاحيات الإشراف على المساعدات.
وفي تصريحات للجزيرة نت، أبدى الصالح تخوفه من تخصيص أموال الصندوق -في حال إقراره ووضعه تحت إشراف مكتب دمشق- لعمليات إعادة هيكلة أجهزة الأمن والجيش، وعدم إعطاء الأولية للبنية التحتية، حيث يمكن تنفيذ هذه العمليات وإدراجها تحت بند التعافي المبكر في ظل غياب ضوابط حقيقية.
ولفت رئيس منظمة الخوذ البيضاء إلى إمكانية عدم منح مناطق شمال غرب سوريا اعتمادات من الصندوق نظرا لأن غالبية الدول المانحة ترفع شعار عدم دعم التغيير الديمغرافي، وتطالب بعودة السكان إلى مناطقهم الأصلية قبل منح تمويل لإصلاح البنية التحتية.
وأشار الصالح إلى أن ذلك قد يفتح المجال لرفض مكتب دمشق تخصيص الأموال للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري بحجة وجود مهجرين من مناطق أخرى فيها، في حين أن المهجرين يواجهون تهديدات أمنية ولا يستطيعون العودة لمناطقهم حاليا.
وأكثر المتحفظين على فكرة إنشاء صندوق للتعافي المبكر يكون مقره بدمشق قلقون من التحول إلى إعادة الإعمار بدون الشروع في حل سياسي ينهي الأزمة في البلاد، الأمر الذي قد يدفع دمشق وداعميها إلى المزيد من التصلب ورفض العودة إلى المسار السياسي مجددا، والتعويل على أموال المانحين ووعودهم بتخفيف العقوبات لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد وإصلاح مؤسسات النظام السياسية والعسكرية والأمنية، وبالتالي فرض أمر واقع على باقي أطراف النزاع والعمل على إلزامهم به.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التعافی المبکر النظام السوری مکتب دمشق
إقرأ أيضاً:
سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام
تحوّلت سوريا في عهد النظام السوري السباق إلى "دولة مخدرات"، حيث يُصنَع الكبتاغون محلياً ويُهرَب إلى الخليج بقيمة سنوية تناهز 9 مليارات دولار، رغم الحملات الأمنية المستمرة مازالت تنشط صناعته وتجارته. اعلان
خلال سنوات الحرب الطويلة التي شهدتها سوريا، تحولت البلاد إلى ما يُعرف بـ"الدولة المخدرات"، حيث أصبح مخدر "الكبتاغون"، وهو نوع من الأمفيتامينات الاصطناعية، أحد أهم صادرات النظام وأكثرها ربحاً، وانتشرت تجارته عبر معظم دول الشرق الأوسط.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، تعهدت الحكومة الانتقالية باتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه التجارة، لكن الشرطة السورية لا تزال تنفذ أسبوعياً عمليات ضبط قياسية للحبوب المخدرة.
وصرّح أحد عناصر وزارة الداخلية السورية، أنور عبد الحي، بأن "هذه العمليات تتم بشكل دوري، ولكنها تتطلب جهداً كبيراً، وموارد بشرية ومادية هائلة".
وتشير التقديرات إلى أن حجم تجارة الكبتاغون في سوريا لا يزال يحقق أرباحاً سنوية تقدر بين 8 إلى 9 مليارات دولار أمريكي، رغم الجهود الرسمية لوقف انتشاره.
وفي مستودعات الشرطة، تمتلئ الصالات بالمخدرات التي تم ضبطها بعد أن تم تخبئتها بطرق متنوعة داخل شحنات مختلفة مثل الحبوب والأعلاف.
Relatedشبكة ترويج "حبات الكبتاغون": كيف أصبحت سوريا دولة مخدرات؟تحذير أممي من تحوّل العراق إلى محور إقليمي لتهريب المخدراتتفكيك شبكة أوروبية لتجارة المخدرات واحتجاز 800 كلغ من الكوكايينشبكات الإجرام تهدد استقرار الجوارتُشكّل شبكات تهريب الكبتاغون تهديداً حقيقياً على الأمن القومي للدول المجاورة، خاصة لبنان والأردن والعراق، حيث وقعت عدة اشتباكات بين هذه الشبكات والقوات الأمنية في تلك الدول. ومع ذلك، تظل أسواق الخليج، وخصوصاً السعودية، الوجهة الرئيسية لتصدير هذا المخدر.
وقال الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، مهند الحاج علي: "إن تجارة الكبتاغون تشكل خطراً على استقرار لبنان، خاصة مع تصاعد وتيرة الإنتاج في سوريا. هذه الاشتباكات الأخيرة تشير إلى إعادة رسم طرق التهريب وليس القضاء عليها".
وأضاف الحاج علي: "في ظل العقوبات الدولية، وشح السيولة، وانهيار الاقتصاد، كيف يمكن لدولة لا تستطيع دفع رواتب موظفيها أن تمنع نشوء تجارة تجلب العملة الصعبة؟ بدون تعافٍ اقتصادي، سيملأ تجار الكبتاغون الفراغ، وستستمر هذه التجارة".
"النظام السوري كان نموذجاً لدولة المخدرات"وقالت الخبيرة في شؤون الكبتاغون في معهد "نيو لاينز"، كارولين روز، إن "النظام السوري كان من النماذج النادرة التي مثلت فعلاً دولة مخدرات، إذ لم يكن مجرد متفرج على تجارة الكبتاغون، بل دعم إنتاجه وتصنيعه وتهريبه بشكل مباشر".
وأشارت روز إلى أن "الشبكات الإجرامية تدرك وجود إرادة دولية وداخلية للتصدي لها، وقد ردت على ذلك بهجمات انتقامية شملت اختطافات وقتل، ومحاولات استدراج القوات الحكومية لاختبار قدراتها".
مخاطر الكبتاغونفي مركز لإعادة تأهيل المدمنين خارج العاصمة اللبنانية بيروت، تحدث "إيليا"، وهو متعاطٍ سابق للكبتاغون، عن المفاهيم الخاطئة المتداولة حول خطورة المخدر، قائلاً: "الكثير من الناس يعتقدون أن الكبتاغون ليس مخدرًا قوياً، وهذا تصور خاطئ جداً".
وأوضح "إيليا": "الكبتاغون يشبه الميثامفيتامين البلوري، ويستمر تأثيره لساعات طويلة. يشعر الشخص بالسعادة والنشاط، ويمكن الوصول إليه بسهولة وبسعر زهيد، ولذلك يطلق عليه البعض 'كوكايين الفقراء'".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة