يونيو 3, 2024آخر تحديث: يونيو 3, 2024

مقالة بقلم بشار الحطاب

إن تحقيق المقاصد الدستورية في وجود المحكمة الاتحادية العليا يتجلى في إعلاء المبادئ الدستورية التي على رأسها إضفاء الشرعية في عمل سلطات الدولة .. وذلك لا يستدعي فقط أن تمارس السلطات الاتحادية اختصاصها المحدد بموجب الدستور .. وانما يقتضي أن لا تعتدي أي سلطة على اختصاص السلطات الأخرى .

. وبهذا الصدد نشير إلى اتجاه محكمة التمييز الاتحادية بموجب قرارها بالعدد 4/الهيئة العامة/ 2024 بتاريخ 29/5/2024، والذي اعتبر الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا بالعدد 102/ اتحادية/ 2024 في 15/4/2024 معدوماً ..

وعلى قدر وجاهة قرار محكمة التمييز الاتحادية فيما تناوله من حيثيات وما أكدته على ضرورة الالتزام بأحكام الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات وما قرره من استئثار مجلس النواب في تشريع القوانين وتعديلها لا يزاحمه في هذا الاختصاص أي سلطة أخرى … إلا أنه آثار في ذات الوقت مسارات جديدة للاجتهاد وتباين في تقييم الأدوار لدى كل من محكمة التمييز الاتحادية والمحكمة الاتحادية العليا والتي يمكن عرض اهمها على النحو التالي:

١- يعد أساس وجود المحكمة الاتحادية العليا مبنياً على رقابة دستورية القوانين وذلك شأن محاكم القضاء الدستوري في دول العالم، ولا قيمة لمبدأ علو وسمو الدستور دون جهة قضائية تضمن عدم الخروج عليه وتملك الحق في ردع كل مخالفة لأحكامه وإلا إنهار بناء الدستور وتهاترت أحكامه.

٢- إن رقابة المحكمة الاتحادية العليا على دستورية القوانين بوصفها محكمة قانون يمنحها شمولية الاختصاص الدستوري التي لا تقتصر على بحث العيوب الموضوعية التي تعتري النص التشريعي وإنما تشمل ما انطوى عليه من مثالب شكلية ايضا، وهنا القضاء الدستوري يراقب الإغفال التشريعي ولا يتصيد المشرع في نواياه وإنما يتبع التشريع في مقاصده.

٣- يترتب على شمولية المحكمة الاتحادية العليا برقابة دستورية القوانين أن تكون هي الجهة الوحيدة المنوط بها الفصل في دستورية القوانين وهو ما يفضي إلى عدم قيام أي جهة قضائية كانت أو برلمانية أو هيئة سياسية ممارسة هذا الاختصاص.

٤- اتجاهات المحكمة الاتحادية العليا باعتبار بعض العبارات الواردة في القانون غير دستورية سواء نتيجة أخطاء المشرع أو تعمده اثناء ممارسة سلطته التقديرية في سن القوانين تعد واردة وغير مستغربة في الفقه الدستوري المقارن لا سيما إزاء تنوع المجالات التي يتعرض لها التشريع الحديث، حيث اناط الدستور للمحكمة الاتحادية العليا مسؤولية تدارك القصور والخلل في القانون وبحث مدى دستوريته، خصوصا أن في العديد من الحالات لا تلتزم السلطة التشريعية بتعديل نصوص القانون الذي قررت المحكمة مخالفة بعض أحكامه للدستور وتطهير ما يشوبها من عيوب.

٥- لا يمكن انتقاص الحجية المطلقة لقرارات المحكمة الاتحادية العليا، فإذا ما قررت المحكمة الاتحادية العليا عدم دستورية قانون أو نصاً أو عبارة فيه وجب إعمال مقتضى قرارها ويكون ملزماً لجميع سلطات الدولة وتجاه الكافة وذلك للطبيعة الآمرة لقواعد الدستور استناداً للمادة (٩٤) منه، ومؤدى ذلك أن قراراتها قطعية لا تقبل أي وسيلة أو طريق للطعن، ولا تخضع لتفسير أو تقييم جهة قضائية أخرى، والقول بخلاف ذلك يفضي إلى تعطيل أحكام الدستور، فضلا عن حدوث تباين للرؤى بين السلطات والمحاكم ويضفي حماية وعلو لقوانين قضي بعدم دستوريتها.

٦- على الرغم من أهمية ما أثارته محكمة التمييز الاتحادية من ملاحظات قانونية قيمة في قرارها أثناء تناولها حيثيات قرار المحكمة الاتحادية المذكور وما أشمل عليه من أسباب قاصدة في ذلك التطبيق السليم للقانون .. فإنه يتصادم مع الدستور العراقي لسنة ٢٠٠٥ الذي حرص أن يكون للمحكمة الاتحادية العليا دون غيرها القول الفصل فيما يثور أمامها من منازعات حول دستورية القوانين من أجل استقرار الحقوق والمحافظة على الأمن القانوني في منظومة عمل السلطات الاتحادية وبالأخص القضائية منها في حدود اختصاصها الدستوري.

مرتبط الوسوماخبار العراق العراق

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: اخبار العراق العراق المحکمة الاتحادیة العلیا محکمة التمییز الاتحادیة دستوریة القوانین

إقرأ أيضاً:

عبد المنعم السيد: القوانين الضريبية الجديدة خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن مصر أصدرت حزمة من القوانين الضريبية في عام 2025 تهدف إلى تقديم تيسيرات للممولين والمكلفين، وتسهيل تسوية النزاعات الضريبية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن حزمة القوانين الضريبية تشمل قوانين رقم 5 و6 و7 لسنة 2025، والتي تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الضريبية وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع الضريبي.

وتابع " نجد قانون رقم 5 لسنة 2025 حدد تسوية أوضاع الممولين والمكلفين، حيث يهدف هذا القانون إلى تسوية الأوضاع الضريبية للممولين والمكلفين الذين لم يتقدموا بقراراتهم عن الفترات الضريبية من عام 2020 وحتى الفترات السابقة لتاريخ العمل به.

 ويتيح القانون للممولين الذين تم فحصهم تقديريًا عن الفترات قبل 1 يناير 2020 أداء ضريبة بنسبة 30% من الضريبة المستحقة من الإقرار دون الإخلال بضريبة الإقرار. 

كما يسمح بسداد ضريبة تعادل آخر ضريبة اتفاق سابق مضافًا إليها 40% في حالة عدم تقديم الإقرارات أو تقديمها بدون ضريبة أو بخسائر ضريبية، مع إمكانية تقسيط الضريبة ومقابل التأخير والإضافية على أربع أقساط ربع سنوية من تاريخ الإخطار بنموذج السداد"، وهذا سيؤدي إلى حل كثير المنازعات الضريبية".

 

مستثمرو أسيوط: الحكومة دعمت القطاع الخاص بتسهيلات ضريبية وتمويليةمحرم هلال: مشروعات مشتركة بين مستثمرين مصريين ومغاربة قريبا

وأشار الدكتور عبد المنعم السيد، إلى أن قانون رقم 6 لسنة 2025 جاء بمجموعة من الحوافز والتيسيرات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويستهدف المشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي عشرين مليون جنيه، بما في ذلك الأنشطة المهنية، سواء كانت مسجلة ضريبيًا أم لا. يوفر القانون حوافز ضريبية متعددة، منها: 

-إعفاء من رسم تنمية الموارد المالية للدولة، وضريبة الدمغة، ورسوم التوثيق والشهر لعقود تأسيس الشركات والمنشآت، وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن المرتبطة بأعمالها. 

-إعفاء الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف في الأصول الثابتة أو الآلات أو معدات الإنتاج من الضريبة المستحقة على هذه الأرباح. 

-تحديد الضريبة على الدخل المستحقة بنسبة مقطوعة تتراوح بين 0.4% و1.5% من حجم الأعمال، حسب حجم النشاط .

وأوضح مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن قانون رقم 7 لسنة 2025 جاء بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد تستهدف تعزيز الشفافية والعدالة في النظام الضريبي من خلال تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 206 لسنة 2020، أبرزها: 

-وضع حد أقصى لمقابل التأخير أو الضريبة الإضافية بنسبة لا تتجاوز 100% من أصل الضريبة المستحق عليها مقابل التأخير أو الضريبة الإضافية. 

-تحديد إجراءات جديدة لتسوية المنازعات الضريبية التي يمتد العمل بها الي 12 أغسطس 2025 وتبسيط الإجراءات للممولين .

وأكد الدكتور عبد المنعم السيد، أن هذه القوانين تسهم  في تحقيق عدة أهداف استراتيجية منها تحفيز الاستثمار من خلال تقديم حوافز ضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يشجع على إقامة مشروعات جديدة وتوسيع القائم منها و أيضا توسيع القاعدة الضريبية بتشجيع الاقتصاد غير الرسمي على الانضمام للمنظومة الرسمية من خلال التيسيرات المقدمة، وتسوية النزاعات الضريبية مما يقلل من الأعباء القضائية ويوفر موارد مالية للدولة، وكذلك تحقيق العدالة الضريبية من خلال مراعاة ظروف الممولين وتقديم تسهيلات تتناسب مع حجم أعمالهم. 

ميزايا للمشروعات الصغيرة

وذكر عبد المنعم السيد، أن فوائد هذه القوانين لا تقتصر على المهنيين المحاسبين و المحامين و الاطباء و المهندسين و غيرهم فقط، بل تمتد لتشمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تستفيد من الحوافز والتيسيرات الضريبية لتخفيف الأعباء المالية وتعزيز النمو، و أيضا الشركات الكبرى التي يمكنها تسوية النزاعات الضريبية القائمة والاستفادة من الإجراءات المبسطة لتسوية الأوضاع الضريبية.

وأكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية أن الاقتصاد الوطني هو الرابح أيضا من خلال زيادة الإيرادات الضريبية وتحفيز النمو الاقتصادي وفتح صفحة جديدة مع الممولين و مد جسور التواصل والثقة مع المجتمع الضريبي.

وختم تمثل هذه الحزمة من القوانين خطوة مهمة نحو تحقيق نظام ضريبي أكثر عدالة وفعالية، يعزز من بيئة الأعمال ويشجع على الاستثمار، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتدل على جهد ووعي لدى وزارة المالية و قيادات مصلحة الضرائب حاليا  في تشجيع الاستثمارات وخلق بيئة تفاعلية في المجتمع الضريبي. 

طباعة شارك المنازعات الضريبية حوافز ضريبية الضرائب تسوية النزاعات الضريبية

مقالات مشابهة

  • من عدل الفاروق إلى واقعنا المالي: دعوة لمراجعة القوانين
  • المحكمة العليا البريطانية تنهي اليوم مناقشات بشأن صادرات الأسلحة لإسرائيل
  • المحكمة العليا الأمريكية تنظر في محاولة ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة
  • المحكمة العليا: أحكام الفتوى والتشريع واجبة النفاذ وملزمة كالقضاء الإداري
  • الجامعة العربية تدين رفض إسرائيل الانصياع لقرارات مجلس الأمن بشأن غزة
  • عبد المنعم السيد: القوانين الضريبية الجديدة خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة
  • تقييد توظيف المهاجرين في بريطانيا يهدد النظام الصحي والاجتماعي
  • لتحقيق توافق سياسي.. تفاهمات بين دمشق وقسد لتعديل بنود الإعلان الدستوري
  • المحكمة العليا ببريطانيا تنظر دعوى تطالب بوقف إمداد إسرائيل بقطع غيار إف 35
  • خالد أبو بكر: قانون تنظيم الفتوى يهدف لضبط الفتاوى وليس تقييد حرية الاستشارة