يحتشد الحوثيون في كل عام منذ اجتياحهم صنعاء في سبتمبر 2014، لإحياء فعالياتهم الطائفية التي تصادف يوم 18 ذي الحجة بما يسمى يوم "الغدير" أو "عيد الولاية"، زاعمين أن النبي "محمد" عليه السلام نقل أمر ولاية المسلمين إلى صهره وابن عمه الصحابي علي بن ابي طالب، وهي الخرافة التي وأدها اليمنيون منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 التي اطاحت بالحكم الإمامي البغيض.

واستنفرت المليشيا الحوثية عناصرها منذ اسبوعين وانفقت مئات ملايين الريالات للتحشيد لمسيرات التي نظمتها الإثنين، بهذه المناسبة في صنعاء والعديد من المدن والمديريات وسط حضور باهت لانصارها مما يكشف وعي اليمنيين ورفضهم محاولتها شرعنة انقلابها وحكمها المغتصب عبر يوم الخرافة الحوثية.

وتحاول مليشيا الحوثي منذ انقلابها في ترسيخ مفاهيم ومصطلحات جديدة كـ (الولاية، والعترة، قرنا القران) في استنساخ للمناسبات الإيرانية في تأكيد انهم ليسوا سوى اتباع لإيران بتنفيذ اجندتها ومخططاتها الرامية لتنفيذها على قدم وساق لاعادة الامبراطورية الفارسية.

ودأبت مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الحكم في 21 سبتمبر 2014 على الاحتفال بشكل سنوي بمناسبة ما يسمى بيوم "الغدير" أو "الولاية" التي يحتفي بها الشيعة في العالم، وهي كذبة وفرية يهدف المحتفون بها للسطو على السلطة باسم الأحقية بالحكم.

يوم الخرافة

حيث يزعم الشيعة أن رسول الله "محمد" في هذا اليوم من السنة العاشرة للهجرة (قبل أكثر من 14 قرن ونص)، عند عودته من حجة الوداع ووصوله إلى منطقة تسمى "غدير خُمّ"، منح ابن عمه وزوج ابنته فاطمة، الصحابي علي بن ابي طالب، تصريحا بـ "الولاية" العامة على المسلمين من بعده، في صك مفتوح لكل ذريته من بعده ممن يزعمون انهم أحفاده.

واتخذت المليشيا من خرافة "يوم الولاية" دعاية سياسية وموسما مليشاويا لابتزاز ونهب اموال المواطنين والتجار وفرض جبايات باهضة والتعدي على ممتلكاتهم وفرض الخمس ومعاقبة من يخالفهم واشغال الناس بتلك الاحتفالات كالغدير وعاشوراء والمولد في محاولة لترسيخ وطمس الهوية اليمنية الأصيلة واخلاء الساحة لثقافتهم الفارسية الوافدة وإخضاع رقاب الناس للاحتفاء بالقوة.

وتتعمد المليشيا الى تسويق خرافة "الولاية" او مايسمى "عيد الغدير" وتمريرها في مناطق سيطرتها وعبر وسائل الاعلام الخاضعة لها وعلى منابر المساجد بشكل مكثف وباستخدام سياسة الترهيب والترويج في مسعى منها لترسيخ وتكريس خرافة أحقية سلالتها بالحكم دون بقية اليمنيين.

عبيد واسياد

واستخدمت المليشيا خرافة الولاية كاداة لتقسيم المجتمع الى أسياد وعبيد، للطرف الاول حق التصرف بالثروة والسلطة، مقدمة نفسها دينيا واجتماعيا وسياسيا أن الله اصطفاها على غيرها من اليمنيين، في خرافة دينية طائفية قائمة على أساس سلالي عنصري مختل، لا يمكن أن يتوافق مع العقل والمنطق او يتوافق مع مبادئ وثوابت دين الإسلام القائم على المساواة والحرية والحفاظ على كرامة الانسان.

ويدعي علماء ومنظري الفكر الحوثي "ان الله اخبرنا ان الولاية اكمال للدين" في مسعى للمليشيا في تطييف المجتمع وتشكيكه في دينه ومن أخطر ما تفعله فكرة الولاية أنها تعمل على استبدال الأصل بالخرافة، حيث يحشدون النصوص لتوظيفها لما يريدون، ويزعم عبدالملك الحوثي زعيم المليشيا في احدى محاضراته ان الرسول قال "من كنت مولاه فأن علي مولاه" أي ان علي يؤدي دور حلقة الوصل برسول الله، امتداد للوصول اليه، فمن يحتفلون بولاية "عليّ"، فهم يحتفلون بـ "عبد الملك الحوثي" أصلا.

وخلال السنوات الماضية قامت مليشيا الحوثي بتغيير المناهج الدراسية وكثفوا من الدورات الصيفية الطائفية وعملوا على دس داخل تلك المناهج مفردات تضفي قدسية على زعيم المليشيات الحوثية عبدالملك الحوثي وشقيق الصريع حسين الحوثي مؤسس الجماعة وتكرس نظرية الولاية والاصطفاء الالهي كما كان يفعل الائمة محاولة الترويج على حقهم في السلطة والثروة واستعباد الناس.

صراعات مذهبية

وتسعى المليشيا من خلال خرافة الولاية للعودة للصراعات المذهبية فيما مضى بين متشددي السنة والشيعة، في محاولة للهروب من استحقاقات الحاضر في دليل إفلاس سياسي على فشلها في إدارة مناطق سيطرتها، وتوفير حقوق الناس وحاجياتهم من الرواتب والخدمات وغيرها.

كما حاولت المليشيا ترسيخ الاستعلاء الطبقي لهذه الأسر السلالية في اوساط اليمنيين بهدف فرض عليهم حقوقا سياسية ودينية ومالية واجتماعية، يعلن بها التسليم للسلالة وبموجبها يبادروا بتسليم الاموال والحقوق إلى هذه الأسر التي تعتقد ان لها التفضيل من منظور سلالي طائفي.

ومنذ انقلابها انشأت المليشيا الاف الحوزات والمدارس والمراكز الطائفية وحولت مناطق سيطرتها الى حوزات إيرانية ملطخة الشوارع والمنازل والمعالم الأثرية بشعاراتها الطائفية لنشر مشروع ولاية الفقية وتزييف وعي اليمنيين.

وبالمقابل يقود ناشطون يمنييون معركة وحملة وعي واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة الخطاب الطائفي الحوثي ودحض أكاذيبه من خلال تفنيد ادعاءات وزيف المليشيا وتقديس زعيمها وقياداتها كجماعة سلالية ترى نفسها فوق الجميع بهدف الحفاظ على هوية اليمنيين الجامعة ونظامهم الجمهوري.

ويؤكد مراقبون، ان خرافة الولاية تتناقض مع مبدأ الشورى كحق للشعب اليمني في أختيار من يحكمه في جريمة مركبة تتعارض مع حقوق الانسان والمساواة والمواثيق الدولية وكافة الشرائع السماوية والعدالة الالهية، منوهين ان حصر الولاية للحقوق السياسية في سلالة بعينها تعد من أسوء صور التمييز العرقي والعنصري.

ووفقا للمراقبين فأن ميليشيا الحوثي تهدف من وراء تلك الاحتفالات والتحشيدات ترسيخ ثقافة العبودية والانصياع لحكم وولاية قياداتها السلالية، والتمسك بخرافة تسعى من خلالها هذه الجماعة، للبحث لها عن مشروعية لتثبيت ولايتها غير المعترف بها كونها مفتقدة الشرعية.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: خرافة الولایة

إقرأ أيضاً:

اعتقالات وهدم منازل.. الحوثيون ينكّلون بأهالي دير حسن في الحديدة

تواصل ميليشيا الحوثي الإيرانية ممارسة سياسة الإرهاب والاضطهاد بحق أبناء القرى والمناطق الريفية في محافظة الحديدة، والتي تُعد الأكثر هشاشة وضعفًا في ظل غياب أي حماية قانونية أو رقابة حقوقية فاعلة. 

وشهدت قرية دير حسن الواقعة في منطقة كيلو 16 بمديرية الدريهمي جنوب شرق محافظة الحديدة السبت عملية اقتحام عنيفة نفذتها "عشرات الأطقم الحوثية"، ما أسفر عن حملة اعتقالات جماعية طالت رجالاً، من بينهم كبار في السن، إضافة إلى نساء وأطفال، كما استخدمت الميليشيات شيولات لهدم منازل الأهالي.

وقال مصدر حقوقي محلي — رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية — إن "ما يحدث في دير حسن اليوم جريمة مكتملة الأركان بحق المدنيين العزل"، موضحًا أن الحملة أشرف عليها قيادي حوثي منتحل صفة "مدير عام شرطة الحديدة" مع مسلح يُدعى “أبو مالك”، وعدد من أبناء الدريهمي الموالين للميليشيات على رأسهم "محمد شريم".

وأضاف المصدر أن الاقتحام شمل مداهمة منازل عدة، وتمثّل في اعتقالات عشوائية لأشخاص من مختلف الفئات العمرية، بينهم أطفال، وهو ما يضع المدنيين في دائرة الخطر مع تصاعد الخوف والترهيب في الأجواء.

بحسب المصدر، استخدمت "ثلاث شيولات" لهدم منازل عدد من العائلات في القرية، ما دفع بعض السكان إلى الفرار دفعة واحدة، تاركين ما يملكون خلفهم. وأضاف أن النساء والأطفال من بين من أُبعدوا أو أجبروا على النزوح فورًا، في مشهد يشعرهم بأن الحراسة عليهم ليست سوى "خروج من مأمن إلى غربة".

ويرى ناشطون ومصادر حقوقية أن ما يحدث في دير حسن ليس حوادث عشوائية، بل "جزء من سياسة ممنهجة" تمس سكان المناطق الساحلية والريفية— خصوصًا تلك التي تشهد نزاعات على النفوذ— من قبل مسلحي الجماعة. وقال المصدر الحقوقي إن "مثل هذه الحملات تأتي في سياق توجيه رسالة رعب، وإقصاء سكان محليين، وفرض السيطرة بالقوة".

ونبه المصدر إلى أن مشاركة مليشيات حوثية نسائية "الزينبيات" في الاقتحام تشكل "انتهاكًا مزدوجًا" خصوصًا في المجتمعات اليمنية المحافظة، حيث يُشكل اقتحام منازلهن من قبل مسلحين أمرًا شديد الحساسية.

ووجّه المصدر نداءً عاجلاً إلى منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية للتدخل بسرعة، وتوثيق ما يجري في دير حسن، وتقديم حماية عاجلة للمدنيين، ووقف ما وصفه بـ "حملة التطهير والترهيب" بحق عائلات أبرياء وقال: "إذا لم تتدخل المؤسسات لإنقاذ المدنيين الآن، فغدًا سيستيقظون على موجة نزوح قسرية، أو على أطفال لا مأوى لهم، وبيوت مدمّرة، وضحايا للنسيان".


مقالات مشابهة

  • هل تربية السلاحف تجلب الحظ والرزق فعلًا أم أنها مجرد خرافة؟
  • الغلاء يسحق اليمنيين في مناطق الحوثي بشكل مخيف رغم تراجع الأسعار عالميًا
  • اقتحامات إسرائيلية متكررة للجنوب السوري لفرض واقع جيوسياسي جديد
  • غياب الدولة وتمدد المليشيا… ا
  • أمانة عمان.. امام صاحب الولاية
  • اعتقالات وهدم منازل.. الحوثيون ينكّلون بأهالي دير حسن في الحديدة
  • نيران أديكونق: الضربة التي حرقت أكاذيب المليشيا وداعيميها قبل عتادها
  • مزاعم التجسس تتواصل: الحوثيون يحاكمون مختطفين يُرجح انتماؤهم لمنظمات أممية ودولية
  • شرطة الولاية الشمالية تحتفل بالعيد (71) للشرطة السودانية ويوم الشرطة العربية ومدير شرطة الولاية يؤكد هدوء الأحوال الامنية
  • وزارة الخارجية تدين المجزرة البشعة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة في منطقة كلوقي