إستراتيجية جو بايدن الفاشلة ضد تهديد الحوثيين
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
مع تزايد هجماتهم على السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، يواصل الحوثيون تعريض حرية الملاحة والتجارة للخطر. لجأت إدارة بايدن في أول الأمر إلى استخدام البحرية الأمريكية لمواجهة التهديد، فلم يكن هذا في أحسن الأحوال إلا بمنزلة ضربة غير مؤثرة، ولم يكن في أسوئها إلا إشارة إلى إهدار موارد عسكرية هائلة مقابل نتائج قليلة.
منذ البداية المبكرة، ربما كانت الاستراتيجية العسكرية الأفضل كثيرا لمواجهة تهديد الحوثيين هي استخدام مطار (أرض الصومال) في بربرة لإدارة عمليات مواجهة تهديدات الحوثيين وحماية الشحن. ففي حين أن الأمر يتطلب أربعة آلاف فرد لطاقم حاملة طائرات، فإن الأمر لا يتطلب إلا أربعة أفراد فقط لطاقم طائرة (أوسبري) أو فردين لا أكثر للطيران والقتال في طائرة إف-16. غير أن فريق الرئيس جو بايدن غالبا ما يقلل من أهمية الاستراتيجيات العسكرية إعلاء للاعتقاد بأن الدبلوماسية وحدها قادرة على إنهاء التهديدات التي يشكلها الخصوم الأيديولوجيون والعدوانيون.
وهنا أيضا، يؤدي الافتقار إلى الإبداع والانتباه إلى الديناميكيات المحلية بالبيت للأبيض ووزارة الخارجية إلى فقدان فرص لإنهاء تهديد الحوثيين وتحقيق الاستقرار والازدهار للشعب اليمني.
فعلى مدار فترة طويلة من الحرب الأهلية في البلاد، كان اليمن الجنوبي ينعم نسبيا بالسلام والاستقرار. وكما هو حال (أرض الصومال)، أغلق اليمن الجنوبي، بدعم إماراتي، الباب في وجه تنظيم القاعدة. ولأن للمواقف المحلية في اليمن أهميتها الكبيرة، ففي حال رفض زعماء القبائل والساسة تنظيم القاعدة، فإن التنظيم يتحرك بحثا عن أرض أكثر خصوبة. ولذلك فإن الاعتراف بحقوق اليمن الجنوبي وأرض الصومال في تقرير المصير بدلا من التضحية بحرية الملاحة والمصالح الأمريكية لصالح نظام موالٍ لإيران في صنعاء ونظام موال للصين في مقديشو كان ينبغي أن يكون قرارا يسيرا على صانعي السياسة الأمريكيين الرامين إلى توطيد الاستقرار ومنع الفضاء غير الخاضع للحكم على القاعدة أو غيرها من الجماعات المتطرفة التي يمكن أن تزدهر فيه.
والسياسات الأمريكية المحلية أيضا لها أهميتها. في الفترة التي سبقت انتخابات 2020 وبعدها مباشرة، أعلن بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أن «الدبلوماسية قد رجعت». ومن خلال السماح للسعودية باستضافة البعثة الأمريكية في اليمن بدلا من إدارة قنصلية في عدن، أغلقت وزارة الخارجية الباب أمام فرص الدبلوماسية.
ويفضي هذا بوزارة الخارجية إلى تضييع فرص القضاء على الحوثيين وإعادة السلام إلى شبه الجزيرة العربية. في الثاني والعشرين من يونيو 2024، التقى اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس المجلس القيادي الرئاسي، مع عشرات المسؤولين المناهضين للحوثيين من صعدة في الجزء الشمالي الغربي من البلد. ووعد الزبيدي بدعم المقاومة المناهضة للحوثيين في صعدة وعبر المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن. وتمثل رغبة زعماء القبائل بمعقل الحوثيين في إدارة ظهورهم بهذه العلانية للحوثيين إشارة واضحة إلى أن المجموعة القبلية الموالية لإيران قد فقدت شرعيتها المحلية في اليمن. فلقاء الزبيدي هذا شبيه بفرار الأفغان من طالبان بعد الحادي عشر من سبتمبر سنة2001.
في كثير جدا من الأحيان، يبدو مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية أكثر ميلا إلى الحفاظ على الوضع الراهن بدلا من الاعتراف بما في انهياره من فوائد. فعلى مدار أكثر من عقد من الزمن قبل الحرب الأهلية السورية، ظل الدبلوماسيون الأمريكيون يكررون تكرارا ببغائيا، على سبيل المثال، عبارة أن حزب الله منظمة قومية لبنانية لا ينبغي للولايات المتحدة أن تستبعدها ببساطة باعتبارها منظمة إرهابية مدعومة من الخارج. ومع ذلك، فإن استعداد حزب الله لنشر وحدات القتال في سوريا خلال الحرب الأهلية كذَّب هذه الفكرة، مصداقا لما كان اللبنانيون في جنوب لبنان أول من أشاروا إليه.
يعكس اجتماع الزبيدي ديناميكية مماثلة. ففكرة أن للحوثيين دعما شعبيا هي فكرة مثيرة للسخرية، وخاصة عندما تظهر معارضة شعبية في محافظتهم الأصلية. ولقد حان الوقت للاعتراف بأن المجلس الانتقالي الجنوبي واليمنيين من الشمال والجنوب قد تجاوزوا الأزمة الآن.
لقد فرضت إدارة بايدن مرة أخرى عقوبات على الحوثيين بعد رفعها في الأسابيع الأولى من عام 2021. كما أنها تعترف بأن تجارة المخدرات تغذي الاضطراب في جميع أنحاء اليمن والشرق الأوسط.
وبدلا من فك الارتباط مع اليمن، حان الوقت الآن لمضاعفة الجهود والاعتراف بأن لدى الولايات المتحدة شركاء يمنيين محتملين من صعدة إلى سيئون ومن عمران إلى عدن وهم جميعا راغبون في رؤية نهاية العهد الحوثي.
ذي ناشونال إنتريست-26 يونيو 2024
مايكل روبن مدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط وكبير زملاء معهد أمريكان إنتربرايز.
عن ذي ناشونال إنتريست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الیمن
إقرأ أيضاً:
أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
ذكرت ستة مصادر مطلعة أن مسؤولي المخابرات الأميركية علّقوا مؤقتا تبادل بعض المعلومات الأساسية مع إسرائيل خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن بسبب مخاوف تتعلق بسلوك إدارة الحرب في غزة.
وفي النصف الثاني من عام 2024، قطعت الولايات المتحدة البث المباشر من طائرة مسيرة أميركية فوق غزة، كانت تستخدمها الحكومة الإسرائيلية في ملاحقة الرهائن ومقاتلي حركة حماس.
وقال خمسة من المصادر إن هذا التعليق استمر لعدة أيام على الأقل.
وذكر اثنان من المصادر أن الولايات المتحدة قيّدت أيضا كيفية استخدام إسرائيل لبعض معلومات المخابرات في سعيها لاستهداف مواقع عسكرية بالغة الأهمية في غزة، ورفض المصدران تحديد متى اتخذ هذا القرار.
وأفادت مصادر بأن المسؤولين كانوا قلقين من إساءة معاملة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بيت" للأسرى الفلسطينيين.
وذكرت ثلاثة من المصادر أن المسؤولين أبدوا قلقهم أيضا من عدم تقديم إسرائيل ضمانات كافية بالتزامها بقانون الحرب عند استخدام المعلومات الأميركية.
وبموجب القانون الأميركي، يتعين على أجهزة المخابرات الحصول على هذه الضمانات قبل مشاركة المعلومات مع أي بلد أجنبي.
وأشار مصدران إلى أن قرار حجب المعلومات داخل أجهزة المخابرات كان محدودا وتكتيكيا، وأن إدارة بايدن ظلت تتبع سياسة الدعم المستمر لإسرائيل من خلال تبادل معلومات المخابرات والأسلحة.
ووفق المصادر فإن المسؤولين سعوا إلى ضمان أن تستخدم إسرائيل معلومات المخابرات الأميركية وفقا لقانون الحرب.
وأوضح مصدر مطلع أن مسؤولي المخابرات يتمتعون بصلاحيات اتخاذ بعض قرارات تبادل المعلومات بشكل فوري دون الحاجة إلى أمر من البيت الأبيض.
ولفت مصدر آخر مطلع إلى أن أي طلبات من إسرائيل لتغيير طريقة استخدامها لمعلومات المخابرات الأميركية تتطلب تقديم ضمانات جديدة بشأن كيفية استخدامها لهذه المعلومات.
ولم تتمكن رويترز من تحديد تواريخ هذه القرارات أو ما إذا كان الرئيس جو بايدن على علم بها.
وبيّن مكتب الإعلام العسكري في إسرائيل أن التعاون الأمني ظل مستمرا بين إسرائيل والولايات المتحدة طوال فترة الحرب في غزة، دون أن يتطرق مباشرة إلى وقائع حجب معلومات المخابرات.
وكتب المكتب في رسالة بريد إلكتروني "استمر التعاون المخابراتي الاستراتيجي طوال فترة الحرب".
وحسبما ذكر لاري فايفر، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في جهاز الأمن القومي وفي "السي.آي.إيه"، فإنه من المعتاد أن تطلب الولايات المتحدة ضمانات ممن يحصلون على معلوماتها المخابراتية بأن أي معلومات يتلقونها لن تستخدم في انتهاك حقوق الإنسان "بأي شكل من الأشكال".
لكن خبراء قالوا إن حجب معلومات مخابراتية ميدانية عن حليف رئيسي، لا سيما خلال صراع، أمر غير معتاد ويشير إلى وجود توتر بين البلدين.
وفي حالة إسرائيل، تعد هذه الخطوة حساسة من الناحية السياسية أيضا نظرا للعلاقات الراسخة بين المخابرات الأميركية
والإسرائيلية، والدعم القوي الذي حظيت به إسرائيل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بعد هجوم حماس عليها في السابع من أكتوبر 2023 والذي أشعل فتيل الصراع.
وبيّن دانيال هوفمان، المسؤول السابق عن العمليات السرية "للسي.آي.إيه" في الشرق الأوسط أن "تبادل معلومات المخابرات أمر مقدس، لا سيما مع حليف وثيق في منطقة مضطربة".
توسيع نطاق تبادل المعلومات المخابراتية بعد "هجوم حماس"
أكد مصدران أن بايدن وقع، بعد هجوم السابع من أكتوبر، مذكرة توجه أجهزة الأمن القومي الأميركية بتوسيع نطاق
تبادل معلومات المخابرات مع إسرائيل.
وأشارت ثلاثة مصادر مطلعة إلى أن الولايات المتحدة شكلت في الأيام اللاحقة فريقا من مسؤولي المخابرات ومحللين بقيادة وزارة الدفاع (البنتاغون) و"السي.آي.إيه" التي أطلقت طائرات مسيرة فوق غزة وقدمت بثا مباشرا لإسرائيل لمساعدتها في تحديد مواقع مقاتلي حماس واعتقالهم، بالإضافة إلى دعم جهود تحرير رهائن.
ولم تستطع رويترز تحديد طبيعة المعلومات التي وفرها بث الطائرات المسيرة الأميركية ولم تتمكن إسرائيل من الحصول عليها بمفردها.
وقالت أربعة مصادر إن مسؤولي المخابرات الأميركية تلقوا رغم ذلك بحلول نهاية عام 2024 معلومات أثارت تساؤلات عن معاملة إسرائيل للأسرى الفلسطينيين.
ولم تكشف المصادر عن تفاصيل بشأن ما يقال عن سوء المعاملة الذي أثار المخاوف.
ولم يقدم "الشين بيت" وفق اثنين من المصادر ضمانات كافية بعدم إساءة معاملة الأسرى الفلسطينيين، ما دفع مسؤولي المخابرات الأميركية إلى منعه من الحصول على بث الطائرات المسيرة.
وكان محللو معلومات المخابرات الأميركية وفق مصدرين، يقيّمون المعلومات باستمرار خلال الحرب لتحديد ما إذا كانت تصرفات إسرائيل وحماس على الأرض تطابق تعريف الولايات المتحدة لجريمة حرب.
وأضاف مصدران مطلعان أن كبار مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض اجتمعوا لعقد اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس بايدن في الأسابيع الأخيرة من ولايته بعد أشهر من قطع معلومات المخابرات واستئنافها.
واقترح مسؤولو المخابرات خلال الاجتماع أن تقطع الولايات المتحدة بشكل رسمي بعض معلومات المخابرات التي كانت تقدم لإسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر.
وجمعت الولايات المتحدة قبل أسابيع فقط معلومات مخابراتية تفيد بأن محامي الجيش الإسرائيلي حذروا من وجود أدلة تدعم توجيه اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب خلال حملتها العسكرية في غزة.
وشدد المصدران على أن بايدن اختار رغم ذلك عدم قطع تبادل معلومات المخابرات، قائلا إن إدارة ترامب ستجدد الشراكة على الأرجح، وأن محامي الإدارة خلصوا إلى أن إسرائيل لم تنتهك القانون الدولي.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في القطاع أسفرت عن مقتل أكثر من 70 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين.