إن انتهاك حقوق الآخرين بدون وجه حق والقمع النفسي والطمع والسيطرة على الأشخاص لمجرد الانتفاع منهم بصرف النظر عن ما يحدث من تلك السيطرة من تدمير للشخص فى سلوكه وقدرته على الاختيار وتلفيق الأكاذيب والاتهام بالباطل والظلم وعدم الانصاف، كل هذه الأفعال البغيضة ترفضها الفطرة السليمة، ورفضتها جميع الشرائع السماوية ومنها الإسلام إذ جعل الظلم والقهر النفسي من الكبائر.
يعتبر من أصعب اللحظات التي يشعر بها أى إنسان، الانكسار والضعف وعدم القدرة على المواجهة سواء مواجهة الأشخاص أو المواقف فكان دعاء رسول الرحمة (صل الله عليه وسلم) ( اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، وجاء هذا الحديث الشريف بمثابة تأكيد على أن الحزن والهم هما بلاء شديد ومصيبة عظمى تكون فى حد ذاتها أشد من جميع الأمراض العضوية.
والقهر النفسي من أبشع الممارسات التي تتم على أى إنسان، حيث يمارس عليه القوة والسلطة بشكل ظالم للسيطرة عليه بدون رحمة أو شفقة مما يجعله إنسانا ضعيفا مضغوطا غير قادر على التعبير عما بداخله فيحدث بذلك انكسار في القلب، فيشعر بالموت البطئ كل لحظة، كما يشعر بالتدني وعدم احترام الذات مما يجعله يرى نفسه صغيرا غير قادر على الإفصاح بالقهر الذى وقع عليه، كما يؤدى هذا الشعور إلى الإصابة بالاكتئاب وتفضيل الوحدة فى كثير من الأوقات، وكل هذا يؤدى إلى دمار الشخص وتحويله من شخص قوى الإرادة إلى شخص مسلوب الإرادة، ومع إستمرار الضغوط والروتين اليومى يصبح الشخص المقهور نفسياً غير قادر على القيام بالمتطلبات اليومية، مما يجعله يموت (الموت التدريجي).
وحيث أن المستويات المرتفعة من هرمونات التوتر يمكن أن تتسبب فى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية مما يؤدى إلى الإصابة بالسكته الدماغية وضعف جهاز المناعة وانتشار أمراض العصر مثل السكر والضغط، فجاء القرآن الكريم بدليل قاطع على أن الضغط والقهر النفسى يسبب الموت في الآية الكريمة (موتوا بغيظكم) فتبين لنا هذه الآية أن الغيظ والقهر يمكن أن يقصم عمر الإنسان ويؤدى إلى هلاكه وتدميره.
ولمواجهة الضغط والقهر الذى يمارس على أى شخص وتحصين قلبه من الإنفطار علينا القيام:
أولاً: القرب من المولى عزوجل فعندما تستشعر عظمة الإيمان ويملئ قلبك بها وتفهم معنى أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق القهار الجبار، لايستطيع أى مخلوق أن يضرك إلا بمشيئته، فتعلم جيداً أن الله عزوجل قوى بالمرصاد ومع الضعيف بالمعونه ويسمع شكوى المظلوم ويستجيب لدعائه لقوله تعالى (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
ثانياً: المعرفة الحقيقية لقيمة ذاتك وتيقن أنك تستطيع أن تفعل المعجزات، لأنك من أعظم المخلوقات ولك قدرك وشأنك العظيم عند الله تبارك وتعالى، فلا يصح بعد ذلك أن يأتى أى شخص ويحاول النيل منك ويضعف قوتك ويجعلك دميه بين يديه.
ثالثاً: قل الحق مهما كلفك هذا الأمر من ألم، فتتألم بعض الوقت أفضل من أن تتألم طول الوقت وتصبح مهزوماً ضعيف مسلوب الإرادة.
رابعاً: خذ قرارك بكل حسم وحزم، فالبعد عن ساحات المعارك والبدء من جديد مع أشخاص آخرين وظروف آخرى أفضل من الإستمرار فى بيئة فاسدة تعمل على تدميرك مهما كانت المغريات.
وفي الختام فالإنسان الذى منح الله تعالى له الحياة للعيش والسعى والأمل والاجتهاد والكفاح لا يصح أن يضع نفسه تحت رحمة أى شخص أو أى ظرف صعب يمر به.
ولذلك انهض - اعمل - افرح - أملأ قلبك بالأمل وأبعد عن اليأس ولا تقبل الهزيمة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
ندوة تفاعلية لكتاب داسم.. مزج مبتكر بين الأدب والفن والتحليل النفسي
نظّمت مؤسسة LAMASATT بالتعاون مع Shams Art Space، بحضور جمهور الأدب والفن، ندوة فريدة لمناقشة رواية "داسم" للكاتب عمرو طارق، التي جاءت كتجربة تفاعلية غير مسبوقة في مصر، جمعت بين السرد الأدبي، والفن التشكيلي، والتحليل النفسي، والعروض البصرية والصوتية، في قالب إبداعي متكامل.
الكاتب عمرو طارق، المعروف بأسلوبه الذي يمزج الخيال النفسي بالرمزية العميقة، قدّم في "داسم" تجربة سردية تستكشف صراعات الهوية والوجع الإنساني بأسلوب introspective نابض بالحياة، ما جعل الرواية نقطة انطلاق مثالية لهذا الحدث المتعدد الأبعاد.
الندوة شهدت حضور شخصيات بارزة، من بينها: د. حنان شاذلي، الطبيبة النفسية المعروفة، التي قدّمت تحليلًا نفسيًا معمقًا لشخصيات الرواية، مستعرضة التوترات الداخلية والخلفيات النفسية التي تحرّك السرد.
والمهندسة والفنانة التشكيلية هبة يوسف، التي قدمت لوحتين مبتكرتين ترجمتا بصريًا الشخصيتين المحوريتين في الرواية، بأسلوب فني جسّد الأبعاد النفسية للنص.
والمخرج د. تامر يوسف، الذي أدار الحوار مع الكاتب وأسهم في إخراج الحدث بصريًا وصوتيًا، ليصبح عرضًا حيًا يتجاوز الشكل التقليدي للندوات.
كما شاركت الفنانة مروة أبو العينين بإسهام بصري متميز، من خلال لوحاتها التي عبّرت برمزية دقيقة عن الصراعات الداخلية في الرواية، مضيفة بُعدًا عاطفيًا وإنسانيًا على النصوص.
الندوة اعتمدت على تقنيات عرض غير تقليدية، حيث أعيد تمثيل مشاهد مختارة من الرواية باستخدام مؤثرات ضوئية وصوتية، إلى جانب أداء صوتي محترف (Voice Over) جسّد شخصيتين رئيسيتين، ما أضفى على الأمسية طابعًا دراميًا وانغماسيًا عميقًا، ترك أثرًا قويًا لدى الجمهور.
تأتي هذه الفعالية ضمن رؤية LAMASATT Foundation لتقديم الفنون الأدبية في شكل تفاعلي ومبتكر، يعيد رسم العلاقة بين النص الأدبي والجمهور، ويفتح آفاقًا جديدة للتلاقي بين الأدب والفن وعلم النفس والإخراج المسرحي.
واختُتمت الندوة بتفاعل لافت من الحضور، الذين عبّروا عن انبهارهم بالتقنيات المستخدمة والطرح الفني المختلف، معتبرين التجربة خطوة متقدمة نحو إعادة ابتكار المشهد الثقافي في مصر.