جدة التاريخية تحتفي بمرور 10 سنوات على تسجيلها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
يحتفي برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة, هذا العام 2024, بمرور عشرة أعوام على تسجيل منطقة جدة التاريخية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العام 2014م.
وأوضح برنامج جدة التاريخية, أن البرنامج يواصل جهود إعادة إحياء المنطقة؛ للحفاظ على إرثها الثقافي والعمراني، وتحويلها إلى وجهة تراثية عالمية تماشياً مع رؤية المملكة 2030، مثمناً جهود أمانة محافظة جدة وهيئة التراث في التعاون بالحفاظ على تراث المنطقة.
وبيّن البرنامج، أن جدة التاريخية بما تمتلكه من مقومات معمارية وعمرانية وثقافية فريدة تمتد على مساحة 2،5 كيلو متر مربع، تمتاز كذلك بموقعها الجغرافي المهم على ساحل البحر الأحمر، وقد أصبحت منذ القرن السابع الميلادي ميناءً رئيساً للحجاج القادمين إلى مكة المكرمة، وملتقىً لطرق التجارة العالمية بين قارتي آسيا وأفريقيا، ومركزاً للتبادل الثقافي والاقتصادي.
وأشار البرنامج إلى أن المنطقة تضم أكثر من 650 مبنىً تراثياً و 5 أسواق رئيسة تاريخية وعدة مساجد تاريخية, ومدرسة تاريخية واحدة، وتمتاز بالطراز المعماري والنسيج العمراني لمدن ساحل البحر الأحمر التاريخية، بمبانيها متعددة الطوابق ومكوناتها الخشبية وطرق بنائها التقليدية، وشوارعها الضيقة التي أسهمت من تعزيز التكاتف الاجتماعي في الماضي.
اقرأ أيضاًالمجتمع“مجموعة السعودية” تعزز أسطولها بـ 105 طائرات من أيرباص و100 طائرة كهربائية من ليليوم
ولفت البرنامج إلى أن تسجيل جدة التاريخية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي جاء لاستيفائها ثلاثة من معايير تصنيف المناطق التاريخية على أنها ذات قيمة استثنائية عالمياً، وركزت هذه المعايير على أن تعرض المنطقة تبادلاً مهماً للقيم الإنسانية على مدى فترة من الزمن أو داخل منطقة ثقافية، حول التطورات في الهندسة المعمارية والفنون الأثرية، وتخطيط المدن، إلى جانب أن تكون مثالاً بارزاً لنوع من المباني أو المجموعات المعمارية أو التكنولوجيا التي توضح عدة مراحل مهمة في تاريخ البشرية، ثالثاً أن تكون المنطقة مرتبطة بالأحداث أو التقاليد الحية مع الأفكار أو المعتقدات أو الأعمال الفنية والأدبية ذات الأهمية العالمية البارزة.
واستناداً إلى معايير قائمة اليونسكو للتراث العالمي لتصنيف جدة التاريخية، وضع البرنامج أربع ركائز أساسية لجهود إعادة إحياء المنطقة، تشمل التراث الثقافي غير المادي، والتنقيب والآثار “السور والبوابات التاريخية”، والنسيج العمراني “الأسواق, الساحات, الشوارع”، والمباني التاريخية “البيوت, المساجد, الأربطة”, كما وضع البرنامج عدد من المعايير والمبادئ للحفاظ على التراث بالمنطقة، منها استخدام المواد التقليدية في عمليات الترميم، وتحديد العناصر الأصلية والمرممة، والحفاظ على الارتفاعات الحالية للمباني.
يُذكر أن جهود إعادة إحياء المنطقة واجهت بعض التحديات التي من أبرزها, إنقاذ المباني الآيلة للسقوط بالمنطقة – بسبب تهالك البنية التحتية – وتدعيمها وترميمها مع الحفاظ على هيكلها الأصلي وضمان استدامتها، وتوعية المجتمع المحلي بأهمية جهود الحفاظ على تراث المنطقة، وتحسين البنية التحتية والخدمات مع مراعاة الحفاظ على الطابع التاريخي والثقافي للمنطقة.
ويأتي ذلك، ضمن جهود البرنامج للحفاظ على التراث الثقافي والعمراني للمنطقة، وتنمية مجالها المعيشي لتكون مركزًا جاذبًا للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصدًا لروّاد الأعمال، وذلك من خلال تنفيذ عدد من المشاريع في إطار المخطط العام لمشروع إعادة إحياء جدة التاريخية، والإشراف على تنفيذ أعمال تحسين البنية التحتية بالمنطقة وترميم وإعادة تأهيل مبانيها، مما يسهم في إثراء تجربة الزوار وتعزيز المنطقة كوجهة سياحية.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية قائمة الیونسکو للتراث العالمی جدة التاریخیة إعادة إحیاء
إقرأ أيضاً:
كيف أصبح الجنوب العالمي مكبا لنفايات الغرب البلاستيكية؟
لا يعد التلوث البلاستيكي مجرد مشكلة بيئية، بل هو أيضا مشكلة سياسية واجتماعية. فبينما تُعدّ الأكياس والزجاجات البلاستيكية التي تجرفها الأمواج إلى الشواطئ موضوعا شائعا، وتنتشر صورٌ مُقلقة للسلاحف المحتضرة المتشابكة في البلاستيك على الإنترنت، فإن هذه الصور لا تروي القصة كاملة.
تُصدَّر ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية سنويا من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة، مع تعهدات غير مضمونة بإعادة تدويرها، لكن في أغلب الأحيان، ينتهي المطاف بهذه النفايات في مكبات النفايات أو تُحرق، مما يُخلِّف آثارا وخيمة على صحة المجتمعات المُستقبِلة والبيئة المحيطة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أصوات من غزة.. تكدس النفايات كارثة بيئية وصحيةlist 2 of 4النفايات الطبية تهدد بكارثة بيئية في الخرطومlist 3 of 4إسرائيل تخنق غزة بالنفايات دفعا للتهجيرlist 4 of 4ميكروبات تحوّل النفايات البلاستيكية إلى باراسيتامولend of listلا ينتهي كل البلاستيك غير المعاد تدويره من الشمال العالمي في المحيط، حيث يتم شحن جزء كبير منه إلى بلدان الجنوب العالمي، ويتراكم في كثير من الأحيان في مكبات النفايات المفتوحة، أو في عمليات إعادة التدوير سيئة التنظيم، مما يخلق عواقب بيئية واجتماعية خطيرة.
تُعرف ممارسة الدول المتقدمة الاستهلاك المفرط وتصدير نفاياتها، وخاصة النفايات البلاستيكية، إلى الدول الأقل نموا، والتي غالبا ما تفتقر إلى البنية التحتية الكافية لإدارة النفايات، باسم "استعمار النفايات (أو البلاستيك)".
ويشير هذا المفهوم إلى قيام الدول الغنية بتصدير البلاستيك وأنواع أخرى من النفايات إلى الدول الفقيرة، غالبا تحت ستار إعادة التدوير. ويترتب على ذلك مخاطر بيئية وصحية على الشعوب والمجتمعات التي تُركت للتعامل مع تلك النفايات.
ولا يقتصر تصدير النفايات على الضرر البيئي فحسب، بل يعكس تفاوتا منهجيا ونمطا تاريخيا من الاستغلال. ويربط هذا المصطلح بين الاستعمار التاريخي، حيث جُرِّدت الموارد الطبيعية والعمالة من المناطق المستعمَرة، وتجارة النفايات الحالية، حيث يُلقى عبء الضرر البيئي مجددا على عاتق الأقل مسؤولية عنه.
إعلانفمع استمرار ارتفاع استهلاك البلاستيك، لا يوجد سوى حلين للتخلص من نفاياته: الحرق أو الإغراق، ويُصبح الحرق الخيار الوحيد المعقول إذا لم تسمح الدولة بالإغراق واسع النطاق للنفايات داخل حدودها.
ويُخلّف حرق البلاستيك بصمة كربونية كبيرة، تسعى معظم الدول المسؤولة عن النفايات البلاستيكية إلى الحد منها. ونتيجة لذلك، يختار البعض تجنب كلا الخيارين، وتصدير نفاياتهم إلى دول أخرى، ويفضل أن يكون ذلك إلى دول ذات أنظمة إدارة نفايات وقوانين أكثر مرونة.
لسنوات عديدة، دأبت الدول ذات الدخل المرتفع، وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة واليابان وأستراليا، على تصدير نفاياتها البلاستيكية إلى الخارج بزعم إعادة تدويرها، لكن الواقع أكثر تعقيدا.
فقد كشف تقرير صادر عن وكالة التحقيقات البيئية الأميركية "إي آي إيه" (EIA) أنه في عام 2023، كانت هولندا وألمانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة واليابان وأستراليا من بين أكبر مُصدّري النفايات إلى الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
لأكثر من 20 عاما، كانت الصين أكبر مستورد في العالم للبلاستيك والنفايات الأخرى. ونظرا لافتقارها إلى الموارد المحلية، بدءا من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، فقد قبلت البلاد القمامة من الدول الأكثر ثراء لاستخدامها كمواد خام لصناعاتها.
وأدت هذه الآلية التي اتبعتها بيكين إلى تلوث خطير ومخاطر صحية في البلاد. وفي عام 2018، حظرت الصين استيراد النفايات البلاستيكية.
ومنذ ذلك الحين، أعادت الدول الغربية توجيه صادراتها إلى أجزاء أخرى من آسيا وأفريقيا. واستحوذت دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وفيتنام وتايلند والفلبين على جزء كبير من الواردات، ووصل الكثير منها بشكل غير قانوني أو معلن عنه بشكل خاطئ.
أما بالنسبة لأفريقيا، فقد أصبحت غانا تدريجيا أرضا لإلقاء النفايات، خصوصا القادمة من المملكة المتحدة، وتبعت المكسيك وبيرو في أميركا اللاتينية خطواتها.
وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كانت 5 من أكبر 20 دولة مستوردةً للنفايات البلاستيكية في العالم دولا غير أعضاء في المنظمة في عام 2023.
وأصبحت ماليزيا أكبر وجهة عالمية، حيث استقبلت 0.61 مليون طن من النفايات البلاستيكية، وارتفعت واردات النفايات أيضا في فيتنام بنسبة 3% وإندونيسيا بنسبة 26%، مما يُبرز التحول المستمر في أنماط التصدير.
وعلى الرغم من الجهود العالمية، مثل اتفاقية بازل لعام 1989، وهي معاهدة دولية صُممت للحد من نقل النفايات الخطرة وغيرها عبر الحدود ومنع الاتجار غير المشروع بها، لا تزال تجارة النفايات البلاستيكية غير المشروعة مستمرة، لا سيما في الدول الغنية. ويعود ذلك إلى فشل اللوائح الدولية والأنظمة الوطنية الرامية إلى إدارة البلاستيك بمسؤولية.
ومن الأمثلة على ذلك المملكة المتحدة، حيث تشير التقارير إلى استخدام سجلات إعادة تدوير مزيفة لجني حوالي 50 مليون جنيه إسترليني سنويا (نحو 67 مليون دولار)، مما يسمح بتصدير البلاستيك إلى الخارج تحت مسمى "معاد تدويره" زائفا.
إعلانوحسب الخبراء، فإن هذا "الاحتيال" لا يقوض جهود إعادة التدوير الحقيقية فحسب، من خلال إخفاء النفايات على أنها قابلة لإعادة التدوير، بل يُمكن أيضا المملكة المتحدة والدول الغنية الأخرى من تحميل دول الجنوب العالمي العبء البيئي.
بالنسبة لدول الجنوب العالمي، تفاقم هذه التجارة الفقر، وتُسهم في انتشار الأمراض، وقد تُسبب ضررا دائما للناس والبيئة في البلدان المُستقبلة للنفايات. كما تُعزز أنماط الاستغلال القديمة، المُشابهة لتلك التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية.
ففي سورابايا بإندونيسيا، تكشف التقارير أن المجتمعات المحلية كانت تحرق النفايات البلاستيكية، بما فيها المستورة منها، كوقود لإنتاج التوفو (جبن نباتي)، مما أدى إلى اكتشاف الديوكسينات في بيض الدجاج المُجاور.
يمكن لدول الجنوب التخلص من أعباء التلوث البلاستيكي الناجم عن النمط الاستهلاكي الغربي عبر محاسبة الشركات على نفاياتها من خلال سياسة مسؤولية المُنتِج الموسعة، ومنح الدول مزيدا من الصلاحيات لرفض شحنات النفايات الضارة، ومعالجة المشكلة من جذورها. إلا أن هذه الحقوق غالبا ما تضعَف بسبب التبعية الاقتصادية، والفساد، ومحدودية القدرات التنظيمية في البلدان الفقيرة.
ومع ضعف الإمكانيات في دول الجنوب، تقع معظم المسؤولية على عاتق الدول الغنية، فبدلا من إلقاء نفاياتها على الدول الفقيرة، ينبغي عليها الاستثمار أكثر في أنظمة نفايات محلية عادلة، بحيث لا يُترك أي مجتمع ليواجه تلوثا لم يتسبب فيه.
وتبدو المعاهدة العالمية للبلاستيك التي قد تدخل حيز التنفيذ مع بداية العام المقبل فرصة لوضع قواعد قابلة للتنفيذ ومساءلة حقيقية عن إنتاج البلاستيك ونفاياته، واتخاذ إجراءات جادة وسياسات جريئة، والاتجاه نحو تعاون عالمي لمواجهة "استعمار النفايات" وعواقبه.