انقلاب النيجر.. كيف سيؤثر على محاربة الإرهاب في المنطقة؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
أثار الانقلاب العسكري في النيجر تخوفات من تفشي الإرهاب في منطقة الساحل، خصوصاً بعد انسحاب القوات الفرنسية من مالي المجاورة للنيجر التي تقع في غرب إفريقيا، إلى جانب قرار الانقلابيين في النيجر تعليق الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا.
ويرى مراقبون أن الانقلابيين في النيجر يسعون إلى استبدال النفوذ الغربي بالنفوذ الروسي، وتحديداً في جانب التعاون العسكري ولتحل شركة "فاغنر" محل التعاون الغربي العسكري في التدريب والعمل الميداني، بينما تقدم روسيا الدعم العسكري إلى تلك الدول، وبالتالي سيكون هناك انعكاسات كبيرة على الحرب ضد الإرهاب العابر للحدود.
Just In: Terrorists from al-Qaeda attacked soldiers from the Wagner Group at the Mali–Niger border. Al-Qaeda officially declared that its forces had surrounded Wagner and would not allow them enter Niger. #RegencyReportersNews pic.twitter.com/c74MighWLF
— Regency Reporters (@Regency_NG) August 7, 2023غياب فرنسي - أمريكي
وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الإفريقية السفير إبراهيم الشويمي لـ24 إن "الانقلاب الذي حدث في النيجر سوف يؤدي إلى غياب فرنسا وإلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه المنطقة، ما يهدد بعودة التنظيمات الإرهابية مجدداً وتوسيع انتشارهم في منطقة الساحل".
وأوضح السفير الشويمي أن "النيجر محطة هامة للغاية ولكن بعد حدوث الانقلاب العسكري بها تزامنا مع انسحاب القوات الفرنسي من مالي وبوركينا فاسو وكذلك القوات الأمريكية سوف ينذر بكارثة أمنية حيث تبدأ التنظيمات الإرهابية الانتشار مجدداً في هذه المنطقة بعد محاربتها على مدار السنوات الماضية.
وأشار الدبلوماسي المصري الأسبق إلى "ضرورة ممارسة الكثير من الضغوط على النيجر من أجل التراجع عن هذا الانقلاب العسكري، وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم من أجل استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة، مشيراً إلى أن قوات فاغنر الروسية لن تستطيع محاربة الإرهاب مثلما كانت تفعل القوات الفرنسية والأمريكية".
ويرى مراقبون أن الخلافات البينية بين دول الساحل والصحراء ودول غرب إفريقيا جراء استبدال السلطات المنتخبة بالانقلابيين العسكريين، سوف تؤدي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية ووقف التعاون الأمني والعسكري، وهو الأمر الذي يفيد التنظيمات الإرهابية التي تستغل ذلك التشرذم، لاستهداف الدول في عمليات عابرة للحدود، واستغلال خلافات دول الجوار للتصدي لأية عمليات عسكرية تستهدفهم.
تهديد الأمن والاستقرار الإقليميمن جانبه حذر الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية السابق من الانقلابات المتكررة التي تشهدها دول القارة الإفريقية وآخرها النيجر، مؤكداً أن لها تأثيراً سلبياً كبيراً على الأمن والاستقرار في المنطقة الإفريقية.
وقال السفير أحمد حجاج لـ24 إن "الانقلاب الذي حدث في النيجر، سيكون له تأثير على استقرار في دول الجوار، بالإضافة إلى أنه سينعكس سلباً على الأوضاع الأمنية الصعبة التي يشهدها البلد الإفريقي، وذلك بعد إعادة انتشار التنظيمات الإرهابية مرة أخرى مع انسحاب القوات الفرنسية من النيجر".
كما أشار السفير حجاج إلى أن "الانقلاب في النيجر قد يتسبب في حدوث انفلات أمني تنشط على إثره الحركات الإرهابية التي تعج بها المنطقة، وسوف تؤثر على أمن دول الجوار، ما يتسبب في عدم الاستقرار الأمني بها".
The war in #Niger is d most nonsensical thing any patriotic citizen should think about doing.
Why go 2 war with our only neighbour protecting us 4rm direct flow of terrorists from Libya & Other Saharan African countries?
Tinubu singlehandedly declare war just 2 please US & France pic.twitter.com/9XKLV86CVM
ونشر مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية تقريره السنوي لعام 2022 حول نشاط الحركات المصنفة إرهابياً والمرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين في إفريقيا في مارس (آذار) الماضي، وذكر التقرير أن وتيرة العنف لدى تلك الحركات ارتفعت بنسبة 22% عن العام 2021، وتجاوز عدد القتلى المقدر بنحو 19109 قتيلاً الذروة السابقة البالغة 18850 قتيلاً على يد الإرهابيين، والذي تم رصده في عام 2015 عندما كانت بوكو حرام الإرهابية في أوج نشاطها.. وتمثل تلك الأرقام انعكاساً حاداً عن عام 2021، الذي شهد انخفاضاً طفيفاً في الوفيات، وصل إلى 12920 شخصاً.
وأشار التقرير إلى أن تصاعد حدة العنف في منطقة الساحل والصحراء تزامن مع الانقلابات العسكرية في دولتي مالي أغسطس (آب) 2020 وبوركينا فاسو في يناير(كانون الثاني) 2022، وتلك الانقلابات المتكررة تعتبر من أهم تجليات أزمة الدولة القومية في القارة الإفريقية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة انقلاب النيجر إرهاب التنظیمات الإرهابیة فی النیجر إلى أن
إقرأ أيضاً:
جبريل إبراهيم، حين ينقلب المنطق على عقبيه وتعمى البصيرة
محمد هاشم محمد الحسن
2 مايو 2025.
في تصريحات مستفزة للذاكرة الجمعية ومهينة لتضحيات شعب بأكمله، يطل علينا الدكتور جبريل إبراهيم ليقدم قراءة مشوهة للتاريخ السياسي السوداني، قراءة تنضح بانتقائية مقيتة وتحاول عبثًا طمس الحقائق الناصعة. فبينما يرفض بإصرار وصف الإطاحة بالحكومة الانتقالية في الخامس والعشرين من أكتوبر عام ألفين وواحد وعشرين بالانقلاب العسكري الصريح، متذرعًا بكونها حكومة "غير منتخبة"، فإنه لا يجد غضاضة في وسم إسقاط نظام الإنقاذ البغيض بثورة ديسمبر المجيدة بـ "الانقلاب"!
يا له من منطق أعوج! ويا لها من معايير مزدوجة تكشف عن هوى دفين وتحيز سافر. فالحكومة الانتقالية التي تشكلت بإرادة الثورة، وبشرعية الدماء الزكية التي سالت في سبيل الحرية والعدالة ضد نظامٍ استبداديٍّ اغتصب السلطة بانقلابٍ عسكريٍّ في غياهب الماضي، نظامٍ حكم البلاد بالحديد والنار وقمع الحريات وسفك الدماء لثلاثة عقودٍ عجاف، حكومة توافقية انبثقت من رحم انتصار شعبي مدوٍ. كانت تلك الحكومة هي الضمانة لمرحلة انتقالية تقود البلاد نحو انتخابات حرة ونزيهة، نحو فجر جديد طال انتظاره. وما حدث في ذلك اليوم المشؤوم من أكتوبر لم يكن سوى غدر عسكري مكتمل الأركان، سطو مسلح على إرادة الشعب، وانقضاض على آماله وتطلعاته. وقد شهد على ذلك الرفض الجماهيري العارم الذي هز أركان الانقلابيين، مقاومة باسلة سُطرت بدماء الشهداء والجرحى والمعتقلين، وأدت الانقلاب في مهده ،فلا شرعية حصل عليها ولا حكومة شكلها حتى يومنا هذا.
أما وصف ثورة ديسمبر، تلك الانتفاضة الشعبية العظيمة التي اقتلعت نظامًا جاثمًا على صدر البلاد لثلاثة عقود من الظلم والقهر، نظامًا تلطخت أيامه بدماء الأبرياء وملأت سجونه أصوات المعذبين، بأنها "انقلاب"، فهو قمة الجحود وإنكار الحقائق، وإهانة لتلك التضحيات الجسام التي بذلها شباب ونساء ورجال هذا الوطن الأبي. لقد خرج الشعب السوداني بجميع أطيافه، ملأ الشوارع والساحات، متحديًا الرصاص والقمع، مطالبًا برحيل نظام سقطت شرعيته منذ زمن بعيد. بيان الجيش في الحادي عشر من أبريل عام ألفين وتسعة عشر لم يكن إلا استجابة متأخرة لهذا الزلزال الشعبي، لهذا الإعصار الجارف الذي لم يكن لأي قوة أن تقف في وجهه.
فكيف يليق بمن شهد تلك الهبة الجماهيرية العظيمة، بمن كان بالأمس القريب جزءًا من قوى التغيير التي ناضلت ضد نظام الإنقاذ، أن ينقلب على مبادئه وقيمه، وأن يصف فعل الشعب الجبار بـ "الانقلاب"؟ أين ذهبت تلك الأصوات التي كانت تدين نظام الإنقاذ وتصف انتخاباته بالمهزلة؟ ألم يكن الدكتور جبريل نفسه شريكًا في هذا الإدانة؟ فهل هو منطق المصالح الذي يغير الحقائق ويبدل المفاهيم؟ أم هو محاولة لتجميل صورة الماضي من أجل تحالفات الحاضر؟
إن هذا التناقض الصارخ، هذا الانقلاب المفاهيمي المريع، يذكرنا بالقول المأثور:
"رَأَى الْحَقَّ بَاطِلاً وَرَأَى الْبَاطِلَ حَقًّا، فَتِلْكَ الْبَلِيَّةُ لاَ شَيْءَ يُعَادِلُهَا."
فكيف لمن كان بالأمس بصيراً بحقيقة نظام الإنقاذ وزيف شرعيته، أن يعمى اليوم عن حقيقة الانقلاب الغاشم على إرادة الشعب؟ وكيف له أن يقلب الحقائق رأسًا على عقب، فيرى الظلام نورًا، والانقلاب استجابة، والثورة جريمة؟ إن تزييف الماضي بهذا الشكل لا يخدم إلا قوى الانتكاس يعيق بناء مستقبل سودان ديمقراطي ومستقر، سودانٍ يستند إلى الحقائق التاريخية لا إلى الأهواء والمصالح الضيقة.
إن هذا التلاعب بالألفاظ، وهذا التحريف المتعمد للتاريخ، ليس إلا محاولة بائسة لتبرير مواقف سياسية آنية، محاولة تستخف بعقول الناس وتستهين بذاكرتهم. ولكن هيهات، فالحقائق أشد سطوعًا من أن تحجبها مثل هذه المغالطات، وإرادة الشعب أقوى من أن تكسرها مثل هذه الانقلابات اللغوية. وسيظل التاريخ شاهدًا على من خان الأمانة وانقلب على مبادئه، ومن استمسك بالحق ودافع عن إرادة شعبه.
herin20232023@gmail.com