في فضيحة مالية جديدة، كشفت مصادر سياسية عراقية عن تفاصيل محاولة مسؤولين سرقة مبالغ مهولة من الموازنة المالية لعام 2024، تفوق بكثير ما يعرف بـ"سرقة القرن" التي كشفت قبل عامين في البلاد، وكانت تعادل نحو 2.5 مليار دولار، تعود إلى الأمانات الضريبة.

وفي آذار/ مارس 2023، أصدر القضاء العراقي، أوامر بالقبض على أربعة مسؤولين سابقين، بينهم وزير مالية عبد الأمير علاوي، ومقربون من رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، لاتهامهم بـ"تسهيل" الاستيلاء على 2.

5 مليار دولار من الأمانات الضريبية.

فضيحة جديدة
وكشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"عربي21" طالبة عدم الكشف عن هويتها، أن "الحكومة كشفت تلاعبا بأرقام الموازنة المالية بعدما صوت عليها البرلمان في حزيران/ يونيو الماضي، وأن الفارق المالي يبلغ 15 تريليون دينار عراقي، أي ما يعادل نحو 11.5 مليار دولار أمريكي".

وأوضحت المصادر أن "الأزمة تسببت بخلافات كبيرة داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي، لأن بطل التلاعب بالأرقام هو القيادي في الإطار، رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي، ونواب آخرون من الإطار أيضا، وأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني انتقد ذلك بشدة".

ولفتت إلى أن "النائب ياسر صخيل رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، وهو صهره أيضا، تُوجه إليه كذلك اتهامات بالتورط مع المندلاوي في التلاعب بأرقام الموازنة، وإجراء مناقلات بين الجداول، وذلك بعد التصويت عليها وقبل إرسالها إلى رئاسة الجمهورية".


وأشارت المصادر إلى أن "رئاسة الجمهورية صادقت على الموازنة التي جرى التلاعب بها، لكنها عندما عادت إلى الحكومة جرى كشفها، وأن الأمر أحدث ضجة كبيرة داخل البرلمان، إذ يحاول رئيسه بالإنابة محسن المندلاوي إنهاء القضية وعدم تشكيل لجنة تحقيقية".

المصادر ذاتها أكدت أن "نواب في البرلمان رفعوا دعاوى قضائية في المحكمة الاتحادية ضد من تلاعب بأرقام الموازنة المالية، ومن أبرز هؤلاء النواب هم باسم خشان وأحمد الجبوري، وأن الفضيحة تتطور بسرعة، فيما تحاول أطراف الإطار التنسيقي تسوية الموضوع داخليا".

وفي السياق ذاته، قال البرلماني العراقي السابق، حيدر الملا، إن "هناك شبهة تلاعب في جداول الموازنة التي صوت عليها مجلس النواب، إذ صوت المجلس على جداول، وقامت الرئاسة بالإنابة بتغييرها وإجراء مناقلات بعد التصويت بإرادة منفردة".

ووصف الملا عبر تدوينة نشرها على حسابه في منصة "إكس"، الخميس، ما حصل بأنه "تزوير"، مطالبا أعضاء مجلس النواب بـ"تدقيق في هذه المعلومات، وإقامة دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية".

اتهامات متواصلة
وبخصوص مصير مبلغ الـ 15 تريليون دينار، قالت عضو اللجنة المالية البرلمانية، محاسن حمدون، لـ"عربي21" إن "البرلمان صوت على الموازنة التي تحمل الأرقام ذاتها الواردة من المحكومة دون أي تعديل، وذلك بعد تصويت جرى داخل اللجنة المالية".

وتابعت: "لكننا تفاجأنا بعد ذلك بأن رئيس مجلس الوزراء يبعث بكتاب رسمي إلى رئاسة البرلمان يتحدث فيه عن وجود أرقام مختلفة في الموازنة التي صادقت عليها رئاسة الجمهورية، واختلاف العديد من بنودها، أولها مبالغ الإيرادات النقطية رُفعت من 120 تريليون إلى 125 تريليون".

وأوضحت حمدون أن "العديد من أبواب الموازنة جرى التلاعب فيها، فهناك أرقام ارتفعت وأخرى انخفضت، وبالمحصلة البرلمان كان قد صوت على موازنة 2024 بمبلغ إجمالي قدره 211 تريليون، لكنها وصلت إلى رئاسة الوزراء بملغ 226 تريليون".


وأكدت البرلمانية العراقية أنه "بعد ظهور هذه المشكلة شكلنا نحن النواب لجنة تحقق من اللجنة المالية، وأنا كنت عضوا فيها، لكن وصلنا اتصال من رئيس البرلمان بالإنابة بأنه لا يحق لنا تشكيلها، وأنه لابد أن تكون هذه اللجنة بأمر من رئاسة البرلمان".

ولفتت حمدون إلى أن "الأمر متوقف حتى الآن، والاتهامات توجه إلى العديد من الجهات، ولا نعرف من يقف وراء القضية حتى الآن، وحتى الآن لم يحسم الموضوع والجدل لايزال قائما وجهات تتهم أخرى".

وبيّنت البرلمانية أنه "كشف رئاسة الوزراء للقضية حال دون اكتمالها، وأنها أعلمت اللجنة المالية البرلمانية بأن الأرقام ستبقى على ما كانت عليه، وبالتالي فإن وزارة المالية والوزارات الأخرى ستعتمد موازنة 2024 بمبلغ 2011 تريليون دينار".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي العراقي، عبد الرحمن المشهداني، إن "الحكومة هي من كشفت القضية وأرسلت كتابا إلى البرلمان تتحدث فيها عن ثلاثة جداول مختلفة عن بعض، وأن الأرقام التي جرى المصادقة عليها وصادق عليها رئيس الجمهورية هي ليست الأرقام التي أرسلتها الحكومة".

وأضاف المشهداني لـ"عربي21" أن "إدارة البرلمان بررت بعد ذلك أن ما حصل هو خطأ، لكن الحقيقة لا يمكن حدوث أخطاء بمبلغ 15 تريليون دينار، فضلا عن أنه جرى توزيعها بين مجموعة من الأبواب في الموازنة، ولاسيما تخصيصات لقطاعات مختلفة في عدد من المحافظات".

وأكد الخبير الاقتصادي بأن "العملية ليست خطأ، وإلا إذا كانت كذلك فإن الأموال لا توزع بين أبواب مختلفة، وإنما تكون ضمن باب واحد، وبالعض يقول إن من غيرها في البرلمان أراد من موقع قوة أن يغير في بنود الموازنة".

ورأى المشهداني أن "المبالغ لم تسرق لأن تثبيتها بالموازنة هو موضوع تخميني، لأن الأموال تقدّر ضمن الموازنة وبعدها تصرف، وأن الصرف الفعلي يبدأ بعد أن تصدر تعليمات الموازنة المالية".

وأردف: "حتى إذا اقتطعت مبالغ كبيرة للمحافظات، فلا يمكن أن تذهب إلى حزب معين لأن هذه المحافظات جرى اقتسامها بين أكثر من جهة. لكن ربما يذهب جزء من المبلغ إلى جهات محددة. وبكل الأحوال الأمر غير مقبول، وعندما جد الجد الكل في البرلمان تبرأ من القصة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فضيحة سرقة الموازنة العراقي البرلمان التلاعب العراق الموازنة سرقة البرلمان فضيحة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموازنة المالیة اللجنة المالیة تریلیون دینار الموازنة التی

إقرأ أيضاً:

تفاصيل موافقة النواب على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026

حضر المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، جلسة مجلس النواب، أمس الثلاثاء برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، بحضور الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الأستاذ أحمد كوجك، وزير المالية، والأستاذ شريف الكيلاني، نائب وزير المالية، والأستاذ ياسر صبحي، نائب وزير المالية.

استأنف مجلس النواب نظر التقرير العام للجنة الخطة والموازنة، ومشروع الموازنة العامة للدولة، ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية، والهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية ٢٠٢٥ / ٢٠٢٦.

وأكد المستشار محمود فوزي، أن الحكومة تلتزم بشكل كامل بالنسب الدستورية المقررة للقطاعات ذات الأولوية، كالصحة، التعليم، التعليم العالي، والبحث العلمي في الموازنة العامة للدولة، كما أن الإنفاق على هذه القطاعات بواقع 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وتم الوفاء بها، ويؤخذ في الاعتبار أن بعض أوجه الإنفاق تكون غير مباشرة مثل مساهمة المستشفيات الجامعية، والجامعات التابعة للأزهر وغيرها من المؤسسات، في تقديم خدمات صحية وتعليمية أساسية.

مشيرًا إلى أن الإنفاق على الصحة لا يُقاس فقط بعدد المستشفيات أو المخصصات، بل بمنظومة متكاملة تشمل جودة المياه والهواء، لأن الصحة تبدأ من البيئة الآمنة، ومجالات الرعاية الاجتماعية كانت في مقدمة أولويات الحكومة في إعداد هذه الموازنة.

وأضاف وزير الشئون النيابية، أن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2025/2026 هو ثمرة تنسيق وتعاون مؤسسي حقيقي بين الحكومة والبرلمان، معبرًا عن احترام الحكومة الكامل لكافة الآراء التي طُرحت داخل القاعة سواء المؤيدة أو الرافضة للمشروع.

وأشار الوزير محمود فوزي، إلى أن التقرير الصادر عن لجنة الخطة والموازنة جاء على قدر كبير من المهنية والاحترام، مشيدًا بالجهد الكبير المبذول في إعداده، قائلًا أن ما انتهت إليه لجنة الخطة والموازنة يعد بمثابة وثيقة مالية وقانونية رصينة، ويجسد مفاهيم الرقابة والتدقيق والتنسيق المؤسسي.

ووجه المستشار محمود فوزي، الشكر للأغلبية البرلمانية التي أبدت تعاونا ملموسًا وتفهمًا للاعتبارات التي بنيت عليها الموازنة، مؤكدًا أن احترام الحكومة يمتد لكل صوت سواء كان رافضًا أو مؤيدًا، بل وتتفهم الحكومة صوت الرافضين لا سيما أنه ينطلق من حرص على الصالح العام.

وأكد السيد أحمد كوجك، وزير المالية، التزام الحكومة بتلبية الاستحقاقات والنسب الدستورية للإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم في مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2025-2026، مشيرًا إلى أن هذه القطاعات تعتبر من الأولويات الوطنية، وأن الحكومة تسعى إلى زيادة الدعم لهما مع ارتفاع الإيرادات.

وقال وزير المالية، إن هناك تنسيقًا دائمًا مع مجلس النواب خلال العام، مشيرًا إلى أنه فيما يخص بعض التساؤلات بشأن الموازنة الجديدة تم وضعها لتحقيق عدد كبير من المستهدفات، بداية من تحقيق التوازن تخفيض العجز والاقتراض، وفى نفس الوقت إطلاق أو التوسع فى حزم الحماية الاجتماعية ومساندة للأنشطة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن حجم الدين مناسب لحجم الاقتصاد، ومتوقع في الموازنة الجديدة خفض نسبة الدين مع تراجع التضخم وأسعار الفائدة.

مشيرًا إلى أن الزيادة في الإيرادات الضريبية تمت بسبب تسهيلات وحل مشكلات وفتح المجال لحل مشكلات كانت قائمة منذ سنوات، ومن ثم فكرة ربط زيادة حصيلة الإيرادات الضريبية بفرض المزيد من الضرائب غير صحيح، ولكن بفضل حزمة من التسهيلات والتيسيرات والحوافز وحل المشكلات، ودخول عدد كبير من أصحاب الاقتصاد غير الرسمى طواعية بعد حزمة التسهيلات، مؤكدًا أن زيادة الإيرادات الضريبية ليس معناها فرض ضرائب جديدة، ولكن تحصيل أفضل وكفاء وعدالة التى بدأت فى تسهيلات فى الضريبية على الدخل والقيمة المضافة وتسهيلات أخرى فى الضريبة العقارية والضريبة الجمركية.

وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن الحكومة أعدت خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل 2025/2026 وسط ظروف دقيقة، لكن الوضع حاليًا أصبح أكثر تعقيدًا في ظل التطورات الإقليمية المحيطة والمتسارعة، والتي تزيد من حالة عدم اليقين، وتفرض اتباع نهج تخطيطي مرن ومُتابعة مُستمرة لـمُستهدفات الخطة حسب تطوّر المستجدات.

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن الحكومة تعمل على المتابعة المُستمرة لقياس أثر ما يحدث حولنا من تطورات على الوضع في مصر، خاصة على الصعيد الاقتصادي، ولذلك فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل "لجنة أزمات" برئاسته لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية الإسرائيلية، بما يُسهم في الاستعداد لأية مستجدات بمختلف القطاعات، لافته أن الضمان الوحيد الحقيقي لتفادي التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري في ظل هذا الظرف الدولي الدقيق، هو مواصلة الحكومة في تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية.

وأشارت وزيرة التخطيط، إلى أن الوزارة اتخذت خطوات جادة لرفع كفاءة إدارة تلك الاستثمارات، حيث يتم إعداد تقارير دورية ربع سنوية للاستثمارات العامة متضمنة الاستثمارات المنفذة للشركات العامة، وقد تم حصر ما يزيد على 270 شركة، وتم تدريب الوزارات والجهات المعنية على إدخال بيانات تلك الاستثمارات على المنظومة الإلكترونية المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة بالوزارة، ويتم تحديث تلك البيانات وتدقيقها بشكل مستمر بما يسهم في رفع كفاءة الإنفاق الاستثماري بالدولة.

ووافق المجلس على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، بالإضافة إلى مشروع الموازنة العامة للدولة ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية والهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية نفسها، وإحالة التقرير العام للخطة والموازنة ومناقشات السادة النواب إلى الحكومة لاتخاذ اللازم بشأن ما ورد به بما في ذلك الملاحق الثلاثة المرتبطة بها والتوصيات المرفقة.

كما أقر المجلس نهائيًا مشروع قانون باعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، ومشروعات موازنات الجهات الداخلة ضمن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية ( 2025/2026)، ومشروع قانون بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية (2025/2026)، والتأشيرات العامة والملاحق والجداول المرفقة به وعددهم (51) مادة.

ووافق مجلس النواب نهائيًا على مشروعات قوانين ربط موازنات الهيئات العامة الاقتصادية للسنة المالية (2025/2026)، والتأشيرات الملحقة بها، والهيئات الاقتصادية وعددها (63) هيئة اقتصادية، ومشروع قانون ربط موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية (2025/2026)، ومشروع الموازنة لمجلس النواب للسنة المالية (2025/2026).

مقالات مشابهة

  • تشريع الموت الرحيم.. أكبر تحول اجتماعي يحظى بموافقة البرلمان البريطاني
  • إحباط هروب 4 سجناء أثناء عملية نقلهم في العراق
  • الموافقة على الموازنة العامة للدولة.. حصاد جلسات البرلمان خلال أسبوع
  • فضيحة غذائية جديدة في تركيا.. لحم “حصان وحمار” بدلاً من لحم البقر!
  • البرلمان الصامت.. من يقف وراء تعطيل التشريع والرقابة في العراق؟
  • تفاصيل جديدة حول اغتيال رئيس أركان إيران علي شادماني
  • إيران تعلن إحباط هجوم سيبراني إسرائيلي .. تفاصيل
  • فضيحة تهز الجيش الجزائري.. صور تكشف هشاشة التغذية داخل الثكنات رغم المليارات المرصودة
  • تفاصيل موافقة النواب على مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026
  • البرلمان المصري يقر قانونا لتنظيم ملكية الدولة للشركات لدعم الموازنة.. تعرّف عليه