قال الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، إن الأسواق المالية شهدت منذ بداية الأسبوع تقلبات شديدة وبداية غير مستقرة، وذلك بسبب عمليات بيع مكثفة وعودة لمشهد الأزمات.

وأضاف أن البيانات الاقتصادية التي صدرت يوم الجمعة، والتي أظهرت أن الاقتصاد الأمريكي لم يضف عددًا كافيًا من الوظائف في يوليو، كانت العامل الرئيسي وراء هذه التحركات السلبية.

وأوضح الدكتور محمد عبد الوهاب، أن زيادة أسعار الفائدة في اليابان في 31 يوليو ساهمت في زيادة المضاربات على الين الرخيص، مما جعل الاستثمارات في الأصول ذات العوائد الأفضل أقل ربحية، مشيرًا إلى أن هذا التغير أدى إلى تسارع عمليات التخلص من هذه الرهانات، مما أسهم في انخفاض الأسهم العالمية.

ونوه عبد الوهاب، إلى أن مؤشر نيكاي في طوكيو سجل انخفاضًا كبيرًا بنسبة 12%، وهو أكبر انخفاض يومي منذ "الاثنين الأسود" في أكتوبر 1987، كما انخفض مؤشر S&P 500 ومؤشر ناسداك بنحو 3% و3.7% في التداولات المبكرة على التوالي، بينما تراجعت العقود الآجلة للمؤشرين بين 4% و5% قبل فتح السوق.

وأضاف أن مؤشر S&P 500 فقد نحو 9% منذ أعلى مستوى قياسي وصل إليه في 16 يوليو، في حين فقد مؤشر ناسداك نحو 14% منذ أعلى مستوى له في 11 يوليو.

ولفت الدكتور محمد عبد الوهاب، إلى  أن الضغوط الزائدة والتقلبات الشديدة في السوق قد دفعت إلى العديد من المقارنات مع الأزمات السابقة، مثل انهيار سوق الأسهم في 1987 والأزمة المالية العالمية في 2008 وأحداث عمليات الإغلاق بسبب COVID-19 في 2020. وأشار إلى أن مؤشر VIX، الذي يعكس تقلبات سوق الخيارات S&P، ارتفع بنسبة 170% منذ يوم الجمعة، متجهًا نحو أكبر زيادة يومية له في التاريخ.

وأوضح عبد الوهاب، أن الين الياباني يعتبر النجم الحالي في أسواق العملات، حيث شجعت سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة في اليابان المستثمرين على الاقتراض بالين لتمويل عمليات النقل، ومع ارتفاع أسعار الفائدة اليابانية، يتم الآن إغلاق العديد من هذه المراكز، مما يؤثر سلبًا على الأصول الأخرى، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا والعملات المشفرة.

وأشار عبد الوهاب، إلى أن الذهب، رغم كونه يُعتبر ملاذًا آمنًا، تعرض لضغوط بسبب التقلبات الشديدة. فقد ارتفع سعر الذهب بنسبة 16.5% حتى الآن هذا العام، ولكنه شهد انخفاضات بسبب التقلبات الكبيرة.

وأوضح أن الذهب سجل انخفاضًا بنسبة 3% في عدة أيام خلال عام 2020، بينما انخفض بأكثر من 7% في أكتوبر 2008 خلال الأزمة المالية العالمية، كما أن الفضة، التي غالبًا ما تتحرك بالتزامن مع الذهب، شهدت انخفاضًا بنسبة 5% يوم الاثنين، وهو انخفاض معتدل نسبيًا مقارنة بالعديد من الأيام السابقة.

وأشار الدكتور عبد الوهاب إلى أن الأسواق تتفاعل مع مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، وأن الاضطرابات الحالية تثير القلق وتستدعي الانتباه المستمر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الاقتصاد الامريكي نيكاي في طوكيو

إقرأ أيضاً:

انضمام مصر للبريكس.. قفزات بالصادرات وتدفقات استثمارية تعيد رسم موقعها في الاقتصاد العالمي

في ظل التحولات المتسارعة في موازين القوى الاقتصادية العالمية، تسير مصر بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها في النظام الاقتصادي متعدد الأقطاب، عبر شراكة متنامية مع مجموعة دول البريكس. ومع صدور الدراسة الأخيرة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 11 يونيو 2025، تتجلى ملامح هذا التحول من خلال أرقام دقيقة ومؤشرات لافتة ترصد تطور العلاقات الاقتصادية لمصر مع تكتل البريكس خلال الفترة من 2013 حتى 2024.

مصر سادس أكبر دول البريكس من حيث عدد السكان

السكان هم الوقود الأول للاقتصاد، وفي هذا السياق تحتل مصر موقعاً متقدماً بين دول البريكس من حيث عدد السكان. فوفق الدراسة، ارتفع عدد سكان الصين صاحبة المركز الأول من 1.37 مليار نسمة عام 2014 إلى 1.41 مليار نسمة عام 2023، بينما قفز عدد سكان مصر من 88.3 مليون نسمة إلى 105.2 مليون نسمة خلال نفس الفترة، لتصبح سادس أكبر دولة من حيث التعداد السكاني داخل المجموعة.

هذا النمو السكاني الهائل في مصر يضع تحديات كبرى أمام الحكومة المصرية في توفير فرص العمل والخدمات، لكنه في ذات الوقت يوفر قاعدة بشرية ضخمة يمكن توظيفها كعنصر قوة في الاقتصاد الإنتاجي والخدمي، لاسيما مع الانفتاح المتزايد على الشراكات الخارجية.

البطالة في تراجع.. والإمارات في الصدارة

على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية التي عصفت بأسواق العمل، أظهرت مصر أداءً متميزاً في مواجهة البطالة خلال العقد الماضي. فقد انخفض معدل البطالة في مصر من 13% عام 2014 إلى 7% في 2023، وهو تراجع لافت يعكس تحسن الأداء الاقتصادي وتوسع الأنشطة الإنتاجية والخدمية.

أما في باقي دول البريكس، فقد سجلت الإمارات العربية المتحدة أفضل أداء بمعدل بطالة بلغ 2.2% فقط، بينما احتلت جنوب إفريقيا المرتبة الأسوأ بنسبة بطالة وصلت إلى 32.1%. من جهة أخرى، شهدت البرازيل ارتفاعاً طفيفاً في معدلات البطالة من 7% إلى 7.7%، في حين سجلت روسيا وإيران أيضاً تحسناً ملحوظاً في معدلات التشغيل.

الاقتصاد الصيني يواصل الهيمنة.. ومصر تتقدم تدريجياً

تبقى الصين المحرك الرئيسي لمجموعة البريكس من حيث الناتج المحلي الإجمالي، حيث سجل اقتصادها نمواً ضخماً من 10.477 تريليون دولار في 2014 إلى 17.889 تريليون دولار في 2023، بزيادة قدرها 70.7%.

وفي هذا المشهد العملاق، تواصل مصر تحسين موقعها تدريجياً، إذ ارتفع ناتجها المحلي الإجمالي من 306 مليارات دولار في 2014 إلى 393 مليار دولار في 2023، محققة نمواً بنسبة 28.4%. ورغم أن هذه النسبة تبدو متواضعة مقارنة بنمو الصين، إلا أنها تعكس وتيرة ثابتة من التحسن وسط تحديات اقتصادية إقليمية وعالمية كبرى.

قفزة في صادرات مصر بعد انضمامها للبريكس

شهد العام 2024 نقطة تحول حقيقية في حركة التجارة الخارجية بين مصر ودول البريكس بعد انضمام القاهرة رسمياً إلى المجموعة. فقد سجلت الصادرات المصرية إلى دول البريكس قفزة كبيرة بنسبة 31.5% خلال عام واحد فقط، لترتفع قيمتها من 688 مليون دولار إلى 905 ملايين دولار.

أشار الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، إلي ان هذه القفزة في الصادرات المصرية تعكس بداية فعالة لاستفادة مصر من الفرص التجارية التي توفرها أسواق البريكس.

وأوضح الشامي أن هذا النمو يشير إلى تحسن مستوى الاندماج التجاري مع دول التكتل، حيث تنوعت الصادرات المصرية لتشمل منتجات كيماوية، أسمدة، إلى جانب السلع الزراعية والغذائية. هذا التنوع في قاعدة الصادرات يعكس مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على تلبية احتياجات أسواق متعددة داخل التكتل، بما يعزز من استدامة النمو التجاري في المستقبل.

واردات متنامية من البريكس.. والصين تتصدر

على الجانب الآخر، ارتفعت واردات مصر من دول البريكس بنسبة 40.1% خلال نفس الفترة، لتصل قيمتها إلى 3.376 مليار دولار. وبتوسيع الصورة إلى الإطار الزمني الأوسع بين عامي 2013/2014 و2023/2024، ارتفعت قيمة الواردات من 17.9 مليار دولار إلى 32.8 مليار دولار، بنمو هائل بلغ 82.6%.

وتبقى الصين المورد الأكبر للسوق المصري، حيث تضاعفت واردات مصر منها تقريباً خلال العقد الماضي من 6.8 مليار دولار إلى 13.3 مليار دولار، بنمو قياسي بلغ 96.4%. ويعكس هذا الاعتماد المتزايد على الواردات الصينية التكامل القائم بين الصناعتين المصرية والصينية في مجالات عديدة كالأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والآلات الثقيلة.

السعودية الشريك الأول في صادرات مصر للبريكس

رغم تزايد أهمية السوق الصينية في واردات مصر، إلا أن المملكة العربية السعودية تصدرت قائمة الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية داخل دول البريكس. فقد ارتفعت صادرات مصر إلى السعودية من 1.9 مليار دولار إلى 2.9 مليار دولار بين عامي 2013/2014 و2023/2024، بنمو قدره 51.5%.

ويضم هيكل صادرات مصر لدول البريكس باقة واسعة من المنتجات التي تشمل الأسمدة، الوقود والزيوت المعدنية، الفواكه والخضروات، الحبوب، النباتات الطبية، المحضرات الغذائية، بجانب المنتجات الكيماوية المتنوعة.
 

استثمارات البريكس تضخ 4.4 مليار دولار في الاقتصاد المصري

ولم يقتصر التعاون بين مصر والبريكس على التجارة فحسب، بل امتد ليشمل الاستثمارات المباشرة. حيث شهد العام المالي 2022/2023 تدفق استثمارات من دول البريكس إلى مصر بقيمة 4.4 مليار دولار. ويرى الشامي أن هذه الاستثمارات تؤكد جاذبية السوق المصري لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة من شركاء استراتيجيين كبار مثل الصين والسعودية.

هذا التدفق الاستثماري لا ينعكس فقط على تعزيز النمو الاقتصادي، بل يسهم أيضاً في نقل التكنولوجيا وتوفير فرص العمل، حيث ساهم في خفض معدل البطالة إلى 7% وهو أدنى مستوى له منذ سنوات، في مؤشر واضح على تحسن نشاط السوق المحلي وزيادة قدرته على استيعاب العمالة.

مصر في قلب النظام الاقتصادي العالمي الجديد

واختتم الشامي تصريحاته بالتأكيد على أن انضمام مصر إلى مجموعة البريكس يمثل تطوراً استراتيجياً بالغ الأهمية، حيث يفتح أمامها أبواباً واسعة لتعزيز حضورها في النظام الاقتصادي العالمي الجديد، ويمنحها فرصاً أكبر لتنويع شراكاتها وتوسيع قنوات تجارتها الخارجية.

 

تثبت الأرقام والمؤشرات أن انضمام مصر إلى مجموعة البريكس لم يكن مجرد خطوة سياسية بل تحوّل استراتيجي بدأ ينعكس على أرض الواقع عبر نمو في التجارة والاستثمار والتشغيل. وفي ظل هذه الشراكة الواعدة، تبدو مصر ماضية بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها كفاعل مؤثر في الاقتصاد العالمي متعدد الأقطاب.

طباعة شارك مصر القاهرة البريكس الصين السعودية

مقالات مشابهة

  • أوبك تتوقع متانة الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من 2025
  • مؤشر سوق الأسهم يغلق مرتفعًا
  • مؤشرات البورصة المصرية تعاود الصعود رغم التوترات الجيوسياسية
  • مؤسسة النفط: إنتاج 1.37 مليون برميل نفط خام و2.55 مليار قدم مكعب غاز في يوم واحد
  • رئيس أرامكو: النفط والغاز لا غنى عنهما في أوقات الأزمات ومصادر الطاقة المتجددة لا تلبي الطلب العالمي
  • تحويلات الخارج تتحدى الأزمات.. واحتياطي النقد الأجنبي يسجل رقمًا قياسيًا
  • انخفاض معدل التضخم
  • التوترات بين إيران وإسرائيل.. ما هي المخاطر التي تهدّد الاقتصاد العالمي؟
  • خبير اقتصادي: المخزون الاستراتيجي للسلع أولوية للدولة في ظل الأزمات الإقليمية
  • انضمام مصر للبريكس.. قفزات بالصادرات وتدفقات استثمارية تعيد رسم موقعها في الاقتصاد العالمي