يوسف العربي (أبوظبي)
باتت دولة الإمارات قوة عالمية في مجال تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودفع الممارسات الصديقة للبيئة، بحسب خبراء متخصصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن الإمارات ضربت مثالاً عالمياً من خلال توظيف إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجالات الطاقة وإدارة النفايات والزراعة والتخطيط الحضري.


وأضافوا أن الدولة برزت كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي، ويتجلى التزامها بالاستدامة بشكل متزايد في دمج الذكاء الاصطناعي في التقنيات الصديقة للبيئة حيث تدرك الدولة وتعزز الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف الاستدامة، خاصة أن هذه التكنولوجيا المتقدمة من المتوقع أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة %35 حتى عام 2031.
وتوقعوا أن تؤدي هذه التقنيات إلى انخفاض سنوي للنفقات الحكومية بنسبة %50 وتبسيط المعاملات الورقية والمعاملات، وتوفير الملايين من ساعات العمل سنوياً.
وتهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى تعزيز الأداء الحكومي، وتسريع الإنجازات، وتأسيس بيئات عمل مبتكرة ومنتجة تضمن زيادة الإنتاجية.

ومن جانبه، قال شكري عيد، مدير عام شركة «IBM» لمنطقة الخليج والمشرق العربي وباكستان لـ«الاتحاد»: يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة هائلة لمعالجة العديد من التحديات العالمية في قطاعات متعددة مثل القطاع العام، والرعاية الصحية، والتصنيع، وتغير المناخ وغيرها من القضايا.
ونوه إلى أنه مع ذلك، من المهم جني فوائد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مع مراعاة تقليل الأثر البيئي من خلال اتخاذ خيارات أكثر استدامة فيما يتعلق ببناء وتدريب واستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية ذات الكفاءة في استهلاك الطاقة، وبناء الشراكات لتحقيق رؤى بيئية قابلة للتنفيذ.
وقال، إن شركة «IBM» تكرس جهودها لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، مما يمكن عملاءنا من تحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بهم.

المجال الزراعي 
وقال البروفيسور تادج أودونوفان، نائب الرئيس– القيادة الأكاديمية وكبير العلماء في جامعة «هيريوت وات»، إن الذكاء الاصطناعي يعمل على إحداث تحول في منهجيات الاستدامة في دولة الإمارات حيث تسخر الدولة قوة هذه التقنية لدفع الممارسات المستدامة والحفاظ على البيئة.
وأكد أن الإمارات ضربت مثالاً عالمياً من خلال تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجالات الطاقة وإدارة النفايات والزراعة والتخطيط الحضري.
وبرزت الدولة كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي، ويتجلى التزامها بالاستدامة بشكل متزايد في دمج الذكاء الاصطناعي في التقنيات الصديقة للبيئة حيث تدرك الدولة وتعزز الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف الاستدامة، خاصة أن هذه التكنولوجيا المتقدمة من المتوقع أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة 35% حتى عام 2031.
وقال، إنه في المجال الزراعي، لعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في مراقبة مختلف معايير التربة والهواء والمياه وأطلقت هيئة البيئة في أبوظبي مبادرة رائدة هي الأولى من نوعها في العالم، تستخدم تقنيات الاستشعار عن بعد المتطورة من خلال الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار لرصد التربة كما حصلت «مزرعة بوستانيكا» في دبي على لقب أكبر مزرعة عمودية تعتمد على الزراعة المائية في العالم.

التخطيط العمراني 
ولفت أودونوفان، إلى أن الذكاء الاصطناعي يعمل على إحداث تحول في البيئات الحضرية في دولة الإمارات من خلال إنشاء مدن أكثر ذكاءً واستدامة ويتم تنفيذ التخطيط الحضري الذكي من خلال خوارزميات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى تحسين استهلاك الطاقة، وتخفيف الازدحام المروري، وتحسين كفاءة الموارد بشكل عام. 
وأوضح أن دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة النقل يعد أمراً ملحوظاً بشكل خاص حيث تستخدم أنظمة إدارة حركة المرور الذكية البيانات في الوقت الفعلي لتبسيط تدفق حركة المرور، مما يؤدي إلى تقليل الازدحام وبالتالي خفض الانبعاثات بالإضافة إلى ذلك، يتم إدخال أنظمة النقل العام المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لرفع الكفاءة وتشجيع اعتماد أساليب التنقل الصديقة للبيئة.
آفاق مستقبلية
وأكد أن النهج التقدمي الذي تتبعه دولة الإمارات فيما يتعلق بالاستدامة المدعومة بالذكاء الاصطناعي خطوة كبيرة نحو مستقبل أكثر صداقة للبيئة، ومع استمرار الإحصائيات في تسليط الضوء على التأثير الإيجابي لهذه المبادرات، يظل سعي الدولة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال الذكاء الاصطناعي واعدًا وملهمًا.
وتوقع أن تؤدي هذه التقنيات إلى انخفاض سنوي للنفقات الحكومية بنسبة 50% وتبسيط المعاملات الورقية والمعاملات عموما، وتوفير الملايين من ساعات العمل سنويا. وتهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 إلى تعزيز الأداء الحكومي، وتسريع الإنجازات، وتأسيس بيئات عمل مبتكرة ومنتجة تضمن زيادة الإنتاجية.
وقال، إنه لا تزال هناك تحديات يجب التصدي لها ومعالجتها حيث ضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، ومعالجة المخاوف بشأن خصوصية البيانات، وضمان استفادة جميع شرائح المجتمع من التقدم التكنولوجي.

أخبار ذات صلة 600  ألف معاملة تنجزها «الاقتصاد» رقمياً عبر «خدماتي» الحرمي والرميثي يرفعان علم الإمارات على قمة «آرارات»

حساب الكربون
وقال فؤاد قريشي، كبير المهندسين والمسؤولين التقنيين في مكتب «سنوفليك» العالمي: تتمثل إحدى المبادرات الرئيسية الهادفة لتسخير الذكاء الاصطناعي لتعزيز أجندة الاستدامة في الاستفادة من تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية والتي تتضمن آلية مرنة لجمع صور الأقمار الصناعية وبناء نماذج لمراقبة الأرض.
 ونوه بأنه لتحقيق ذلك، ينبغي أن يعمل صناع القرار بدعم من منصة بيانات حديثة تتمتع بقدرات تخزين البيانات ومعالجتها، بما في ذلك قدرات الذكاء الاصطناعي لإدارة البيانات على نطاق واسع، مع تقديم الرؤى المستنيرة في الوقت المناسب.
وأوضح أن منصات البيانات الخاضعة للإدارة الكاملة والقابلة للتطوير تقدم رؤى قيمة حول التغيرات البيئية، مثل استخدامات الأراضي، والمخاطر الناجمة عن إزالة الغابات، وانبعاثات الكربون، كما تضمن حوكمة قوية للبيانات التي يتم جمعها واستهلاكها. 
ونوه بأنه من خلال دمج بيانات الأقمار الصناعية مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تتعرّف التحليلات التنبئية على آخر الاتجاهات وتحدّد المناطق المعرضة لخطر التدهور البيئي ويسمح رصد العوامل البيئية في الوقت الحقيقي من خلال الاستشعار عن بعد بالتدخل في الوقت المناسب وبتفعيل استراتيجيات التكييف.
وأوضح أنه عند القيام بحساب الكربون، من المهم أن نبدأ بقياسات مفصلة وشاملة، وهذا يعني جمع البيانات من مصادر فردية ثم دمجها معاً، وهو النهج المعروف باسم «من القاعدة إلى القمة». يوفر هذا النهج مساراً واضحاً ويمكن تتبعه للحصول على صورة شاملة لكيفية إنشاء البيانات وجمعها.
وأخيراً، فإن التطوير المستمر لنماذج الذكاء الاصطناعي، بناءً على البيانات التفصيلية، ضروري للغاية للتكيف مع التحديات البيئية المتطورة، مما سيعزّز قدرات صناع القرار ويمكّنهم من الاستفادة من هذه الأفكار بأفضل صورة لاتخاذ خيارات مستنيرة تعطي الأولوية لأهداف الاستدامة.

قطاع التشييد
ومن جانبه، أكد إبراهيم إمام، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لشركة «بلانرادار»: تمر صناعة البناء والتشييد في دولة الإمارات بمرحلة تحولية نحو الاستدامة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن تفعيل استخدام الذكاء الاصطناعي يساهم في تعزيز الإنتاجية والكفاءة طوال دورة حياة المشروع.
وأوضح أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحلل كميات كبيرة من البيانات من مصادر مختلفة، مثل المشاريع السابقة وتكاليف المواد وتوافر العمالة واتجاهات السوق، لتوقع ميزانيات المشاريع والجداول الزمنية بدقة مما يمكّن مديري المشاريع من اتخاذ قرارات مستنيرة والتصدي بشكل استباقي للمخاطر المحتملة والتأخيرات، مما يؤدي في النهاية إلى تحسين نتائج المشروع.
وأشار إمام إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم بتحسين العمليات اليومية في مواقع البناء، فعلى سبيل المثال، تقوم الأجهزة بجمع البيانات عن استخدام المعدات وإنتاجية العمالة والظروف البيئية، والتي تحللها بعدها خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد عدم الكفاءة والعقبات مما يسهم أيضًا في تطوير عمليات مستدامة داخل صناعة البناء.
ولفت إلى أنه عبر دورة حياة المشروع، تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي مراقبة مستمرة وتحليل بيانات لتعزيز الإنتاجية، ويساعد ذلك في تحقيق الحد الأقصى من الإنتاجية في العمليات اليومية عن طريق تحديد عدم الكفاءة واقتراح التحسينات حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أنماط استخدام الطاقة وأداء المعدات لتحسين توزيع الموارد وتحسين كفاءة المباني لتعزيز الاستدامة في إدارة المباني.
ونوه إلى أنه من خلال تبني مثل هذه الممارسات، يمكن لصناعة البناء والتشييد في الإمارات تحقيق الاستدامة وترسيخ مكانتها كدولة رائدة في هذا المجال.

إسلام عبدالكريم: تحليل البيانات الضخمة لإحداث نقلة نوعية في قطاع النقل
قال إسلام عبدالكريم، المدير العام لشركة «يانغو» في دول مجلس التعاون الخليجي: أطلقت دولة الإمارات العربية مجموعة من المبادرات الخضراء المبتكرة لمكافحة البصمة البيئية لوسائل النقل بشكل فعال، خاصة أن وسائل النقل تعتبر مسؤولة عن حوالي 24% من انبعاثات الكربون العالمية.
 وتوقع أن توفر استراتيجية الإمارات 817 مليون دولار وأن تخفض 10 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وذلك بتوفير وسائل نقل عام خالية من الانبعاثات بحلول عام 2050.
ولفت إلى أن مشروع «الحركة في دبي» الذي أطلقته هيئة الطرق والمواصلات يعزز من هذه الجهود وذلك بتسخير الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط التنقل في دبي، والارتقاء بعملية صنع القرار في قطاع النقل، وتحسين التخطيط المجتمعي، وتعزيز التنقل، وتحقيق سعادة السكان، وتهدف هذه المبادرة إلى تقديم تصوّر واضح لحركات النقل العام وأوقات التنقل وتحليل تأثير هذه الأنماط على كل من المقيمين والسياح على حد سواء.
ونوه بأنه في الوقت نفسه، وبصورة تدعم هذه المبادرات، تعمل منصة «يانغو» لنقل الركاب على تسخير الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لإحداث تحوّل كبير ونقلة نوعية في قطاع النقل من خلال تعزيز الكفاءة وتقليل الانبعاثات وتحسين تجربة المستخدم ككل. وتعمل المنصة على آلية قوية تستفيد من أحدث تقنيات تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لرسم الخرائط والتوجيه لتحسين تخطيط مسار التنقل. 
وتقوم هذه التقنيات بتحليل كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك أنماط حركة المرور والتحديثات في الوقت الفعلي، لتحديد الطرق الأكثر كفاءة لتقليل وقت السفر للركاب وتقليص الاستهلاك غير الضروري للوقود والحدّ من انبعاثات الكربون.
 ويوفر كل هذا، بالإضافة إلى التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مثل الحافلات والقطارات، حلول تنقل شاملة، مما يزيد من تعزيز النقل المستدام وتحقيق رؤية الإمارات في التنمية المستدامة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات الذكاء الاصطناعي التنمية المستدامة التكنولوجيا الطاقة الذکاء الاصطناعی فی التنمیة المستدامة للذکاء الاصطناعی أهداف الاستدامة الصدیقة للبیئة دولة الإمارات تحقیق أهداف وأوضح أن فی الوقت فی قطاع من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي ولصوصية الإبداع

  

قيل إن المخترع الأمريكي صموئيل كولت (1814-1862) عندما حصل على براءة الاختراع للمسدس الذي يحمل اسمه، والذي يعد أول مسدس يطلق النار بشكل متكرر، قال: «اعتبارا من اليوم، يستوي الشجاع والجبان». بعيدا عن كون الأسلحة النارية لم تكن بدايتها مسدس كولت، وبعيدا عن تقييم العبارة ومدى صحتها، فإنها كانت ماثلة أمامي عندما عندما تفكرت في شأن الذكاء الاصطناعي، وذلك العبث الذي ضرب مجال التأليف والكتابة، فلنا أن نستعير عبارة كولت مع التعديل: «اليوم يستوي المبدع وفاقد الإبداع، يستوي المثقف وضئيل المعرفة». يكفي أن تحسن إدارة برامج الذكاء الاصطناعي والتعامل معها، لكي تخرج منه بكتاب يملأ الآفاق ولو لم تكن من أهل الصنعة.

إلى عهد قريب، كان المؤلف والباحث يعتمد على المخطوطات والكتب المطبوعة، التي يقضي في مطالعتها والبحث عنها في المكتبات وقتا طويلا، ويقوم بالعزو إلى المصادر، برقم الصفحة واسم دار النشر ونحوه، وربما كان الكتاب نادرا، أو نفدت طبعته، فيلتمسه لدى الآخرين، ثم يكتب بخط يده، مع كثير من الشطب والتعديل، إلى أن يخرج الشكل النهائي للكتاب، ثم يحمل الأوراق إلى دار النشر لصفّها وطباعتها، فما إن ينتهي من هذه العملية المرهقة حتى يتنفس الصعداء منتظرا ثمرة جهده وكدّه وإبداعه.

 

مع طفرة التحول التكنولوجي، وربط العالم من أطرافه، وربط القديم بالجديد، من خلال الشبكة العنكبوتية، حصل الكاتب على امتيازات مذهلة في الأدوات التي يتمكن بها من التأليف، فأصبحت هناك مكتبات للكتب المصورة كبديل عن المطبوعة، ويمكنه الحصول عليها خلال ثوان معدودات، ويكفي أن يكتب كلمة، أو بضع كلمات على محرك البحث، حتى يبرز أمام ناظريه كل ما كتب في الموضوع الذي يريد البحث فيها، من كتب ومقالات ودراسات وأبحاث، تختصر وقته وجهده بشكل مدهش.

ومع ذلك، احتفظ كل كاتب بنقاط تميّزه وإبداعه عن المفلسين، إذ أنه ليس عسيرا أن يتم كشف النسخ والنقل والسرقة في الكتاب أو البحث.

لكن مع عهد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، اختلط الحابل بالنابل، واستوى المبدع بفاقد الإبداع، وأصبحت مهمة التأليف مشاعا لكل مبتغٍ، ولو كان قليل البضاعة، وفتح الباب على مصراعيه أمام اللصوصية وسرقة إبداع الآخرين، والاختلاس من جهودهم دون الإشارة إليهم.

يكفي أن يكون ملما بكيفية التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويكفي أن يكون حاذقا في خطابه، وطرح أسئلته ومراده مع البرنامج، ويكفي أن تكون له القدرة على إعادة صياغة المنتج الفكري، فيصبح لديه كتاب جاهز للنشر، لم يبذل فيه مجهودا يُذكر، ولا تستطيع عموم الجماهير اكتشاف هذا الكذب والتدليس، إلا إذا كان الكتاب قد وضع لتقييم دقيق من قبل المراكز البحثية.

ذات يوم فاجأني أحد الأقارب بقصة قصيرة أرسلها إليّ، وأثارت انتباهي بشدة، نظرا لأنه ليس له باع في التأليف، ولم يُعهد به أي محاولة لأن يفعل، فلما سألته عنها، أجابني بأنها نتاج الذكاء الاصطناعي. هذا بدوره ربما يفسر امتلاء معارض الكتاب بأعمال روائية لا حصر لها، فالروايات تبوأت الصدارة في اهتمامات الناس الشباب منهم خاصة، وأصبح حلم كثير من الشباب أن تكون لهم روايات مطبوعة يقتنيها الناس من المعارض والمكتبات. لا أقول بأنه يأخذ المنتج من الذكاء الاصطناعي ساخنا، ثم يحيله إلى دار النشر، لكن القدرة على التعامل مع البرنامج تمكنه من توفيق المقاطع وتنسيقها وتوظيفها، فيكفي أن يعطيه البرنامج بنْية الرواية وسياقها وأفكارها الأساسية والفرعية، وإذا أضيف إلى ذلك قدرة المؤلف المزعوم على إعادة الصياغة، كان أبعد عن كشف السرقة. يرى البعض أنه يجدر أن نسميها استفادة، لكن يجب أن لا ننسى أن الذكاء الاصطناعي مجرد وعاء تتجمع فيه الإبداعات البشرية، والأخذ منه على هذا النحو إنما هو سرقة لإبداعات الآخرين، لذلك وصف اللصوصية في هذا المقام ليس قاسيا.

الاستمرار في امتلاء المكتبات العربية بمؤلفات كان بطلها الأساسي هو الآلة، التي صنعها الإنسان، تخلق حالة من الثقافة الفارغة، لأننا سوف نجد أنفسنا أمام إبداعات وهمية، تشبه رأس المال الوهمي الذي يقوم على القروض والفوائد وقابل للتداول كرأس مال بلا قاعدة مادية منتجة، بمعنى إنه ادعاء ورقي بالثروة، والحال كذلك مع هذه الثقافة الفارغة، التي أنتجتها لصوصية الإبداع، تصبح المكتبة قائمة على إعادة تدوير المنتج نفسه، وليس على الإبداعات المتجددة.

وأرى أن مهمتي تنتهي عند طرق القضية والإسهام مع الآخرين في قرع جرس الإنذار، إزاء لصوصية الإبداع، لكنها مهمة الهيئات الثقافية الرسمية وغير الرسمية في العمل على إيجاد آليات جادة للحد من هذه الظاهرة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان تشدّد على الشراكة الدولية العادلة لتحقيق التنمية المستدامة
  • «طرق دبي» تحصد علامة عام الاستدامة «قولاً وفعلاً» عن مبادراتها في مجالات الاستدامة
  • وضع الذكاء الاصطناعي.. رهان غوغل الجديد لمواجهة منافسي البحث
  • بنعلي: خطة الاقتصاد الدائري التي يجري إعدادها سلاح استراتيجي لتحقيق السيادة البيئية
  • الإمارات.. منظومة «الذكاء الاصطناعي» تدخل قلب صناعة القرار الحكومي
  • جلسة حوارية بشمال الشرقية تستعرض دور الشباب في التنمية المستدامة
  • النقل وهيئة التخطيط يبحثان التكامل بين البيانات الإحصائية والمشاريع
  • محافظ الإسكندرية يتابع تنفيذ خطة ترشيد استهلاك الكهرباء ضمن توجهات الدولة لتحقيق الاستدامة
  • الذكاء الاصطناعي ولصوصية الإبداع
  • الأراجيف في زمن الذكاء الاصطناعي