الوطن:
2025-08-02@14:29:09 GMT

محمد مغربي يكتب: الذكاء الاصطناعي واللعبة السياسية

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

محمد مغربي يكتب: الذكاء الاصطناعي واللعبة السياسية

على مر التاريخ، شهدت الانتخابات الرئاسية فى مختلف أنحاء العالم تدخلات خارجية ومحاولات تزوير بطرق مختلفة. من بين أبرز هذه الحوادث، ما حدث فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1960، عندما تم اتهام بعض الدوائر الانتخابية فى ولاية إلينوى بتزوير الأصوات لصالح جون كينيدى، ما جعله يفوز على ريتشارد نيكسون بفارق ضئيل.

هذه الواقعة تبقى فى الذاكرة كواحدة من أشهر الحوادث التى أُثيرت حول نزاهة الانتخابات.

لكن لم يقتصر التلاعب فى الانتخابات على الولايات المتحدة فقط، فقد كان الاتحاد السوفيتى خلال الحرب الباردة، مشتهراً بمحاولاته للتأثير على نتائج الانتخابات فى الدول الأوروبية والأمريكية اللاتينية عبر دعم مرشحين مؤيدين له أو إضعاف معارضيه. التدخل الروسى فى انتخابات 2016 الأمريكية عبر الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل الإعلامى يعتبر أحدث حلقة فى هذا المسلسل الطويل.

فى إطار هذا السياق التاريخى، جاء اتهام الرئيس السابق دونالد ترامب لنائبة الرئيس كامالا هاريس بأنها استخدمت الذكاء الاصطناعى لتضخيم حجم الحشود المؤيدة لها فى حملاتها الانتخابية، ليضيف فصلاً جديداً إلى كتاب التلاعب فى الانتخابات. على الرغم من أن هذا الاتهام لم يتأكد بعد، إلا أنه يعكس التحديات المعاصرة التى يواجهها العالم مع تطور التكنولوجيا.

الذكاء الاصطناعى، الذى يعد من أعظم الابتكارات التكنولوجية فى العصر الحديث، يحمل فى طياته إمكانيات هائلة فى مختلف المجالات. لكن مع هذه الإمكانيات تأتى مخاطر جديدة، خاصة فى عالم السياسة والانتخابات. استخدام الذكاء الاصطناعى فى عمليات التضليل يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة، منها إنشاء صور أو مقاطع فيديو مزيفة، أو التلاعب بالبيانات لإظهار نتائج مغلوطة. وهذه الأدوات يمكن أن تُستخدم بسهولة لتضليل الناخبين أو تزوير النتائج.

الذكاء الاصطناعى يمكن أن يصبح أداة خطيرة فى يد مَن يسعون إلى تزوير الانتخابات. فتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى قادرة على خلق محتوى مزيف بشكل يصعب تمييزه عن الواقع، ما يجعل من السهل إقناع الجماهير بمعلومات غير صحيحة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى لإنشاء فيديوهات تظهر مرشحين وهم يدلون بتصريحات لم يصرحوا بها أبداً، أو لإنشاء صور تظهر حشوداً كبيرة لدعم مرشح معين.

مثل هذه الأدوات يمكن أن تغير مسار الانتخابات بشكل جذرى، خاصة إذا ما تم استخدامها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعى، حيث من السهل نشر المعلومات المضللة بسرعة ودون رقابة كافية. قد يجد الناخب العادى صعوبة فى التمييز بين الحقيقة والخيال، ما يؤدى إلى تشكيل آراء قائمة على معلومات مغلوطة.

المشكلة الأساسية تكمن فى أنه حتى مع تقدم تقنيات كشف التزييف، يظل من الصعب دائماً مواكبة سرعة تطور التكنولوجيا. التكنولوجيا تتحسن باستمرار، وأدوات الذكاء الاصطناعى تصبح أكثر ذكاءً وقدرة على التلاعب بالحقائق. وهذا يضع تحدياً كبيراً أمام الحكومات والمؤسسات المسئولة عن نزاهة الانتخابات.

على الصعيد الأمريكى، نجد أن التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى أصبحت مصدر قلق كبير. المؤسسات المعنية بدأت بالفعل فى تطوير آليات لمواجهة هذه التحديات، لكن تبقى هناك فجوات قد يستغلها المتلاعبون.

إذا كانت التكنولوجيا قد قدمت للعالم وسائل مبتكرة لتحسين حياتنا، فإنها أيضاً قدمت لمن يسعون إلى التلاعب أدوات جديدة وأكثر فاعلية. إن الذكاء الاصطناعى يُعد سلاحاً ذا حدين: فهو يمكن أن يُستخدم لتحسين العملية الانتخابية من خلال تحليل البيانات وتقديم توقعات دقيقة، لكنه أيضاً يمكن أن يُستخدم لتضليل الناخبين والتلاعب بالنتائج.

على الرغم من عدم ثبوت صحة الاتهامات التى وجهها ترامب لكامالا هاريس، فإنها تلقى الضوء على التهديدات المحتملة التى قد تواجهها الانتخابات فى المستقبل. على المجتمع الدولى أن يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد وأن يعمل على تطوير تقنيات وتدابير لحماية نزاهة الانتخابات فى كل مكان.

فى النهاية، الحفاظ على نزاهة الانتخابات هو أحد أعمدة الديمقراطية، وإذا لم نتخذ إجراءات حاسمة لمواجهة هذه التهديدات، فقد نجد أنفسنا أمام مستقبل تتلاشى فيه الثقة فى العملية الديمقراطية تماماً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعى اللعبة السياسية الانتخابات الرئاسية التضليل الإعلامى نزاهة الانتخابات الذکاء الاصطناعى یمکن أن

إقرأ أيضاً:

المطرف: يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي..فيديو

الرياض

حذّر الدكتور عبد الرحمن المطرف، أستاذ تقنية المعلومات في جامعة الملك سعود، من مخاطر تسريب المعلومات الشخصية عبر الأجهزة والتطبيقات الرقمية، مؤكدًا على ضرورة عدم الوثوق بالأجهزة أو المنصات التي لا يمتلك المستخدم إدارتها الكاملة أو تحكمه ببياناتها.

وأوضح المطرف خلال حديثه لقناة الإخبارية أن “الحرب الحقيقية اليوم بين الشرق والغرب تدور حول البيانات، ومن يملك حق التنقيب عنها والسيطرة عليها”، مشيرًا إلى أن العديد من التطبيقات المجانية المنتشرة تهدف في المقام الأول إلى جمع معلومات المستخدمين الشخصية.

وأشار إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل، مايكروسوفت، وآبل تبني قوتها الاقتصادية على إدارة البيانات وتنقيبها وتحليلها، من أجل تقديم توصيات وخدمات موجهة تخدم أهدافها التجارية.

وأكد المطرف أن المعلومات الأكثر خطورة هي تلك التي لا نشاركها عادة، وتبقى محفوظة في أجهزتنا أو يتم التعامل معها من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، محذرًا من أن هذه الأدوات قد تقوم بجمع هذه البيانات وبيعها دون علم المستخدم.

واختتم المطرف حديثه قائلًا: ” الجميع يظن أن ChatGPT مجرد آلة، لكن الإفصاح عن أي معلومة من خلال هذه التقنية قد يُستخدم كإدانة ضدك مستقبلاً، لذا يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي.”

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/08/0YT9_-B130qc1og6.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/08/J4WvGwHuIwdbn0Vj.mp4

مقالات مشابهة

  • «تيته» تؤكد أهمية إشراك الجميع في العملية السياسية الليبية
  • آبل تلمح لصفقات ضخمة لتجاوز تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • المطرف: يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي..فيديو
  • شركات التكنولوجيا الكبرى تتجاوز التوقعات رغم ارتفاع الرسوم الجمركية وتكاليف الذكاء الاصطناعي
  • هل يقود إعلان تشكيل حكومة مليشيا الدعم السريع وحاضنتها السياسية الى تفكك وإضعاف المليشيا عسكرياً؟
  • التلاعب بالانتخابات…التحدي المزمن أمام الديمقراطية.
  • زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا
  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف