سمعت أن التأمين على السيارات لا يجوز شرعًا فما هي علّة التحريم؟ علمًا أنَّ بعض الناس إذا وقع عليهم حادث يتطلب منهم دفع مبلغ من المال، ولا يجدونه بسبب العسر، فيكون التأمين نافعًا لهم؟
علة التحريم الغرر، فهو نوع من المقامرة، وبجانب ذلك هو بيع نقد بنقد مع التفاوت والنسئة، وذلك عين الربا بالإجماع.. والله أعلم.
ابني قد توفاه الله عزَّ وجلَّ غرقًا في سيارة كان يركبها وزميل له، وقد قمت بالتنازل عن أية مطالبات تجاه أولياء المتوفى الثاني، كونه سائقًا للسيارة ومتسببًا في إقحام السيارة في البحر، فقامت شركة التأمين باستدعائي وطالبتني باستلام الدية المقررة، فهل يجوز لي أخذ هذه الدية؟ وما وجه حرمتها إن كانت حرامًا؟
أنت تنازلت عن حقك الشرعي، فدع الدخول في مضايق قضايا التأمين، والله يعوضك مَا هو خيرٌ لك، ويجزيك خيرًا على ما قدمت، (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله).. والله الموفق.
فيمن شكَّ في قراءة الفاتحة بعد ما جاوز موضعها فرجع إليها، وقرأها فهل تبطل صلاته؟
بعد أن تجاوز موضع العمل لا يرجع إليه من أجل الشك فيه، فمن جاوز موضع قراءة الفاتحة لا يجوز له أن يرجع إليها فيقرأها بسبب الشك فيها، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، وإذا صلى فخرج من الصلاة ثم شك في شيء ولم يتيقن تركه فإنَّ عليه أن يكتفي بتلك الصلاة، وليس عليه أن يعيدها.. والله أعلم.
ما حكم قراءة السورة بعد الفاتحة، وهل القراءة ركن من الصلاة وواجب الإتيان بها؟
قراءة السورة أو ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة الشريفة واجبة وليست بركن، إذ ليس كل واجب ركنًا، ولذلك تجبر هذه القراءة إن نسيها بسجود السهو، أمَّا الركن فلا يجبر بسجود السهو كالفاتحة مثلًا، فمن نسيها أعاد الصلاة، وأمَّا تعمد ترك الواجب فتبطل به الصلاة. والله أعلم.
أيهما أخبث أكل لحم الخنزير أم شرب الخمر؟
كل محرم خبيث بدليل قول الله:(يحلُّ لهم الطيبات ويُحرِّمُ عليهم الخبائث)، وإنما نجاسة الخنزير أشد من نجاسة الخمر لأنها ثابتة بالنص والإجماع، أمَّا الخمر فمختلف في نجاستها مع الإجماع على حرمتها.. والله أعلم.
ماذا تقول فيمن يجد في نفسه القدرة على أكل لحم ميتة الخنزير وعلى تركها أيضًا، وذلك مع الضرورة، هل من الواجب تنجية نفسه من الهلاك مع إكراهها أكل ميتة الخنزير أم يترك نفسه تهلك ولا إثم عليه؟
ذهب جمهور العلماء من أصحابنا وقومنا إلى وجوب تنجية المرء نفسه بأكل هذه المحرمات المنصوص عليها عند الاضطرار، وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلَّ لغير الله به، ولم يجعلوا ذلك جائزًا فحسب، استدلالًا بقوله تعالى:(ولا تقتلوا أنفسكم)، وقوله ـ عزَّ من قائل: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، والأمر للوجوب وصرحوا أنَّه إن ترك التنجية لنفسه حتى مات فقد مات هالكًا.. والله أعلم.
يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة
أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: والله أعلم
إقرأ أيضاً:
حكم الخروج من المنزل قبل الاغتسال من الجنابة .. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الخروج من البيت على حال الجنابة؟ وهل هذا يجوز أو أنه لا بد من الاغتسال قبل الخروج؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.
وتابعت: فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا، ويجوز له الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه، وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أن الجنب ليس بنجس.
فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وأشارت إلى أن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ قال العلامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" (166، ط. دار الحديث، القاهرة): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويمكن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات، ويقال: إن الأكل على الجنابة يورث الفقر] اهـ.
وأوضحت أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ قال العلامة الشبراملسي الأقهري في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 209، 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
وتابعت: فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها؛ قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (1/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم] اهـ.
وبناءً على ذلك: فلا حرج من خروج الجنب من بيته وهو على حالة الجنابة، ولا إثم عليه في ذلك، وإن كانت المسارعة إلى الطهارة أولى؛ لأن غسل الجنابة لا يجب على الفور، ولا يكون الجنب آثمًا بتأخيره لغسل الجنابة، ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها.