الأسباب القديمة لمشاكل مصر الحديثة
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
العقل السليم فى الجسم السليم، هكذا تبدو العلاقة بين العقل والبطن، فهى علاقة تواجد وحياة ما بين التكامل والانصهار، وما بين النهوض والركود تشير الأسباب دائمًا الى تلك العلاقة، هكذا استخدمت حروب الأجيال المتقدمة الأدوات التى تتعامل مع احتياجات البطن والعقل فى حروبها ضد الدولة المصرية، تلك الحرب هى قديمة حديثة تتطور وتتبدل طبقا للمتغيرات التى تنبتها الاحداث المتلاحقة والمتنوعة، وبدايتها من زمن بداية التخطيط لوجود الكيان على الحدود المصرية، ذلك الكيان ليس وطن له حدود مغتصبه او إدارة سياسية داخل ذلك الحدود، بل ثمار تخطيط لقوة عظمى عالمية متعاقبة وإمبريالية غربية متوحشة، تهدف دائما للسيطرة والهيمنة والاستحواذ
تلك الأنظمة العالمية الحاكمة والمتعاقبة عبر التاريخ التى فى معظمها غربية، وكل المحاولات الأخرى من بعض القوى العظمى التى تريد منافسة ومناطحة تلك الأنظمة فى القديم والحديث تتصارع للتواجد بالنفوذ السياسى او القوة العسكرية فى مصر لما تمثله من درب ومسار جغرافى وسياسى وثقافى واقتصادى لكل قارات العالم، ففى القديم فشلت كل الغزوات العسكرية فى السيطرة على مصر وتغيير ديموغرافية هويتها وجغرافيتها، فجاء التاريخ الحديث محملًا بالكثير من السيناريوهات البديلة، والتى تهدف الى تجويع البطن وتجريف العقل لتصبح مصر ما بين جوع البطن وجنون العقل، هكذا بدأ المخطط منذ مجيء نظام حكم السادات الذى كان أداء اختراق لصلابة العقل المصرى المرتبط بعمق هويته التاريخية عن طريق ثقافة الايدلوجى ات الدخيلة التى ضربت خيوط تشابك ذلك العقل واستطاعت اختراقه، وجاء نظام مبارك ليتم استخدامه كأداء لتجويع البطن وتفريغ قوة جدارها.
فالعقل هنا يمثل الهوية الثقافية المتوارثة للوطن، والبطن يمثل الأمن الغذائى والمسمى بالاقتصاد الأعمى الذى لا يراه الخارج ولا يدرج فى ميزانيات الداخل والذى كان متمثلا فى الفلاح وارضه، ففى عام 1992 كانت الطامة الكبرى على الوطن ومستقبله والذى نجنى ثماره الآن وإلى أجيال قادمة ان لم تتم المعالجة فقد صدر قانون رقم 96 لسنة 1992 ونص على انتهاء عقود الايجار للمزارعين بنهاية عام 1997 ومن هنا كانت البداية الحقيقية لجر مصر نحو الانحدار والضعف عن طريق اضعاف عقلها وتجويع بطنها.
كان هناك حوالى 2 مليون فلاح بمتوسط عدد افراد اسر ما يقرب 10 ملايين مواطن تم تسليمهم كأدوات حارقة للبطن والعقل، فذلك الفلاح الذى كان يمتلك قطعة من الأرض يتواجد فى منزله فرن للعيش البلدى وحظيرة للمواشى والطيور وهذا هو الامن الغذائى للاقتصاد الأعمى الذى كان يغذى كل الوطن دون ان تتحمل الدولة أى شيء، ومن هنا جاء بداية احتياج مصر للدولار لشراء ما يلزم من امن غذائي، ومن ثم حرب الدولار الذى تم حصار مصر به فى الوقت الحالى، وبجانب ذلك اصبح هؤلاء المزارعون واسرهم فى استنفار وغضب ضد الدولة وهذا ما تلقفته جماعة الاخوان لترسيخ تواجدها فى القاع، وهذا هو الاختراق الحقيقى للعقل الممثل لهوية الوطن، والعلاج لا يخرج عن محورين الأول غلق أى منافذ ثقافية للإخوان والمتمثلة فى معظمها فى مناهج التعليم، ورجوع الفلاح الى الأرض عن طريق تقسيم الأراضى المستصلحة الى قطع وتوزيعها على الفلاحين مع توفير الخدمات اللازمة لهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العقل السليم الجسم السليم الذى کان
إقرأ أيضاً:
إعادة تشكيل العقل الجمعي في العصر الرقمي
يشهد العالم اليوم سباقًا محمومًا فيما يتصل بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، فهذه التقنيات أصبحت جزءًا أصيلًا من تفاصيل حياتنا اليومية؛ بداية من الحصول على الأخبار، إلى ما نشتريه، وما نتابعه، وكيف نفكر أيضاً، عبر ما يعرف بالأتمتة الذكية أو الخورازميات فالمستخدم اليوم لا يتلقى المعلومات بقدر ما يتم اختيارها له بناءً على سلوكه الرقمي واهتماماته السابقة، عبر تحليل وقت البقاء في متابعة المحتوى ومدى قبولنا للمحتوى التالي من نفس النوع، وهو ما يجعل منصات التواصل الاجتماعي المؤتمتة تحيطنا بسيل من المحتوى الذي يتشابه مع حالتنا النفسية والعقلية. وهو ما يقود تدريجيًا إلى "غرف الصدى" التي قد تعزل المستخدم داخل دائرة ضيقة من الأفكار. الأمر الذي يضمن بقائه في حالة مشاهدة غير واعية لفترات طويلة. ومع هذا الأثر المتسارع تبرز أسئلة جوهرية تهم المجتمعات والدول على حد سواء، من بينها: هل يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي في الأمن الفكري؟ ومن يتحكم فعليًا في عقولنا؟
وهنا تكم الإجابة في معرفة أن الأمن الفكري لا يقتصر على حماية المجتمع من الأفكار الهدّامة أو المحتوى المتطرف، بل يمتد ليشمل قدرة الفرد على امتلاك رؤية مستقلة تقوم على الوعي والتحليل. وبالتالي يمكن القول بأنه مع انتشار الخوارزميات التي تُرشّح المحتوى وتحدّد ما يظهر لنا على منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت التقنية لاعبًا رئيسيًا في تشكيل الوعي الجمعي. وخطورة هذا المشهد تكمن في أن الذكاء الاصطناعي لا يعمل وحده، بل يُدار من قِبَل شركات تمتلك قدرة هائلة على جمع البيانات ومعالجتها. هذا الاحتكار المعرفي يمنح تلك الشركات تأثيرًا غير مسبوق على توجهات الأفراد والمجتمعات، سواء بقصد توجيه السلوك شرائيًا، أو سياسيًا، أو حتى ثقافيًا. ومع غياب الشفافية الكافية حول آلية عمل الخوارزميات، يصبح المستخدم في موقع المتلقي لا الفاعل، مما يضع الأمن الفكري أمام تحدٍّ جديد.
ورغم هذه المخاطر، لا ينبغي النظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه تهديدًا بحتًا. فهذه التقنيات تحمل في طياتها فرصًا لتعزيز الأمن الفكري، من خلال الكشف المبكر عن المحتوى المتطرف، ورصد حملات التضليل، وتحليل الأنماط السلوكية التي قد تهدد استقرار المجتمعات. كما يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز التفكير النقدي، عبر أدوات تعليمية وتوعوية مبنية على تحليل البيانات وتخصيص المعرفة لكل متعلم.
ومن ثم فإن التوازن بين الفائدة والمخاطر يتطلب سياسات واضحة، تضمن شفافية الخوارزميات، وتمنع الاحتكار المعلوماتي، وتدعم حق الفرد في معرفة كيف تُشكَّل تجربته الرقمية. كما يتطلب وعيًا مجتمعيًا يحفّز على التحقق من المعلومات، وتوسيع مصادر المعرفة، والقدرة على التفكير المستقل بعيدًا عن تأثير "الآلة الذكية". والأهم هو وجود تجارب عربية فاعلة في هذا المجال تضمن لنا الوجود في هذا الفضاء الذكي وليس أن نقف في زاوية التلقي كالعادة.