التحالفات المتفجرة في نينوى: صراع السلطة والهوية
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
28 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: تشهد محافظة نينوى حالة من عدم الاستقرار السياسي نتيجة للخلافات العميقة بين التحالفات المختلفة داخل مجلس المحافظة، حيث تعكس هذه الخلافات التوترات الأوسع نطاقًا بين الأطراف السياسية في العراق، والتي تمتد لتشمل التحالفات السنية، الشيعية، والكردية.
وتعود الخلافات في مجلس محافظة نينوى إلى التوترات بين كتلة “نينوى المستقبل”، التي تضم تحالفات الإطار التنسيقي مثل كتلتي الحدباء والعقد الوطني، وكتلة “نينوى الموحدة” التي تشمل الأحزاب السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتجلت هذه الخلافات بشكل واضح بعد جلسة مغلقة عقدها الإطار التنسيقي دون حضور الكتل السنية، والتي تم خلالها التصويت على مدراء الأقضية والنواحي في نينوى.
وهذا التصرف أثار استياء الكتل السنية وأدى إلى تصعيد التوترات، حيث تم إبطال قرارات الجلسة من قبل مجلس الوزراء بناءً على اعتراضات الكتل السنية.
تأثير الخلافات على عمل المجلس
أدت هذه الخلافات إلى تعطيل عمل مجلس محافظة نينوى بشكل كبير. فالمجلس لم يتمكن من عقد جلساته بانتظام منذ شهرين بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، مما أثر على قدرة المجلس على اتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع. وقد تركزت إحدى نقاط الخلاف حول عدم اكتمال تشكيل خمس لجان مهمة في المجلس، وهي: اللجنة المالية والاقتصادية، لجنة الإعمار والإسكان، اللجنة الأمنية، لجنة الخدمات والبلديات، ولجنة الصحة والبيئة.
وعدم اكتمال هذه اللجان يعرقل تنفيذ المشاريع الحيوية في نينوى ويعطل تحسين الخدمات المقدمة للسكان.
الخلافات السياسية وتأثيرها على التنمية المحلية
الخلافات السياسية بين الكتل المتنافسة في نينوى أدت أيضًا إلى تعطيل المشاريع التنموية وتعليق صرف الرواتب، مما يكلف المحافظة خسائر مالية تقدر بالمليارات شهريًا.
وتوقف رواتب المخاتير البالغ عددهم 1250 مختارًا، بسبب توقف جلسات المجلس، أدى إلى أضرار اقتصادية مباشرة على مستوى الأفراد والمجتمع المحلي، كما أن تعطيل القرارات المتعلقة بالتنمية والإعمار يضع نينوى في موقف صعب، حيث تحتاج المحافظة إلى جهود تنموية كبيرة لتعويض ما فقدته خلال السنوات السابقة.
وبالرغم من هذه الخلافات، هناك دعوات من بعض أعضاء المجلس للعودة إلى طاولة الحوار والعمل المشترك من أجل مصلحة نينوى. فالتجاذبات السياسية التي تشهدها المحافظة ليست فريدة من نوعها، حيث أن الخلافات بين الكتل المختلفة تحدث في جميع المحافظات العراقية. ومع ذلك، يظل التركيز على مصلحة نينوى والمواطنين أمرًا بالغ الأهمية لتجاوز هذه الخلافات.
ويبدو أن مستقبل التحالفات السياسية في نينوى يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المختلفة على التوصل إلى تفاهمات وتحقيق توازن في السلطة. فالتوافق على اختيار القيادات المحلية وتنفيذ المشاريع التنموية قد يسهم في تخفيف التوترات وخلق بيئة سياسية أكثر استقرارًا. ومع ذلك، تظل تحديات كبيرة تواجه المجلس، خاصة في ظل استمرار الانقسامات السياسية وتضارب المصالح بين الكتل المختلفة.
وتعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في نينوى التحديات الأوسع التي تواجه العراق في ظل التوترات بين التحالفات السنية، الشيعية، والكردية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: هذه الخلافات فی نینوى
إقرأ أيضاً:
الفلسفة السياسية والنظرية السياسية (1): لغة الخطاب
- الفلسفة السياسية تركز على الأسئلة النظرية حول ما يجب أن يكون، مثل الأفكار الأمثل والأكثر نجاعة للدولة والمجتمع.
- النظرية السياسية تهتم بشرح وفهم المفاهيم والمؤسسات السياسية بطريقة أكثر تحليلا وعلمية بوجود نوع من التفسير للفلسفة السياسية
- الممارسة السياسية هي إيجاد آليات وتفاعل مع الجمهور لتوضيح الأدوار والدور المجتمعي في إنجاح الخطة
- الخطاب الشعبوي هو خطاب ذو توجه واحد يحتاج إلى تعريف إملائي للمتلقي بلا تفكير، وهذا النوع من الخطاب سيكون خطرا إن أصبح ضمن خطاب النخبة القيادية أو المتصدية للعمل السياسي، أو استحوذ على هذا الخطاب؛ لأن هذا يعني أحادية النظرة ورفض أو تكفير المخالف ولو بنسبة ضئيلة فهو سيطلب التطابق كالمرآة الساحرة للقائد الذي لا يخطئ، وهنا سيكون نوع من التقديس للأشخاص والثيوقراطية بغض النظر عن كونها دينية أو علمانية، وإنما هي تقديس رأي بشري لا يفترض أن يكون مقدسا.
اعتماد التحليل أو التجربة على أحدها بشكل منفصل قد يؤدي إلى مشكلة لا تلاقي حلا إلا بتغيير الأنظمة، وعندما تسيطر الأيديولوجيا الحادة تلغي المسار العلمي أو التقديم والتفاضل في المصالح وإدارتها. فالأيديولوجيا هي نظام من الأفكار والمعتقدات يوجه سلوك وتفكير الأفراد أو المجموعات
هناك تداخل بين الفلسفة السياسية والنظرية السياسية
- الفلسفة السياسية هي فرع من الفلسفة يدرس الأسس النظرية للسياسة، مثل العلاقة بين الفرد والمجتمع، وتنظيم الحياة الاجتماعية، والعدالة، والحرية. تركز على ما يجب أن يكون، وغالبا ما تكون أكثر تجريدا، فالفلسفة بالنسبة للأفكار السياسية كحاضنة توليد، أي تدوم لزمن أطول ويمكن أن تمر كمقتطفات لتكوين الفكرة عبر العصور، مثل الديمقراطية في عصرنا. ظهرت لأول مرة في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث كانت أثينا أول مدينة-دولة تطبق نظاما ديمقراطيا، حيث ساهم سولون (في عام 594 قبل الميلاد)، وكليسثينيس (في 508-507 قبل الميلاد)، وإفيالتيس (في عام 462 قبل الميلاد) في تطوير الديمقراطية الأثينية، رغم أن فلسفة أخرى كرأي أفلاطون ترى أن الديمقراطية هي نظام سياسي فاسد يؤدي إلى سعي الأفراد لتحقيق رغباتهم الشخصية، مما يسبب الصراع بدلا من تحقيق الصالح العام. وأفلاطون اقترح أن يكون الحكماء في رأس السلطة، والجيش يحمي، والبقية يعملون. وهذا يشبه نظام الولي الفقيه.
- النظرية السياسية تهتم بتحليل وشرح المفاهيم السياسية مثل الحرية والعدالة، وغالبا ما تستخدم منهجيات علمية لفهم كيفية عمل المؤسسات السياسية. على سبيل المثال، قد تبحث في أسباب طاعة المواطنين للدولة بناء على دراسات واقعية.
بعض العلماء يرون أن الفلسفة السياسية والنظرية السياسية متكاملتان، بينما آخرون يفرقون بينهما بناء على المنهجية: الفلسفة أكثر نظرية ومثالية، والنظرية أكثر وصفا وتحليلا. على سبيل المثال، يقول ليو شتراوس أن النظرية السياسية لا يمكن أن تكون منفصلة عن الفلسفة.
والحقيقة أن الاثنتين -كما أرى- تعبير عن مراحل تحكم بالزمان والمكان ونوعية البيئة التي تعمل بها المنظمة السياسية، فالفلسفة ضرورة لضبط إيقاع القيم وهي تتعرض للتجربة والاصطدام بواقع كي ينضبط بها، وهذا دور القادة. وهي مسألة تصل بين الفكر والسياسة المدنية التي ترى الواقع فتجد الأسلوب الملائم كما السلوك البشري، حيث تنبثق النظرية والتي تحتاج إلى الزعامات الحقلية واختيار التكنوقراط لقيادة الخدمات والتخطيط والتنفيذ في الدولة. اعتماد التحليل أو التجربة على أحدها بشكل منفصل قد يؤدي إلى مشكلة لا تلاقي حلا إلا بتغيير الأنظمة، وعندما تسيطر الأيديولوجيا الحادة تلغي المسار العلمي أو التقديم والتفاضل في المصالح وإدارتها. فالأيديولوجيا هي نظام من الأفكار والمعتقدات يوجه سلوك وتفكير الأفراد أو المجموعات، وغالبا ما تكون مرتبطة بسياق سياسي أو اجتماعي.
الممارسة السياسية
الممارسة السياسية هي الأنشطة والسلوكيات التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات للتأثير في القرارات السياسية أو إدارة الشؤون العامة. لفهمها ومعرفتها، يمكن اتباع النقاط التالية:
- البلد ليس حقل تجارب لتطبق عليه قالب أيديولوجية أو نظريات سياسية، وإنما يجب ترك الناس يفهمون ويختارون وينتخبون ويجربون بلا فساد، وهذا يعتبر حالة مثالية لمن يذوق السلطة ويملك المال السياسي.
- البلد ليس حقل تجارب لتطبق عليه قالب أيديولوجية أو نظريات سياسية، وإنما يجب ترك الناس يفهمون ويختارون وينتخبون ويجربون بلا فساد، وهذا يعتبر حالة مثالية لمن يذوق السلطة ويملك المال السياسي
- لذا لا بد من مجلس للحكماء يصوّب الرأي، ومن ذوي الفهم للفلسفة السياسية والنظريات السياسية والقدرة على التحليل واستشراف السلوك.
متابعة الأحداث السياسية
- قراءة الأخبار ومتابعة وسائل الإعلام الموثوقة لفهم القضايا الراهنة والصراعات السياسية، وتحليل خطابات السياسيين والأحزاب لفهم مواقفهم، والانخراط في أنشطة الندوات الشعبية وفق برنامج تثقيفي لتمييز ثقافة سياسية في البلد، وتعليم جيل معاني السياس، ورعاية النابهين وتمييزهم ومعرفة أين وكيف تكون أدوارهم كقيادات وزعامات، وإدخالهم الحياة الوظيفية ليتعرفوا على أسرار الهياكل الإدارية، والسلطة والحوكمة، وعملية اتخاذ القرار في الإدارة العامة بمتعدد مراحلها.
- دراسة العمل السياسي وتدريب الكوادر على تجاوز الاستقطاب أو أحادية النظرة، وتأسيس اللوبيات ومجاميع الضغط لتكون هنالك فاعلية في المعارضة، وكيفية صياغة القوانين وتصورات عن اللوائح.
- الممارسة السياسية تحتاج تصويبا ومتابعة دائمة، وليس ترفا أو ما ظهر عندما تنشئ مركزا للدراسات؛ حرا يعطي ما يريد ويدرس ما تريد كحزب أيضا، ويراقب الأداء ويدرب الكوادر الفاعلة من الحزب أو ممن هم في البرلمان أو في الحكومة بشكل دورات للتعليم المستمر وتدريبهم على التعاون في حل المشاكل.
- الخطاب الشعبوي: هو مهارة في العمل السياسي ويُختار لتنفيذه أناس لهم المهارة طبيعيا، لكنه سيف ذو حدين، فتقديم الوعود دون القدرة على تنفيذها ينعكس سلبا فيتحول الحزب من واجهة للقوم ومنافح عنهم إلى مدافع عن نفسه وإلى مكافح من أجل بقائه هو.. الخطاب الشعبوي عمل اجتماعي ذو ارتداد مدمر لأنه يعظّم التحديات ويجعل الحق والإمكانية لمناقشة فلسفته وتفنيدها من عامة الناس، وهذا الخطاب إن نجح جاذب للجمهور بالعقل الجمعي. والمواضيع هذه لا يمكن أن تشمل بمقال.