المشهد اليمني:
2025-06-26@21:52:03 GMT

لا تسكت !

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

لا تسكت !

ظهر من شرفة نافذته، وقال لي أنه قادم، انتظرت على رصيف مقابل منزله، فأقبل بملابس قطنية دافئة، وبين أصابعه يتدلى سيجار إليكتروني غريب ينفث دخانه بولع فتى مُرفّه، وأظهر لي توجهه العنصري قبل أن يركب سيارته الحديثة، قائلًا : لماذا لا نُسلِّم للحوثيين أمرنا، وتنتهي الحرب!

ثم أدار مفتاحًا وسط سيارته، وأخرج علبة خشبية بيضاء والتقط منها نظارة carter ، ورغم أن الجو كان غائمًا إلا أنه إرتداها متباهيًا بإطاراتها الذهبية اللامعة، وندت منه لحظة تهكم سريعة حين رأى سيارتي الصغيرة وسائقها المصري، ثم ذهب بي في جولة إلى مجمع بنايات فخم بمدينة أكتوبر ليمنحني لحظة إذلال يستمتع بها حين أشاهد "فلته الجديدة" !

فرددت إليه غروره : أتتركون صنعاء وتأتون إلى هنا، تفرون منها بعد أن أكلتم خيرها 50 سنة، وأشبعتكم، وأتخمتكم، وعلمتكم في مدن الدنيا، ثم تقول لي متباهيًا : هذا منزلي !، وهل ترى "علبة الكبريت هذه منزلًا" ؟

وفي طريقه، كان شديد الغضب من كل شيء، مني، ومن الرئيس العليمي ومجلس القيادة، والحكومة والجيش، ومن حياته في اليمن التي غادرها بعد أن فقد عيشته المدللة هناك، ولكنه كان مصرًا على إبداء رائحة متكبرة.

اقرأ أيضاً جماعة الحوثي تتواطئ مع إحد البنوك بصنعاء لتسريح الموظفات وإحلال عناصر تابعة لهم بدلا عنهن صحيفة لبنانية تكشف عن ”سبب آخر” وراء عودة الوفد العماني إلى صنعاء في الأيام القادمة برلماني بصنعاء يعلن إعتراف سلطات المليشيا بحق المعلمين في الإضراب ويدعوهم للاستمرار ضوء أخضر بريطاني لإنهاء الانقسام النقدي والحكومي بين صنعاء وعدن أرصاد اليمن تبشر سكان 15 محافظة بما سيحدث خلال الساعات القادمة إطلاق عشرات السجناء في صنعاء مقابل تنفيذ عمليات إجرامية وفاة امرأة وإصابة أطفالها عقب سقوط سيارة على منزلهم خلال نومهم غربي اليمن (صور) أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية في صنعاء وعدن مليشيا الحوثي تستعد لإجراء تعيننات بمنصبي قائد ونائب القوات الجوية بعد مصرعهما في ظروف غامضة درجات الحرارة المتوقعة في اليمن اليوم الخميس ميليشيا الحوثي تدخل الآذان الشيعي حيز التنفيذ .. ”الحسين ولي الله ” تسطح في صنعاء (فيديو) شاهد .. رجال قبائل صنعاء يطردون الحوثيون عقب حملة مسلحة لنهب أراضيهم (فيديو)

يرى أن على ابن الفلاح التصفيق له بإنبهار، الإندهاش لبراعته وتصديقه في كل حرف، أن يكره من يكرهه، ويثق في روايته للأحداث، وأن يرفع حاجبيه إعجابًا بإنجليزيته، وجنسيته الكندية، واستثماراته المصرفية، وقناعاته في من يقدسهم من الأسماء اللامعة بوسائل التواصل الاجتماعي

ارغمته على السكوت، ووصفته بأنه جزء من العائلات المدللة التي لم تكن تكسب رزقها إلا لأنها من صنعاء، تطوف في بلاط السلطة، وتنتقي أجمل القيعان، وأفخر المنازل، وأغلى النظارات، وأطيب الأكل، ولمّا جاءهم رئيس من أبين، ثم من تعز، أغلقت الأبواب، وانصرفوا إلى قوم آخرين، وجاء أناس جدد إلى بلاط كان محصورًا، فانتظروا عامين ليرحل، لكنه لم يفعل، ولما كانت لتلك العائلات نماذج مريعة من الثقافات المستعارة، أقنعتهم تلك الإستعارات أن إزاحة "هادي" لن يتم إلا بتسليم البلاط للحوثيين، لتنظيفه وإعادته إليهم لامعًا معطرًا من رجس الرئيس الجنوبي !

ظنوا أن الحوثي سيمارس دور رجل النظافة المهمش، مثل ذلك الأسود الذي يطهر مدنهم كل صباح من تخم مساءاتهم المزعجة، لحظتذاك صحوا على مشهد اغتيال كبير، أدركوا أن "عامل النظافة" صار سيدهم الجديد، فما كان من أشعرهم إلا أن استعار بيتًا لأبي الطيب المتنبي قاله في هجاء كافور الأخشيدي :

لا تشتري العبد إلا والعصا معه ..
ولم يكمل شاعرهم البيت، فقد كان منشغلًا بالعدو وسط جبال عالية، وشعاب منخفضة في ضواحي صنعاء متخطيًا حدودًا شائكة تدنو به نحو "مارب" التي كتب عنها قبل أشهر بوصفها "وكرًا للإرهاب" ! ، وصل نقطة الفلج، مفلوجًا، متحسسًا بقايا إكسسوارات ملابسه، وبرستيجه، وعند أول نقطة عبرت به إلى الأرض المحررة، ظل أيامًا هناك مبهوتًا من هول الفاجعة، يعيش ليالٍ تقض الكوابيس مضجعه، إذ يرى الحوثيين يسحبونه عاريًا من مسبحه المضاء بألوان بلورية، ويضربونه في أعضائه، ثم يلتهمونه قطعة قطعة، فيفز من نومه صائحًا، ويوقض كل الهاربين حوله، ثم لا يناموا حتى يطلع الصبح، ويتأكدوا أن ما شاهده صاحبهم مجرد أضغاث أحلام لا أكثر ولا أقل .

ومن مارب إلى سيئون، ثم مصر طائرًا بجوار الجرحى، وأنينهم الحقيقي، على كرسي ليس بالدرجة الأولى، ومرت أعوام الحرب بطيئة كما كانت ساعات الطيران، وكل يوم كانت صنعاء تسحبه باشتياق إلى "طيرماناتها الدافئة" ويسأل نفسه بذل أخير : لِمَ لا أعود وأكون عبدًا ؟ ثم يهز كتفيه ويجيب عن نفسه مبررًا : سأقنع "أبو الكرار" بالشراكة معي في شركة الصرافة! . ونفض عن رأسه بلاهة الخطة إذ تذكر أنه لا يعرف من هو أبو الكرار هذا ومن هم عائلته !

وعندما وجدني ألتفت في هيئة اليمني لاحت له فرصة للغضب على رجل عادي، إذا حمّلني مسؤولية ما يحدث، واكتفى بذلك، متوقعًا إذعاني لأناقته، ونظارته الذهبية، وألفاظه الإنجليزية، وجنسيته الكندية، وطقم أسنانه اللامع، وسيارته الفارهة، غير أني غضبت أكثر، قلت له : إذهب إليهم فلن تكون إلا واحدًا من مئات عادوا، وانشأوا اسماءً مستعارة لشتم كل شيء! ، ورفعت سبابتي محذرًا ولمع خاتمي من العقيق اليماني على شعاع أفلت من الشمس نافذًا وسط الغيم الكثيف، قلت : وأنا لا أثق فيمن لا يثقون في شجاعتهم ولا أرد عليهم ، فصنعاء بالنسبة لي لا شيء .

وتركته مبهوتًا، يردد قائلًا : أحقًا ما تقول ؟ ثم خطوت قليلًا، و أدرت رأسي، وابتسمت : بل كل شيء .. كل شيء

مضيت نحو سائقي، في سيارة الأجرة، جلست على مقعد يابس، مستريحًا وظافرًا، أشرت إليه بحزم : امض بنا لنأكل ديكًا روميًا، فقد نتفت ريشه قبل قليل .

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: کل شیء

إقرأ أيضاً:

مليشيا الحوثي تدفع بتعزيزات عسكرية إلى أطراف مأرب وسط تحركات تنذر بجولة حرب جديدة

دَفعت ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، خلال الأيام القليلة الماضية، بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى محيط مدينة مأرب الاستراتيجية، في مؤشر جديد على نوايا الجماعة لإشعال جولة جديدة من المواجهات العسكرية ضد القوات الحكومية، بعد نحو أربع سنوات من فشلها الذريع في اقتحام المدينة.

وبحسب مصادر ميدانية خاصة لـ"خبر للأنباء"، فقد شوهدت عشرات الأطقم والآليات العسكرية التابعة للحوثيين، وهي تحمل مجاميع مسلحة ومدججة بالسلاح، تتجه نحو الأطراف الغربية والجنوبية من محافظة مأرب، وتحديدًا في مناطق قريبة من خطوط التماس، الأمر الذي أثار حالة من التأهب والاستنفار في صفوف القوات الحكومية.

وأشارت المصادر إلى أن هذه التحركات المريبة تتزامن مع تحشيد غير مسبوق للميليشيات في جبهات صرواح والبلق والكسارة، حيث قامت الجماعة بإنشاء تحصينات جديدة، وزرع ألغام في الطرق المؤدية إلى مواقع الجيش، ما يرجّح استعدادها لشن هجمات مباغتة تستهدف كسر خطوط الدفاع الأولى عن المدينة.

وتأتي هذه التطورات في وقت حرج تشهده البلاد، مع تزايد الدعوات الإقليمية والدولية للتهدئة واستئناف العملية السياسية، الأمر الذي تفسّره تحركات الحوثيين كمحاولة لفرض وقائع ميدانية جديدة تعزز موقفهم التفاوضي في أي مباحثات قادمة.

وكانت مأرب، قد شهدت معارك عنيفة بين عامي 2020 و2021، شنّت خلالها ميليشيا الحوثي هجمات متواصلة بهدف السيطرة على المحافظة الغنية بالنفط والغاز، غير أن المقاومة الشرسة التي أبدتها القوات الحكومية والقبائل، بدعم من التحالف العربي، أجهضت تلك الهجمات وألحقت بالحوثيين خسائر بشرية وعسكرية فادحة.

وبحسب تقارير مستقلة، فقد خسرت الميليشيا خلال تلك المعارك الآلاف من مقاتليها، بينهم قيادات ميدانية بارزة، دون أن تحقق أي تقدم يذكر نحو مركز المدينة، ما شكّل لها انتكاسة كبرى على المستويين العسكري والمعنوي.

ويرى مراقبون أن عودة الميليشيا الحوثية إلى خيار التصعيد العسكري في مأرب، يؤكد على نهجها الثابت في تقويض جهود السلام، واستخدام القوة لفرض هيمنتها، في تجاهل تام لمآسي المدنيين والكارثة الإنسانية المتفاقمة.

مقالات مشابهة

  • السيد القائد يدعو أبناء اليمن للخروج المليوني يوم غدٍ الجمعة بالعاصمة صنعاء والمحافظات
  • منظمة دولية تفتح سجل التعذيب في اليمن ومليشيا الحوثي تتصدر المشهد بتوحش وتدعو الأمم المتحدة الى زيارة سجون الحوثيين
  • 60 ألف متطوع خارج الخدمة.. المسندون طائفياً يتولون مهمة التدريس في مناطق الحوثي
  • الحوثي.. اتفاق أمريكي إسرائيلي على انتزاع آخر مخالب طهران
  • جنرال أمريكي يعترف: اليمن تحول استراتيجي يقلق واشنطن ويقلب موازين الشرق الأوسط
  • جريمة جديدة في تعز.. مليشيا الحوثي تقتحم قرية "أخرق" وتعتدي على النساء وتختطف مدنيين
  • مليشيا الحوثي تدفع بتعزيزات عسكرية إلى أطراف مأرب وسط تحركات تنذر بجولة حرب جديدة
  • الحوثي: الدبلوماسية فشلت في إيقاف إبادة غزة… ومسار الانتصار هو الإعداد للقوة
  • اغتيال رموز القبيلة.. الوجه القبيح لخطة الحوثي في إضعاف الجوف
  • كيف تعاملت جماعة الحوثي في اليمن مع قصف إسرائيل وأمريكا لإيران؟ وما الدلالات؟ (تحليل)