أوكرانيا في أفريقيا: منافس جديد أم وكيل دولي؟
تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT
منذ اندلاع الحرب الأوكرانية ضد روسيا في فبراير/شباط 2022، برزت أفريقيا بشكل مفاجئ كمنطقة محورية في السياسة الخارجية الأوكرانية. فبعد خمسة أشهر فقط من بدء الحرب، عيّنت كييف ممثلًا خاصًا لأفريقيا والشرق الأوسط. وبعد ثلاثة أشهر، قام وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا – الذي أُقيل من منصبه مؤخرًا – بأول زيارة للقارة الأفريقية منذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود.
شملت تلك الجولة الأولى كلًا من كينيا والسنغال، اللتين تربطهما علاقات دبلوماسية مع أوكرانيا، بالإضافة إلى ساحل العاج وغانا، حيث تم إنشاء علاقات دبلوماسية حديثة معهما. تلا هذه الجولة ثلاث زيارات أخرى قام بها كوليبا إلى القارة، ليصل مجموع زياراته إلى أربع جولات شملت اثنتي عشرة دولة، كان آخرها في يوليو/تموز الماضي، حيث زار مالاوي وزامبيا، وهما دولتان وقّعتا على مبادئ السلام الداعمة لأوكرانيا في يونيو/حزيران الماضي، بالإضافة إلى موريشيوس.
هذا الاهتمام الدبلوماسي المفاجئ والمتسارع تُوج في يوليو/تموز الماضي بإعلان كييف تقديم كل المعلومات اللازمة للحركات المسلحة مثل "جماعات الطوارق" أو "الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن شعب أزواد"، المتحالفة مع جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" لمواجهة الجيش المالي وقوات فاغنر، وهي المواجهات التي أسفرت عن مقتل 84 من مرتزقة فاغنر، و47 جنديًا ماليًا.
رغم نفي أوكرانيا تقديم أي دعم عسكري مباشر لهذه الحركات، أثارت هذه الخطوة استياء مالي والنيجر اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية مع أوكرانيا، كما قامت السنغال باستدعاء سفير أوكرانيا، وأعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) رفضها القاطع لأي تدخّل خارجي في المنطقة.
هذا التدخل الأوكراني في أفريقيا يطرح تساؤلات حول أهدافه وآلياته ومدى فاعليته، وهل هو تدخل حقيقي نابع من رؤية القيادة الأوكرانية لأهمية القارة الأفريقية – رغم انشغالها بالحرب مع روسيا – أم أنه مجرد تدخل بالوكالة عن الغرب لمزاحمة النفوذ الروسيّ في القارّة؟
أهداف أوكرانيا في أفريقيايمكن القول إن هناك عدة أهداف وراء الاهتمام الأوكراني المتأخر بأفريقيا، منها:
زيادة الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، حيث تُعد أفريقيا أكبر تكتل دولي في الأمم المتحدة بواقع 54 دولة تمثل نحو 28% من إجمالي الدول الأعضاء. وقد سعت أوكرانيا لتعزيز هذا الدعم، خاصة أن الدول الأفريقية أبدت دعمًا محدودًا لها منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022. ففي التصويت الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس/آذار 2022 الداعي لإنهاء الحرب على أوكرانيا، صوّتت 28 دولة أفريقية لصالح القرار، مقابل معارضة دولة واحدة، وامتناع 17 دولة عن التصويت، وغياب 8 دول عن المشاركة. تعويض التأخر الأوكراني في الانخراط مع القارة الأفريقية، فمنذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود، لم يقم أي رئيس أوكراني أو وزير خارجية بزيارة للقارة حتى عام 2022. منافسة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا، حيث تحاول أوكرانيا الحد من تأثير روسيا في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية في القارة، وذلك عبر دعم الجماعات المسلحة المناوئة للأنظمة المدعومة من موسكو، مثل النظام العسكري في مالي. آليات كييف في أفريقيااتبعت أوكرانيا عدة آليات لتحقيق أهدافها في القارة الأفريقية، من أبرزها:
المدخل الدبلوماسي: تمثل في الزيارات المكوكية لوزير الخارجية ديمتري كوليبا، والتي تزامنت مع زيادة التواجد الدبلوماسي الأوكراني في القارة. قبل الحرب، كان لأوكرانيا 11 سفارة فقط في أفريقيا، موزعة على الجزائر، أنغولا، إثيوبيا، مصر، كينيا، ليبيا، المغرب، نيجيريا، جنوب أفريقيا، السنغال، وتونس. ولكن بعد الحرب، أنشأت أوكرانيا 6 سفارات جديدة في كل من رواندا، موزمبيق، بوتسوانا، ساحل العاج، الكونغو الديمقراطية، وغانا، بالإضافة إلى 4 سفارات أخرى في الطريق (السودان، تنزانيا، موريتانيا، والكاميرون)، ليصل العدد المتوقع إلى 21 سفارة خلال عامين، أي ما يقارب ضعف عدد السفارات الأوكرانية في القارة قبل الحرب. المدخل السياسي: ركّزت أوكرانيا على استغلال أوجه التشابه التاريخية بينها وبين الدول الأفريقية، مثل التعرض للاستعمار: (الاستعمار الروسي بالنسبة لأوكرانيا، والاستعمار الغربي بالنسبة للدول الأفريقية). المدخل العسكري: تشير تقارير إلى أن أوكرانيا قد تدخّلت عسكريًا لدعم الجيش السوداني في مواجهته قوات الدعم السريع ومليشيا فاغنر، رغم نفيها الرسمي لذلك. صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت في مارس/آذار الماضي أن قوات أوكرانية ساعدت الفريق أول عبد الفتاح البرهان في فكّ الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على القيادة العامة للجيش في الخرطوم في أبريل/نيسان الماضي، وكذلك في استرداد مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون في أم درمان. كما ألمح المتحدث باسم المخابرات العسكرية الأوكرانية في تصريحات لمجلة "بوليتيكو" إلى أن أوكرانيا لديها دور في هذا الصراع. المدخل الإنساني: قبل الحرب، كانت أوكرانيا ثاني أكبر مورد للذرة لأفريقيا وثالث أكبر مورد للقمح. استمرت أوكرانيا في توريد الحبوب للدول الأفريقية بعد الحرب، ولكن مع تحول كبير؛ حيث بدأت كييف في تقديم الحبوب مجانًا كجزء من برنامج الحبوب الذي أطلق في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، واستفادت منه عدة دول مثل السودان (250 ألف طن)، بالإضافة إلى نيجيريا، إثيوبيا، كينيا، والصومال. تقييم الدور والفاعليةرغم التحرّكات الأوكرانية المكثفة نحو أفريقيا، فإن تأثيرها يظلّ محدودًا مقارنة بالنفوذ الروسي. فعلى الصعيد الدبلوماسي، ورغم قيام كوليبا بأربع جولات شملت 12 دولة أفريقية، فإن هذه الدول ذات تأثير محدود على الساحة الدولية والإقليمية باستثناء نيجيريا وإثيوبيا والسنغال وساحل العاج. وعلى الرغم من أن بعض هذه الدول، مثل غانا وليبيريا وساحل العاج، أيدت إعادة شبه جزيرة القرم إلى السيادة الأوكرانية، فإن معظم الدول الأفريقية لم تقدم دعمًا كبيرًا لأوكرانيا في محافل الأمم المتحدة.
على الجانب الآخر، نجد أن روسيا تتمتع بزخم دبلوماسي أكبر. فقد قام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بست جولات مكوكية شملت 14 دولة أفريقية خلال عامين فقط، كان آخرها في يونيو/حزيران 2024، حيث زار غينيا، تشاد، الكونغو برازافيل، وبوركينا فاسو. وتميزت هذه الدول بأنها شهدت انقلابات سياسية مؤخرًا أو اضطرابات داخلية. كما أنّ لروسيا تمثيلًا دبلوماسيًا في 43 دولة أفريقيّة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 47 في المستقبل القريب.
أفريقيا بين أوكرانيا وروسياقام وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا بأربع جولات إلى أفريقيا خلال عامين، شملت 12 دولة. بدأت جولاته في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بزيارة كينيا والسنغال وساحل العاج وغانا؛ لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، وتبعتها جولة في مايو/أيار 2023 شملت المغرب ونيجيريا وإثيوبيا ورواندا وموزمبيق. في يوليو/تموز 2023، زار غينيا الاستوائية وليبيريا، ثم اختتم جولاته في يونيو/حزيران 2024 بزيارة ملاوي وزامبيا وموريشيوس.
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فقد قام بست جولات دبلوماسية خلال نفس الفترة، شملت 14 دولة. بدأت جولاته في يوليو/تموز 2022 بزيارة مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو، ثم في يناير/كانون الثاني 2023 زار جنوب أفريقيا وإسواتيني وأنغولا وإريتريا. تبعتها زيارات في فبراير/شباط 2023 لمالي وموريتانيا والسودان، وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران 2023 زار كينيا وبوروندي وموزمبيق وجنوب أفريقيا، واختتم جولاته في يونيو/حزيران 2024 بزيارة غينيا وتشاد والكونغو برازافيل وبوركينا فاسو.
تركزت زيارات لافروف على دول تعاني اضطرابات سياسية ولها علاقات تاريخية مع روسيا، بينما ركز كوليبا على تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دول جديدة.
ومن الواضح أن روسيا، مقارنة بأوكرانيا، تمتلك نفوذًا أكبر في أفريقيا سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري. فالتمثيل الدبلوماسي الروسي يتواجد في 43 دولة أفريقية، في حين أن أوكرانيا تسعى إلى رفع عدد سفاراتها من 11 إلى 21 سفارة فقط.
على الصعيد السياسيالمدخل السياسي الأوكراني، الذي يعتمد على التاريخ المشترك بين أوكرانيا والدول الأفريقية فيما يخصّ الاستعمار، لم يحقق النتائج المرجوة. بل إنه أتى بنتائج عكسية، حيث أدى دعم أوكرانيا بعض الحركات المسلحة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول مثل مالي والنيجر.
هذا السلوك قد يُضعف موقف أوكرانيا كدولة تطالب بالدعم الأفريقي في المحافل الدولية، إذ إنها بدلًا من دعم الشرعية، تعمل على تقويضها. كما أن العديد من الدول الأفريقية ترى في أوكرانيا وكيلًا عن الغرب الذي تراجع نفوذه في أفريقيا، خاصة فرنسا والولايات المتحدة في منطقة الساحل الأفريقي.
وبالتالي، فإن هذه الدول تفضل الحفاظ على علاقاتها مع موسكو التي تدعمها سياسيًا وعسكريًا، بالإضافة إلى أن روسيا تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن، وتاريخ طويل من دعم حركات التحرر الأفريقية خلال فترة الاتحاد السوفياتي.
على الصعيد العسكريرغم أن أوكرانيا حققت بعض النجاح في مواجهة مليشيا فاغنر في مالي، فإن تأثيرها العسكري يظل محدودًا بالمقارنة مع روسيا. فموسكو أسست، في أواخر عام 2022، الفيلق الأفريقي، وهو بديل لمليشيا فاغنر ويتبع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية. يضم هذا الفيلق حوالي 50 ألف مقاتل متمركزين في ليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى. تسعى موسكو إلى توسيع رقعة انتشار هذا الفيلق في دول أخرى، بينما تفتقر أوكرانيا لرؤية إستراتيجية وآليات واضحة في أفريقيا.
من ناحية أخرى، نجحت روسيا في إبرام العديد من الاتفاقيات العسكرية مع دول أفريقية، مثل مكافحة الإرهاب وتزويد هذه الدول بالسلاح وتدريب قواتها. ووفقًا لدراسة صادرة عن البرلمان الأوروبي، فقد أبرمت موسكو اتفاقيات عسكرية مع 43 دولة أفريقية بين عامي 2015 و2022. وقد ساهمت هذه الاتفاقيات في جعل روسيا المورد الرئيسي للأسلحة في القارة الأفريقية، حيث شكلت صادراتها من السلاح نحو 40% من واردات أفريقيا من أنظمة الأسلحة الرئيسية خلال الفترة من 2018 إلى 2022.
على الصعيد الإنسانيرغم أن أوكرانيا نجحت في تصدير الحبوب إلى بعض الدول الأفريقية مثل السودان ونيجيريا وإثيوبيا، فإن روسيا دخلت بقوة إلى هذا المجال أيضًا، حيث قامت بتزويد العديد من الدول الأفريقية بالقمح مجانًا. وخلال القمة الروسية الأفريقية، وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشحن الحبوب مجانًا لست دول أفريقية تشمل زيمبابوي، بوركينا فاسو، مالي، إريتريا، أفريقيا الوسطى، والصومال.
على صعيد الاستثمارات الاقتصاديةلم تحقق أوكرانيا تأثيرًا ملموسًا في مجال الاستثمارات الاقتصادية في أفريقيا، وهو ما اعترف به كوليبا في تصريحات له في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حيث قال إن أوكرانيا حققت "عائدًا منخفضًا للغاية" من استثماراتها في القارة الأفريقية.
الخلاصةرغم التحركات الأوكرانية المكثفة نحو أفريقيا منذ بداية الحرب مع روسيا، فإن تأثيرها يظل محدودًا مقارنة بالنفوذ الروسي. فموسكو استطاعت أن ترسخ وجودها في القارة الأفريقية، سواء عبر الزيارات الدبلوماسية المكثفة أو عبر الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، نجحت روسيا في ترسيخ صورة ذهنية لدى الأفارقة؛ مفادها أن أوكرانيا مجرد وكيل للغرب الاستعماري الذي يتراجع نفوذه في القارة، بينما تُظهر موسكو نفسها كحليف داعم للنظم الحاكمة، بغض النظر عن شرعيتها.
على النقيض، أوكرانيا تواجه تحديات كبيرة في بناء نفوذ قوي في القارة الأفريقية، حيث تفتقر إلى الرؤية الإستراتيجية الواضحة والآليات الفعالة لتحقيق أهدافها. وما لم تعمل أوكرانيا على تحسين موقفها وتعزيز إستراتيجيتها، سيظل نفوذها في أفريقيا محدودًا، مقارنة بموسكو التي تواصل تعزيز وجودها ودعمها للدول الأفريقية في مختلف المجالات.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی القارة الأفریقیة الدول الأفریقیة فی یونیو حزیران وزیر الخارجیة فی یولیو تموز دولة أفریقیة بالإضافة إلى أن أوکرانیا أوکرانیا فی على الصعید فی أفریقیا جولاته فی هذه الدول روسیا فی مع روسیا محدود ا
إقرأ أيضاً:
وكيل الخارجية العُماني يشارك في أعمال منتدى الدوحة 2025 ويؤكد دعم السلطنة لمسارات الوساطة والحلول السلمية
الدوحة – الرؤية
شاركت سلطنة عُمان، ممثلة بوزارة الخارجية، اليوم في أعمال منتدى الدوحة 2025 في نسخته الثالثة والعشرين، المنعقد تحت شعار: "ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس"، والذي افتُتح برعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
وترأس وفد السلطنة سعادة الشيخ خليفة بن علي بن عيسى الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية.
وعقد سعادته عددًا من الاجتماعات الجانبية، كما شارك في الجلسة المغلقة بعنوان: "حماية الوساطة أثناء النزاع المسلح"، مؤكدًا خلال مداخلته على نهج سلطنة عُمان الثابت في دعم الحوار وتعزيز جهود الوساطة والتمسّك بالحلول السلمية للنزاعات.
وسلّط سعادته الضوء على تجربة السلطنة في تبنّي الحياد الإيجابي والتفاعلي، ودورها في تهيئة بيئات داعمة لبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة. وتأتي مشاركة عُمان في المنتدى تأكيدًا لحرصها على الإسهام في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وقد انطلقت في العاصمة القطرية، اليوم السبت، النسخة الـ23 لمنتدى الدوحة 2025، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم.
وأكد الشيخ تميم، أن منتدى الدوحة، هذا العام، يعقَد في ظروف إقليمية ودولية تحتاج إلى تكاتف جميع الجهود لخفض التوتر، ودعم السلام والاستدامة في المنطقة والعالم.
وأضاف في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة إكس "ينعقد منتدى الدوحة هذا العام في ظروف إقليمية ودولية تحتاج إلى تكاتف جميع الجهود لخفض التوتر، ودعم السلام والاستدامة في منطقتنا والعالم، من خلال ترسيخ العدالة، وتعزيز التنمية الإنسانية ومبادئ الحلول السلمية لمختلف النزاعات. أتمنى لضيوف المنتدى التوفيق والسداد، وأرحب بهم في قطر".
وفي كلمته أثناء افتتاح منتدى الدوحة، شدد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عما يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.
وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، إن العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي، مشيرا إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.
رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري يلقي كلمته في منتدى الدوحة 2025 (رويترز)
وأضاف أن عالمنا يشهد تفاقما غير مسبوق للأزمات بسبب غياب المساءلة، مؤكدا الحاجة إلى إعادة الثقة في القانون وإلى منظومة دولية أكثر عدلا.
ولفت إلى أن "العالم لا يحتاج مزيدا من الوعود، بل يحتاج عدالة تترجم الأقوال إلى أفعال"، متابعا إن غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي.
كذلك أضاف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، أن العالم يحتاج إلى عدالة يمارسها الجميع دون ازدواجية في المعايير، قائلا إن سياسات دولة قطر لا تميز بين الأطراف، في حين أنها تقف "إلى جانب ما يخدم الإنسان".
وبالحديث عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معربا عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.
وأعلن أن دولة قطر نجحت بالتعاون مع شركائها في إحداث اختراق بين كولومبيا وجماعة "إي جي سي"، وذلك من شأنه أن يثبت أن الوساطة المسؤولة قادرة على حماية المدنيين.
وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، إنه لا يمكن اعتبار أن هناك وقفا كاملا لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع، مؤكدا استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.
ولفت إلى أن الجهود التي بذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلا "نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل".
كما قال إن بلاده تؤمن بأن لديها دورا في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.
وعلى مدار يومي السبت والأحد، يحتضن فندق شيراتون الدوحة جلسات منتدى الدوحة، الذي يُقام هذا العام تحت شعار: ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس.
ويشارك في المنتدى زعماء ومسؤولون لعدد من الدول، مثل الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس.
كما يحضره رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريندي، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت بيل غيتس.
وإجمالا، يشارك في المنتدى في نسخته الحالية أكثر من 6 آلاف شخص، و471 متحدثا من نحو 160 دولة.