بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: رائد مهندس محمد احمد ادريس
[email protected]
فيما يلى نورد قصة تثبت مشاركة بعض ابناء قبيلة الشكرية فى ثورة 1924 . وهو ما ينفى انها كانت ثورة قام بها قطاع عنصرى من الجيش السودانى يومها .وموقف بعض النخبة السياسية منها معروف واقل ما يقال عنه انه موقف غير وطنى . القصة اوردها على ابوعاقلة أبوسن فى كتابه (المجذوب والذكريات .
ليس من بين أصدقائى من كان يحتفى بقصص وحكايات الشكرية، ويعتبرها تاريخا من التاريخ، أو قَبَسَاً من نُور الذِّكر، مثل المجذوب. وحينما حدثته - أثناء زيارته للقاهرة - عن بهيّة الشكريّة المصرية، جعل يأسي على تاريخ السودان، وقال ما يشبه قولة الشاعر الرئيس، ليوبولد سنجور مع موت كل إفريقي، يموت تاريخ لأن التاريخ الأفريقى شفهي غير مكتوب!! وحكاية بهيّة تشبه الأحاجي، والأساطير.
إبان ثورة سنة ۱۹۲٤ ، كان " أحمد العربي " جنديا في الجيش المصرى. وقد أشترك فى المعارك وجرح، فأخذه ضباط الجيش المصرى إلى داخل معسكرهم، ثمّ لما تقرر خروج الجيش المصرى من السودان، بعد مقتل سير لي ستاك، لفه ضابط مصري صديق فى " مهماته العسكرية، ودخل به إلى القطار وكأنه من ضمن عفشه حماية له من جنود الاحتلال الأنجليزى الذين كانوا يرقبون أنسحاب الجيش المصرى عن كتب وحينما وصلوا إلى القاهرة قال له صديقه المصرى أن مصر نفسها أصبحت تحت الاحتلال الأنجليزي، ولا سبيل إلى سلامته إلا في الأرياف. كان أحمد العربي على معرفة بشيئ من الفقه والدين بطريقة " الفقرا " السودانيين - وهو أول، وآخر " فقير " شكرى أسمع به في حياتي !! فأصبح " شيخا " في الريف المصرى، يجوبه من أقصاه إلى أقصاه، وأصبحت له مكانة وسمعة طيبة، وهو يخفى سره عن كل الناس. وانقطعت صلته بالسودان تماما، ولكنّه ظل على صلة بأهل صديقه الضابط المصري في الأرياف، يزورهم من طرف خفى من حين لآخر، دون أن يعرفوا حقيقة قصته، خوفا من جواسيس الأنجليز المنتشرين فى كل مكان. ثم تزوج من أسرة صديقه الضابط المصرى، وأنجب من زوجته بنتا أسماها " بهيّة ". ولكن... بعد ميلادها بأشهر أصابته علّة شديدة، ولما شعر بأقتراب النهاية كتب ورقة لابنته يحكى فيها قصته، ويعرفها بنفسه وأصله وقبيلته، وذكر في الورقة، إلى جانب والده وأخوته، أسماء معاصريه من زعماء القبيلة آل أبوسن.
وتكبر بهيّة بين أخوالها وخالاتها وتصبح مع مرور السنين ونسيان الورقة، فتاة مجهولة الأصل، خرجت من صلب شیخ سوداني لا يعرف أحد من أين جاء، ولا كيف جاء. وكانت أمها قد تزوجت من خطيبها السابق، أبن خالتها، الذي حرموه منها حينما طلبها الشيخ أحمد العربي، صاحب الكرامات الذي لا يرد له طلب وخلال تعليمها وتحركها في المجتمع كانت بهيّة تشعر أنها وحيدة، بلا أخ أو أخت، مجهولة بلا أهل أو نسب.
زاد عذابها مع نمو عودها، واكتمال أنوثتها ، وأصبح أمر الزواج مشلكة واضحة وهى فى المرحلة الثانوية فمن الذى سيتزوج فتاة لا يعرف أحد أهل والدها. وبينما كانوا يستعدون للأنتقال من الأرياف إلى الأسكندرية، وجدت الأم الورقة التي تركها زوجها السابق، والد بهية في قاع " سحارتها " العتيقة، وسلّمتها لبهية التى جعلتها هم حياتها. ولكن.. أين هو السودان؟ وكيف تصل فتاة بمفردها ألى من تسأله عن هذه الأسماء التي في الورقة.. ثم ما هو الضمان أن يكون أهل أبيها ممن سيشرقها الأنتماء اليهم ؟ أسئلة كثيرة ، لم تجد أجابة عليها حتى أكملت دراستها الثانوية، ثم التحقت بمدرسة عليا للتمريض وعملت " حكيمة مدرسة " في إحدى مدارس البنات بالأسكندرية.
ثم بدأت تسمع أخبار السودان مع نمو الحركة الوطنية، وحرصت على متابعتها وهي خائفة قلقة. هل أهلها فعلا موجودون ؟ هل هناك من يعرفهم ؟ حتى قرأت في الأهرام في أحد أيام سنة ١٩٥٣ أن زعماء السودان وصلوا إلى مصر لمفاوضات تقرير المصير، وأن أحد هؤلاء الزعماء أسمه: محمد حمد أبوسن. وبينما كانت تحاول أن تطير إلى القاهرة جاءتها مفاجأة أخرى بأن الوفد قادم إلى الأسكندرية.
في قصر رأس التين، مقر إقامة الوفد، دخل أحد موظفى الأستقبال وقال للشيخ محمد حمد أبوسن أن فتاة بالخارج تريد مقابلتك، وتقول أنّها أبنة عمك .! ذهل شيخ العرب.. أبنة عمّى أنا في الأسكندرية؟ هل هي سودانية ؟ قال الموظف: لا أنها مصرية. وزادت حيرة شيخ العرب وكان معه صديقه الشيخ محمد أبراهيم فرح ناظر الجعليين، الذي أصر على الخروج معه إلى الأستقبال لاستبانة الأمر.
وفى الأستقبال رأى فتاة مصرية تلبس فستانا أنيقا، تتقدم نحوه في حياء وتحييه. وبعد السلام المتشكك المستريب من شيخ العرب، مدت الفتاة الورقة التي تركها والدها وقالت أنا بنت الراجل اللى كتب الورقة دى. قرأ شيخ العرب الورقة، وظهرت علامات الدهشة والأستغراب على وجهه، فمدَّها للشيخ محمد ابراهيم فرح الذى نظر الى شيخ العرب منتظرا تعليقه على هذه الورقة الغريبة. قال شيخ العرب لبهية أنه يعرف جميع إعمامها المذكورين في هذه الورقة، وهم من الفروع المعروفة في الشكرية، ولكنه لا يعرف والدها ولم يسمع به. واعترف لها بأن كاتب هذه الورقة يعرف جميع آل أبوسن ويذكر أهله بوضوح ولكنّه طلب منها أن تمنحه فرصة حتى يعود إلى السودان، ويسأل آل العربي عن والدها.
وفعلا، أرسل شيخ العرب بمجرد عودته إلى القضارف في طلب أعمامها من البطانة وسألهم عما إذا كان لهم أخ أسمه أحمد لم يعرفه هو ؟ قالوا أن أحمد كان أخاهم الأكبر، وأنّه مات في أحداث الخرطوم سنة الحرب بين أولاد البلد والأنجليز . فأخرج الورقة وقرأ عليهم ما فيها كانت بالنسبة لأهل البطانة مفاجأة من نوع غير عادي. فليس فى البطانة مفقودون . هناك يعرفون مصير كل حی، متى مات وكيف مات، وأين دفن ؟ ومن يغادرها فلن تنقطع صلته بها ما دام على قيد الحياة. وفى نهاية الحديث أبدوا رغبتهم فى أن يشاهدوا أبنة أخيهم.
حينما أزمعت السفر إلى مصر سنة ١٩٥٤ ، كلفني عمّى محمد حمد أن أبلغ رسالة إلى الشكرية - المصرية بهية، بأن كل ما ورد في ورقة أبيها صحيح، وأن الأمر متروك لها إذا رغبت في زيارة أهلها، والجميع يرحبون بزيارتها. لن أنسى وقع هذه الرسالة على بهية وأهلها أل نصير خاصة اللواء . عبدالمجید نصیر و زوجته فاتنانت،هانم، وأولاده مصطفى ومحمد وجميل ومنير وفيفي. لقد طاروا فرحا لبهية التي وجدت أهلها، وجعلوني موضع تكريمهم وأعزازهم بصورة أذهلتني، خاصة حينما أخذوني إلى بلاج " جليم " حيث وجدت نفسى الوحيد الذي يتفرج عليه الناس لأنّه " لابس هدومه في البلاج !! ".. كان الجميع بالمايوه والبيكيني. قضيت مع بهيّة ووالدتها الرائعة وآل نصير أسبوعين في الأسكندرية ظلاً يُدِران في حلقى طعما فريدا للذكريات حتى هذه اللحظة. ذلك وبسبب الطعم كان حرصي الدائم على أن يكون لى سكن فى الأسكندرية ، وفى سيدى بشر بالذات حيث كانت " فيلا" نصير " ولكننى حينما حققت ذلك في التسعينات كانت موضة البلاج قد أصبحت هي الأستحمام بالجلابية
عدت إلى السودان ومعى بهيّة الشكرية - المصرية. ومن الخرطوم توجهنا فورا إلى القضارف، حيث حضر أعمام بهية وأبناء عمها من البطانة ليروا أبنة شقيقهم. كان منظراً فريداً ذلك الذي شاهدته في ديوان الشيخ محمد حمد أناخ فرسان البطانة أبلهم أمام الدار ، ونزلوا محتقبين سيوفهم، وفى أيديهم كرابيج سفر الأبل طوال القامات عليهم وعثاء السفر. وقفوا في حوش الدار ولم يجلسوا في أعينهم ترقب الحائر المستريب، وحنين عودة الغائب الغريب. ولم أرَ منظرا كيومها، حينما ظهرت بهيّة بفستانها الأنيق ولونها الأبيض الممكيج، ليقول شيخ العرب لكل " أخى سفر، جواب أرض تقاذفت به فلوات، فهو أشعث أغبر : هذه أبنة أخيكم أحمد رحمه الله نقلت نظرى بسرعة بين وجه بهية ووجوه
أعمامها وأولاد أعمامها فوجئ كلٌّ منهما بالآخر، وبالرغم من نظرات الحنين كان التواصل مستحيلا. حتى مدّ الأكف وطريقة السلام كانت بمعاناة شديدة. وحينما عادت بهية إلى داخل الدار، رأيت نظرة الحزن في وجوه فرسان الشكرية، تظلّلها حيرة الحياة. ولولا حنكة وحكمة ذلك العظيم الفريد محمد حمد أبوسن لأفلت الموقف. جاء أبناء عم بهية بفكرة الزواج من بنت عمهم، إن أمكن، ولكن المنظر بدل كل شيئ. وجاءت هي بفكرة أحتمال الأرتباط بهم، ولكن المنظر أوقف كل شيئ.
كان على أن أبلغ عمّى برسالة من مناقشات أهل بهية في مصر فحواها إذا كان لبهية أية حقوق في أرض أو مال، فسيكون من العدل أن تأخذ نصيبها لأنها وحيدة. وفي نفس تلك اللحظة نقل عمى الرسالة إلى أعمام بهية. فكان ردّهم أما الأرض، فلها أن تحوز من أرض البطانة ناحيتنا ما تشاء. وأمّا المال، فمالنا هو الأبل والبقر والضأن ولن نبخل عليها ، فاحكم يا شيخ العرب بما ترى. وحينما أدركت بهية أن أرض 1 طانة ليس فيها مدينة تشبه حتى القضارف، دعك عن الأسكندرية، اكتفت بالنصيب الذي قرره لها أهلها، وبالمنزل الذي ورثته عن الرجل الشهم الذى منحها طمأنينة الأنتماء، الشيخ أحمد حمد أبوسن، الذي تزوجها برا بها وإحسانا إليها.
وما زلت أعجب كيف اختارت بهية ترك منزلها ووظيفتها ومدينتها الفريدة، لتعيش في القضارف. ليس هذا فحسب، وإنّما أخذت معها أخاها من أمها، الطفل " مختار " وسودنته هناك إلى غير رجعة، وهو الآن سوداني ومتزوج من سودانية وأولاده فى مختلف المراحل المدرسية.
وقصة بهية ومختار نموذج لطبيعة تركيبة شعب وادى النيل، وهي نموذج
من ملايين النماذج التى لم يتح لها أن يكتبها التاريخ.
سنة ۱۹۷۹، زرت القضارف منزل بهية ما زال يمتاز بلمسة حضارية.
ومع ذلك، أين هي مما كانت فيه ؟ قلت لها أشعر أنني جنيت عليك حينما أصطحبتك إلى السودان ما رأيك ؟ أريد أن أصلح غلطتي. سأقدم لك تذكرة طائرة هدية مني لكي ترجعي إلى مصر وتعيشى مع " فيفي " التي تزوجت وطلقت، وما زالت في فيلا نصير وافقت وجاءت إلى مصر، بالثوب السوداني هذه المرة، وبعد أشهر عادت الى القضارف. قالت لي: لم أستطع مفارقة أهلى بالقضارف!!
وقد سعدت بعد طول أغتراب في أوروبا، أن أكتشف أن مدام فاتنانت كانت ما زالت على قيد الحياة في أواخر الثمانينات مع ابنها جميل، وكان استقبالهم لي بنفس الحب والوفاء الذى عرفته وأنا في سنة أولى حب.. في الخمسينات وما زال صديقي منير نصير وزوجته سعاد وأبناؤهما على ود باق دائم. )...انتهت القصة كما اوردها المرحوم على ابوعاقلة أبوسن فى كتابه (المجذوب والذكريات ...الجزء الثانى)صفحة202 ...القصة ربما تصلح ايضا كمقدمة للقاء الشكرية والحلفاويين فى مشروع حلفا الجديدة ...ومثل هذه القصة فى الحياة كثير...لا شك ان يد التحليل ستمتد لفحوها وسيشرق اقوام ويغرب اخرين. رحم الله الاموات ومتع الاحياء بالصحة والعافية .
وغير ذلك من قصص مصدرها السماع.. يقول رب العزة جل جلاله فى سورة هود ( تِتلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ(49) ويقول عز من قائل في سورة يوسف الاية 81(وَمَا شَهِدْنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَٰفِظِينَ)... للمزيد على الرابط
https://www.facebook.com/groups/349616619751830/permalink/1279045686808914/
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش المصرى شیخ العرب محمد حمد إلى مصر
إقرأ أيضاً:
مؤتمر ولاية صور الدولي يعيد قراءة الدور السياسي والاستراتيجي للولاية في التاريخ البحري العالمي
كشف اليوم الثاني من مؤتمر ولاية صور الدولي عن عمق الحضور التاريخي والحضاري للولاية بوصفها عقدة فاعلة في مسارات الملاحة والتجارة والتواصل الثقافي، عبر سلسلة من الأوراق العلمية التي أعادت قراءة الدور السياسي والاستراتيجي لصور في سياقات إقليمية ودولية متداخلة، واستعرضت امتدادها البحري والفكري من شرق إفريقيا إلى الصين، ومن الخليج إلى جنوب شرق آسيا، ضمن ثلاث جلسات علمية احتضنتها جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بولاية صور.
وأدار الجلسة الثانية الأستاذ الدكتور سعيد الهاشمي وتناولت خمس أوراق عمل بحثية الأولى بعنوان الأسر الصورية في جزر القمر قدمها الأستاذ الدكتور حامد كارهيلا ـ دكتوراة في الدراسات الإسلامية ـ تلخصت بترحيب جزر القمر بالعمانيين خصوصًا أهل صور، الذين كان لهم دور كبير في تنشيط التجارة وتعزيز العلاقات بين البلدين، مما أسهم في انتشار القيم الإسلامية والعربية وتعمّق الروابط الاجتماعية والثقافية المشتركة.
وجاءت الورقة الثانية بعنوان العلاقات التجارية العمانية الصينية قدمها الأستاذ الدكتور أمين فوجي مينغ - أستاذ كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية في جامعة بكين-دراسة تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية-، تحدثت عن دور سلطنة عُمان في طريق الحرير البحري وتوضح كيف كانت عُمان مركزاً مهماً للتجارة والملاحة بفضل خبرتها في بناء السفن ومعرفتها بالرياح الموسمية، مما ساهم في تعزيز التبادل التجاري والثقافي بين الشرق والغرب.
كما تناولت الورقة الثالثة موضوع ولاية صور في كتابات الرحالة الأوروبيين قدمها الأستاذ الدكتور إبراهيم بن أحمد المزيني- أستاذ الدراسات الحضارية وتاريخ العلوم عند المسلمين بجامعة محمد بن سعود- وذكر فيها ما تمتاز به مدينة قلهات من موقعها الاستراتيجي المهم على طرق الملاحة البحرية بين الهند والصين وتاريخ الحضاري العريق، وتتناول الدراسة صورة قلهات كما وصفها الرحالان ماركو بولو الذي رآها مدينة تجارية نشطة تربط الموانئ الآسيوية والعربية، والكولونيل مايلز الذي وصفها بعد قرون كأثر تاريخي مهجور يعكس ماضيها المجيد، متأثرًا بالرؤية الاستشراقية خلال الفترة الاستعمارية البريطانية.
وتطرقت الورقة الرابعة موضوع ولاية صور في الوثائق البرتغالية قدمها الدكتور إبراهيم بن يحيى البوسعيدي- أستاذ مساعد قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعةالسلطان قابوس-، حيث هدفت الورقة إلى عرض مظاهر الحياة والنشاط التجاري في ولاية صور كما وردت في المصادر البرتغالية في القرنين 16 و17، وتحليل الأحداث التاريخية مثل الثورات ضد الوجود البرتغالي. واختتمت الجلسة الأولى بالورقة الخامسة بعنوان النشاط التجاري مع جنوب شرق اسيا قدمها PENG, Kuang-Kai ، حيث تناولت الورقة حركة الملاحة والتجارة البحرية بين الصين القديمة ودول الخليج العربي وعُمان من القرن الثامن حتى الخامس عشر ويركز على الموانئ والسفن والمسارات التجارية التي ربطت الصين بجنوب شرق آسيا ثم بالخليج.
فيما ترأس الجلسة الثانية الدكتور محمد الشعيلي وتناولت خمس أوراق عمل جاءت الأولى بعنوان الصوريون ودورهم التجاري مع البصرة قدمها الأستاذ الدكتور حسين عبيد شراد الشمري- دكتوراة في اللغة العربية- تبحث هذه الدراسة في العلاقة التجارية والثقافية بين صور العُمانية والبصرة، وهما مدينتان كان لهما دور مهم في التجارة البحرية منذ العصور الإسلامية أدّت حركة التجارة بينهما إلى ظهور عادات وحرف وطقوس مشتركة مرتبطة بالملاحة.
في الجانب الآخر، تحدثت الورقة الثانية عن أثر موقع ولاية صور في الأحداث السياسية والاقتصادية بحكم موقعها على بحر عُمان وبحر العرب الذي تقصده السفن القادمة من الخليج والبحار المجاورة وصولًا إلى موانئ جنوب شرق آسيا قدمها الدكتور ناصر بن سعيد العتيقي- دكتوراة في فلسفة التاريخ-. كما تطرقت الورقة الورقة الثالثة عن الأفلاج في ولاية صور ومهارة العُمانيين في الهندسة وإدارة المياه والتخطيط الزراعي (فلج الجيلة أنموذجا) الذي أُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2006 قدمها عزان ين مبارك المقيمي.
وجاءت الورقة الرابعة من تقديم الدكتور يونس بن جميل النعماني- مدير مساعد دائرة قطاع الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم-، حول الهجرة الداخلية في عُمان (الباطنة وصور) وكيف أثّرت على الناس من حيث اللغات واللهجات والمعتقدات الشعبية والعادات الاجتماعية. وتوضح أن تأثير الناس في بعضهم هو عملية مستمرة وديناميكية تحدث من خلال التواصل اليومي، مما يساهم في تشكيل الهوية والسلوك .وبنفس النمط تم التطرق في الورقة الخامسة حول تاريخ الهجرات بين الحواضر العُمانية، خاصّة بين صور وظفار، والتي قامت على علاقات قديمة من التعايش والترابط الاجتماعي والفكري قدمها الدكتور حسين المشهور باعم- دكتوراة في إدارة الأعمال-.
كما ترأس الجلسة الثالثة الدكتور بدر بن هلال العلوي وتم خلالها تقديم خمس أوراق عمل الأولى بعنوان التبادل الملاحي المعرفي بين ميناء صور العماني الذي كان له تاريخ طويل من العلاقات البحرية الطيبة مع ميناء الحامي في حضرموت وقد ساهم البحارة والربابنة عبر القرون في بناء هذه العلاقة الحضارية والتاريخية قدمها محمد علوي عبدالرحمن باهارون.
وتطرقت الورقة الثانية موضوع تجارة القوافل بين ولاية صور وولاية بدية وميناء صور الذي يربط شرق عُمان بأسواق الداخـل ويصدر منتجات استراتيجية مثل البسور إلى الهند، وكان مركزًا للتجارة والهجرة وبناء الثروات في القرنين 19 و20 قدمها المكرم الدكتور محمد بن سعيد الحجري- عضو مجلس الدولة . فيما تناولت الورقة الثالثة موضوع العلاقات التجارية للسفن الصورية مع شرق السعودية قدمها الدكتور علي بن إبراهيم الدورة حيث تحدث بأن عُمان كانت رائدة في الملاحة والصناعة البحرية، وكانت صُور مركزًا للتجارة وتصدير البضائع والهجرة إلى شرق إفريقيا.
الورقة الرابعة كانت بعنوان والهوى صوري مدينة صور وأهلها في روزنامات السفر الشراعي الكويتي وكانت مركزًا بحريًا وتجاريًا مهمًا منذ القرن التاسع عشر، حيث لعب أهلها دورًا بارزًا في الملاحة والتجارة مع الخليج، الهند، وشرق أفريقيا، كما وثّق النواخذة الكويتيون رحلاتهم وعلاقاتهم التجارية مع أهل صور قدمها الأستاذ الدكتور حمد بن محمد بن صراي. وفي الورقة الأخيرة تناولت الأستاذة ألاء وليد المنصور موضوع أهمية ميناء صور في منطقة الخليج ومركزًا مهمًا للتجارة وصناعة السفن في القرن التاسع عشر وله علاقات بحرية مع الخليج والهند وشرق إفريقي. (دراسة ضمن دفاتر النواخذة الكويتيين).
وقد بدأت في اليوم الثاني للمؤتمر فعاليات ملتقى الطفولة الذي استضافته جمعية المرأة العمانية بصور والذي يستمر ليومين ليقدم مساحة نوعية تعنى بالطفل وتبرز حضوره في تاريخ الولاية وثقافتها، متضمنا عروضا مسرحية تربوية وورشا تعليمية وجلسات حواربة وفعاليات إبداعية ومعرضا تشكيليا. كما تستمر في الفترة المسائية في ساحة مركز فتح الخير فعاليات الأسر المنتجة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين وفنونا شعبية.