موقع النيلين:
2025-06-03@13:22:37 GMT

الثورة الرقمية والشرط الإنساني

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

كتاب «الإنسان العاري، الديكتاتورية الخفية للرقمية» لمارك دوغان وكريستوف لابي، وهو كتاب بالغ الأهمية، يتناول كل القضايا الخاصة بالآثار الكارثية التي خلفتها الثورة الرقمية على الشرط الإنساني، ما يعود إلى علاقة الفرد بالزمان وبالمكان، وعلاقته مع نفسه ومع الآخرين، بل امتد تأثيرها ليشمل مجمل الأنوات التي بها يحيا الفرد، وهي ما يشكل «هوياته» الموزعة على فضاءات لا يلعب فيها الواقعي سوى دور بسيط، وعادة ما يكون مجرد ممر نحو عالم افتراضي لا حد لامتداداته، فعوض أن يبحث الناس في الحياة الحقيقية عن أصدقاء حقيقيين، راحوا يلهثون في الشبكات الاجتماعية وراء «صداقات» وهمية خالية من أي دفء إنساني.

وهذا دليل آخر على أن الفضاء الحميمي يجنح الآن إلى الاختفاء، «فالحياة الخاصة أصبحت مختلفة كلياً»، كما يؤكد ذلك صاحبا الكتاب.

ويرى مترجم الكتاب سعيد بنكراد، أن الثورة الرقمية جاءت بالخير، و«كسب الإنسان بفضلها أشياء كثيرة: في المعلومة ومعالجتها وتداولها وفي الصحة والأمن والسرعة، ولكنه خسر كل شيء أيضاً، الحميمية والحياة الخاصة والحرية والحس النقدي.
إنها مفارقة غريبة، يقول بنكراد «فلم تقُد هذه الثورة بإنجازاتها الكثيرة، كما كان مؤملاً، إلى تجدد الإنسانية وتطورها، وإلى بلورة المزيد من القيم التي تحتفي بروح الأخوة والصداقة والكرامة، بل أعلنت ميلاد «فرد فائق» (hyper individu) يتحرك ضد نفسه وضد المجموع ضمن ممكنات «واقع فائق» (hyper realité). إنه إنسان «مزيد» بالافتراضي والبدائل الاصطناعية، ولكنه مُفرغ من الداخل. لقد اختفى الحلم والمتخيل والفعل الاستعاري عنده لتحل محله «الرغبة» و«الاتصال الدائم»، كل ما يتحقق في «اللحظة»، كما يمكن أن تُعاش في زمنية تنتشر في «فضاء أفقي» مصدره كل الشاشات: التلفاز والحاسوب واللوحات والهواتف المحمولة».

لا يتعلق الأمر بتمثيل مزيف للواقع، كما كانت تفعل ذلك الإيديولوجيا قديماً، بل هو الإيهام الدائم «بأن الواقعي ليس هو الواقعي»، كما يقول جان بودريار، فعالم الحياة الفعلية لا يُدرك إلا من خلال مضاف افتراضي يُعمق غربة الفرد عن نفسه وعن واقعه، ويستدرجه إلى وحدة «ينتشي» بها وسط الجموع. إن الواقعي ناقص، وتلك طبيعته، كما هو الإنسان ناقص أيضاً، وتلك عظمته وذاك مصدر قوته. ولكن النقصان في الحالتين معاً لا يمكن أن يعوض بالافتراضي، بل يجب أن يتجسد في فعل إنساني واقعي يسعى فيه الإنسان إلى التغطية على جوانب النقص في وجوده، وذاك كان مسعاه منذ أن استقام عوده وانفصل عن محيط صامت ليخلق تاريخه الخاص.
لقد امتدت سيطرة الافتراضية في عصر الرقمية لكي يشمل كل شيء. فهي الثابت في وجودنا. فنحن لا نكف عن اللعب بهواتفنا أو لوحاتنا، إننا لا نحس بالآخرين حولنا، بل نبحث عن سلوان ومواساة وفرحة ونشوة، أو حالات استيهام، في ما تقوله الصورة في أجهزتنا. لقد تغير كل شيء في حياة إنسان القرن الحادي والعشرين، لم يعد الناس يعيشون ضمن هذه الثورة باعتبارهم كينونة مستقلة تتغذى من القيم وتنتشي بكل مظاهر العزة والكرامة والاستقلالية في القرار، وفي العواطف.

محمد نجيم – صحيفة الاتحاد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

يونيسف: الممارسات الإسرائيلية بمراكز المساعدات تفسر رفض الأمم المتحدة المشاركة في العمل الإنساني

أكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف كاظم أبو خلف، أن الممارسات الإسرائيلية بمراكز المساعدات تفسر رفض الأمم المتحدة منذ البداية أن تكون جزءا من هذا العمل حتى لو كان إنسانيا ظاهريا، إلا أنه لا يراعي مبادئها وعلى رأسها الإنسانية.

وقال كاظم أبو خلف في مداخلة مع قناة القاهرة الإخبارية، اليوم الثلاثاء إن يونيسف عملت بقطاع غزة 40 عاما ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا عملت منذ 75 عاما، لم تقوم خلالها أي من تلك المؤسسات بحمل السلاح أبدا.

وناشد متحدث المنظمة، بضرورة إجراء تحقيق سريع ومستقل فيما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين بمراكز المساعدات، وتحميل المسئول نتائج تلك الممارسات ومحاسبته، مؤكدا أن هذا ما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة.

وأضاف أن المؤسسات العاملة في مجال العمل الإنساني بقطاع غزة على تواصل بجميع الأطراف بمن فيها الجانب الإسرائيلي للتنسيق لدخول المساعدات، ففي مارس الماضي توقفت المساعدات ومُنع دخولها لمدة 78 يوما ثم فُتح الباب بشكل جزئي لدخول بعض المساعدات، وأدخلت "يونيسف" وحدها 24 شاحنة ولديها ألف أخرى بانتظار الدخول.

اقرأ أيضاًاليونيسف: استشهاد وإصابة 50 ألف طفل في قطاع غزة منذ بدء العدوان

اليونيسف: الأزمة الإنسانية في غزة تعصف بالطفولة وتتطلب تدخلاً عاجلاً

مقالات مشابهة

  • يونيسف: الممارسات الإسرائيلية بمراكز المساعدات تفسر رفض الأمم المتحدة المشاركة في العمل الإنساني
  • طفل ينقذ نفسه من هجوم الكلاب عن طريق الشهادتين .. فيديو
  • “المسيرة الإيمانية وبناء الأمة ونجاة الفرد في ضوء الالتزام الجماعي والهجرة الإيمانية” المقاصد والدلالات التي وردت في الدرس الرابع للسيد القائد
  • “تصديري الصناعات الغذائية”: الطباعة الرقمية والاتجاهات المستدامة تقود الثورة الجديدة
  • كيف أعرف أن الله قد عفا عني وسامحني؟.. الإفتاء تجيب
  • الشوربجي: الثورة الرقمية بدأت في الصحف القومية.. والأرباح تطرق الأبواب
  • إعلام القليوبية ينظم ندوة بعنوان «الإدمان خطر صامت يهدد الفرد و المجتمع»
  • «الأغذية العالمي»: الوضع الإنساني خرج عن السيطرة في غزة
  • واجبات الملة نحو ثغورها الشرقية
  • البُعد الأخلاقي في مسيرة الابتكار الإنساني (1- 3)