نظم المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة صالون الشارقة الثقافي “تحديات المسؤولية في القيادة الثقافية”، حيث استضاف الصالون الثقافي د.سلطان العميمي، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وأدارت الحوار الشاعرة والأديبة شيخة الجابري، وذلك في مسرح المجلس، وبحضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي.


وتناولت الجلسة عدة محاور منها الرؤية الشاملة من قبل د.العميمي لأداء المؤسسات الثقافية في الدولة، والذي أكد على أن العمل الثقافي في الدولة مرتبط بمرحلتين، مرحلة ماقبل قيام الاتحاد، ومرحلة مابعد الاتحاد، حيث كان الحراك الثقافي نشطاً ومتميزاً خاصة في إمارة أبوظبي ودبي والشارقة، وكانت هناك بالفعل حركة ثقافية واضحة، لهذا وبعد قيام الاتحاد كان هناك أساس قوي بنيت عليه المؤسسات الثقافية، وكان أولها وأهمها وزارة الثقافة والإعلام كمنظومة ثقافية ذات حضور ودور مهم، فما يميز الثقافة في الدولة أنها ولدت كبيرة، فكانت الدولة منذ البداية حريصة على استضافة أهم الأسماء في عالم الأدب والشعر والفنون وكافة أشكال الثقافة، وعلى إقامة معارض الكتب والأمسيات الشعرية والقصصية والندوات الثقافية والمهرجانات وغيرها، فالمؤسسات الثقافية في الدولة تتميز بأداء رفيع المستوى، ونجحنا بالفعل في صنع نماذج ثقافية يحتذى بها، وتتميز الدولة بطابع ثقافي خاص استطاعت القيادة أن تنميه وتطوره وتشجع استمراريته، كما أن أهم ما يميز الثقافة في الدولة هو الشراكة بين مختلف المؤسسات بهدف تعزيز الدور الثقافي في المجتمع، مثل وزارة التربية والتعليم والتلفزيون والإذاعة والصحف، وغيرها من المؤسسات التي تعمل معاً لتحقيق نفس الهدف.

وحول التحديات التي تواجه القيادة الثقافية أثناء عملها بسبب وجود بيئات متعددة في الوسط الثقافي، تحدث د.العميمي، موضحاً:
في الواقع دولة الإمارات لها خصوصيتها، وفي الشأن الثقافي تحديداً، الكل شريك في المنظومة الثقافية، والكل شريك في العطاء والتلقي، وفي لغة الخطاب، ففي الثقافة تختفي كل الفروقات، فليس هناك فرق في الدين أو الجنسية أو اللغة، بل بالعكس التنوع الموجود يثري المشهد الثقافي في الدولة، وكل شخص على أرض الدولة يعمل من أجل هذا الوطن، ويرتبط به، ويسعى ليقدم له أفضل ما لديه، ويرى نفسه ابناً لهذا الوطن، وعلى سبيل المثال اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فهو مفتوح أمام كل من يرغب في المشاركة وفي إثراء الثقافة في الدولة، وبالفعل هناك حرص من الجميع على الحضور والمشاركة، والدولة تحرص باستمرار على وضع الخطوط المرتبطة بالهوية الإماراتية وتربطها بالقوانين التي تحدد المسؤوليات والواجبات والحقوق.
وحول سمات القائد القادر على إدارة مؤسسة ثقافية، ومن واقع تجربته، تحدث د.العميمي قائلاً:
لابد وأن نميز بين القائد والمدير، ولكل منهما صفاته الخاصة به، والمسألة تخضع كذلك لسياسة كل مؤسسة في اختيار القائد، فالقيادة الثقافية تتطلب مواصفات خاصة ترتبط بالشخصية والخبرة والمهارات التي قد تكون أهم من المؤهلات والشهادات، فامتلاك القائد لمهارات الإدارة مهم، ولكن برأيي الأهم هو امتلاكه لاهتمامات خاصة تنبع من تخصص المؤسسة التي يقودها، فإذا كانت على سبيل المثال مؤسسة فنية، فأنا أفضل أن يمتلك القائد مهارات واهتمامات وخبرات في مجال الفن.
وأضاف مؤكداً على أن القيادة في العمل الثقافي لا ترتبط لا بالمزاجية ولا بالذائقة، بل على القائد أن يكون محايداً، ويتعامل مع المنظومة التي يديرها بمهنية عالية بعيداً عن الآراء الشخصية، ولا يسمح للعلاقات ولا الخلافات الشخصية في التحكم بقراراته الإدارية.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

القيادة الذكية في عصر التحول الرقمي

 

 

د. سعيد الدرمكي

في عصر يشهد تحولات رقمية غير مسبوقة، لم تعد القيادة تقتصر على الخبرة أو الكفاءة الإدارية فقط، بل باتت تتطلب وعيًا رقميًا عميقًا ورؤية استشرافية تدمج بين التقنية والقيم الإنسانية. أصبح الذكاء الاصطناعي ركنًا أساسيًا في بيئة العمل، ما يضع القائد أمام مسؤولية جديدة: قيادة التقنية لا الخضوع لها. لكن ما الذي يعنيه هذا فعليًا للقائد؟

القيادة الذكية ليست مجرد تحديث للدور التقليدي. إنها تحول استراتيجي يجمع بين الرؤية المستقبلية والتقنيات الحديثة في اتخاذ القرار. ومع تسارع التغيرات التكنولوجية، أصبحت المرونة الرقمية ضرورة، إذ يُتوقع من القادة التكيف السريع وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية لتحقيق نتائج فعّالة. كما بات القائد محفزًا للابتكار، وموجهًا للتحول الرقمي، وضامنًا للأخلاقيات الرقمية في بيئة ديناميكية ومعقدة.

الذكاء الاصطناعي يُعد أداة استراتيجية تمكّن القادة من توسيع قدراتهم، لا استبدالهم. فهو يمنحهم رؤية أعمق لتحليل الاتجاهات المستقبلية وفهم ديناميكيات السوق بشكل استباقي، مما يعزز قدرتهم على التخطيط طويل المدى. كما يدعم اتخاذ القرارات المعتمدة على بيانات دقيقة بدلاً من الحدس فقط، مما يرفع من جودة القرار وسرعته. ويُستخدم أيضًا لتحسين تجربة الموظفين من خلال تخصيص الحلول وتعزيز الكفاءة التشغيلية باستخدام الأتمتة والتحليلات الذكية.

التحول من القائد الإداري إلى القائد التحويلي يعكس نقلة نوعية في الفكر القيادي. فالقائد الرقمي يعتمد على البيانات والتقنيات الحديثة لاتخاذ قرارات استباقية، بخلاف القائد التقليدي الذي يركّز على الإدارة الروتينية. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى إرساء ثقافة تشاركية تدمج بين الذكاء الاصطناعي والحدس البشري، وبين الابتكار والحوكمة.

القيادة الرقمية تتطلب مرونة وفطنة تقنية وقدرة على التفاعل مع فرق هجينة وبيئة متغيرة. لم يعد دور القائد يقتصر على التنظيم والمراقبة؛ بل أصبح محفزًا للتغيير وموجهًا للابتكار، مدعومًا بأدوات تحليلية تمكّنه من اتخاذ قرارات سريعة وشفافة، مما يعزز ثقافة الابتكار ويُفعل دور الفريق بشكل أكثر تشاركية.

تواجه القيادات العليا في عصر الذكاء الاصطناعي تحديات معقدة، أبرزها تضخم البيانات التي تتجاوز قدرة التحليل البشري، مما يستدعي أدوات ذكية وفهمًا عميقًا للسياق. كما أن الانحيازات الخفية في الخوارزميات قد تؤدي إلى قرارات غير عادلة إن لم تُراجع بوعي نقدي. وتفرض المنظمات الذكية إعادة توزيع الصلاحيات، حيث تنتقل بعض المهام إلى الأنظمة، مما يستوجب من القادة إعادة تعريف الأدوار والحفاظ على توازن فعّال بين الإنسان والتقنية.

في بيئة الأعمال المستقبلية، تتطلب القيادة الذكية مجموعة من المهارات الأساسية لضمان النجاح والاستدامة. من أهمها الفطنة الرقمية، أي فهم الأدوات والتقنيات الرقمية وقدرتها على خلق قيمة. كما يحتاج القائد إلى مهارة استشراف المستقبل، التي تمكّنه من التنبؤ بالتغيرات واتخاذ قرارات استباقية. وتشمل المتطلبات أيضًا القدرة على إدارة فرق هجينة تجمع بين البشر والأنظمة الذكية. ولتحقيق ذلك بفعالية، لا بد من دمج الذكاء الاصطناعي ضمن الخطط الاستراتيجية للمؤسسة لضمان توافق التقنية مع الرؤية والأهداف طويلة المدى.

القيادة الذكية في عصر الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على الكفاءة التقنية، بل تتطلب وعيًا أخلاقيًا يضمن العدالة والشفافية وحماية الحقوق. على القائد أن يضع ضوابط واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، مستفيدًا من مبادئ الحوكمة الرقمية التي تشدد على الشفافية والمساءلة.

كما أن مسؤولية الخوارزميات تُعد توجهًا حديثًا يلزم القادة بمراجعة مخرجات الأنظمة الذكية وتفادي الانحياز، خاصة في قرارات التوظيف والتقييم. وهنا تبرز أهمية البعد الإنساني، إذ لا تكفي دقة القرار ما لم يكن عادلًا وأخلاقيًا.

فعلى الصعيد العالمي، توظف شركات مثل أمازون ومايكروسوفت الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة، والتنبؤ بالسلوك، وتعزيز تجربة العملاء. إقليميًا، يُعد مشروع أرامكو مثالًا بارزًا في توظيف التحليلات الذكية لرفع الإنتاجية وخفض التكاليف، كما بدأت بنوك وطنية في سلطنة عُمان بتوظيف هذه التقنيات لتعزيز الأداء وتطوير الخدمات. هذه النماذج تؤكد كيف تُمكّن القيادة الذكية من استثمار التحول الرقمي في خلق فرص حقيقية للابتكار.

تركز توصيات القيادة الذكية على تمكين القادة من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دعم التحول المؤسسي. ويشمل ذلك إدماج الذكاء الاصطناعي في نموذج القيادة ليصبح جزءًا من التفكير وصنع القرار، وتطوير استراتيجيات تعزز ثقافة رقمية تفاعلية بين الموظفين، إضافة إلى تضمينه في برامج إعداد القادة الجدد ليكونوا قادرين على قيادة المستقبل برؤية رقمية.

في ختام الحديث عن القيادة الذكية والذكاء الاصطناعي، يتبيّن أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا لدور القائد، بل فرصة استثنائية لتعزيز فعاليته، بشرط أن يُستخدم بوعي وبصيرة إنسانية. فالتقنية وحدها لا تصنع قرارات حكيمة، بل تحتاج إلى عقل قيادي قادر على توجيهها نحو الأهداف النبيلة. القيادة الذكية لا تستغني عن القيم الإنسانية، بل ترتكز عليها، وتستخدم الأدوات الذكية لتوسيع أثرها وتحقيق التوازن بين الكفاءة والتعاطف.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. عرض «أيام أخناتون» في افتتاح مسرح إقليم جنوب الصعيد الثقافي
  • اليوم.. عرض أيام أخناتون وشلباية في افتتاح عروض مسرح إقليم جنوب الصعيد الثقافي
  • شرطة الشارقة و«الثروة السمكية» تنسقان لحماية البحار من الملوثات
  • شاب ينتحل هوية شخص “متوفى” للتملص من المسؤولية الجزائية في قضية مخدرات
  • القيادة الذكية في عصر التحول الرقمي
  • شاب ينتحل هوية شخص “متوفي” للتملص من المسؤولية الجزائية في قضية مخدرات
  • آيت نوري: “هناك روح جديدة في المنتخب وهدفنا إسعاد الشعب”
  • “الشعبية” تنعى الأمين العام لحركة المجاهدين وشقيقه وقيادياً آخر في الحركة
  • “الجهاد الإسلامي” : استهداف العدو الإسرائيلي للقيادة لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا ثباتا وعزيمة
  • المسؤولية الاجتماعية في الحج..