بوابة الوفد:
2025-08-16@18:23:05 GMT

من يمتلك القصيدة: الشاعر أم القارئ؟

تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT

فى الفيلم الإيطالى الشهير Il Postino «ساعى البريد» (1994)، يقوم ساعى البريد فى قرية إيطالية صغيرة بإهداء فتاة يحبها قصيدة يدّعى أنها من تأليفه، بينما هى فى الواقع من إبداع الشاعر التشيلى المنفى بابلو نيرودا. عندما وبّخه نيرودا على هذا الفعل، رد الشاب قائلًا: «فقط لأنك كتبت القصيدة، لا يعنى أنها ملكك.

الشعر ينتمى إلى أولئك الذين يحتاجون إليه.»
قد يدهشنا هذا الرد فى عصرنا الذى يحمى حقوق الملكية الفكرية بقوانين صارمة، ولكن كلمات ساعى البريد تفتح بابًا للتأمل فى مسألة ملكية الشعر. فمن يملك القصيدة حقًا؟ هل يملكها الشاعر الذى أبدعها؟ أم القارئ الذى يتفاعل معها، ويجعلها جزءًا من حياته، ورمزًا لتجاربه وأحلامه؟ لمن تنتمى رائحة الوردة؟ هل هى للشجرة التى تطرحها، أم للعابر الذى يتنفس عبيرها ويسعد به؟
فى كتابه «الكتابة والتناسخ»، يستشهد الناقد المغربى عبدالفتاح كيليطو بحادثة طريفة عن الموسيقار الشهير وولفغانغ أماديوس موزارت، الذى تنازل طوعًا عن بعضٍ من أعظم أعماله لصديق مبتدئ. هذا الفعل يعكس فكرة أن الإبداع قد يتجاوز مسألة الملكية الشخصية، ليصبح مشاعًا بين الناس.
فى التراث العربي، تناول النقاد هذا السؤال منذ قرون. ابن رشيق (ت. 1070 (1071/، أحد أبرز نقاد الأدب فى العصر العباسي، أشار فى كتابه «العمدة» إلى أنواع مختلفة من السرقات الادبية، منها الاصطراف، ويتفرع إلى اجتلاب أو استلحاق، وإلى انتحال، ثم الإغارة، فالغصب، فالمرافدة. وفى هذه الأنواع جميعا، يكون النص المسروق حاضرا بعينه لفظا ومعنى فى منتوج الشاعر. وأضاف أن الشاعر قد يتنازل عن بيت شعرى لشاعر آخر بمحض إرادته. هذا التصرف يعكس فهمًا أكثر تعمقًا للعلاقة بين الإبداع والملكية الأدبية، حيث لا يُنظر إلى القصيدة على أنها ملكية خاصة بل حساب مشترك فى بنك الابداع، إرث جماعى تتناوبه الاجيال.
لم تكن الحدود التى تفصل بين الاقتباس المشروع والسرقة مجرد مسألة قانونية فحسب فقد أثارت تساؤلات حول مدى اعتماد الشاعر على أعمال غيره، وأين يكمن «تعالق النصوص» ومتى يبدأ الإبداع الفردى.
فى السياق الغربي، قدّم الناقد الأدبى هارولد بلوم مفهوم «الانحراف» (clinamen) لفهم هذه العلاقات الشعرية. مستندًا إلى الفيلسوف الرومانى لوكريتيوس (ت. 51 ق.م.)، الذى يشير إلى انحراف الذرة عن مسار الاخرى وهذا الانحراف هو الذى يجعل التغيير فى الكون ممكنًا. طبّق بلوم هذا المفهوم على الشعر، مشيرًا إلى أن الشاعر ينحرف عن مسار سابقه المبدع ليصنع تصحيحًا أو تغييرًا فى اتجاه قصيدة جديدة. وهذا «الانحراف» هو ما يجعل الإبداع الشعرى مميزًا وأصيلًا، ويشكل فى نفس الوقت استجابة إبداعية للقصائد السابقة.
وكما أنّ الشعر قد يصبح ملكًا لمن يحتاج إليه، كذلك يمكن للشاعر أن ينحرف عن أسلافه ليبدع شيئًا جديدًا ينتمى إلى زمنه وتجربته.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القصيدة الشاعر القارئ فتاة قصيدة حقوق الملكية الفكرية

إقرأ أيضاً:

الأنبا مرقس يمنح درجة القارئ للشماس الإكليريكي ريمون عاطف

ترأس، أمس، نيافة الأنبا مرقس وليم، مطران إيبارشية القوصية للأقباط الكاثوليك، قداس منح درجة القارئ للشماس الإكليريكي ريمون عاطف، طالب اللاهوت بالجامعة الحبرية "الأوربانيانا"، بروما، وهو من أبناء رعية كاتدرائية قلب يسوع الأقدس، بمدينة القوصية.

أقيمت صلاة القداس الإلهي الاحتفالي بكابيلا مطرانية القوصية للأقباط الكاثوليك، بمشاركة القمص أنطون رزق الله، والقمص يوسف أقلاديوس، والقمص أندراوس عوض، والأب يوحنا ماهر، والأب بطرس سمعان.

نهضة للعذراء ورسامة شمامسة بكنيسة الثلاث مقارات القديسين بوادي النطرونرسامة 15 شماسًا بكنيسة السيدة العذراء في المعاديرسامة 15 أغنسطس.. وافتقاد كنائس كونكورد وهيوارد بالـ "الأرشيديوسس"رسامة شمامسة لأبناء الكنيسة في سكرامنتو بيد نيافة الأنبا نوفير

واستقبل أمس،  قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة نيافة الأنبا توماس مطران القوصية ومير، بمحافظة أسيوط، حيث استشار قداسة البابا في بعض الأمور الخاصة بخدمته الرعوية.

طباعة شارك الأنبا مرقس وليم الكاثوليك قداس البابا تواضروس

مقالات مشابهة

  • مؤتمر أدبى بالفيوم يحتفى بتجربة الشاعر نادى حافظ
  • مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: الشعب يمتلك القدرة على المقاومة
  • "رحلة نحو الشعر".. تكريم نادي حافظ بمؤتمر ثقافي كبير في الفيوم
  • الأنبا مرقس يمنح درجة القارئ للشماس الإكليريكي ريمون عاطف
  • البيت الأبيض: ترامب يمتلك أدوات كثيرة يمكن استخدامها عند الضرورة
  • إحياء ذكرى القارئ الكبير الشيخ محمود إسماعيل الشريف
  • الصفحة الأوقاف تحيي ذكرى وفاة القارئ الشيخ محمود إسماعيل الشريف
  • ترامب لن يناقش مسألة "تقسيم الأراضي" مع بوتين في قمة ألاسكا
  • مسؤول مصري رفيع بشأن سد النهضة: النيل مسألة حياة ولن نتخلى عن حقنا المائي
  • تساؤلات الحياة والتجارب في بيت الشعر بالشارقة