إيران تخطط للعودة إلى ميناء بورتسودان

الخرطوم- بدأت نتائج المحادثات التي أجراها وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في باكو مؤخرا تظهر على أرض الواقع في شكل دعم عسكري تقدمه طهران إلى الجيش السوداني، في مسعى من إيران لتأمين دور لها في البحر الأحمر.

وكشفت مصادر سودانية أن إيران أرسلت شحنة أسلحة إلى شرق السودان قبل أيام، ما يعزز رغبتها في التواجد داخل مناطق حيوية في البلاد بعد أن وعدت قيادات محسوبة على الحركة الإسلامية طهران بالتعاون معها وتسهيل مد نفوذها في البحر الأحمر إنْ قدّمت إلى الجيش دعما عسكريا سخيا يساعده على الصمود في مواجهة قوات الدعم السريع.



وتحدثت المصادر ذاتها عن شحنات أسلحة دخلت من شرق السودان وتسلمتها عناصر تابعة للجيش، في إشارة تعيد إحياء التعاون العسكري بين طهران والخرطوم الذي راج خلال فترة سابقة قبل أن تُقطع العلاقات منذ ست سنوات.

وأكدت مصادر سودانية أخرى لـ”العرب” أن “الوصول إلى هذه النقطة سيؤدي إلى إفشال المبادرات الإقليمية الرامية إلى وقف الحرب، ويضرب عرض الحائط بالنداءات المستمرة الداعية إلى عدم تدخل أطراف خارجية في المعارك الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسيطيل أمد الاشتباكات والخسائر”.

وأعلنت طهران والخرطوم في أوائل يوليو الماضي عزمهما استعادة العلاقات الدبلوماسية، في أول تقارب بينهما منذ قطع العلاقات عام 2016، ولم يتم الإعلان عن هذه العودة رسميا خشية تفسيرها عسكريا في خضم مأزق الجيش السوداني.

والتقى وزيرا خارجية البلدين على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز في باكو عاصمة أذربيجان، وبحثا معا سبل استئناف العلاقات الدبلوماسية “في أسرع وقت ممكن”، وتبديد سوء التفاهم بين البلدين وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية محمد محسن أبوالنور إن “هذا اللقاء أكد الرغبة الإيرانية القديمة – المتجددة في إعادة العلاقات مع السودان، والتي مرت بمراحل قوة في بدايات عهد الرئيس السابق عمر البشير وتوترت في نهاياته”.

وأوضح لـ”العرب” أن “إيران ترى أن دعم الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع يوفر لها عودة مأمولة لعلاقاتها مع إحدى أهم الدول العربية والأفريقية التي تمتعت فيها إيران بنفوذ واسع خلال ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته”.

وتمثل العلاقة العضوية بين الجيش والحركة الإسلامية السودانية أحد المفاتيح الرئيسية التي تساعده على تطوير علاقاته مع دولة مثل إيران على أساس أيديولوجي، ويجني منها كل طرف مكاسب مختلفة تساعده على امتلاك أوراق قوة في تفاعلاته، سواء أكانت عسكرية أم سياسية.

وذكر محسن أبوالنور لـ”العرب” أن “طهران ألقت بثقلها السياسي كاملا في خندق الجيش السوداني، راجية إعادة تمركزها على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر الذي يعد منطقة حيوية في الإستراتيجية الإيرانية، ويمكّنها من لعب أدوار أبعد من مجرد العلاقات مع السودان، الأمر الذي يستثير غضب قوى متعددة”.

ودأبت إيران على القيام بتدخلات سافرة في عدة دول عربية شهدت صراعات ونزاعات مكنتها من التواجد العسكري فيها وتسخيرها لتحقيق أهدافها الإقليمية.

وعقب لقاء الصادق – عبداللهيان تصاعدت حدة المخاوف من قيام إيران بتقديم مساعدات عسكرية للجيش الذي يعاني من تشتت حاد في الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل الماضي ولم يستطع حسمها بالصورة التي روج لها عند اندلاعها.

وأرسل لقاء وزيريْ خارجية إيران والسودان في باكو، وما تضمنه من رغبة مشتركة في تقويم العلاقات بين البلدين، رسالة يؤشر مضمونها على عدم استبعاد قيام طهران بمساعدة الجيش، مستفيدة من ورطته، وعلى أمل الحصول على مزايا تيسّر لها التواجد في البحر الأحمر.

وشكر علي الصادق إيران على تقديمها مساعدات إنسانية من خلال الهلال الأحمر الإيراني أثناء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.

◙ إيران ترى أن دعم الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع يوفر لها عودة مأمولة لعلاقاتها مع إحدى أهم الدول العربية والأفريقية التي تمتعت فيها إيران بنفوذ واسع خلال ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته

◙ إيران ترى أن دعم الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع يوفر لها عودة مأمولة لعلاقاتها مع إحدى أهم الدول العربية والأفريقية التي تمتعت فيها إيران بنفوذ واسع خلال ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته

وبحث متابعون عن إجابة شافية لسؤال: لماذا أرادت إيران إعادة العلاقات الدبلوماسية مع السودان الذي يعاني من فوضى وعدم الاستقرار وحرب لا أحد يعلم مداها؟

وإذا كان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان يبحث عن دعم خارجي لمساعدته في محنته فسيمثل ذلك أزمة جديدة له عندما يأتي من إيران المعروفة بأجنداتها الخفية، وسيثير ريبة قوى إقليمية ودولية وربما يدفعها إلى التدخل ومنع تطوير أي شراكة سرية بينهما، أو دعم قوات الدعم السريع في المقابل، ما يزيد الحرب اشتعالا.

وسيلقي ذلك بظلاله القاتمة على محاولات طهران تطوير علاقاتها مع السعودية ومصر، وهما أكبر المتضررين من أي تواجد عسكري لإيران على البحر الأحمر.

وقبل قطع العلاقات بين البلدين امتلك السودان علاقات وطيدة مع إيران وراجت اتهامات من قبل أطراف سياسية في الخرطوم انتقدت سعي طهران للتدخل في شؤون البلد الداخلية وإنشاء مراكز دينية طائفية، وتم إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية عام 2014 بعد تزايد نشاطها لنشر المذهب الشيعي.

وذكرت تقارير صحفية أن الحرس الثوري الإيراني لديه علاقات سابقة مع مسؤولين عسكريين سودانيين، بعضهم مازال في الخدمة، ما يدعم تخوّف قوات الدعم السريع من تدخل إيراني محتمل لدعم الجيش، وهو ما يفسر طلب إعادة العلاقات الدبلوماسية.

ودعمت إيران قطاع إنتاج الأسلحة في السودان وكانت من أهم الموردين في عهد الرئيس السابق عمر البشير، والتفتت دوائر إقليمية إلى خطورة دورها بعد اتهام السودان لإسرائيل بضرب مجمع اليرموك للصناعات العسكرية بالخرطوم في أكتوبر 2012، ثم غادرت سفينتان حربيتان إيرانيتان ميناء بورتسودان.

واعترضت إسرائيل سفينة في البحر الأحمر في مارس 2014 قالت إنها كانت تحمل صواريخ أم – 302 وغيرها من الأسلحة القادمة من إيران وفي طريقها إلى ميناء بورتسودان ومنه إلى قطاع غزة عبر حدود مصر الجنوبية وصحراء سيناء، وأحكمت قوات الأمن المصرية السيطرة ومنعت تهريب المتطرفين والأسلحة من السودان.

https://alarab.news/%D8%B7%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86%D9%81%D8%B0%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: العلاقات الدبلوماسیة فی البحر الأحمر دعم الجیش إیران على

إقرأ أيضاً:

السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو

السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
(اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة).

أثار الصحافي عثمان فضل الله منذ 2023 مسألة متعلقة بطبيعة قوات “الدعم السريع” وتراكيبها قلت إثارتها في الخطاب حولها. فقال فضل الله إن الوضع في الحرب اقترب من الانفلات، وذكر للجيش عيوبه من هذه الجهة، لكنه قال إن دلائل هذا الانفلات أوضح ما تكون في “الدعم السريع”. فتركيبة هذه القوات، بحسب قوله، اختلفت اليوم عنها في الـ15 من أبريل يوم نشوب الحرب القائمة في السودان. حين كانت قوة شبه نظامية بقانون، لكنها انتهت في يومنا إلى تحالف من ست ميليشيات، بل واستصحبت جماعة مستنفرة معروفة بـ”أم باغة” تقاتل لأجل الغنيمة. كذلك فإن بينها اليوم طلاب غنيمة آخرين مستنفرين من قبلها عرفوا بـ”الكسابة” (جمع كاسب). فلم تعد “الدعم السريع”، بحسب فضل الله، جيشاً موحداً وإنما مجموعات عسكرية يرغب قادة “الدعم” في التنسيق بينها، لكن “المؤشرات جميعها ترجح احتمالية تفككها وتحولها إلى عصابات تهاجم المدن من أجل السلب والنهب في ظل الضعف البائن على الأجهزة الأمنية والعسكرية”.

وفرت وقائع أخيرة في أوساط قوات “الدعم السريع” نافذة لنظرة أخرى لطبيعة “الدعم السريع”. وأسفرت بفضل هذه الوقائع عن تكوينات مغرقة في القبائلية لم تلطف منها 25 شهراً من الحرب. وهذه الوقائع هي معركة أم صميمة في كردفان في هذا الشهر التي خسر “الدعم السريع” فيها البلدة بكلفة فادحة وسط منسوبيه من شعب المسيرية من البقارة. أما الواقعة الأخرى فهي حملة “الدعم السريع” لمحاربة الظواهر السالبة في حاضرته مدينة نيالا في دارفور. وساءت أشياء منها منسوبيه من شعب الفلاتة من أهل جنوب دارفور فعرضوا بهويتهم القبلية. أما الواقعة الثالثة فهي هجوم جماعة قيل إنها منسوبة لـ”الدعم السريع” على شعب دار حامد من سكان شمال كردفان عند مدينة الأبيض. فنهب المهاجمون قرية شق النوم وما حولها وأحرقوا بيوتها وقتلوا نحو 300 شخص. وبالطبع ساء ذلك منسوبي “الدعم السريع” من دار حامد وظاهروا بهويتهم القبلية.

تواترت اللايفات من منسوبي “الدعم السريع” من المسيرية بجنوب كردفان بعد خسارة أم صميمة وعرضوا لتظلمهم من “الدعم السريع” على بينة من هويتهم القبلية. فطغت الشكوى من أن كردفان ناقصة في عتاد الحرب حتى إن أحد “اللايفاتية” قال إنهم فاتحوا قائد ثاني “الدعم السريع” عبدالرحيم دقلو بالأمر حين التقوا به في نيروبي على أيام مؤتمر نيروبي في فبراير (شباط) الماضي للتحضير لقيام حكومة موازية في مناطق سيطرة “الدعم السريع”، فقال لهم عبدالرحيم “أبشروا”، ولكن لا حياة لمن تنادي. وقال إن قيادة الدعم ترسل لهم في كردفان قوى إسناد من دارفور بكامل عتادها إلا أنها لا تغشى الوغى في حين تتوعد بغزو الإقليم الشمالي.

وبؤس تسليح المسيرية قديم حتى إن القائد جلحة، الذي قتل بمسيرة في الخرطوم في يناير الماضي، كان يقول إنه كان “يقلع” السلاح والسيارات قلعاً من الجيش و”الدعم السريع” معاً. وقال سافنا، قائد آخر من مسيرية كردفان، إنه كان كذلك يستولي عنوة على المركبات بل يملأها غازاً من بعض ذهب عثر عليه لأنه لم يكن له مرتب حتى. وبلغ بهم سوء الإعداد في قولهم إن أفراد قوتهم حاربوا وهم ينتعلون “شباشب” لا الأحذية العسكرية.

واستدعى حرج خسارة أم صميمة خروج القائد البارز قجة من شعب المسيرية بقضية جماعاتهم في “الدعم السريع” بقوة مع سعة. فوجه رسالته لحميدتي وأخيه عبدالرحيم مذكراً بأرتال شهدائهم للقضية. وقال إنه لا يؤمن بالقبلية، لكن مكره للحديث عنها. فمهما قلنا عنها سلباً فهي لا تزال العامل الذي من وراء نجاح قضيتهم. ثم وجه حديثه لمنسوبي المسيرية في “الدعم السريع” في كل جبهات القتال للوحدة لكي يثأروا لشهدائهم إذ سقط 50 منهم فقط في معركة أم صميمة. وقال بعد تعديد قادة المسيرية الشهداء إنهم سيقاتلون الكيزان حتى آخر مسيري. وأكد خلوه من الشك في القبائل التي قاتلت معهم جنباً لجنب بولاء وفروسية ولا مطعن. ولأنه ليس بالإمكان جمع مسيرية “الدعم السريع” في مؤتمر عام في يومه فهو يوجه عنهم رسالة للقائد العام ونائبه بما حملته له 35 مجموعة منهم عن نقصهم في عتاد الحرب. وجاؤوا له بالشكوى لأنه بمنزلة القيادة فيهم. وقال إنهم لا يطلبون غير تزويدهم بالعتاد لأداء واجبهم في الميدان حتى الموت على أكمل وجه. فهم يريدون من قيادة “الدعم السريع” أن تزودهم بالسلاح الثقيل من منظومات إلى مدافع 25 إلى مدافع 14 ونصف وأجهزة التشويش، ولتسألهم بعد ذلك إن خذلوها. ونفى العنصرية عن نفسه، بل عرض الأمر بوجهه القبلي لإحسان القتال من أجل القضية التي نزفوا شهداء عدداً من أجلها.

ومع تبرؤ قجة عن الطعن في فروسية غيرهم في الحرب إلا أن كثراً دونه رتبة حملوا على الرزيقات، بخاصة جماعة حميدتي، بغير مواربة. فقال أحدهم إنهم هم من قاتلوا دون غيرهم وبذلوا الشهداء، 489 منهم، في بلدة الخوي وأم صميمة وحتى مدينة نيالا التي هي عاصمة “الدعم السريع” في دارفور. وتساءل أين كان قادة بالاسم من الرزيقات حين كانوا يكتوون هم بالحرب ولا يزالون. بل تجد من عزى في شهيد قائد أخير لهم هو التاج يوسف محمود قولنجنق واتهم قادة من الرزيقات بالاسم قال إنهما من وفرا للجيش إحداثيات أصابت موضع الاجتماع الذي كان انعقد بينهم. وطلب من القيادة أن يخضع القائدان لتحقيق قال إنه عاجل غير آجل. وزاد قائلاً إن قلبهم محروق على قولنجنق وثأره يكون في هزيمة الجيش في مدينة الأبيض، حاضرة كردفان، وولاية النيل الأبيض.

وعاد قائد آخر إلى بؤس تسليحهم بقوله إنه أحصى 1500 مركبة للرزيقات موصولة بالواي فاي “تتحاوم” في الأرجاء بينما هو وجنده، 1750، بلا سيارات في حمى القتال. وشكا آخر من عدم تعزية القائد العام لهم في شهدائهم. وانتقد مجموعات الرزيقات في نيالا التي تحظي بعناية “الدعم السريع” وهم خارج ميدان المعركة الدائرة في كردفان يعانون نقصاً في الطعام والبنزين. وسأل “من أين لي ملء تنك السيارة؟ أنت لم تعطني مرتباً”. واستنكر طريقة القيادة في ترضية خاطر كل من خرج بلايف يشكو حاله. وسأل “هل تحولت حربنا إلى الوسائط؟ هل لم يبق لنا سوى الشحذة من فوق منصاتها؟”. وقال إنهم لا يشحذون من بشر إلا من رب العالمين، وإن الروح بلغت الحلقوم ولن يصمتوا بعد هذا. وجاء أخيراً من قال إن القضية التي يقاتلون من أجلها هي قضيتهم بغض النظر عن “الدعم السريع”، وإن “الدعم السريع” لو قرر أن يتنصل منها فسيحاربونه كما يفعلون مع الجيش.

وخرج جماعة من منسوبي شعب الفلاتة بجنوب دارفور بهويتهم القبائلية بعد حملة نظمتها قيادة “الدعم السريع” في بدايات هذا الشهر لمحاربة الظواهر السالبة في مدينة نيالا. فصدر الأمر بألا يوجد عسكري بزيه وكدموله وسلاحه وسيارته العسكرية في سوق المدينة. وبدا أن قيادة “الدعم السريع” استجابت لتجار السوق الذين اشتكوا من الإتاوات التي يفرضها عليهم عسكريون من “الدعم السريع”، أو في لباسه. وبجانب هذا منعت الحملة بيع السلاح والمخدرات.
وحدث أن تعرض لواء بـ”الدعم السريع” من الفلاتة، وهو ابن زعيم فيهم أيضاً، إلى معاملة قاسية من فريق من فرق الظواهر السالبة انتهت إلى جلده في عرض الفضاء. وجاء مرافق له في لايف وحكى الواقعة وهو في غاية الغضب لإهانة الضابط العظيم ابن قبيلته. فلعن الظواهر السالبة ذاتها التي خولت ضرب ضابط زعيم ما كان لأحد أن يمد عليه أصبعاً من قبل. وقال إنه لا يشك في أن تلك الواقعة كانت مقصودة أراد بها الرزيقات في نيالا الإساءة للفلاتة في شخص الضابط. فاحتج أن الحملة لم توقف السيارة لتسأل عن هوية من فيها، بل امتدت يد بعضهم إلى قطع غيار السيارة وأخذوها. وحين احتج الضابط وسأل: هل هذه حملة ظاهر سالبة أم حملة حرامية؟ كان ما كان.

وزاد بأن الضابط الذي أهانه الرزيقات لازم المعارك جميعها ولم يتأخر عن واحدة. وقال لمن تقصدوا أهله بأنهم ليسوا أشرف منهم في حرب بذلوا قصاراهم فيها بضحايا وجرحى لم يحظوا بعلاج بعد. وعاد إلى تقصد الفلاتة ورجع إليهم بـ”العجم” مقابل العرب وقال إنهم إن صمتوا عما حاق بهم من حملة الظواهر كتبهم التاريخ جبناء إلى جنى الجنى. وقال إن بوسعهم كفلاتة إسقاط نيالا المدينة نفسها في يوم واحد. وقال إن “الدعم السريع” لم يفقد الخرطوم إلا لأن المتنفذين فيه لا يقيمون وزناً لغيرهم. وجاء جماعة من منتسبي الفلاتة في “الدعم السريع” من المجموعة 110 لينادوا كل من فيها لمغادرة مقدمات ميادين القتال والعودة إلى تلس، حاضرة الفلاتة، لأن ما تعرض له الضابط العظيم “عنصرية عديل” لا يرضون بها.

وأخرج منسوبو “الدعم السريع” من شعب دار حامد، شمال مدينة شمال الأبيض في شمال كردفان، هويتهم القبلية في ملابسات انتهاكات واسعة قامت بها قوات من “الدعم السريع” على قراهم كما تقدم. وجاء مدثر شمين منهم على لايف ليستنكر خلو ديارهم من الحماية التي تتمتع بها نيالا ومدن آمنة غيرها في دارفور. وحز في نفسه أن ينهب المتفلتون “بنات عمه” ويوسعوا أهله قتلاً بقوة مدججة بالدواشكي والمدافع وهو وجماعته مرابطون في ثغور “الدعم السريع”. وقال إنه إذا كان الخيار بين قبيلته و”الدعم السريع” فقبيلته أولى. وسيحارب “الدعم السريع” بكاكيه وسلاحه هو نفسه. ونفى أن يكون الهجوم على أهله من “الدعم السريع”، ولكن أخذ عليه غياب الحماية منها عنهم. وحيا القائد حميدتي وقال إنه من وحد القبائل. ونسب الهجوم إلى من أرادوا الفتنة بين دار حامد “والدعم السريع”، وهذا مناهم ولن يحصل.

وخرجت هوية منتسبي “الدعم السريع” من السلامات، وهم من شعب البقارة، لمناسبة بتر رجل قائد منهم هو الليبي. فظهر اللايفاتي فرانكو ليحييه ويكفر له كمدخل لتظلم السلامات. فالقادة منهم، في قوله، لا يحظون بسيارات مصفحة مثل غيرهم. وحكى عن اضطرارهم إلى تأجير عربة ثلاجة في أم درمان لنقل قائد مصاب منهم لأن أصحاب العربات من غير السلامات بخلوا بها عليهم. ومن تكرم “الدعم السريع” منهم عليه بسيارة كانت خربة. وعرض لثباتهم في الحرب دون غيرهم. فجاء بذكر قائد من الرزيقات لم يغش موضعاً حاراً من الحرب إلا غادره إلى موقع خلفي. ثم شكا من إهمال جرحاهم حتى تعفنت جراحهم. ثم عرج على الحكومة التي يزمع “الدعم السريع” تكوينها واحتج على خلوها من سلامي منهم مع أنهم أشجع من سائر غيرهم. وطلب تخصيص وزارة الدفاع لهم، بل قال إنه كان من المفروض أن يكون للسلامات المركز الثاني بعد حميدتي لسابقتهم في “الدعم السريع”.

ثم ظهر لايفاتي آخر منهم احتج على عبدالرحيم دقلو لإهمال جرحاهم وعلاجهم في نيالا في أحسن الحالات في حين يبعثون بجرحى الرزيقات إلى الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج. وجاء ثالث يحتج على تهميشهم وحرمانهم من عربات للقتال وليطلب في آخر كلمته من الأفراد من السلامات في “الدعم السريع” الانسحاب من كل المواقع المتقدمة.

وكشف متحدث من قبيلة المحاميد وهم من رزيقات شمال دارفور عن هويته القبلية في معرض ما انكشف له عن عنصرية “الدعم السريع” أيضاً وقال إنه كمن كتب عليهم أن يكونوا في مقدم الحرب بينما يتراخى (تلميحاً للماهرية وهم الخاصة من الرزيقات في الدعم السريع) وسماها عنصرية. وإذا وضعوهم في الالتفافات، أي في جانب من الحرب، كثرت الاتصالات بهم أن أفزعونا لأن العدو غلبهم. واشتكى أن العربات تذهب لمن لم يقاتل ولم يتدرب حتى. وقاتل المحاميد في قولهم من الـ14 من أبريل ودفعوا ثمن بنزين من جيوبهم.

اتفق لطائفة من القوى التي كانت من وراء ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 أن “الدعم السريع” هي جيش ثانٍ في يومنا ولا بد لأية تسوية للحرب أن تأخذ حقيقتها هذه بالاعتبار. وهذا منها بخلاف ما اتفق لهم خلال مقاومتهم دولة الإنقاذ وثورتهم حين عدوه ميليشيات “تنحل ولا تحكم دولة”. وقضى اتفاقهم الإطاري للإصلاح الأمني والعسكري عند مغرب حكومتهم الانتقالية بدمجه في الجيش. وطالما راجعت هذه القوى موقفها من “الدعم السريع” فعدتها جيشاً ثانياً لا ميليشيا، صح لها أن تقف من كثب على تراكيبه المهنية والاجتماعية، بما في ذلك المؤسسة الاقتصادية التي بيده، في الاتفاق الوطني الذي يبشرون به بعد وقف إطلاق النار. فكثير منهم منزعج جداً للميليشيات والحركات العسكرية التي تقاتل مع الجيش ويخشون يوماً كريهاً منها على استقرار البلاد. وصح بالمثل أن يقفوا على “السلالية” المستفحلة في “الدعم السريع” التي كشف هذا المقال عنها لاستصحابها في تسكينهم له كجيش ثانٍ في الدولة الوطنية الحديثة المنتظرة.
عبد الله علي ابراهيم
عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعود إلى إيران للمرة الأولى منذ حرب الأيام الـ12
  • حرب الاستخبارات السرية بين إيران وإسرائيل بدأت
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
  • ميناء سفاجا يشهد مرور أول شحنة ضمن التجربة التشغيلية للممر التجاري الإقليمي الجديد