روما- تستعد ليبيا وإيطاليا وأطراف عدة لتنظيم النسخة الثالثة من "قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد" يومي 18 و19 يناير/كانون الثاني المقبل في روما، وسط طموح مدفوع بثروات كبيرة في الدولة الواقعة شمالي أفريقيا وتحديات أمنية وسياسية تعيق استغلالها.

وتصدرت شركة "سايبم" الإيطالية المشهد بداية الأسبوع الجاري خلال المائدة المستديرة بين ليبيا وإيطاليا، استعدادا للقمة بعد أن أظهرت جاهزيتها لتنفيذ مشاريع كبرى في الأراضي الليبية.

وأعلن المدير التنفيذي لـ"سايبم" في شرق شمال أفريقيا وقبرص دجرفيو إيليا خلال المائدة المستديرة التي عقدت في روما تأهيل شركته المبدئي لتنفيذ أعمال الهندسة والتوريد والبناء والتركيب لمنصة الإنتاج (إي)، وهي جزء من مشروع تطوير الهياكل (إي) و(آي) البالغة قيمته 8 مليارات دولار.

ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز إنتاج الغاز في ليبيا، لتزويد السوق الداخلي وتلبية احتياجات أوروبا المتزايدة للطاقة.

ليبيا تسعى إلى زيادة إنتاج النفط والغاز (رويترز) فرص متاحة

ويقود مشروع تطوير هياكل إنتاج النفط شركة "مليتة للنفط والغاز"، وهو مشروع مشترك بين الشركة الإيطالية متعددة الجنسيات "إيني" والشركة الوطنية للنفط الليبية، ويهدف إلى زيادة إنتاج الغاز لتزويد السوق الداخلي الليبي وتصدير الغاز إلى أوروبا، كما يهدف إلى الوصول إلى إنتاج 750 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا بحلول عام 2026.

وقال دجرفيو إيليا "أتممنا التأهيل المبدئي لمنصة الإنتاج التي ستمنح ليبيا واحدة من أكبر منصات الإنتاج في البحر المتوسط، سيكون ذلك تحديا، فهي منصة تزن أكثر من 60 ألف طن، مع واحد من أكبر الهياكل المعدنية في هذا القطاع".

واستعرضت المائدة المستديرة في روما آفاق استكشاف البترول والتطوير في ليبيا، بالإضافة إلى مشروع تطوير هياكل إنتاج النفط حاليا، وركزت "إيني" على بعض المشاريع المتعلقة بالغاز قيد التطوير، بما في ذلك مشروع استغلال الغاز في حقل البوري، مدعوما بمنشأة لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومشروع آخر لإنتاج الغاز بسعة 100 مليون قدم مكعب يوميا، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2025.

ورغم فرص الطاقة الكبيرة التي تزخر بها ليبيا فإن التحديات الاقتصادية والسياسية تعرقل تقدم الإنتاج في النفط والغاز بالبلاد، وفق وسائل إعلام إيطالية تحدثت عن الأمر قبل أيام من انطلاق المائدة المستديرة في روما.

ويشير الباحث في الجغرافيا السياسية والاجتماعية والأستاذ الزائر بجامعة تورينو مصطفى الزعيتراوي إلى أن ليبيا تمتلك إمكانيات هائلة لتطوير الطاقة المتجددة بفضل مساحتها وطقسها الملائم.

ويقول الزعيتراوي للجزيرة نت إن ليبيا بموقعها الجغرافي المتميز بالقرب من أوروبا وبمواردها النفطية الوفيرة تمثل شريكة حيوية لأوروبا، خاصة إيطاليا التي تسعى لضمان مصادر طاقة مستقرة.

ويؤكد الزعيتراوي أهمية الدور الذي تلعبه إيطاليا كوسيط في تطوير قطاع الطاقة الليبي، مشيرا إلى أن استثماراتها قد تضمن استدامة الشراكة على المدى الطويل، وأن تحسين إنتاج الطاقة الليبية قد يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد من خلال توفير فرص العمل وزيادة العائدات.

تحديات

وعن الالتزامات الإيطالية بخصوص الإنتاج الطاقي في ظل الوضع الليبي الحالي، قالت مارتينا أوبيتزي رئيسة منطقة شمال أفريقيا وبلاد الشام في "إيني" "نحن ملتزمون بتزويد ليبيا بكمية كافية من الغاز لتلبية الإحتياجات الداخلية ومواصلة التصدير، مع تقليل بصمتنا الكربونية"، مضيفة أن الشركة المشغلة "سايبم" قد "وقعت بالفعل بعض العقود لجميع المشاريع".

وإلى جانب تسويق الغاز تولي ليبيا الأولوية لاستعادة إنتاج الحقول النفطية الناضجة والأصول القديمة كما جاء في تقديم المائدة المستديرة في روما، والتي أشارت إلى أن طرابلس تبحث عن الشركاء الدوليين في القطاع الخاص لتطبيق تقنيات متقدمة وتنفيذ أعمال التحديث والصيانة لزيادة معدلات الاسترداد واستقرار الإنتاج.

وفي هذا السياق، أكد المدير التنفيذي لشركة وازن لخدمات النفط إبراهيم المجرسي أن "ثمة إمكانيات هائلة في أعمال الصيانة في ليبيا، سواء كان ذلك يتعلق بمستثمر يريد توفير منتجات أو شركة خدمات أو هندسة".

وعلى المدى الطويل، تظل التحديات المتعلقة بالاستقرار المالي والسياسي والعقود قائمة بالنسبة لليبيا التي لا تزال تواجه أوقاتا طويلة لتنفيذ المشاريع، مما يعرقل الاستثمارات الأجنبية واستكمال المشاريع الجارية في الوقت المناسب، فمثلا حصلت الشركة الإيطالية للهندسة والمقاولات العامة (رينكو) على عقد لبناء محطة كهرباء بقدرة 36 ميغاواطا في حقل "السرير" شرق ليبيا عام 2013، لكنها لم تدخل حيز التشغيل إلا في يونيو/حزيران من هذا العام بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي وتأخر المدفوعات.

وفي هذا السياق، يقول أليساندرو غالي مدير قسم المنشآت الصناعية في شركة رينكو "نحتاج إلى بدء المشاريع بضمانات، وخطابات اعتماد، وأدوات مالية توفر الدعم وتخلق اليقين من النظام المصرفي".

التحديات المالية

من جانب آخر، أطلق رئيس مجلس إدارة البنك الليبي الخارجي أحمد الدّرات تحذيرا بشأن التأثير المدمر للأزمة المالية على التكلفة المعيشية في ليبيا قائلا "أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بشكل هائل، مع زيادات تصل إلى 300% لبعض المنتجات".

وأشار الدرّات إلى أن العملة الليبية فقدت جزءا كبيرا من قيمتها، مؤكدا أن الأزمة تؤثر بشدة على الأنشطة التجارية في البلاد.

وأضاف "التجار والفاعلون الاقتصاديون يواجهون صعوبات: لا يستطيعون ممارسة أعمالهم أو لا يتمكنون من إدارة عملياتهم بكفاءة"، وأوضح أن حالة عدم اليقين حول حوكمة المصرف المركزي الليبي وانعدام الثقة في المعاملات المالية شلت النظام الاقتصادي.

وتابع "كل يوم يمر بدون حل يزيد تفاقم الوضع، مما يجعل المشكلة أكثر صعوبة في الحل".

وأكد الدرّات أن استمرار الأزمة المالية يدفع البلاد نحو الانهيار الاقتصادي، محذرا من أن "كل يوم من هذه الأزمة يعادل شهورا من الجهود لحل المشاكل وتنظيف الفوضى التي تترتب عليها".

وختم بقوله "يجب أن يحدث تغيير في أقرب وقت، وإلا ستصبح الأوضاع غير قابلة للاستمرار"، معربا عن أمله في أن يتم إيجاد حل قبل أن تتدهور الأوضاع بشكل أكبر.

تقلبات السياسة

وقال الباحث مصطفى الزعيتراوي في حديثه للجزيرة نت إن التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها ليبيا مثل الانقسام السياسي والهشاشة الأمنية تجعل إمدادات النفط عرضة لتقلبات السياسة، وقد برز ذلك مؤخرا خلال أزمة مصرف ليبيا المركزي، والتي أدت إلى إغلاق حقول نفطية وتقليص صادرات البلاد بنسبة تصل إلى 80%.

وذكر أن القدرة الإنتاجية الحالية لليبيا تبلغ 1.2 مليون برميل يوميا، مع إمكانية زيادتها إلى 3 ملايين برميل، مما يعني وجود فرص كبيرة لإيطاليا وشركاء ليبيا لزيادة الاستثمارات في هذا المجال.

بوابة الاستثمار

وبيّن الزعيتراوي أن السياسات المستقرة والشرعية المؤسسية مفتاحان أساسيان لجذب الاستثمارات في قطاعي الطاقة التقليدية والمتجددة، ولهذا يجب على إيطاليا باعتبارها واحدة من أكبر المستثمرين في ليبيا أن تضطلع بدور أكثر نشاطا في إنهاء الأزمة السياسية، لأن ذلك سيؤدي إلى شراكة اقتصادية واستثمارية مستدامة ومثمرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المائدة المستدیرة فی لیبیا فی روما إلى أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

ييتس يفوز بسباق إيطاليا للدراجات

 
روما (رويترز)

أخبار ذات صلة إيطاليا تُحرم من بونجورنو وأتشيربي «عمومية عربي الدراجات» تعتمد استمرار مجلس الإدارة الحالي


فاز سيمون ييتس، من فريق فيسما-ليز أبايك بسباق إيطاليا للدراجات 2025، ليحصد لقبه الثاني ضمن الجولة الكبرى، بعد أن حسم اللقب فعلياً في اليوم السابق، عندما انتزع القميص الوردي من إيزاك ديل تورو.
وتلقى ييتس ورفاقه مباركة البابا ليو في الفاتيكان قبل أن يشق البريطاني طريقه بسهولة إلى خط النهاية في روما في المرحلة الأخيرة، التي فاز بها زميله في الفريق أولاف كووي بفارق ضئيل في نهاية سريعة.
وأصبح ييتس، الذي كان يرتدي ملابس باللون الوردي على دراجة وردية اللون، أول متسابق منذ ألبرتو كونتادور في عام 2015 يفوز بسباق إيطاليا دون تحقيق الفوز في أي مرحلة.
وبعد رحلة لمسافة 3300 كيلومتر عبر إيطاليا وألبانيا وسلوفينيا، كانت المرحلة النهائية عبارة عن رحلة بطول 143 كيلومتراً بدأت وانتهت في روما، بما في ذلك ثماني لفات من دائرة بطول 9.5 كيلومتر في المدينة الخالدة روما.
وبينما كان المتسابقون يمرون عبر معالم روما البارزة، مثل الكولوسيوم، تقدمت مجموعة مكونة من ستة متسابقين بفارق 24 ثانية عن المجموعة التي ترتدي القميص الوردي مع بقاء أقل من 50 كيلومتراً على النهاية.
ولكن مع تبقي لفة واحدة، انسحب أربعة متسابقين، ولم يتبق في الصدارة سوى جوزيف تشيرني وإنزو باليني. ثم انطلق تشيرني بعيداً من باليني ليحاول الوصول إلى خط النهاية منفرداً، لكنه سرعان ما لحق به الأخير قبل ستة كيلومترات على النهاية.
وأراد فريق فيسما-ليز أبايك تحقيق النهاية المثالية، ونجح في ذلك على أكمل وجه عندما قاد فاوت فان آرت السباق في الكيلومتر الأخير قبل أن يندفع كووي للأمام ليحقق الفوز، وهو الفوز الثاني له بعد فوزه بالمرحلة 12، وأنهى كووي متقدماً على كادن جروفز وماتيو موسكيتي. 

مقالات مشابهة

  • «ديل تورو» يضع «بصمته» على تاريخ «الإمارات للدراجات» بوصافة جيرو دي إيطاليا
  • تركيا وأذربيجان وبي بي يوقعون اتفاقًا تاريخيًا لتقاسم إنتاج الغاز في بحر قزوين
  • مؤسسة النفط: أكثر من 1.3 مليون برميل إنتاج الخام خلال 24 ساعة
  • تركيا تستعد للقفزة الكبرى في الغاز بحلول 2028
  • أسعار النفط ترتفع بأكثر من دولار للبرميل بعد قرار أوبك+ زيادة الإنتاج
  • أوبك+ تقر زيادة جديدة في الإنتاج بـ411 ألف برميل يوميا خلال يوليو
  • مصر تستهدف رفع إنتاج حقول الغاز لسد احتياجاتها من الطاقة.. وخبراء يعلقون
  • ييتس يفوز بسباق إيطاليا للدراجات
  • 40 تريليون قدم مكعبة تحت أعماق البحر.. خطة أمريكية سورية لإنعاش قطاع الطاقة
  • أوبك بلس تزيد إنتاج النفط في يوليو 411 ألف برميل يوميا