أين البرواني من المنتخبات الوطنية ؟
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
كتب/ حسين وليد العبسي
محمد البرواني كان احد الاسماء اللامعة في المنتخب الوطني للناشئين الذي حاز على بطولة غرب آسيا موسم 2021 ، وكان أحد نجومها في الوقت آنذاك حيث تربع على عرش هدافين البطولة حينها ، المهاجم التي تسديداته كانت أشبه بمدافع تصيب الخصم وتقتله ، وتحركاته داخل الصندوق كانت أشبه بالأسد الجائع الذي يبحث عن فريسته ، وضع بصمة للتاريخ ونصب نفسه رجل لهذه البطولة .
صحيح أن هناك تغيرات حدثث للاعب بعد رجوعه من البطولة الذي عاد منتشياً بفوزه بأول لقب يدخل خزائن بلادنا ، وركز على جانب الإعلام أكثر من جانب المستقبل الرياضي وبدأ بنشر يومياته على مواقع التواصل الاجتماعي مرتدياً اغلى الملابس والجوالات الفاخرة وراكباً احدث موديلات السيارات ، الأمر الذي ادى إلى تراجع مستواه الكروي بسبب اتجاه إلى عالم الشهرة ...
لكن سرعان ما تراجع اللاعب عن ممارسة هذه الأعمال الصبيانية التي قد تلازم معظم الشباب وهي مرحلة ( الطيش ) كما يسمى ، يبدو أنه حكم عقله وراجع نفسه أو وجد له ناصحاً يرشده إلى الطريق الصحيح لا أعلم تماماً لكنه اختار الطريق السليم، فبدأ بالعودة إلى عالم المستديرة وابتعد تماماً عن عالم السوشيال ميديا وبدأ بالتركيز على مستقبله الرياضي وهو أول الملتزمين والحاضرين في الحصص التدريبية لنادي وحدة عدن ، وبعد مشاهدتي له في بعض المباريات الودية لفت انتباهي بشكل كبير في مستواه الفني وأصبح اكثر مهارة وأكثر بدنياً من الي عرفناه سابقاً..
ويبقى السؤال الأهم لماذا لم يتم استدعاءه للمنتخبات الوطنية سواء الشباب او الألومبي ، لماذا لم يلتفت له اتحاد الكرة ، لماذا لم يلتفت له المدربين ، لماذا لم يلتفت له الإعلاميين ، هل سيكون حال مصيره مثل السابقين الذين خذلتهم الظروف واتحاد الكرة واصبحوا مثالاً للتهميش والظلم كحال بعض نجوم منتخب الأمل ...
اتمنى الإنصاف من القائمين على المنتخبات الوطنية وإعادة النظر بحق اللاعب " محمد البرواني " الذي كان أحد أسباب سعادة وطن بأكمله.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: لماذا لم
إقرأ أيضاً:
دعوة إلى الرحمة في زمن الانقسام
محمد بن أنور البلوشي
نعيشُ في عالم يزداد استقطابًا بالكراهية والانقسام والسعي المحموم وراء السلطة. وليس الله من يجب أن يُلام على هذا الكره الذي تسلل إلى كل طبقات المجتمع، بل نحن البشر؛ الذين، رغم ما نملكه من قدرات هائلة ومواهب عظيمة، غالبًا ما اخترنا التدمير بدلًا من الرحمة، والانقسام بدلًا من الوحدة.
والأدوات والطاقات التي وهبنا الله إياها لم تكن أبدًا من أجل الحرب أو التمييز أو بناء الحواجز سواء كانت مادية أو عاطفية أو فكرية. لقد خُلقنا لننهض ببعضنا، ونخدم بعضنا، ونتوحد كإنسانية واحدة.
يقول الفيلسوف إريك فروم في عمله الشهير "فن المحبة"، إن الحب ليس مجرد شعور سلبي، بل هو فعل إرادي قوي والتزام حقيقي تجاه الإنسانية. وقد كتب: "الحب هو الجواب الوحيد العاقل والمُرضي لمشكلة الوجود البشري." ومع ذلك، وفي مجتمعاتنا المعاصرة، يُنظر إلى الحب على أنَّه ضعف، بينما تُعتبر العدوانية والأنانية والسيطرة علامات على القوة.
هذا الفكر السام لا ينعكس فقط في العلاقات الإنسانية؛ بل يتجلى أيضًا في السياسات العالمية والاقتصاديات الدولية. خذ على سبيل المثال السنوات الأخيرة من القيادة السياسية في الولايات المتحدة، وتحديدًا في عهد الرئيس دونالد ترامب. فقد ركزت سياسة "أمريكا أولًا" على المصلحة الوطنية على حساب التعاون الدولي، وكان من أبرز تجلياتها المثيرة للجدل فرض سياسات جمركية عدوانية، خاصة ضد الصين.
من الناحية النظرية، يُفترض أن تكون التعريفات الجمركية أدوات لحماية الصناعات المحلية. ولكن عمليًا، غالبًا ما تتحول إلى أدوات لحروب اقتصادية. فقد فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية بمليارات الدولارات على البضائع الصينية، بحجة ممارسات تجارية غير عادلة وسرقة الملكية الفكرية وعجز تجاري هائل. ورغم أن بعض هذه المخاوف كانت واقعية، إلا أن الأسلوب الأحادي والمتصادم أدى إلى توتر العلاقات الدولية، وزيادة الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، وفرض تعريفات انتقامية من الجانب الصيني، مما عمّق الفجوة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبحسب دراسة أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي عام 2020، فإن الشركات والمستهلكين الأمريكيين تحملوا تقريبًا العبء الكامل لهذه التعريفات، حيث ارتفعت أسعار البضائع المستوردة بشكل ملحوظ. كما تضرر المزارعون الأمريكيون بشدة من الرد الصيني، مما دفع الحكومة الأمريكية إلى صرف مليارات الدولارات كتعويضات.
المشكلة هنا لا تقتصر على الجانب الاقتصادي أو السياسي؛ بل هي في جوهرها أزمة أخلاقية. فعندما تُبنى السياسات على العداء بدلًا من التعاطف، فإن آثارها تتجاوز أرقام التجارة، لتؤثر في رؤية الشعوب لبعضها البعض، وفي كيفية إدراك المواطن للثقافات الأخرى، وحتى في طريقة تفكير الأجيال القادمة وتفاعلها مع العالم.
لقد أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا أن المجتمعات تزدهر ليس بالخوف أو القوة، بل بالوحدة والرحمة. فكر في خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية، عندما استثمرت الولايات المتحدة في إعادة إعمار أوروبا، لا من منطلق الهيمنة، بل كرسالة تضامن إنساني. وقد وضعت هذه المبادرة أسس السلام والازدهار لعقود قادمة.
كذلك، جاء تأسيس الاتحاد الأوروبي- رغم التحديات الحالية- نتيجة لرغبة صادقة في إنهاء قرون من الحروب، من خلال الدمج الاقتصادي والثقافي.
ونحن اليوم، نقف مجددًا على مفترق طرق. فالتحديات العالمية مثل التغير المناخي، والأوبئة، وعدم المساواة الاقتصادية، لا يمكن حلها بسياسات انعزالية أو حروب تجارية. إنها تتطلب التعاون، والفهم، والأهم من ذلك: الحب.
الحب هنا لا يعني فقط العاطفة، بل احترام كرامة كل أمة، وفتح باب الحوار العادل، والاعتراف بأن مصائرنا مترابطة.
يجب أن نتذكر أن الكراهية التي نشهدها في الأخبار، أو نلمسها في السياسات، أو حتى نعيشها في بيوتنا، ليست قدرًا محتومًا، بل خيارًا. وكذلك الحب، هو خيار أيضًا.
لدينا القدرة على اختيار سياسات ترفع الآخرين بدلًا من سحقهم، وكلمات تشفي بدلًا من أن تجرح، وأفعال تقرّب بين البشر بدلًا من أن تفرقهم.
لقد منحنا الله الإرادة الحرة، والعقل، والرحمة. وهذه النعم لم تُعط لنا كي نغرق في العداء، بل لنصنع عالمًا يزدهر فيه الحب رغم الخلافات.
في زمنٍ يتفاقم فيه الحقد، لم تخذلنا السماء، بل نحن من يجب أن ننهض ونستعيد الهدف الذي خُلقنا من أجله: أن نحب، ونداوي، ونبني عالمًا يستحق أن نورّثه.