الإعلان عن الفائزين بجائزة نوبل للطب 2024
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
#سواليف
أعلنت اللجنة القائمة عن جوائز نوبل 2024 عن أسماء الفائزين بالجائزة في مجال الطب لهذا العام.
ومنحت الجائزة في مجال الطب والفيزيولوجيا لهذا العام للعالمين الأمريكيين، فيكتور أمبروز وغاري رافكين لاكتشافهما ما يسمى بـ”جزيئات الحمض النووي الريبوزي الدقيق” أو microRNA.
وجاء في بيان صادر عن اللجنة المسؤولة عن الجائزة:”فاز العالمان بالجائزة لاكتشافهما جزيئات microRNA ودورها في تنظيم عمل الجينات.
وتختار جمعية نوبل بمعهد كارولينسكا في السويد الفائزين بجوائز نوبل للطب، ويحصلون على جائزة قيمتها 11 مليون كرونة (1.1 مليون دولار).
وتعتبر جائزة نوبل من أهم الجوائز العالمية في العديد من المجالات، مثل الطب والفيزياء والكيمياء والآداب وغيرها، الجائزة الأولى أعلن عنها اليوم الاثنين، وخلال الأيام القادمة سيتم الإعلان عن الفائزين بالجائزة في مجالات أخرى.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
من كلكتا إلى نوبل.. طاغور شاعر الطبيعة والحزن وفيلسوف الحياة
تبرعت الهند للعالم في القديم والحديث بمجموعة من العلماء العظام الذين أسهموا بأفكارهم وإبداعاتهم في تحقيق نهضة علمية وثقافية كبيرة في المجتمع الإنساني.
ويأتي في مقدمة هؤلاء العباقرة في القرن الـ20 الشاعر والفيلسوف والمسرحي البنغالي رابندرانات طاغور، الذي ينتمي إلى أسرة بنغالية نبيلة اشتهر أفرادها بالعلم والسلطان، فجدّه دواركانات طاغور كان من كبار شخصيات الهند، ووالده المهارشي (الحكيم) ديبندرانات طاغور عرف كمفكر ديني.
ولد طاغور (Rabindranath Tagore) في مدينة كلكتا من الجزء البنغالي في السابع من مايو/أيار 1861، لأسرة بنغالية مثقفة، حيث تثقف في بيته على الطريقة التقليدية. أرسله أبوه إلى العاصمة البريطانية لندن وهو في الـ16 من عمره ليدرس القانون، لكنه عكف على دراسة الأدب والشعر والنماذج الأدبية العالمية باللغة الإنجليزية، خاصة شعر شكسبير وملتون وشيلي، وراح ينهل من الثقافة الغربية، فامتلك قدرة على الحكم والتصور.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يوسف القدرة: في الشعر لغة “فرط صوتية” ضد عار العالمlist 2 of 2فلسفة الهجاء.. كيف جسّد العرب الشتم في الشعر والأدب؟end of listعاش طاغور شاعرا ومفكرا وفيلسوفا وروائيا وقاصا ومسرحيا ورساما وموسيقيا وممثلا سينمائيا، ونوّر جميع هذه المجالات بمساهماته السامية. وقد أعادت أعماله تشكيل الذائقة الأدبية والموسيقية البنغالية في أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، إذ أصدر ديوانه الأول "قربان الأغاني" باللغة السنسكريتية، لغة قومه، وترجمه بنفسه إلى الإنجليزية. وقد استُقبل هذا الديوان استقبالا عظيما في أوروبا، وأعجب به الشاعر عزرا باوند (1885-1972) أيما إعجاب، بينما تجاهله الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل (1872-1970).
وتقول موسوعة "إينشنت بانيتانوال" (Ancient Bnitanwal Encyclopedia) إن طاغور حوّل آلامه وحزنه على موت أمه وهو لا يزال صبيا، وموت زوجته وهي لا تزال في ريعان شبابها، إلى قصائد شعر لم يعرف الأدب الشرقي مثيلا لها، حتى إن الشاعر الفرنسي أندريه بريتون قال عنه: "لا يوجد شاعر في العالم استطاع أن يجسد الحزن في شعره كما فعل طاغور".
إعلانترجمت أعماله الشعرية والأدبية إلى عدة لغات، منها الفرنسية والإنجليزية والفارسية، كما ترجمت بعض قصائده إلى العربية. قدم طاغور من خلال إبداعاته أفكارا متعددة الأبعاد، لها أهمية حتى في عصرنا الحالي أيضا.
كان طاغور محبا للطبيعة التي امتزجت في أشعاره، وهو القائل:
"إنَّ سكون الريح ينذر بالعاصفة، وإنَّ السحب المتجهة في الغرب لا تبشر بخير، والماء ساكن ينتظر الريح، ولكن يا صاحب المعبر، أفتريد أن تطلب أجرك؟! أجل، يا أخي، إني ما زلت أملك شيئا؛ لأن حظي لم يسلبني كل شيء"
وعن ميزة شعر طاغور، يقول البروفيسور الهندي بشير الجمالي، الأستاذ السابق بجامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي، الهند: "إن طاغور غالبا ما يستخدم كلمات محلية، مما يضيف بعدا جديدا لشعره، ويخلق في شعره جوا هنديا باستعمال أسماء الطيور والأشجار والزهور الهندية، وهكذا يصبح شعره هنديا بشكل أساسي".
كلما اقتربنا من فضاءات طاغور الشعرية، سيبدو لنا العالم وكأنه ولد للتو بحقوله الفائضة بخضرتها، وبشموسه ودلالاتها الذاهبة باتجاه النقاء الأول، النقاء الفطري الذي تأسس على مبدأ إحيائي عظيم مرتبط بما يسمى بـ"الجسد الكوني".
يقول بدر السويطي، الكاتب والشاعر العربي المقيم في ألمانيا ومدير دار الدراويش للنشر والترجمة في بلغاريا: "يغدو الكون أكثر جمالا ورونقا بوصايا طاغور الحكيم، الذي رسخ القيم الإنسانية والروحانية والإيمانية، ووظفها في المعاني السامية للمحبة والجمال والسلام، لتكون نبراسا للأجيال القادمة".
ومن جهته، يرى البروفيسور الهندي عبد الغفور الهدوي كوناتودي، الأستاذ في قسم اللغة العربية بكلية الجامعة الحكومية التابعة لجامعة كيرالا بالهند، أن "طاغور كان أمميا متحمسا لوحدة العالم، فحارب من خلال إبداعاته الأدبية والفنية ضد التمييز بين الأفراد على أساس الطبقات أو الألوان أو العقائد أو اللغات".
وتجدر الإشارة إلى أن طاغور شاعر من فصيلة نادرة من الشعراء الذين لم تتقيد إبداعاتهم الراقية بجنس أو لون أو جغرافيا.
وفي هذا الصدد، يقول البروفيسور مجيب الرحمن، أستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي، إن "طاغور سعى -من خلال التأمل العميق في الله والكون والطبيعة، والرجوع إلى النصوص الفيدية القديمة، ودراسة المعاناة البشرية- إلى تحقيق الإخاء الإنساني العالمي".
ويوافق السويطي على ذلك بقوله: "يوقد طاغور الشاعر والإنسان قناديل الأمل في العتمة، ويطيل صلاته في محراب العشق من أجل تحقيق الأحلام والعدل في هذا العالم".
يقول صاحب ديوان "طيور تائهة":
"في الصفحة الأولى من التاريخ، كانت سلطة العملاق غير محدودة كإنسان، وبربريّ، وأبله وكانت أصابعه خشنة، ويده سخيفة، وبالقضيب في يده نشر الدمار التام فوق اليابسة وفوق البحر، وبالنار والبخار أدار أحلامه المنحرفة الضالة في أعماق السماء، وحقق لنفسه السيادة العظمى على عالم الجماد، أَمَّا نحو الحقيقة الحية، فقد أعمته الغيرة"
وفي ما يتعلق بالأبعاد الجوهرية لفكر طاغور التي تجعل منه قامة أدبية وفكرية عالمية عملاقة تلهم المبدعين والمفكرين والمثقفين في كل عصر، يمكن العودة إلى كتابه المعنون "سادهانا"، الذي يعني "الكمال"، حيث لقيت أشعاره انتشارا واسعا في أواخر القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20.
وقد قدم لديوانه "جيتنجالي" (قربان الأغاني) الشاعر الإنجليزي وليام بتلر ييتس (1865-1939)، وبهذا الديوان أصبح طاغور أول شخص في آسيا يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1913. وعن حصوله على نوبل كتب طاغور إلى أحد أصدقائه الإنجليز قائلا: "إن حالتي تشبه حالة كلب قام البعض بربط ذيله بعلبة فارغة من الصفيح، فإذا به يحدث ضجيجا هائلا كلما جرى، وأينما ذهب".
إعلانلقد رأى طاغور في الجائزة شيئا منفصلا تماما عن نفسه وعن قيمته الذاتية، ورأى أنه فوق الجائزة. وقد تبرع بقيمتها المالية للمدرسة التي أنشأها باسم "مرفأ السلام" عام 1918 في إقليم شانتي نيكتان بغرب البنغال.
ويشير الدكتور بشير أحمد الجمالي إلى أن "قصائد جيتنجالي لا تزال تسحر وتؤثر في قلوب ملايين من الأفراد الهنود، مقتبسا قصائده من الحكايات الأسطورية والرموز الدينية والصور المحلية والحياة اليومية".
في المقابل، يؤكد أحد مؤيدي طاغور، سوديب نارايان جوش، أن "قصائد جيتنجالي ليست أفضل إبداعات طاغور الشعرية، لأن جيتنجالي يحتوي فقط على 83 من قصائده الأصلية، وهناك 20 قصيدة أخرى مأخوذة من كتبه الأخرى". ويوضح أن طاغور "قد جرد شعره من كل ثراء وزخرفة، فلذلك لم تستطع قصائده المكتوبة بالنثر البسيط أن تحقق العظمة الشعرية كما حققت قصائده البنغالية الأصلية".
وكان طاغور قد أكد شاعريته الكبيرة واعتراف الغرب مبكرا بهذه الموهبة الفذة، ومن قصيدته "الإنسان الطائر":
"ومثل الأمواج المأخوذة بإيقاع رقصتها المجنحة، تلهو تلك الطيور في ظلّ الأمن الذي يسري في السموات، لقد حملت من عصر إلى عصر رسالة الحياة للسماء وللغابة وللجبال"
كانت عائلة طاغور تنتمي في الأصل إلى ديانة براهما، غير أنه كان في عائلته من ينتمون إلى السيخ. لكن طاغور كان له رأي آخر في الديانات التي تقدس التماثيل أو البقر أو غيرها، فقد كان يقول:
"عندما أذهب إلى الغابة وأرى عظمة الأشجار والجبال والطيور والمخلوقات كلها، أعرف أن هناك إلها واحدا لا يُرى ولكن يجب أن يعبد، فالذي خلق كل هذه الأشياء العظيمة هو بالتأكيد أعظم منها، لذا فهذا الإله يستحق العبادة"
ويلفت الأكاديمي الهندي بشير الجمالي إلى أن "شعر طاغور مليء بأفكار الحب الإلهي، وهو يفكر كالفكر الإسلامي بأن العالم المادي الذي نراه بأعيننا ليس حقيقيا، وأن هناك عالما واقعيا بعد الموت لا يمكن فهمه من خلال الحواس بل بالفهم الروحاني".
ويتابع: "عند العودة إلى المصادر القديمة التي أرشدته وعاونته في كتابة جيتانجالي، كان من بينها ما كتبه الشاعر الصوفي كبير داس (1440-1518)، الذي أثر تأثيرا عظيما في إعداد كتاب غرانت صاحب، الكتاب المقدس لدين السيخية".
ويجيب بشير الجمالي -في حديث للجزيرة نت- عن مدى تأثر طاغور بالفكر الصوفي فيقول: "نرى في كتابة طاغور -لا سيما في قصائده جيتانجالي- نزعته الصوفية بلا أدنى شك".
ومن جهته، يبين الهدوي -في حديثه للجزيرة نت- أن "أفكار طاغور ومبادئه الفلسفية كانت متأصلة في الفيدا والأوبانيشاد (الكتب المقدسة لدى الهندوسيين) من ناحية، ومتميزة بدعوتها إلى العلم الحديث، والحفاظ على البيئة، وتحقيق الإبداعات من ناحية أخرى".
وبدوره، يقول الدكتور مجيب الرحمن -للجزيرة نت- إن "الحب للإنسان والله والوحدة البشرية تشكل جوهر فلسفة طاغور"، ويضيف: "نراه يردد بحماس الآية في الأوبانيشاد: الذي هو واحد، والذي يقضي الحاجات الأساسية لكل الشعوب وفي كل الأزمنة".
ومن جانبه، يؤكد بدر السويطي -في حديثه للجزيرة نت- أن "وميض الشعر في روح طاغور المتوغل في اليقين والنور يتجلى في كل كلمة وحرف، وهو يحول الألم إلى لذة وفرح، يحمل شعلة الشعر ويمضي نحو الله بقلب مطمئن يلامس الجمال في الطبيعة والجسد والفكر والعدالة والقيم العليا".
يلاحظ دارسو طاغور ونقاده أنه لم يكن يخاف من الموت، بل لقد أحب الموت، ولم يجده نقيضا للحياة، بل حياة ثانية. ولا شيء أدل على هذا من تأبينه لنفسه قبل أن يفارق دنيانا في السابع من أغسطس/آب 1941.
توفي طاغور وهو في الـ80 من عمره، وفي البيت الذي ولد فيه، بعد أن ترك للعالم ثروة أدبية وشعرية وموسيقية كبيرة جدا. وتجاوز عدد قصائده ألف قصيدة وألفي أغنية، ومضى يبدع قصصا وروايات ومسرحيات باللغة البنغالية التي تعد من أروع كلاسيكيات الأدب الهندي والعالمي.
إعلانكما أبدع صنفا من الموسيقى يسمى "رابيندرا سانغيت". غير أن الموت، بحسب فلسفته، ليس سوى حياة جديدة:
"كنت أظن أن رحلتي أوشكت على الختام، إيه أيها الموت، يا منتهى حياتي الأسمى، تعال واهمس في أذني. يوما بعد يوم سهرت في انتظارك، من أجلك تذوقت هناءة الحياة وعانيت عذابها. إنَّ الكفن المنسدل فوقي هو كفن التراب والموت، وإنني لأكرهه، ولكنني أشده وأجذبه في شغفٍ ووجد"
وبدوره، يعلق الشاعر بدر السويطي قائلا: "بنور شعره وكلماته، ظل طاغور يضيء الجانب المظلم من هذا الكون، بهيبة الشاعر الخالد الذي لا يندثر ذكره بالموت والنسيان".