أعلنت جهات حكومية من أبوظبي عن إطلاق مجموعة من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، خلال مشاركتها في اليوم الثاني من معرض جيتكس العالمي 2024، تحت شعار "نحو حكومة رائدة في الذكاء الاصطناعي".

وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز التحول الرقمي، وتبسيط الخدمات الحكومية من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والابتكار، مما يعزز مكانة أبوظبي كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي.


أحد أبرز هذه المشاريع هو الجيل الثالث لمنظومة خدمات أبوظبي الحكومية "تم 3.0"، الذي طورته دائرة التمكين الحكومي في أبوظبي، ويهدف "تم 3.0" إلى تعزيز المنظومة الحالية "تم 2.0"، التي تقدم بالفعل أكثر من 800 خدمة حكومية رقمية، ويتضمن "تم 3.0" استخدام "مساعد الذكاء الاصطناعي"، الذي يسعى إلى تحسين تجربة المتعاملين عبر توفير دعم استباقي وشخصي، ما يجعل التفاعل مع الخدمات الحكومية أكثر سهولة وسلاسة.

كما تم إطلاق "مساحات تجربة المتعاملين" ضمن منظومة "تم 3.0"، والتي تهدف إلى توفير بيئة متكاملة لتحسين الوصول إلى الخدمات الحكومية عبر منصات رقمية شاملة مثل "مساحات الأعمال" و"مساحات العقارات".

القطاع الصحي

أطلقت دائرة الصحة – أبوظبي تطبيق "صحتنا"، الذي يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوحيد الملفات الصحية للمرضى وتحليل بياناتهم الطبية، ويسهم التطبيق في توفير رعاية صحية متكاملة وشخصية عبر تحليل نمط حياة المرضى وتاريخهم الطبي، مما يعزز الوقاية المبكرة وتحسين جودة الرعاية الصحية، ويشمل التطبيق أدوات لفحص الأعراض استناداً إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن التكامل مع الأجهزة الطبية التي يستخدمها المرضى لمتابعة حالتهم الصحية.
وفي مجال البنية التحتية، أطلقت دائرة البلديات والنقل منصة متكاملة لتسهيل عملية تقديم ومراجعة تراخيص البناء باستخدام الذكاء الاصطناعي، تمكن هذه المنصة مستشاري البناء من تحويل الرسومات الهندسية ثنائية الأبعاد إلى نماذج ثلاثية الأبعاد، مما يسهم في تحسين عملية مراجعة المشاريع واعتمادها، وتضم المنصة أيضاً مساعد دردشة ذكي يتيح للمستخدمين الوصول إلى كود البناء واللوائح المتعلقة به بسهولة.
من جهة أخرى، أطلقت شرطة أبوظبي الجيل القادم من مركبات الدوريات الذكية، التي تعد هجينة ومتعددة الاستخدامات، تم تزويد هذه المركبات بتكنولوجيا متقدمة لدعم عمليات الأمن والدفاع، وتعزيز قدرة الشرطة على التدخل السريع والاستجابة الفورية في الحالات الطارئة.
كما كشفت الإدارة العامة للجمارك في أبوظبي عن مشروع "ظفرة"، وهو مركز بيانات متطور يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل وتصنيف البيانات الضخمة، مما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية واتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة.

شراكات 

وفي إطار التعاون والشراكات، أعلنت العديد من الجهات الحكومية عن توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية رائدة، حيث وقعت شرطة أبوظبي اتفاقيات تعاون مع شركة "إي آند" في مجال الاتصالات، ومع "هواوي" وشركة "@Jhua" لتطوير أجهزة وأنظمة ذكية.

كما وقعت دائرة الصحة – أبوظبي مذكرات تفاهم مع شركات مثل "Accenture" و"Microsoft" و"Philips" لتعزيز التكامل الرقمي في مجال الرعاية الصحية.
أما دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي، فقد أعلنت عن شراكة مع "7X" لتطوير منصة صندوق بريد رقمي، فيما وقعت جمارك أبوظبي اتفاقية تعاون مع الهيئة الاتحادية للرقابة النووية "فنار" لتعزيز التكامل الرقمي، بالإضافة إلى شراكة مع "فيديكس" لتطوير الخدمات اللوجستية.
وتأتي هذه المشاريع والاتفاقيات ضمن رؤية حكومة أبوظبي لبناء حكومة المستقبل القائمة على الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية، ما يعزز مكانة الإمارة كمركز عالمي للتحول الرقمي في مختلف القطاعات.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أبوظبي شرطة أبوظبي الإمارات أبوظبي شرطة أبوظبي

إقرأ أيضاً:

حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي

كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.

إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.

تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».

انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.

طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».

أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!

حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».

ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».

لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».

الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.

كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.

وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.

في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.

مقالات مشابهة

  • دائرة الصحة – أبوظبي تطلق برنامج “مكافأة الجودة الاستثنائية”
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • استمراراً لسلسلة الدورات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي… التنمية الإدارية تواصل تطوير الكوادر الحكومية في تحليل البيانات
  • «إي آند» تطلق برنامج خريجي الذكاء الاصطناعي لعام 2025
  • دائرة الطاقة في أبوظبي تنظم جلسات توعية حول إجراءات السلامة
  • هواوي كلاود تقود التحول الرقمي في شمال افريقيا عبر حلول الذكاء الاصطناعي الشامل
  • ستة قرارات حكومية لإتمام مشاريع متلكئة وبنى تحتية
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟