فاتورة ذخائر بحرية واشنطن في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
يمانيون – متابعات
مليارا دولار حجم خسائر قوات البحرية الأمريكية قيمة ذخائر معركة البحر الأحمر مع القوات اليمنية المساندة لـ”طوفان الأقصى”، ونصرة غزة.
هذا ما كشفه متحدث البحرية الأمريكية لصحيفة “بيزنس انسايدر”، قائلاً: “أنفقت السفن الحربية وطائرات قواتنا البحرية المتموضعة في الشرق الأوسط أكثر من 1.85 مليار دولار على الذخائر في معركة البحر الأحمر مع قوات صنعاء، حتى أكتوبر 2024”.
وأضاف المسؤول في البحرية الأمريكية – لم يذكر اسمه: “إن هذا الرقم الكبير يغطي تكاليف الحملة المستمرة للدفاع عن “إسرائيل”، بما فيها تكاليف اعتراض الصواريخ الباليستية التي يطلقها اليمنيين”.
وأقر وزير البحرية الأمريكية كارلوس ديل تورو، قبل 7 أشهر وتحديدا في أبريل 2024 ، بإطلاق قواته ذخائر بقيمة مليار دولار.
وفق تقرير “بيزنس انسايدر”، وهي صحيفة أمريكية متخصصة في عالم المال والأعمال، فإن أنفاق مبلغ مليار و850 دولار لشراء مئات طلقات الذخائر التي أطلقتها السفن والبوارج والمدمرات الحربية التابعة للبحرية الأمريكية وطائراتها، بما في ذلك الصواريخ الاعتراضية من نوع “أرض-جو” وصواريخ “جو -جو”، وقنابل “جو – أرض”، يشكل رقم كبير حيث وأن قيمة كل قطعة ذخيرة تكلف ملايين الدولارات.
تكاليف مقلقة
وفي 20 ديسمبر 2023، أعترف مسؤولون عسكريون في البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية)، لصحيفة “بوليتيكو” الأمريكية ، إن تكلفة إسقاط المسيّرات والصواريخ اليمنية تشكل مصدر قلق متزايد، حيث يكلف إطلاق الصواريخ الاعتراضية مليوني دولار لاعتراض مسيّرة قيمتها ألفا دولار.
وأشار خبراء عسكريين أمريكيين سابقين في البنتاغون، إلى أن سلاحا واحدا مثل الصاروخ “القياسي 2” وهو سلاح دفاع جوي متوسط المدى يبلغ مداه ما بين 90 إلى 130 ميلا بحريا، أو الأحدث منه من نوع “بلوك آي في” يكلفا 2.1 مليون دولار.
وأعلنت الولايات المتحدة في ديسمبر 2023، إنشاء تحالف بحري عشري باسم “حارس الإزدهار” مكون من بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل والبحرين، في حين نفت أسبانيا انضمامها؛ لتأمين سفن “إسرائيل” في بحار الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن من الهجمات اليمنية.
غير أن “بوليتيكو”، وهي صحيفة أمريكية تصدر يوميا، أكدت -عن مسؤول عسكري أمريكي قوله- إن عدد الدول التي أنضمت للحلف 19 دولة وليس عشر كما أُعلن في وقت سابق.
الفاتورة الباهظة
وأعلنت قوات اليمنية استهداف 202 سفينة تجارية وحربية “إسرائيلية” وأمريكية وبريطانية في بحار الأحمر والعربي والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، خلال عام، مساندة لغزة وضد العدوان الصهيو – أمريكي – البريطاني على اليمن.
الخلاصة ؛ كان يفترض على متحدث البحرية الأمريكية إعلان فاتورة خسائر قواته بشأن عدد السفن والبوارج والبارجات والمدمرات التي أستهدفتها قوات صنعاء مع خسائر النفقات الأخرى خلال عام مُنذ بدء معركة البحر الأحمر.
فكم يا ترى ستبلغ فاتورة خسائر بحريات أمريكا وحليفاتها في الدفاع عن “إسرائيل” بحلف “حارس الازدهار” وعملية “إسبيدس” في البحر الأحمر؟!
———————————————-
السياسية – صادق سريع
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
خرائط الطريق الأمريكية.. مسارات تقود إلى الأزمات لا إلى الحلول
على مدى العقود الماضية، اتخذت الولايات المتحدة من «خرائط الطريق» عنوانًا لسياساتها في مناطق الصراع، مقدّمة نفسها كوسيط يسعى إلى بناء الدول وتحقيق السلام وإنهاء النزاعات. غير أنّ تجربة الشعوب مع هذه الخرائط تشير إلى نتيجة مختلفة تمامًا؛ فكل خارطة طريق صاغتها واشنطن تحوّلت إلى بوابة لحرب طويلة أو أزمة ممتدة، وانتهت إلى خدمة المصالح الأمريكية أكثر من خدمة الشعوب التي وُعدت بالأمن والاستقرار.
بدأ هذا النمط بوضوح في أفغانستان عام 2001م، حين روّجت واشنطن لمشروع بناء دولة حديثة بعد إسقاط نظام طالبان. غير أنّ عشرين عامًا من الوجود العسكري لم يثمر مؤسسات قوية ولا تنمية حقيقية، بل ساهمت في صناعة نظام هشّ يتغذّى على الدعم الأجنبي ويغرق في الفساد، لينتهي الأمر بعودة طالبان إلى السلطة كما كانت قبل عقدين، تاركة خلفها دولة مدمّرة وشعبًا أنهكته الحرب.
وتكرر المشهد بطريقة مختلفة في فلسطين مع خريطة طريق حلّ الدولتين عام 2003م، التي قُدّمت كخطوة تاريخية لإنهاء الصراع. لكنّها في الواقع منحت الاحتلال الإسرائيلي الوقت والغطاء لتوسيع الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض، بينما حوصرت القيادة الفلسطينية بشروط أمنية وسياسية قاسية جعلت المسار التفاوضي عبثًا بلا نتائج. وكان المفترض أن تكون هذه الخريطة جسرًا للسلام، لكنها تحولت إلى أداة لتمديد السيطرة الإسرائيلية وتجميد الحل حتى اليوم.
أما العراق، فقد واجه واحدة من أكثر الخرائط دمارًا بعد اجتياح 2003م حين أعلنت واشنطن مشروعًا لإعادة الإعمار وبناء الديمقراطية. لكن ما حدث كان العكس تمامًا؛ تفكيك الجيش، وتفجير الصراع الطائفي، وانهيار مؤسسات الدولة، وتحوّل البلاد إلى ساحة صراع إقليمي ودولي. ورغم مليارات الدولارات التي أُنفقت باسم الإعمار، بقي العراق يعاني ضعفًا سياسيًا واقتصاديًا عميقًا، في واحدة من أكثر التجارب دلالة على أن خريطة الطريق الأمريكية كانت في حقيقتها وصفة للفوضى.
وفي سوريا، دخلت الولايات المتحدة عام 2012م بخارطة طريق للحل السياسي بدت في ظاهرها محاولة لتجنيب البلاد الانهيار، لكنها سرعان ما تحولت إلى إطار لإدارة الصراع لا إنهائه، مع تسليح أطراف، والتغاضي عن تدخلات دولية متعددة، وفتح الباب لتقسيم النفوذ بين القوى الكبرى. النتيجة كانت كارثة إنسانية وسياسية لا تزال تتفاقم حتى اليوم، فيما بقيت الخريطة الأمريكية ورقة ضغط، لا مسارًا للحل.
وفي اليمن، ظهرت خريطة طريق جديدة عام 2023م تحت شعار «السلام المستدام». لكنها جاءت مشوبة بحسابات إقليمية ودولية جعلتها أقرب إلى مشروع لتثبيت واقع معقّد بدل تفكيك جذوره. فقد تجاهلت الخريطة الأسباب الحقيقية للحرب، وتجنّبت معالجة قضايا السيادة والقرار الوطني، وتركت البلاد في وضع لا حرب ولا سلام، مع استمرار المعاناة الإنسانية وتفاقم الانقسام.
وعند مراجعة كل هذه التجارب، يبدو واضحًا أن خرائط الطريق الأمريكية لم تكن يومًا حلولًا خالصة بقدر ما كانت أدوات لإعادة ترتيب مناطق النفوذ. فهي تُصاغ في غرف السياسة وفق رؤية ترى في استمرار الصراعات وسيلة للضغط والتحكم، لا في إنهائها فرصة لبناء الاستقرار. ولذلك لم تؤدِّ أيٌّ من هذه الخرائط إلى سلام حقيقي أو بناء دولة قوية، بل إلى إطالة أمد الأزمات وتعميق اعتماد الدول على القوى الخارجية.
إنّ الشعوب التي عُلِّقت آمالها على هذه المسارات اكتشفت أن الطريق الذي ترسمه واشنطن يقود غالبًا إلى مزيد من التعقيد والاضطراب، لأن الغاية ليست وضع حدّ للمعاناة، بل إدارة الأزمات بطريقة تخدم الاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة. وهكذا تصبح خريطة الطريق، بدل أن تكون جسرًا نحو المستقبل، دائرة مغلقة تعيد إنتاج المأساة.
ويبقى الدرس الأهم أن الدول لا تُبنى بـ«الخرائط المستوردة»، بل بالإرادة الوطنية الحرة والقرارات السيادية التي يشارك في صنعها أبناء البلد أنفسهم. فخارطة لا تُرسم داخل حدود الوطن لن تقود إلا إلى طريق يطيل من عمر الأزمات.