في الشهر الماضي، عندما وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى السعودية، لم يكن راضيا عن لقائه مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، بل تم نقله إلى اجتماع خاص مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وخلف الكواليس كانت بكين هي التي توسطت وأدت إلى تجديد العلاقات بين طهران والرياض العام الماضي.

وقالت الصحفية والكاتبة الإسرائيلية سمدار بيري في مقال نشرته عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الصين لا تتوقف عن الوساطة، وضغطت على البلدين لإحضار رئيس الأركان السعودي فياض الرويلي إلى طهران.



وأضافت بيري أن "العلاقات، التي جرى البدء في إعادة بنائها بعد سبع سنوات من القطيعة، بما في ذلك هجوم إيراني (نفت دورها) على منشآت نفطية في السعودية، تركز الآن على التحضير لمناورات عسكرية مشتركة في البحر الأحمر والتعاون الاقتصادي مع السعودية، بينما أخذت الرياض على عاتقها تسليم إيران المنتجات الأساسية التي يمنع الحظر الأمريكي تداولها وبيعها".

وقالت "حضر القمة الطارئة في الرياض، التي انعقدت بعد عام من القمة العربية الإسلامية التي عقدت في السعودية عام 2023 في التاريخ نفسه، جميع رؤساء العالم العربي والإسلامي، باستثناء الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان، ومع أنه اعتذر مسبقا عن عدم تمكنه من الحضور "لأمور داخلية ملحة"، في إشارة إلى الاستعدادات لهجوم على إسرائيل، إلا أنه لم يترك المقعد الإيراني خاليا، وأرسل نائبه الأول محمد رضا عارف، مع رسالة اعتذار للمضيف في الرياض".


وأوضحت أن "التصريحات التي أدلى بها ولي العهد الأمير بن سلمان في افتتاح القمة صعبة وغير عادية على الأذن الإسرائيلية، والجهود الأمريكية الرامية إلى جلوس ممثلين كبار من المملكة العربية السعودية وإسرائيل في نفس الغرفة وإجراء محادثات حول تحسين العلاقة، تم دفعها بعمق إلى أدراج مكتب بن سلمان، وهو الآن يهاجم إسرائيل فقط بشراسة، ويدعو إلى الانسحاب الكامل من غزة والضفة الغربية، والوقف الكامل لنشاط الجيش الإسرائيلي في لبنان، كما يوسع الحديث عن الهجمات في إيران وأماكن أخرى (في إشارة إلى سوريا). لبنان والحدود العراقية السورية (SP) المرتبطة بإيران".

ونقلت الكاتبة عن أكاديمي رفيع المستوى في الرياض ومقرب من الحكومة السعودية قوله: "كل ما أنا مستعد وأستطيع أن أقوله الآن، لصحيفة إسرائيلية، هو أننا نؤيد التحركات المدروسة لولي العهد الأمير بن سلمان. إنه يتصرف بشكل صحيح وعينه إلى الأمام، وينظر في عدة اتجاهات.. القريب والبعيد بشكل خاص أنا أتفق معك في أنه هاجم إسرائيل بقوة في القمة، لكن القضية الإسرائيلية، بحسب ما أفهم، لم تنغلق، بل أزيلت، وهي لا تزال على جدول الأعمال، لكن تحسين العلاقات ليس الآن".

وذكرت الكاتبة أن "خطاب ابن سلمان الصريح تطرق بشكل مباشر إلى السلوك الإسرائيلي، في أعقاب قوات الجيش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران وحتى في بعض أجزاء العراق، حيث قام بحسب التقارير، بضربهم من الجو، ولم يتم ذكر الحوثيين في اليمن في قمة الرياض، وليس من قبيل الصدفة، لاعتبارات سعودية".

ونقلت عن سعودي آخر اسمه الدكتور محمد، طلب عدم ذكر اسمه في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن "رسالة القمة الاستثنائية في الرياض كانت تهدف بشكل أساسي إلى الوصول إلى واشنطن عقدت في المملكة العربية السعودية وليس في مصر حيث مقر الجامعة العربية، ويتولى ولي العهد السعودي القيادة، وليس أمام الرئيس السيسي سوى أن ينحني رأسه ويصعد على متن طائرة ويهبط مع ابن سلمان وهو يخفي إحباطه الشديد من اغتصاب مصر لمكانة مصر كزعيم للعالم العربي".

أما البروفيسور فريد، وهو سعودي أيضا طلب عدم ذكر اسمه، قدّر أن هذا "ليس سلاما قويا وحقيقيا بين المملكة العربية السعودية وإيران، في ظل الهجمات على إسرائيل والتحركات الجارية بين طهران والرياض".

 وأضاف فريد: "من المؤكد أن هناك منعطفا حادا هنا، بدأ مع افتتاح السفارات في طهران والرياض، ويستمر دون توقف. إنه أمر خطير، لكن الجانبين يعرفان أن يكونا حذرين".

ويفترض أنه "من الممكن جدًا أن يقدم السعوديون للرئيس الجديد في واشنطن اقتراحًا يهدف إلى التقريب بين واشنطن وطهران، وكبار المستشارين من كلا الجانبين يعرفون بالضبط أين تكمن نقاط الضعف.. والأميركيون لا يرفعون أعينهم عن السباق الإيراني للتقدم في البرنامج النووي، ومن ناحية أخرى، يعرف الحاكم خامنئي وكبار موظفيه والحرس الثوري كيف يلعبون على أعصاب الإدارة الحالية في واشنطن".

ووفقاً للدكتور يوئيل جوزانسكي، أحد كبار الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، فإن "السعوديين يريدون تقارباً فعالاً مع إيران من أجل محاولة البقاء بعيداً عن خط النار - لأنهم يتوقعون أنه في الأشهر المقبلة، حتى قبل أن يدخل ترامب البيت الأبيض، سيكون هناك اشتعال بين إيران وإسرائيل، وهم يريدون البقاء بعيدًا عن خط النار. إن التصريحات المؤيدة لإيران تهدف إلى خدمة هذا الغرض، لتظهر للإيرانيين أنهم ليسوا في حالة تطبيع مع إسرائيل وأن هجومها على إيران لا يرضيهم - وهناك بالتأكيد مصالحة مع إيران هنا.


وأضاف جوزانسكي "من المهم أن نلاحظ أن الأميركيين لم يعودوا ينتقدون الشؤون الداخلية في المملكة العربية السعودية أو حقوق الإنسان. والشيء الأكثر أهمية بالنسبة للسعوديين هو أن ترامب، بالنسبة لهم، قادر على الضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب بسرعة - في غزة ولبنان – ويمكن الضغط عليه لإحراز تقدم في القضية الفلسطينية، وهذا، من وجهة نظر السعوديين، واجهة للتقدم إلى البلدين”.

وقالت الكاتبة "من المهم أن نلاحظ أن ابن سلمان اليوم لم يعد فقط الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية قبل أربع سنوات، وقد اكتسب منذ ذلك الحين القوة والزعامة، ومواقفه أكثر وضوحا، وما زال يلقي نظرة الشك على إيران. ووعد ترامب بأنه عندما يدخل البيت الأبيض سيوقف الحروب، وتنتظر المملكة العربية السعودية، تليها مصر والأردن ولبنان، تغيير الإدارة في واشنطن وتطالب بفرض حظر أمريكي على الأسلحة على إسرائيل لوقف المزيد من القتال على الجانب الإسرائيلي".

وأضافت "لم تتم مناقشة موضوع حزب الله في القمة، كما تم صد حماس، وفي كلتا الحالتين، فإن ولي العهد السعودي مستعد للعمل مع الرئيس ترامب، ويحرص على تقديم صورة صارمة لوقف كل الحروب".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإيراني السعودية الإسرائيلية الصين إيران إسرائيل السعودية الصين القمة العربية الاسلامية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة العربیة السعودیة ولی العهد فی الریاض بن سلمان

إقرأ أيضاً:

« اتحاد المصارف العربية»: الشراكة الأوروبية ضرورة حتمية في ظل التحديات الحالية

أكد رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية محمد الإتربي، أن الشراكة العربية الأوروبية أصبحت ليست مجرد خيار استراتيجي، ولكنها ضرورة حتمية في ظل التحديات الحالية التي يمر بها العالم.

وقال الأتربي، في تصريح خاص لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس اليوم الجمعة، إن القمة المصرفية العربية الدولية تتناول هذا العام موضوع "الصمود الاقتصادي في ظل التغيرات الجيوسياسية"، وذلك في ظل ما يشهده العالم من تحديات وتقلبات والتي لها أثر بالغ على الدول العربية.

وأضاف "لذلك، فإن الشراكة العربية الأوروبية ليست مجرد خيار استراتيجي، ولكنها ضرورة حتمية أمام تحديات الحاضر وطموحات المستقبل"، مشيرا إلى أن التبادل بين الدول العربية والاوروبية تجاوز 24 مليار دولار خلال عام 2024.

وشدد على ضرورة ترسيخ هذه الشراكة قائلا "لابد أن نعزز هذه الشراكة ليس من الناحية الاقتصادية فقط، ولكن من الناحية الاجتماعية والثقافية، وأيضا في مجال التنمية المستدامة، هام جدا موضوع التمويل الاخضر، هام جدا موضوع التحول الرقمي والطاقة المتجددة".

كما أشار الأتربي إلى الجلسة المخصصة في القمة والتي ترتكز حول "إنعاش وإعادة هيكلة القطاعات المصرفية في الدول العربية المتضررة من الأزمات"، وقال "هناك عدة أزمات في السودان وفي اليمن ونتمنى أن تعود سوريا لوضعها الطبيعي.. فهي أزمات تؤثر على المنطقة العربية بأكملها، لذا عندما نخصص جلسة لبحث وضع هذه الدول التي تعاني من أزمات، فلابد أن يكون هناك دعم من أوروبا ودعم من الدول العربية التي لديها امكانيات مثل دول الخليج".

وأعرب عن أمله في أن تخرج القمة بتوصيات تُنفذ على أرض الواقع، مشيرا إلى نجاحها مع حضور هذا العدد الكبير من الشخصيات المصرفية المتخصصة والمتحدثين على أعلى مستوى، وهو "ما يؤكد أهمية الشراكة بين الدول الأوروبية والدول العربية من أجل التنمية المستدامة والمشاريع الحيوية والتحول الرقمي.. وهي شراكة مهمة للطرفين".

وفي كلمة له خلال افتتاح "القمة المصرفية االعربية الدولية لعام 2025"، قال الإتربي "نتطلع من هذه القمة إلى زيادة الثقة المتبادلة بين الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا، وتعزيز التعاون في كافة المجالات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، حضارية أو ثقافية، تكنولوجية أو علمية، وبالأخص تجارية، بما يؤدي إلى دعم الصمود الإقتصادي في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة والعالم، لا سيما في القطاع المصرفي العربي الذي يظل العامل الرئيسي للتمويل".

وقال إن انعقاد هذه القمة اليوم في باريس وبرعاية الرئيس الفرنسي، يجسد عمق العلاقات بين المنطقتين، ويؤكد مجددا أن الشراكة العربية الأوروبية ليست مجرد خيار استراتيجي، بل هي ضرورة تفرضها التحديات الحالية.

وأضاف أن العلاقات الاقتصادية بين العالم العربي وأوروبا قد شكلت على مدى عقود طويلة ركيزة أساسية للاستقرار والنمو، "ولكننا اليوم أمام منعطف جديد يتطلب منا جميعا تعزيز هذه العلاقات ودعم الصمود الاقتصادي في ظل التطورات الجيوسياسية إقليميا ودوليا على أسس أكثر مرونة وإبتكارا وشمولية".

وانطلقت اليوم القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025 في باريس، برعاية الرئيس الفرنسي وبمشاركة شخصيات مصرفية ومالية متخصصة يمثلون العديد من الدول الأوروبية والعربية من بينها مصر.

وينظم اتحاد المصارف العربية فعاليات القمة، بالتعاون مع الفيدرالية المصرفية الأوروبية، والفيدرالية المصرفية الفرنسية، واتحاد المصارف الفرانكفونية، والغرفة التجارية العربية الفرنسية، والاتحاد المصرفي الدولي وذلك بحضور عدد كبير من السفراء العرب المعتمدين في فرنسا، من بينهم السفير علاء يوسف سفير مصر بباريس، بالإضافة إلى قيادات من المؤسسات المالية والمصرفية والدبلوماسية العربية والأوروبية.

وتنعقد القمة هذا العام تحت عنوان "الصمود الاقتصادي في ظل التغيرات الجيوسياسية"، وتهدف إلى تعزيز حوار تعاوني بين الجهات المعنية من أوروبا، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأفريقيا حول التحديات الاقتصادية والمصرفية المشتركة، واستكشاف فرص تسريع النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمار والتجارة والابتكار التكنولوجي، ومناقشة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجه أوروبا، مع التركيز على أثر حالة عدم اليقين العالمية على الأنظمة المالية في المنطقة، والتعاون المصرفي والمالي العربي الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • ما أهمية مضيق هرمز وكيف يُمكن أن يؤثر إغلاق إيران له على الاقتصاد العالمي؟
  • الهلال السعودي يسقط في فخ التعادل أمام سالزبورغ
  • رئيس هيئة الترفيه يثمن دعم القيادة للاتحاد السعودي للملاكمة وموسم الرياض
  • مُمثلا للرئيس تبون.. عرقاب يشارك في قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية 2025 بلواندا
  • عاجل- ولي العهد السعودي يبحث مع ماكرون تداعيات استهداف أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية
  • وزير قطاع الأعمال العام يتوجه إلى أنجولا للمشاركة ممثلا لمصر في قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية الـ17
  • ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران
  • لقطات مصورة تكشف عن تقدم الأعمال في مشروع عُود ريزيرڤ شمال الرياض
  • « اتحاد المصارف العربية»: الشراكة الأوروبية ضرورة حتمية في ظل التحديات الحالية
  • عاجل| إسرائيل تأمر بتكثيف الهجمات على طهران: استهداف رموز الدولة والنووي الإيراني ضمن أولويات الجيش