بين التزوير والرشاوى: الوظائف تتحول إلى أوراق انتخابية
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
18 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في مدينة الفلوجة، التي شهدت مراحل طويلة من إعادة البناء بعد الدمار الذي لحق بها جراء الحروب والصراعات، برزت قضية جديدة تهدد استقرار المجتمع المحلي وتثير تساؤلات عن نزاهة التوظيف الحكومي.
ووفقًا لمصادر محلية، يتم إصدار شهادات سكن مزورة تُستخدم لإدراج أسماء موظفين من خارج محافظة الأنبار ضمن قوائم تعيينات التربية في المدينة.
هذه الشهادات المزورة، كما أفادت مصادر، تمت عبر شبكات معقدة من الفساد والرشاوى، حيث أشارت تقارير إلى تورط شخصيات نافذة من نواب وأحزاب ورؤساء عشائر في تسهيل إصدارها.
تحدث أحد سكان الفلوجة عن الموضوع قائلاً: “حقوق سكان الفلوجة الأصليين تُنتهك يوميًا بهذه الطريقة. نحن أولى بالوظائف، لكن المتنفذين لديهم حسابات أخرى. أصبح التعيين اليوم وسيلة لإرضاء الحلفاء أو كسب الأصوات الانتخابية”.
حديث هذا المواطن يعكس الغضب السائد بين أهالي المدينة الذين يشعرون أن فرصهم تُسرق أمام أعينهم.
من جهة أخرى، قالت تغريدة انتشرت مؤخرًا: “التعيينات في التربية ليست مجرد وظائف، بل هي فرص تعليمية تضيع بسبب التزوير. كيف سنبني جيلاً واعيًا إذا كانت العملية التربوية نفسها تُدار بالفوضى والفساد؟” هذه التغريدة أثارت تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب كثيرون بفتح تحقيق عاجل لكشف المتورطين.
ووفق معلومات، فإن عمليات التزوير تُدار من خلال حلقات فساد تمتد إلى جهات في دوائر حكومية تعمل على تسهيل إصدار شهادات السكن مقابل مبالغ مالية. وقال مصدر سياسي إن “هذه الممارسات ليست جديدة، لكنها تتزايد مع اقتراب الانتخابات، حيث تُستخدم الوظائف كأداة لاستمالة الناخبين وضمان الولاء”.
وفي السياق ذاته، ذكرت معلومات أن “التزوير في شهادات السكن أصبح ظاهرة مقلقة. هناك حاجة ملحة لتحرك الجهات الرقابية لضمان الشفافية في التعيينات”. تصريحاتها هذه لاقت ردود فعل متباينة، حيث اعتبرها البعض محاولة لتبرئة ساحة الذين يُتهمون بالتواطؤ في هذه العمليات.
وقال تحليلإن هذه القضية لن تؤثر فقط على حقوق سكان الفلوجة، بل ستخلق فوضى داخل المؤسسات التعليمية نفسها. “عندما يتم تعيين موظفين على أسس غير نزيهة، فإن ذلك ينعكس سلبًا على جودة التعليم، ويزيد من حالة الإحباط بين الكوادر التربوية المؤهلة التي يتم تهميشها”، وفقًا لما جاء في التحليل.
التوقعات تشير إلى أن هذه الأزمة قد تتفاقم إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة. ومع استمرار الاقتصاد العراقي في مواجهة تحديات كبيرة، بما في ذلك عجز في الميزانية وفائض في أعداد الموظفين الحكوميين، فإن التوظيف غير المدروس قد يزيد العبء على الدولة.
ويبدو أن الدعاية الانتخابية لها الكلمة العليا، حيث تستمر الأحزاب في استغلال الوظائف كوسيلة لتعزيز شعبيتها، رغم التحذيرات من أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في المستقبل القريب.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
ضمن جرش الـ39 “أنا كارمن” عندما تتحول خشبة مسرح المونودراما إلى مرآة نسوية صادقة
صراحة نيوز- اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش
ضمن فعاليات مهرجان المونودراما المسرحي لعام 2025، الذي يُقام تحت مظلة الدورة الـ39 من مهرجان جرش للثقافة والفنون، شهد مسرح الشمس في العبدلي عرضًا مميزًا للمونودراما المصرية “أنا كارمن”، وذلك مُمثلة لمصر خارج إطار المسابقة الرسمية.
العرض من تأليف وسينوغرافيا وإخراج وتمثيل الفنانة المصرية سماء إبراهيم، التي عادت إلى جمهورها بعد سنوات من النجاح لتحتفي بمرور 16 عامًا على أول عرض للمسرحية عام 2009.
ومنذ انطلاقها، جابت “أنا كارمن” عدداً من المهرجانات والمحافل الدولية، محققة صدى نقديًا وجماهيريًا واسعًا، وفازت بجوائز عدة، من بينها جائزة أفضل عرض في مهرجان المونودراما بالجزائر، وجائزة أفضل ممثلة في ملتقى القاهرة الدولي للمونودراما، إضافة إلى جائزة أفضل تمثيل بمهرجان أربيل الدولي عام 2019.
واستمر العرض لمدة ستين دقيقة، قُدم خلالها برؤية معاصرة مستوحاة من الأوبرا العالمية الشهيرة “كارمن” للموسيقار جورج بيزيه، ولكن من منظور نسوي مغاير. أعادت سماء إبراهيم تشكيل شخصية “كارمن” لتخرج بها من قيد النمطية، وتجسد امرأة متعددة الطبقات النفسية، تتأرجح بين القوة والضعف، وبين الحلم والصدام، ضمن سرد درامي يمتزج فيه الأداء المسرحي بالغناء والرقص والتعبير الجسدي والموسيقى.
وقد تميز العرض ببساطة التكوين المسرحي، حيث اعتمد على أداء منفرد (مونودراما) لسماء إبراهيم، جمعت فيه بين الغناء والعزف الحي والأداء التمثيلي، مستثمرة طاقتها الجسدية العالية ونبرتها الصوتية المتغيرة ببراعة. وقد بدا واضحًا تنقلها السلس بين الشخصيات والحالات الشعورية المختلفة دون أي انقطاع في الإيقاع، مما منح العرض توترًا دراميًا حيًا ولامعًا.
المسرحية من إنتاج فرقة “إيماء السماء” المستقلة، وشارك في تصميمها الصوتي والموسيقي الفنان الراحل أيمن الخياط، مؤسس الفرقة، بينما تولّى التوزيع الموسيقي الدكتور محمد حسني، وصمّمت الأزياء رشيدة علي. وقدمت المسرحية مزيجًا لافتًا بين المقطوعات الموسيقية العالمية ومؤلفات الفنان أيمن الخياط، ما أضفى على العرض عمقًا فنيًا وجماليًا إضافيًا.
وقد عبّر الجمهور عن تفاعله الكبير مع العرض، الذي حمل طابعًا غنائيًا استعراضيًا ذا نَفَس كوميدي إنساني، ناقش من خلاله قضايا الحرية والهوية والمرأة والحب.
يُذكر أن مسرحية “أنا كارمن” سبق أن عُرضت على مسرح المركز الثقافي الملكي في الأردن قبل نحو 15 عامًا، وها هي تعود من جديد إلى الجمهور الأردني، بذات الشغف وعمق الرسالة، مؤكدة أن الصوت النسوي حين يُمنح مساحة حرة للتعبير، يتحول إلى مرآة تعكس الواقع كما هو، بلا أقنعة.