شمال سوريا- بعد نحو 48 ساعة على إطلاقها معركة "ردع العدوان"، باتت فصائل المعارضة السورية المسلحة على تخوم مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، في تطور ميداني سريع وغير مسبوق ضمن مسار الصراع العسكري بين النظام والمعارضة مما يفتح باب التكهنات على مصراعيه.

وتقود المعركة بشكل أساسي "هيئة تحرير الشام" صاحبة النفوذ الأبرز في إدلب وريف حلب، إضافة إلى فصائل عسكرية معارضة منضوية تحت تشكيل "الجبهة الوطنية للتحرير"، وفق أهداف إستراتيجية تتمثل في إبعاد نفوذ النظام و"المليشيات" عن مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا والحد من استهدافهم المتكرر لتلك المناطق بالقصف المدفعي والصاروخي.

وعلى الرغم من أن "إدارة العمليات العسكرية" التي تقود المعركة لم تعلن صراحة أنها تسعى إلى السيطرة على مدينة حلب عسكريا، فإن بياناتها الأخيرة أكدت أن "العملية لا حدود لها ولن تقف عند حد جغرافي معين".

طبيعة المعركة

يقول مصطفى البكور القيادي في "جيش العزة" أحد مكونات المعارضة السورية المسلحة إن الفصائل العسكرية المشاركة في العملية تقوم بملاحقة "المليشيات الإيرانية وإبعادها عن المناطق التي يمكنها منها استهداف المدنيين، خاصة أنها وقوات النظام ما تزال تشكل خطرا على حياة المدنيين ومن واجب الثوار إنهاء هذا الخطر".

وبشأن إمكانية سيطرة فصائل المعارضة على مدينة حلب، أكد بكور -في حديث للجزيرة نت- أن أي سيناريو لأي معركة تتحكم به طبيعتها والعدو والإمكانيات، مشيرا إلى صعوبة تقرير شكل السيناريو المتوقع لمسار العمليات العسكرية.

وبخصوص الحديث عن أن المعركة هي نتيجة ضغوط تركية على النظام السوري، رأى بكور أن أنقرة قد تسعى إلى الاستفادة من الضغط الذي تشكله عملية "ردع العدوان" على النظام السوري، معتبرا أن الأمر طبيعي في العلاقات الدولية.

عنصر من أحد فصائل المعارضة السورية يطلق طائرة مسيرة خلال معارك ريف حلب (مواقع التواصل) سيناريو قائم

وبحسب المواقف الإقليمية، هناك مؤشرات على دعم تركيا لعملية المعارضة في ريف حلب، وفق ما صرح به مصدر أمني تركي لوكالة رويترز بأن العملية تقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب "التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في 2019″.

ويرى الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان أن تركيا تنطلق في دعم هذه العملية من الاتفاقيات المبرمة مع روسيا عام 2019 "التي لم تلتزم بها موسكو وقوات النظام السوري".

وأشار -في حديث للجزيرة نت- إلى أن مشاركة روسيا "حليفة النظام" محدودة حتى اللحظة، ويعتقد أنها تغض الطرف عما يحدث حتى اللحظة من تطورات عسكرية، وقد تتوسع مشاركتها لاحقا لضرب بعض الأهداف.

ويصف علوان سيناريو سيطرة فصائل المعارضة على مدينة حلب بـ"القوي والقائم"، مستدركا أن لا مؤشرات على أن هدف المعركة هو السيطرة على حلب "بمقدار ما هو تأمين المحيط المباشر بمناطق المعارضة السورية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المعارضة السوریة فصائل المعارضة مدینة حلب

إقرأ أيضاً:

هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى حضن النظام؟

طهران – في سابقة لم يشهدها تاريخ طهران الحديث، أدى العدوان الإسرائيلي على إيران إلى تقارب بين المعارضة والسلطات واتفاقهما على عداء تل أبيب، إذ خرجت أصوات من زنازين سجن إيفين وغرف الحظر المنزلي والمنافي الغربية لتُعلن ولاءها للوطن رغم عدائها التاريخي للنظام.

لم يقضِ الهجوم الإسرائيلي الشامل على إيران، فجر 13 يونيو/حزيران الجاري، على عدد من قادة الصف الأول من المؤسسة العسكرية ولم يدمر المنشآت النووية فحسب، بل أحدث زلزالا في المشهد السياسي الإيراني مع رفع أبرز معارضي النظام في الخارج ومنتقديه بالداخل شعار "الوطن في خطر" رغم خلافاتهم الجذرية معه.

فبعد ساعات وأيام قليلة من الهجمات، تحوّلت مواقف أبرز المعارضين الإيرانيين في الداخل والخارج إلى منصات للدفاع عن "إيران الأم" من خلال إعلانهم التضامن مع الوطن والشعب من جهة، وإدانة "الاعتداء الإسرائيلي الغاشم" من جهة أخرى.

جريمة نكراء

في تصريح لاذع يحمل دلالات رمزية عميقة، أدان السياسي الإصلاحي الشيخ مهدي كروبي -أحد أبرز وجوه الحركة الخضراء الذي قبع تحت الإقامة الجبرية منذ 2009 قبل رفع القيود عنه في مارس/آذار الماضي- الهجوم الإسرائيلي، واصفا إياه بـ"الجريمة النكراء التي أضافها الكيان الصهيوني قاتل الأطفال إلى سجله الأسود".

وأكد كروبي في بيانه أن العدوان الإسرائيلي "ليس مجرد انتهاك لسيادة إيران، بل إعلان حرب على الأمة الإسلامية جمعاء"، مطالبا برد من الجمهورية الإسلامية، كما دعا إلى "الوحدة الوطنية" بقوله إن "التفرقة اليوم سلاح نقدّمه لأعدائنا على طبق من ذهب. وحدتنا هي درعنا الوحيد".

أما أيقونة الحركة النسوية في إيران زهرا رهنورد، وهي زوجة زعيم الحركة الخضراء رئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي، فقد أطلقت، من داخل الحظر المنزلي المفروض عليهما منذ 14 عاما، صرخة مدوية ضد العدوان الإسرائيلي، واصفة الهجوم بأنه نابع عن إرادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، "الذي انتهك كل المواثيق الدولية".

إعلان

وأكدت أن النساء هن أول الضحايا من المدنيين جراء عدوان "نتنياهو المجرم الذي يشتهر بقتل النساء والأطفال في كل العالم من غزة إلى إيران".

وانضم إلى هؤلاء الرموز سجناء سياسيون -حاليون وسابقون- لدمج الخطاب المنتقد في بوتقة الدفاع عن السيادة والهوية الوطنية.

المطربة الإيرانية فرزانة خورشيد المعارضة للنظام الإيراني والتي تعيش في كندا لم تكتفِ بلبس الزي الوطني بل قامت بإنشاد نشيد الثورة. الإسلامية التي تعارضها..
اشرف من الممثلين والمطربين والمطربات العرب الساقطين pic.twitter.com/F6aX8LoqWS

— abu ali الديراني (@abualihussein19) June 18, 2025

إدانة لاذعة

من جانبه، أطلق السجين السياسي البارز مصطفى تاج زاده، من زنزانته في سجن إيفين، إدانة لاذعة لداعمي العدوان الإسرائيلي على إيران، واصفا تأييد "عدوان يشنه جيش أجنبي وبتوجيه من متهم بجرائم حرب في محكمة لاهاي" بأنه "فعلٌ بلا تبرير سياسي أو أخلاقي".

وفي بيانه، دعا تاج زاده إلى "وقف فوري لإطلاق النار" كأولوية قصوى، محذرا من أن "الحرب في الشرق الأوسط لم تعد حلا بل هي جزء من المشكلة"، كما شدّد على أن الضحايا الحقيقيين هم المدنيون العزل، مطالبا القوى السياسية كافة بالعمل على منع توسع الحرب، وعزل أميركا عن دعم إسرائيل.

أما السجين السياسي السابق المحامي والأستاذ الجامعي محسن برهاني، فقد "أطلق صرخة هزت ضمير المعارضة الإيرانية في الخارج، وفق مراقبين، إذ قال في منشور له إن "قلبي ينبض لإيران.. وأقبّل أيدي مدافعيها"، واصفا دعم العدوان بأنه "وصمة عار لا تلاحق الشرفاء".

بدوره، كتب علي قلي زاده، السجين السياسي السابق الذي تعرّض لاعتقالات متكررة ومُنع من الدراسة والتوظيف، كلمات اختزل فيها مأساة بلاده، قائلا "رغم انتقاداتي للنظام، فأنا أقف خلف قادة الدفاع عن الوطن"، مؤكدا -في منشوره- أن "جهتي هي إيران".

دعم الوطن

وفي خارج البلاد، اعتبر نصر الله معين -الفنان الإيراني الشهير المقيم في لوس أنجلوس الأميركية- "الوطن هو الإرث الوحيد الذي لا يُنفق أو يُهدى أو يُباع"، ووصف معاناة الأرض الإيرانية بالقول "إن آلامها تُثقل قلوبنا، ونحن نترقب خلاصها من هذا العذاب المحيق".

وجاءت تصريحاته مصحوبة بأغنية جديدة عن الحرب الإسرائيلية على بلاده، لتكون تعبيرا عن تمسّكه بوطنه رغم كل الظروف، حيث قال فيها "إن لم تكن إيران غير دار دمار، فأنا أحب هذه الدار، ذلك لأن حبّ الوطن يتجاوز كل الدمار"، مؤكدا أن ارتباطه ببلاده يظل أعلى من أن تمحيه النزاعات.

أما عبد الكريم سروش -المفكر الإيراني وفيلسوف ثورة 1979 التي أطاحت بنظام الشاه قبل أن ينشق عنها ويقيم في الولایات المتحدة وبريطانيا إثر دعوته لفصل الدين عن الدولة- فقد هاجم "العدوان الإسرائيلي على سيادة الشعب الإيراني"، ووصف احتفال بعض المعارضة "بالعدوّ الإسرائيلي" بأنه "الأمر الأكثر إيلاما".

وقال في فيديو متداول إن "الغريب لا يُعوِّض الوطني"، مُحذرا من أن "التعويل على القوى الغازية وَهْمٌ زائل"، ومؤكدا أن الانتماء الوطني يتجاوز كل الخلافات، وختم بالقول "ندين هذه المذابح والإبادة، ونعزي شعب إيران بشهدائه، ونفتخر بكل من دافع عن الوطن ببسالة".

لاريجاني: كل التيارات السياسية اتحدت وحتى بعض المعارضة في الخارج وقفت خلف القوات المسلحة الإيرانية#حدث_وشارك#العهد_نيوزhttps://t.co/7WGYKaYJON pic.twitter.com/9xV1Je7f3H

— العهد نيوز – ALAhad News (@ALAhadNewsAg) June 19, 2025

وفيما اتخذت أسماء كبيرة جدا في معارضة المنفى خطوات مشابهة في الوقوف إلى جانب الوطن رغم اختلافها الجذري مع الجمهورية الإسلامية، يتساءل مراقبون عما إذا كانت هذه المواقف نابعة عن الثقافة الإيرانية المناوئة لكل أشكال الغزو الأجنبي، أم عن إيمانها بقدرة النظام الإيراني على الصمود والدفاع عن سيادته وإن كان منفردا؟

إعلان

وبعد أن توجّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس الأربعاء، بالشكر إلى جميع شرائح الشعب الإيراني، إذ خص بالذكر السجناء السياسيين ومنتقدي النظام الإسلامي لوقوفهم إلى جانب السيادة الوطنية والدفاع عنها، يتساءل مراقبون في طهران عما إذا سيؤسس العدوان الإسرائيلي لمصالحة وطنية، أم إن تلك المواقف مجرد هدنة مؤقتة في حرب أيديولوجية لم تهدأ منذ عقود؟

مقالات مشابهة

  • النيل الأبيض.. هذه المشاربع الزراعية التي توقفت بسبب الاعتداء عليها من قبل المليشيا المتمردة
  • هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى حضن النظام؟
  • لهذه الأسباب إيران وأميركا تتفقان على مخاطر تطبيق واتساب على الأمن القومي
  • كاتب تركي: لهذه الأسباب تركيا ستنتصر في أي حرب مع إسرائيل
  • لهذه الأسباب يتوفر المغرب على حظوظ وافرة لاستضافة مونديال الأندية 2029
  • لهذه الأسباب | وكيل تعليم الدقهلية يكرم متابع المدارس المصرية اليابانية منسق أنشطة "التوكاتسو "
  • أستاذة قانون: ضربات ترامب على إيران كانت غير قانونية.. لهذه الأسباب
  • تفقد سير العملية الامتحانية في مراكز محافظة الرقة السورية
  • تضارب الروايات حول الصواريخ التي أطلقتها إيران على قطر.. كم عددها وهل أصابت قاعدة العديد؟
  • وزير التربية السوري ومعاون وزير الداخلية والمحافظ البكور يتفقدون سير العملية الامتحانية بالسويداء