صحيفة التغيير السودانية:
2025-07-30@14:41:05 GMT

من يريد حكومة المنفى؟

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

من يريد حكومة المنفى؟

من يريد حكومة المنفى؟

فيصل محمد صالح

عادت فكرة حكومة المنفى للظهور من جديد، من خلال نقاش داخل مجموعات القوى المدنية ومعارضي حكومة بورتسودان، من خلال مداخل مختلفة، وانتقل النقاش لداخل اجتماع هيئة قيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الذي أنهى أعماله في كمبالا قبل يومين.

الفكرة، كما يطرحها المؤيدون لها، هي أن تشكل القوى المعارضة حكومة منفى تنزع الشرعية عن حكومة الفريق عبد الفتاح البرهان، وتقوم بتمثيل كل المجموعات الرافضة للحرب، والداعية للعودة للمسار الديمقراطي.

وينطلق المؤيدون للفكرة من أن الواقع العملي يقول إن حكومة البرهان لا تسيطر على أجزاء كبيرة من السودان، ولذلك يجب أن يستغل المعارضون لها هذه الحقيقة، وأن يتولوا مسألة تقديم الخدمات والرعاية للمواطنين خارج سيطرة حكومة الأمر الواقع.

الفكرة ليست جديدة تماماً في السياق الحالي، فقد بدأت تظهر منذ فترة، وتتردد في بعض الخطابات السياسية والكتابات، وإن كانت جديدة على تاريخ الصراع السياسي في السودان.

خاض السودانيون معارك طويلة ضد النظم العسكرية والديكتاتورية التي حكمت البلاد لأكثر من 55 عاماً، ونجحوا في كل مرة، في إقامة تنظيم تحالفي يقود حركة المعارضة. فعلوا ذلك عبر «مؤتمر الخريجين»، الذي كان المهد الأول للحركة الوطنية الحديثة في السودان، ثم جبهة الهيئات التي أسقطت نظام الفريق إبراهيم عبود في عام 1964، ثم «التجمع الوطني لإنقاذ البلاد»، الذي أسقط النميري في عام 1985.

ثم انتقلت حركة المعارضة ضد نظام البشير نقلة كبيرة، بتشكيل «التجمع الوطني الديمقراطي» في بداية التسعينات، وكان هذا التجمع أكثر تنظيماً وتطوراً من سابقيه، ثم استفاد من وجود الحركة الشعبية لتحرير السودان داخله، واتجه لتكوين فصائل مسلحة. رغم كل هذا الوجود السياسي والعسكري المميز، ووجود أراضٍ تحت سيطرة فصائل قوات التجمع، والعزلة التي أحاطت بنظام البشير نتيجة احتضانه المجموعات الجهادية، فإن فكرة حكومة المنفى لم تُطرح مطلقاً… فلماذا يتم طرحُها الآن؟

الحقيقة الماثلة الآن أن مؤيدي الفكرة لم يستطيعوا أن يقدموا حيثيات مقنعة تجعل الفكرة مقبولة، كما أن مراجعة النتائج المتوقعة تجعل منها مغامرة قد تؤدي لنتائج كارثية. أخطر هذه النتائج هو الإعلان الرسمي عن تقسيم البلاد، وهو شرٌّ يحاول العقلاء، قلوا أم كثروا، أن يجنبوه البلاد. والناظر للتجارب التي حدثت من حولنا سيجد أن هذه الفكرة لم تؤدِّ لأي تطور إيجابي في البلاد التي خضعت لها، بل تمت قوننة التقسيم؛ بحيث صار صعباً تجاوزه، كما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن، حيث هناك أكثر من حكومة في تلك البلاد عقّدت عملية الحوار والتفاوض لحل المشكلات التي أدت للحروب والأزمات السياسية.

قد يقول قائل إن السودان حالياً مقسم بين الحكومة الموجودة في بورتسودان، و«قوات الدعم السريع»، التي تسيطر على مناطق كثيرة، وهذا صحيح، لكنه واقع مفروض بقوة السلاح، ولا يجب بالضرورة أن يخضع له الناس ويقروه بإرادتهم.

أقامت «قوات الدعم السريع» إدارات مدنية محلية في هذه المناطق، وباستثناء بعض ولايات دارفور، فليس هناك من وجود حقيقي أو سلطات لهذه الإدارات، وهي مجرد ظل باهت لبندقية «الدعم السريع»، ولا تبدو من فرصة لحكومة المنفى هذه إلا أن تكون هي أيضاً مجرد ظل باهت للبندقية نفسها. ولو تم تشكيل الحكومة وأرادت أن تمارس نفوذاً على الأرض فلن تجده إلا في الأراضي التي تحتلها «قوات الدعم السريع»، ولا يظنن أحد أن من حملوا البندقية وقاتلوا، بغض النظر عن الجانب الذي يقفون فيه، سيسلمون أنفسهم وبندقيتهم لإدارة مدنية من سياسيين لم يقاتلوا معهم، بل الظن الغالب أنهم سيستغلون هذه المجموعات السياسية غطاءً لتمرير أجندتهم، ولفترة قصيرة. والأسوأ والأغرب من كل ذلك أن تتبرع مجموعة سياسية مدنية بأن تحمل على عاتقها كل أوزار وجرائم «قوات الدعم السريع» التي ارتكبتها في كل المناطق التي تقع تحت سيطرتها.

السؤال الأهم والأكبر هو: هل هناك أي دولة أو منظمة دولية ستعترف بحكومة المنفى هذه؟ لا يبدو حتى الآن أن هناك استعداداً لأي طرف دولي أن يفعل ذلك، وليس من سبب أن يكرروا تجارب فاشلة في كل الإقليم. ومن السذاجة الظن بأن من يعترف بك كقوى مدنية ذات وزن وصوت في الشأن السوداني، ويمنحك الاهتمام ويستمع إليك ويستشيرك، سيكون لديه الاستعداد للاعتراف بك كحكومة منفى. هذا أمر مختلف جداً وسيخضع لحسابات طويلة ومعقدة لن تكون في النهاية في صالح حكومة المنفى.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومالدعم السريع السودان القوى المدنية اليمن بورتسودان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم سوريا عبد الفتاح البرهان عبود فيصل محمد صالح كمبالا ليبيا نميري

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع السودان القوى المدنية اليمن بورتسودان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم سوريا عبد الفتاح البرهان عبود فيصل محمد صالح كمبالا ليبيا نميري قوات الدعم السریع حکومة المنفى

إقرأ أيضاً:

‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”

بورتسودان- متابعات تاق برس- في خطوة تكشف عن موقف الاتحاد الإفريقي من الحرب الدائرة في السودان؛ قال ممثل الاتحاد الإفريقي بالسودان محمد بلعيش أنه يُحمد للجيش السوداني استمراره في دحر التمرد – على حد وصفه- وإعادة الاستقرار إلى ربوع السودان.

وكان السيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان التقى اليوم الثلاثاء، ممثل الاتحاد الإفريقي بالسودان محمد بلعيش، بحضور وزير الدولة بوزارة الخارجية السفير عمر صديق والسفير أحمد يوسف مدير الإدارة الإفريقية بالانابة.

وقال محمد بلعيش في تصريح صحفي أنه نقل إلى رئيس مجلس السيادة تحيات رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السفير علي محمود يوسف.

وأكد دعمه واهتمامه بوحدة السودان واستقراره. مضيفا أن زيارته للسودان تأتي في إطار استكشاف سبل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في السودان.

 

لافتاً إلى أن اللقاء كان مثمراً، واتسم بالشفافية والصراحة وتناول مجمل تطورات الأوضاع في السودان.

 

وأعرب بلعيش عن أمله في أن يكون السودان نموذجاً في مجال تسوية الأزمات في إفريقيا.

ونوه إلى أن تشكيل حكومة مدنية مستقلة ذات كفاءات وطنية خطوة مهمة لتخفيف معاناة أهل السودان وتجويد الخدمات، والشروع في عملية إعادة الإعمار والبناء بشكل تدريجي؛ لتمكين النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم.

وقال ممثل الاتحاد الإفريقي “هذه محمدة في أن تستمر القوات المسلحة في دحر التمرد وإعادة الاستقرار إلى ربوع السودان”.

ودعا بلعيش إلى أهمية انتهاج الحوار لتسوية الخلافات وتجاوز مرارات الماضي وفق ما تم التوقيع عليه في جدة في 12 مايو 2023، الذي يشكل أرضية لوقف الحرب وإعطاء انطلاقة إلى حوار جاد بين أبناء السودان.

الاتحاد الإفريقيالدعم السريعمحمد بلعيش

مقالات مشابهة

  • كرت تفاوض: حكومة المليشيا: مقاربات وخيارات
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
  • ‘الاتحاد الإفريقي” يكشف موقفه من “الدعم السريع” ويفاجئ “البرهان”
  • شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع
  • حكومة غزة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة ومصيرها
  • السودان يهزم نيجيريا ويتأهل لدور الأربعة في الدورة المدرسية الإفريقية
  • حكومة موازية في نيالا.. ماذا تعرف عن خريطة نفوذ الدعم السريع في دارفور؟
  • السودان يندد بإعلان تشكيل حكومة موازية في البلاد
  • جامعة الدول العربية: نُدين إعلان ائتلاف سوداني مرتبط بقوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية
  • السودان يدين إعلان الدعم السريع حكومة موازية