«معلومات الوزراء» يستعرض في تحليل جديد صناعة بناء السفن عالميا
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا جديدا حول «صناعة بناء السفن»، استعرض من خلاله مراحل وعمليات صناعة بناء السفن وواقع سوق تلك الصناعة عالميًّا، بالإضافة إلى عرض لأبرز التجارب الدولية في هذا المجال، والجهود المصرية في هذا الشأن، حيث أشار إلى أن صناعة بناء السفن تُعد إحدى الركائز الأساسية للنشاط الاقتصادي العالمي، وذلك نظرًا لما يشكله النقل البحري من أهمية بالغة في التجارة الدولية والاقتصاد العالمي، إذ يتم نقل أكثر من 80% من حجم التجارة الدولية في السلع من خلال البحر، وترتفع تلك النسبة في أغلب البلدان النامية، وهو ما يعني توافر الطلب على السفن الجديدة بشكل مستمر، وتهيمن منطقة شرق آسيا على صناعة بناء السفن، إذ استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان على النسبة الكبرى من إجمالي الإنتاج العالمي لتلك الصناعة في عام 2022.
وأوضح التحليل، أن عملية بناء السفن تُعد واحدة من أكثر أنظمة الأعمال والإنتاج تعقيدًا، وذلك نتيجة التعقيد في منتجاتها النهائية، حيث تتطلب تلك العملية عددًا كبيرًا من المكونات والمنتجات الوسيطة، مضيفاً أن أن عملية بناء السفن تنقسم إلى ثلاث مراحل تشمل: عملية بناء هيكل السفينة، وعملية التجهيز، وعملية الطلاء.
وتتم عملية بناء الهيكل عبر تصنيع مكونات هيكل السفينة، ثم بعد ذلك يتم تجميعها ولحامها لتصبح منتجات وسيطة في صورة مجمعة، ثم يتم رفعها إلى الرصيف لتجميعها في الهيكل، ويدخل في تلك المرحلة العديد من المنتجات الوسيطة كالحديد والألومنيوم والنحاس والخشب واللدائن الهندسية والأسمنت والسيراميك والمطاط والزجاج.
أما عملية التجهيز فيتم خلاها تجهيز غرفة المحرك، وتجهيز سطح السفينة، وتجهيز المقصورة، وأخيرًا التجهيز الكهربائي. وتتضمن عملية الطلاء -إزالة الصدأ ووضع الطلاءات المختلفة على الأسطح الداخلية والخارجية لبدن السفينة وأجزاء التجهيز- وفقًا للمتطلبات الفنية التي تقضي بفصل السطح المعدني عن الوسط المسبب للتآكل، وذلك بهدف منع تعرض بدن السفينة للتآكل.
أشار التحليل، إلى أن السفن تُصنَّف إلى خمس تصنيفات أساسية، وهي: السفن التجارية، والسفن البحرية، وسفن الصيد، وسفن خدمات، والسفن الداخلية، ومع التطور التكنولوجي، أصبحت اتجاهات تكنولوجيا بناء السفن تشمل بشكل أساسي تكنولوجيا إنتاج السفن منخفضة استهلاك الوقود وعالية الكفاءة، وتكنولوجيا بناء السفن الخضراء، وتكنولوجيا بناء السفن الرقمية، وتكنولوجيا بناء السفن الذكية.
أشار التحليل إلى أن صناعة بناء السفن عالميًّا مرت بمراحل مختلفة من الهيمنة التي مارسها عدد من الدول على هذه الصناعة، ففي البداية احتلت بريطانيا المركز الأول عالميًّا في تلك الصناعة، وكان ذلك في خمسينيات القرن التاسع عشر، ثم فقدت هذا المركز بسبب فشلها في تطوير أحواض بناء السفن الخاصة بها من الناحية الفنية، ثم انتقلت هيمنة تلك الصناعة إلى اليابان لتحتل الترتيب الأول عالميًّا بفضل النمو السريع للنظام المالي الياباني بعد الحرب العالمية الثانية، والمبادرات الحكومية اليابانية لتشجيع بناء السفن، واستمرت هيمنة اليابان على هذه الصناعة الحيوية إلى أكثر من ثلاثة عقود، حتى واجهت أحواض بناء السفن اليابانية تعقيدات في توظيف المهندسين من الشباب الكفء، وارتفاع تكلفة العمالة في ذات الوقت، وهو ما فتح الأفق أمام كوريا الجنوبية لتتولى المركز الأول عالميًّا في منتصف تسعينيات القرن العشرين، وبمرور الوقت أصبحت الصين رائدة عالميًّا في بناء السفن تحديدًا في عام 2010، حيث زاد إنتاج بناء السفن التجارية الصينية بنحو 13 مرة بين عامي 2002 و2012.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن حجم السوق العالمية لبناء السفن قد بلغ في عام 2023 نحو 158.25 مليار دولار، ومن المتوقع أن يواصل السوق العالمي نموه ليصل إلى 221.37 مليار دولار بحلول عام 2032، وذلك بمعدل نمو سنوي مُركَّب نحو 40%، ومن حيث الترتيب العالمي للدول في صناعة بناء السفن في عام 2022، فقد هيمنت منطقة شرق آسيا على تلك الصناعة، إذ استحوذت الصين وكوريا الجنوبية واليابان على 93% من إجمالي الإنتاج العالمي.
وأوضح التحليل، أن الصين وكوريا الجنوبية تُعد من أبرز التجارب الدولية في مجال النهوض بصناعة بناء السفن واحتلال الريادة عالميًّا في هذا المجال، ويرجع ذلك إلى السياسات الحكومية المُتبعة في تلك الدول والتي كان لها المردود الإيجابي في تحقيق الهدف منها، فقد أولت جمهورية الصين الشعبية أهمية كبيرة لصناعة بناء السفن، وذلك من خلال التعامل معها كصناعة استراتيجية تدعم التنمية الاقتصادية، واعتماد سياسات مختلفة لتعزيز تلك الصناعة، ومن أبرز تلك السياسات ما يلي:
-تشجيع تصدير السفن في ثمانينيات القرن العشرين: حيث جعلت الحكومة الصينية تصدير السفن إلى السوق العالمية أحد التدابير المهمة للإصلاح الاقتصادي وسياسة الباب المفتوح، التي اعتمدتها في عام 1979، واعتبرت تطوير صناعة بناء السفن مهمة استراتيجية.
-تقديم الحكومة الصينية سياسات محفزة لصناعة بناء السفن: وذلك في تسعينيات القرن العشرين، اقتداءً بنجاح التجارب اليابانية والكورية، بما في ذلك تقديم الدعم، والقروض الميسرة، والحوافز الضريبية لشركات بناء السفن، والاستثمار المباشر الواسع في صناعة بناء السفن، كما تبنَّت الحكومة الصينية سياسة "المالك المحلي لبناء السفن" لدعم أحواض بناء السفن الصينية.
-وضع الحكومة الصينية في أغسطس 2006 خطة تنمية متوسطة وطويلة الأجل (2006 - 2015) لصناعة بناء السفن، وذلك ضمن هدف أكبر وهو جعل الصين أكبر دولة لبناء السفن في العالم بحلول عام 2015.
-إصدار وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية (MIIT) في يونيو 2009 خطة إعادة هيكلة وتنشيط صناعة بناء السفن، وذلك بعد أزمة ركود تجارة السفن نتيجة الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وهدفت الخطة إلى توفير التمويل اللازم لأحواض بناء السفن، وتقديم الدعم الفني والمالي.
-إطلاق الخطة الخمسية الثانية عشرة في ديسمبر 2011، والتي ركزت على تعزيز الابتكار التكنولوجي والاستثمار في البحث وتطوير تكنولوجيا صناعة بناء السفن، وإعادة الهيكلة من خلال الاندماج والاستحواذ، وتحسين جودة بناء السفن ونظام الإدارة لتعزيز القدرة على المنافسة، وتحسين ترويج صناعة بناء السفن.
-إطلاق خطة دعم بناء السفن لمدة ثلاث سنوات وذلك في يونيو 2013، بهدف إنقاذ صناعة بناء السفن المتعثرة، والحفاظ على حصة الصين في السوق العالمية لبناء السفن، وتحقيق حصة سوقية عالمية بنسبة 20٪ و25٪ للسفن عالية التقنية والمرافق البحرية على التوالي، من خلال التركيز على تسريع الابتكار التكنولوجي وتطوير تكنولوجيا التصميم والبناء للمنتجات البحرية، وزيادة العرض المحلي للمعدات البحرية والشاطئية الرئيسية، بالإضافة إلى دعم المنتجين المحليين وتوسيع الدعم المالي للاندماج والاستحواذ وجذب المشترين الأجانب.
وتعتمد الصين على تمويل السفن كسياسة تحفيزية لتقديم الدعم لأحواض بناء السفن المحلية وتعزيز الأسطول الصيني، ففي النصف الأول من عام 2017 أنفقت الحكومة الصينية ما قيمته 17.7 مليون دولار للصناعة بهدف تشجيع تطوير تصميمات جديدة للسفن، وقد ذهب معظم هذا التمويل إلى تصميم مشروعات لناقلات النفط الكبيرة.
أما عن تجربة كوريا الجنوبية فقد بدأت حكومة كوريا الجنوبية أولى خطواتها في ريادة صناعة بناء السفن عالميًّا من خلال تنفيذ سياسات تُشجع تلك الصناعة، والتي بدأت بإصدار "قانون تشجيع بناء السفن" في عام 1958، إلا أن القانون لم يحقق أي إنجاز بسبب نقص الميزانية، ثم تحولت بعدها الجهود الحكومية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والسياسات، من أهمها:
-إعلان الحكومة الكورية عن "خطة إعادة هيكلة صناعة بناء السفن وتعزيز القدرة التنافسية" لعام 2009، بمشاركة العديد من الوزارات، بهدف إعادة هيكلة شركات بناء السفن المتأخر تسليمها، وحل الصعوبات المؤقتة المتعلقة بالتمويل في أحواض بناء السفن التي تفاقمت جراء الأزمة المالية العالمية.
-كشفت وزارة المحيطات ومصايد الأسماك بكوريا في أبريل 2018 عن خطة إحياء تهدف إلى بناء 200 سفينة بما في ذلك 60 حاوية و140 ناقلة للبضائع السائبة خلال ثلاث سنوات، ووفقًا للخطة يتم دعم مالكي السفن بنسبة تصل إلى 10٪ من تكلفة بناء الهيكل الجديد إذا استبدلوا بسفنهم القديمة سفنًا جديدة صديقة للبيئة.
-أنشأت الحكومة الكورية في يوليو 2018 شركة كوريا لأعمال المحيطات (KOBC)، برأس مال أولي بلغ 2.77 مليار دولار، والتي هدفت إلى دعم صناعة الشحن وبناء السفن المحلية من خلال الاستثمار في السفن الجديدة وتوفير ضمانات الدفع لطلبات البناء الجديدة، وتقديم خدمات استشارية للاستثمارات في الصناعة البحرية.
-إطلاق "الاستراتيجية الوطنية الأولى لتطوير وتعميم السفن الخضراء (2021 - 2030)" وذلك في ديسمبر 2020، حيث تركز الاستراتيجية على التقنيات المتقدمة الخالية من الانبعاثات التي تُمكِّن من التخلص التدريجي من انبعاثات الغازات الدفيئة (GHG) بنسبة تصل إلى 70% بحلول عام 2030، وذلك في مجالات تصميم السفن والوقود المستقبلي والطاقة المتجددة والمعدات، حيث تستهدف الاستراتيجية تحويل 15٪ من السفن التي ترفع العلم الكوري إلى سفن أكثر اخضرارًا.
-نشر قانون رقم 19909 الخاص بتعزيز تطوير وتسويق السفن ذاتية القيادة وذلك في يناير 2024، والذي يهدف إلى تعزيز تطوير التكنولوجيا والمعدات الرئيسة لتلك السفن، ووضع الأساس لتشغيلها الآمن، بالإضافة إلى إنشاء نظام لوجستي بحري لتسويقها.
وأشار التحليل إلى أنه في ظل الأهمية الاقتصادية لصناعة بناء السفن عالميًّا، وأهميتها الاستراتيجية في دولة كمصر، التي تمتلك إمكانات تدعمها لتلعب دورًا محوريًّا في تلك الصناعة بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، تسعى الحكومة المصرية لتوطين صناعة بناء السفن وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعات البحرية، ولتحقيق ذلك تم تنفيذ العديد من الجهود والمبادرات في هذا القطاع، ومن أبرزها:
-إطلاق برنامج تطوير صناعة السفن وفقًا لاستراتيجية الدولة من أجل تطوير قطاع النقل البحري واللوجستيات حتى عام 2030، وذلك ضمن رؤية 2030 التي تم إطلاقها في فبراير 2016، ويهدف البرنامج إلى توطين وتطوير الصناعة في مصر بحلول عام 2030.
-تتبنى وزارة النقل خطة شاملة لتطوير قطاع النقل البحري واستعادة قوة الأسطول التجاري المصري، وذلك بهدف جعل مصر مركزًا عالميًّا للتجارة واللوجستيات، وتستهدف الوزارة الوصول بحجم أسطول الشركات التابعة لها، (وهي شركات: الملاحة الوطنية - الجسر العربي للملاحة - القاهرة للعبارات - المصرية لناقلات البترول)، إلى 31 سفينة بحلول عام 2030، وذلك لزيادة قوة الأسطول المصري بحيث يصبح قادرًا على نقل 20 مليون طن بضائع سنويًّا من البضائع الاستراتيجية كالحبوب والنفط، ونقل الركاب بين مصر وباقي دول العالم.
-تطوير الترسانة البحرية بالإسكندرية، وهي أقدم شركة في مصر والشرق الأوسط في مجال بناء وإصلاح السفن، وتضمنت عملية التطوير رفع قدرة وكفاءة الشركة الفنية، وقد نجحت الشركة بعد تطويرها في تدعيم الأسطول البحري لشركات البترول الوطنية وشركة التعاون للبترول، من خلال تقديم ناقلتي بترول مزدوجة البدن حمولة 1600 طن، والقاطرة "درويش" إلى هيئة ميناء الإسكندرية، بالإضافة إلى تصنيع أولى قاطرات الجيل الجديد من طراز (ASD) بقوة شد 90 طنًّا لتكون نواة أسطول القاطرات البحرية بهيئات مواني جمهورية مصر العربية.
-إنشاء شعبة جديدة لصناعة وبناء السفن كشعبة تابعة لغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية في يناير 2023، وتضم في عضويتها نحو 70 شركة عاملة بالمجال، وتتركز خطة عملها في تعزيز التعاون بين شركات الشعبة من أجل توطين صناعة وبناء وإصلاح السفن.
-إنشاء جامعة تكنولوجية جديدة بقناة السويس تضم تخصص صناعة بناء السفن.
وأوضح التحليل أن مصر لم تكن بعيدة عن مجال صناعة بناء السفن، فهي تمتلك عددًا من الترسانات البحرية كترسانات (بورسعيد وبورتوفيق والسويس والإسكندرية)، والتي يمكن أن تساهم في توطين هذه الصناعة، كما تُوجِّه مصر جزءًا من تلك الصناعة لديها إلى الخارج، ففي عام 2022 صدَّرت مصر سفنًا وقوارب وعائمات بما قيمته 3.2 ملايين دولار، وكان عام 2021 هو الأعلى في قيمة الصادرات خلال الفترة (2019 - 2022)، حيث بلغت صادراتها آنذاك نحو 67.4 مليون دولار.
وأفاد التحليل في ختامه أنه في الوقت الذي تُعَد فيه صناعة بناء السفن من الركائز الاستراتيجية للتجارة الدولية والاقتصادات الوطنية، أظهرت التجارب الدولية، مثل تجربة الصين وكوريا الجنوبية، مدى تأثير تبني استراتيجيات تنافسية على تحقيق الريادة العالمية. هذا، وتقدم تجربة مصر نموذجًا ناشئًا يُظهِر الإمكانات الواعدة لهذه الصناعة في المنطقة، خاصة مع موقعها الجغرافي الاستراتيجي.
اقرأ أيضاًاتحاد عمال مصر: مبادرة تأهيل مليون عامل خطوة مهمة للاستثمار في رأس المال البشري
خبير اقتصادي: الدعم النقدي يتفادى عيوب العيني
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء السفن السفن العملاقة صناعة السفن صناعة بناء السفن صناعة السفن الخشبية صناعة السفن الحربية بناء السفن تطور صناعة السفن الصین وکوریا الجنوبیة أحواض بناء السفن الحکومة الصینیة کوریا الجنوبیة السوق العالمی بالإضافة إلى بناء السفن ت تلک الصناعة لبناء السفن عملیة بناء بحلول عام ت الحکومة وذلک فی من خلال السفن ا فی هذا التی ت فی عام ذلک فی فی تلک إلى أن عام 2030
إقرأ أيضاً:
كلية الدراسات الإفريقية و«معلومات الوزراء» يستعرضان فرص وتحديات الاستثمار بإفريقيا
انطلقت، أمس، فعاليات المؤتمر الدولي السنوي لكلية الدراسات الإفريقية العليا، بجامعة القاهرة، بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحت عنوان: «الاستثمار في إفريقيا: فرص ريادة الأعمال وتحديات المنافسة الدولية والإقليمية»، وذلك في ضوء احتفالات جامعة القاهرة بيوم إفريقيا 2025، تحت رعاية الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبدعوة من الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، والدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وبمشاركة واسعة لعدد كبير من السفراء الأفارقة ونخبة من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين ومستثمرين ومعنيين بالشأن الإفريقي على المستويين المحلي والدولي، وذلك على مدار يومي 25- 26 مايو الجاري، بمقر جامعة القاهرة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلقاء الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، كلمة، استهلها بالإعراب عن اعتزازه بالمشاركة في هذا المؤتمر وأهمية موضوعه الذي يأتي في توقيت بالغ الأهمية، حاملاً في طياته فرصاً واعدةً وطموحات كبيرة نحو تحقيق التنمية المستدامة المنشودة بالقارة، مشيراً إلى أن المؤتمر يعتبر منصة حوار فاعلة تجمع بين صناع القرار والمستثمرين وخبراء الاقتصاد ورواد الأعمال والمؤسسات البحثية، لتبادل التجارب والأفكار والخبرات والعمل على رسم خارطة طريق واضحة لمستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للقارة.
وأكد «رئيس جامعة القاهرة»، أن إفريقيا- بما لها من أهمية جغرافية وسياسية واقتصادية- تعد واحدة من أكبر مناطق النمو المحتملة على مستوى العالم في القرن الحالي، حيث تتميز بموارد طبيعية غنية، وقوة بشرية واعدة وطموحة، وإمكانات هائلة في مجالات عدة مثل الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، والطاقات الجديدة والمتجددة والنقل والبنية التحتية، لافتاً إلى أن الاستفادة القصوى من هذه الفرص تتطلب استراتيجيات مدروسة، وبنية استثمارية محفزة، وشراكات إقليمية ودولية فاعلة، بالإضافة إلى تبني ريادة الأعمال باعتبارها محركاً رئيسياً للتنمية وتحقيق التنمية المستدامة بكافة أبعادها.
وأضاف «رئيس جامعة القاهرة»، أن التحديات التي تواجه إفريقيا على صعيد المنافسة الدولية والإقليمية يجب أن تعالج من خلال تطوير السياسات الاقتصادية الملائمة، وتحسين مناخ الاستثمار، وتقوية المؤسسات، وتعزيز القدرات التكنولوجية، والتفاعل الدائم مع تحديات العولمة، وتغيرات السوق، مع ضمان أن يتم توجيه الاستثمارات بما يخدم التنمية المستدامة والمصلحة الوطنية.
وخلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أعرب الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار- في كلمة ألقتها نيابة عنه الدكتورة نهلة السباعي، رئيس الإدارة المركزية لدعم القرار بمركز المعلومات- عن بالغ سعادته بتواجده في رحاب جامعة القاهرة، هذا الصرح العلمي العريق ومنارة الفكر والتنوير، وتقديره البالغ للمشاركة في رعاية المؤتمر الدولي السنوي لكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة لهذا العام.
وأشار «الجوهري»، إلى أن المؤتمر يأتي متزامنًا مع احتفالنا بذكرى تأسيس «منظمة الوحدة الأفريقية» في 25 مايو 1963 والتي تحولت لاحقاً إلى الاتحاد الإفريقي، ليعكس ارتباطًا وثيقًا بين العمل الأكاديمي والتحولات السياسية والاقتصادية الكبرى التي تشهدها القارة الأفريقية، لافتاً إلى أن موضوع هذا المؤتمر يُعد على قدر كبير من الأهمية، لا سيما في ظل التحولات الاقتصادية العالمية التي يشهدها المجتمع الدولي، وتزايد اهتمام القوى الدولية بالقارة الأفريقية بوصفها واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية الصاعدة، وذلك لما تزخر به من موارد طبيعية هائلة.
وأضاف «الجوهري»، أنه انطلاقًا من هذه المعطيات، يمثل هذا المؤتمر فرصة استراتيجية لتسليط الضوء على بيئة الاستثمار في القارة، ومناقشة قضايا ريادة الأعمال، والابتكار، ورأس المال البشري، والبنية التحتية، والطاقة، والاقتصاد الأخضر، والتعاون الدولي، فضلًا عن عرض الجهود المبذولة من قبل الحكومات الأفريقية لتحسين مناخ الأعمال وتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، بما يُعزز من التنافسية ويُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات النوعية، كما يُعد المؤتمر أيضًا منصة مهمة لاستكشاف آفاق الشراكات المتبادلة بين الدول الأفريقية والمجتمع الدولي، وكذلك تعزيز التعاون المصري- الأفريقي، وتوجيه رؤوس الأموال نحو القطاعات ذات الأولوية في القارة، بما يحقق تطلعات شعوبها نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
وتابع «الجوهري»، أن مشاركة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تنظيم هذا الحدث الهام تأتي في إطار التوجه الاستراتيجي للمركز نحو الانفتاح على المؤسسات الأكاديمية والعلمية، وتعزيز التكامل بين العمل البحثي وصياغة السياسات العامة، تأكيدًا على إيماننا الراسخ بأن السياسات الرشيدة تُبنى على أسس معرفية متينة، وعلى تواصل مستمر بين صناع القرار والمراكز الأكاديمية والبحثية، وعلى رأسها جامعة القاهرة، كما تعكس هذه الرعاية الأهمية المتزايدة التي يوليها المركز للقارة الأفريقية، وهو ما تُرجم عمليًا من خلال إنشاء إدارة متخصصة تعنى بالشأن الأفريقي، انعكس دورها بوضوح في طبيعة المخرجات البحثية التي أصدرها المركز، والتي تنوعت بين دراسات، وأوراق تحليلية، وتقارير داعمة لمتخذ القرار في مصر وعلى مستوى القارة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وخلال كلمته، أوضح الدكتور عطية الطنطاوي، عميد كلية الدراسات الأفريقية العليا ورئيس المؤتمر، أن الكلية تعقد مؤتمرها الدولي هذا العام بعد مرور اثنتان وستون سنة على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، فإنها تستحضر قضايا ومشكلات القارة التي ناضل من أجلها الآباء المؤسسون، في محاولة لاستكمال المسيرة وتأكيدًا لدور مصر التاريخي والريادي في خدمة قارتنا الإفريقية دولاً وشعوباً من خلال طرح المشكلات والقضايا الملحة التي تعانيها قارتنا الأم.
وأضاف «الطنطاوي»، أن المؤتمر يسعى ليلبي حاجة ملحة للتعامل مع القارة الإفريقية بمنظور استراتيجي شامل يعتمد على ربط المصالح المشتركة بين دول القارة الإفريقية، وإقامة العديد من المشروعات للاستفادة من الفرص المتاحة بشكل أمثل، ومجابهة التحديات المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة لجميع شعوب القارة الأفريقية، متمنياً أن يكون هذا المؤتمر منصة فعالة لتحقيق التفاعل المثمر بين جميع المشاركين، وأن يخلص إلى نتائج عملية قابلة للتطبيق تسهم في دفع عجلة الاستثمار والتنمية في إفريقيا، وتأسيس علاقات وشراكات استراتيجية تُعزز من قدرات القارة في المنافسة على الساحة الدولية.
وفي السياق ذاته، أشار الأستاذ الدكتور السيد فليفل، مقرر المؤتمر وعميد كلية الدراسات الأفريقية العليا الأسبق، إلى أن هذا المؤتمر يأتي متزامنًا مع ذكرى تأسيس الاتحاد الأفريقي في 25 مايو 1963، لافتاً إلى أن القارة الإفريقية هي قارة غنية وتمتلك ثروات معدنية تمكنها من أن تكون مدخلاً هاماً للتنمية بدول القارة، مطالباً بضرورة تسريع خطط وبرامج النقل القاري المقترحة منذ عشرات السنوات، مع تيسير وسائل انتقال الأفراد والسلع بين دول القارة، مع الاستفادة في الوقت نفسه من عقول أبناء القارة في مختلف مجالات البحث العلمي، مؤكداً على أهمية هذا المؤتمر ومخرجاته البحثية والذي تلقى خلالها 150 مشاركة بحثية متنوعة.
من ناحيته، أكد عميد السفراء الأفارقة وسفير الكاميرون في القاهرة، محمدو لبرنغ، أن موضوع المؤتمر يعد محوراً رئيسياً لمستقبل التنمية بالقارة الإفريقية، مشيراً إلى أن القارة لابد أن تثبت نفسها في ظل ما يواجهه العالم من تغيرات جيوسياسية، لافتاً إلى أهمية اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية في تعزيز التجارة البينية الإفريقية إلا أن تفعيلها على أرض الواقع يتطلب الاهتمام بالاستثمار والابتكار وريادة الأعمال والذي من شأنهم أن يساهموا في تحقيق النمو الشامل للقارة، وتوفير فرص العمل، وكذلك ضمان أن تكون الاقتصاديات الإفريقية أكثر مرونة واستدامة.
من جهته، أشار رئيس الاتحاد العام للطلبة الأفارقة في مصر حسين ورسمي، إلى أن الاتحاد قد تأسس بمصر في ثمانينيات القرن الماضي ليكون صوتًا يعبر عن تطلعات الطلبة الأفارقة الدارسين في الجامعات والمعاهد المصرية. ومنذ نشأته، ظل الاتحاد يعمل بلا كلل لتعزيز التعاون بين الطلبة الأفارقة، وتوفير بيئة داعمة تمكنهم من تحقيق النجاح الأكاديمي والاجتماعي. اليوم، يضم الاتحاد ما يقرب من 32 دولة إفريقية، ويشكل منصة تجمع الطلبة من مختلف الثقافات والخلفيات، ليكونوا سفراء لبلدانهم، حاملين رسالة العلم والتقدم والتكامل، مشيداً بالدور المحوري الذي تلعبه الدولة المصرية في دعم الطلاب الأفارقة على أرضها وهو ما يعكس عمق العلاقات بين إفريقيا ومصر.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر يستهدف من خلال تنوع جلساته وفعالياته على مدار اليومين، مناقشة عدة محاور أساسية، تتعلق ببيئة الاستثمار في إفريقيا، وريادة الأعمال والابتكار، ورأس المال البشري والاستثمار في القارة، وكذلك البنية التحتية والطاقة، وأخيراً الاستثمار والتعاون الدولي، سعياً للخروج بنتائج ومبادرات جديدة تسهم في دفع قارة إفريقيا نحو آفاق أرحب من التنمية، وتدعم ريادة الأعمال، وتضع استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية، لتكون قارة إفريقيا بالفعل عنصراً مؤثراً في الاقتصاد العالمي، يحتذى به في الابتكار والتنمية المستدامة.
اقرأ أيضاًكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025
درس في جامعة القاهرة.. من هو كامل إدريس رئيس وزراء السودان الجديد؟
جامعة القاهرة تختتم فعاليات تدريب 100 من الأئمة والواعظات بوزارة الأوقاف