تدجين الأُمة العربية والإسلامية.. مشروعٌ صهيوني مُستمرّ
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
عبدالحكيم عامر
يشهد العالم العربي والإسلامي اليوم حالة من التغيّر والتّحول، تتّسم بتراجعٍ ملحوظٍ في الوعي القومي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية، والتي تُعتبر جوهر الصراع مع المشروع الصهيوني، يُطرح تساؤلٌ مُلِحٌّ حول الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع، وهل هو وليد ظروف عابرة أم جزءٌ من مشروع مُدبّر يهدف إلى تدجين الأُمَّــة وترويضها؟
إنّ هناك مشروعًا صهيونيًّا متواصلًا يهدف إلى ضرب المفاهيم الإسلامية وتشكيل قناعاتٍ داخل الشعوب الإسلامية تخدم مصالحه الاستعمارية؛ فقد نجح العدوّ الإسرائيلي في بناء وعي قومي يهودي متين وفعال، بينما تُعاني الجهود العربية من ضعفٍ شديد في خلق وعي إسلامي مماثل تجاه طبيعة الصراع مع العدوّ الصهيوني، فبدلًا عن التركيز على القوة والجهاد، كما يدعو إليه القرآن الكريم، نجد أن الخطاب العربي الرسمي والشعبي غالبًا ما يتبنى مصطلحاتٍ جوفاء مثل “الصراع العربي الإسرائيلي” أَو “الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، بل وُصُـولًا إلى تبني المصطلحات الصهيونية نفسها في مواجهة المقاومة الفلسطينية.
وهذا التغيّر في الخطاب ليس وليد الصدفة، فَــإنَّ بناء “حلف صهيوعربي” تحت مظلة أمريكية يتطلّب انتقال التعاون الأمني السياسي الخفي بين دول التطبيع و”إسرائيل” إلى مرحلة تحالف شامل، وهذا يتطلب بدوره خلق حالة من “التدجين الثقافي”، يهدف إلى قبول الشعوب العربية للرواية الصهيونية، بل والاعتراف بالأحقيّة اليهودية، ليس فقط على فلسطين، بل على كامل الجغرافيا ما يسمى بـ “إسرائيل” الكبرى في المنطقة.
إن التدجين الثقافيَّ، سيكون له انعكاسات سلبية خطيرة على النظرة الجمعية للقضية الفلسطينية، حَيثُ ستتحول من قضية الأُمَّــة المركزية إلى عقبة رئيسية أمام إقامة التحالف الصهيوعربي المزعوم، والذي يُبرّر وجوده بحجّـة مواجهة الخطر الإيراني المصطنع.
وعملت الصهيونية العالمية عبر أجهزة المخابرات الغربية التي تتحَرّك في خدمتها على سلخ الأُمَّــة الإسلامية عن هويتها واستبدالها بنزعة التغريب، حتى فقدت هذه الأُمَّــة البوصلة وأصبحت تعيش موتًا سريريًّا، فقدت حتى ضميرها فلم يعد ما تشاهده من إجرام يستثيرها، لماذا مات ضمير هذه الأُمَّــة خُصُوصًا وهؤلاء الذين يتعرضون للإبادة هم أبناؤها؟ بينما نجد شعوباً لا تعرف الإسلام تثور وتخرج إلى الشوارع تندّد بما يحدث من إجرام انطلاقًا من إحساسها الإنساني.
السبب في خضوع الأُمَّــة للتدجين هو تغلل اليهود وسيطرتهم عبر عملائهم الذين اشتروهم ووظفوهم في أهم مفاصل الأنظمة التي تحكم هذه الأُمَّــة، فصلوا الأُمَّــة عن هويتها الإسلامية واستبدلوها بثقافة صنعوها تميت الضمائر وتفسد النفوس وتم تدجينها وتمييعها.
وليس هذا التدجين مقصورًا على النخب الحاكمة فقط، التي تمّ تجهيزها وتلقينها في أكاديميات الاستشراق الغربية، بل يتعداها إلى الشباب العربي؛ بهَدفِ إضعاف الدافع للمقاومة وتجفيف منابعها الثقافية والعقدية، ويتم ذلك من خلال بناء قناعةٍ بعدم قدرة العرب على تحقيق النصر عسكريًّا، ودفعهم إلى التعايش مع الاحتلال كأمر واقع، بل وُصُـولًا إلى إضفاء الشرعية على المشروع الصهيوني برمته كاستحقاق تاريخي وحضاري.
وفي الأخير، إنّ خذلان العالم الإسلامي لغزة، وما يشهده من صمتٍ مُريبٍ تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، يُبرز حجم الكارثة، فقدان البوصلة الأخلاقية والدينية، والصمت إزاء جرائم الحرب، يُثير تساؤلاتٍ عميقة حول مدى نجاح المشروع الصهيوني في تدجين الأُمَّــة وتغييب وعيها.
ويجب إعادة تقييم المواقف، والعودة إلى القيم والمبادئ الإسلامية التي تحث على نصرة المظلومين ودعم القضايا العادلة، فالأمة الإسلامية مطالبة بإعادة استشعار مسؤوليتها تجاه فلسطين وقضيتها المركزية، والتخلّص من أسر التدجين الثقافي الذي يُهدِّدُ هُويتها ووجودها.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
سلوفاكيا: يتعين على المفوضية الأوروبية التخلي عن عدائها تجاه روسيا
حث رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيتسو، المفوضية الأوروبية، على خلع "نظارتها المعادية لروسيا" لتتمكن من اتخاذ قرارات أكثر عقلانية، بدلا من إطلاق النار على قدميها في مجال الطاقة.
وقال فيتسو خلال كلمة ألقاها في منتدى للطاقة: "أنتم جميعا تعرفون رأيي في Repowering. إنه هراء مطلق. سواء في الغاز أو النفط، فنحن نؤذي أنفسنا، أنا مستعد لمناقشة المفوضية الأوروبية لأيام، لإقناعهم بشكل بناء وإيجابي بأن هذه خطوة أيديولوجية سخيفة، من فضلكم، انزعوا عن أعين المفوضية الأوروبية تلك النظارات المعادية لروسيا. إذا خلعتموها، فسنتخذ قرارات أكثر عقلانية وطبيعية".
وأشار إلى أن المناقشات بشأن إدراج الوقود النووي من روسيا في خطة REPowerEU خطيرة للغاية، وإذا حدث هذا، فإن أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي سوف يتعرض لتهديد شديد.
قطر تُعلن حضورها القمة "الروسية العربية" في موسكو
أفادت وزارة الخارجية القطرية بأن قطر ستصل إلى القمة الروسية العربية في موسكو محملة برسالة شراكة وتفاهم متبادل وسلام في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري: "تعقد القمة الروسية العربية في موسكو في وقت تعاني فيه المنطقة من تبعات الصراع الجيوسياسي، بما في ذلك جراء النزاع الروسي الأوكراني، سنصل إلى القمة حاملين رسالة شراكة وتفاهم متبادل وإحلال للسلام في المنطقة، استنادا إلى المبادرة العربية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي".
قطر: مفاوضات شرم الشيخ تستهدف الدفع قدمًا بخطة ترامب حول غزة
ذكرت وزارة الخارجية القطرية أن يوم أمس شهد أربع ساعات من المفاوضات الدقيقة في مدينة شرم الشيخ، ركزت على تطورات الحرب في غزة، وعلى سبل الدفع قدما بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري أن جولة المفاوضات بشأن خطة ترامب استؤنفت اليوم في شرم الشيخ، مشيرا إلى أن قطر ملتزمة بالعمل مع جميع الأطراف المعنية من أجل إنهاء الحرب على غزة والمضي في تنفيذ بنود الخطة.
وقال إن تفاصيل كثيرة من خطة ترامب لا تزال بحاجة إلى التوافق عليها بين الأطراف، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده تواصل جهودها الحثيثة للوصول إلى نهاية للحرب في غزة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان في القطاع دون انقطاع.
وأضاف أن الدوحة تقدر الالتزام الأمريكي بإنهاء الحرب على غزة، مؤكدا أن التنسيق بين الجانبين متواصل للوصول إلى توافق يضمن أن تطبيق خطة ترامب لن يكون مؤقتا، بل خطوة دائمة نحو تسوية شاملة ومستقرة في المنطقة.