عربي21:
2025-08-14@00:57:19 GMT

الربيع أيضا مؤامرة (دبرتها الأرصاد الجوية)

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

لم يكن عديم الدلالة أن يستهل الرئيس ماكرون تهنئته للشعب السوري بالقول: «أخيرا، سقطت دولة الهمجية». ذلك أن «دولة الهمجية» عبارة غير معروفة في بريطانيا وأمريكا، مثلا، ولكنها متداولة لدى النخبة السياسية والإعلامية في فرنسا منذ أن أطلق هذا التوصيفَ الدقيق على دولة آل الأسد الباحثُ الفرنسي الجنسية التونسي النشأة ميشال سورا الذي اغتيل في بيروت أوائل الثمانينيات.



والواقع أن نجاح الشعب السوري في انتزاع حريته من بين براثن نصف قرن من الطغيان الوحشي قد فتح مشكاة أنوار مضيئة في ظلام التشاؤم والإحباط الذي خيم على معظم البلاد العربية في الأعوام الأخيرة لأن هذا النجاح أثبت صحة الرأي القائل (ولو أنه لم يكن يقول به إلا القلائل) بأن الثورات الشعبية التي اندلعت عامي 2010 و2011 قد دشنت حقبة تاريخية متعددة الاحتمالات منفتحة الأفق، وأن ما يبدو من فشلها لا ينبغي أن يجعلنا نغفل عن حقيقة أن الثورات زلازل سياسية طويلة الأمد لها اهتزازات ارتدادية لا تقع إلا بعد سنين أو عقود.

كما يمكن تشبيه الثورات الشعبية بتسونامي كاسح يأتي في شكل موجات. ولهذا كان ثمة موجة 2010 و2011 في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين واليمن، ثم موجة 2018 و2019 في السودان والجزائر ولبنان، وها هي موجة 2024 و2025 تبدأ في سوريا، ومن يدري لعلها تمتد إلى غيرها.

والذي حدث في سوريا أوائل ديسمبر دليل على أن مقولة «النظام الإقليمي العربي» السائدة في الأدبيات السياسية ربما كانت مفيدة في فهم بعض الأمور، ولكنها تتطلب تنسيبا عندما يتعلق الشأن بالثورات الشعبية. ذلك أن تشابه الأنظمة العربية في الطبيعة لا يعني أنها كانت تتساوى في درجة الاستبداد. فشتان بين أنظمة بن علي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح من جهة وبين نظامي آل القذافي وآل الأسد من جهة أخرى.

إذ إن السمة المشتركة بين المجموعة الأولى هي وظيفيّة الاستبداد، أي استخدامه أداة بالمقدار اللازم لتحقيق الغايات السياسية والمنفعية. أما النظامان الليبي والسوري، نظاما جبهة الصمود والتصدي والنظرية الثالثة والكتاب الأخضر والمقاومة والممانعة الخ، فقد كان استبدادهما شموليا متجاوزا للحد الوظيفي المحقق للغايات لأنه كان استبدادا مزاجيا عشوائيا، وعبثيا مجانيا. ولذلك فإن الحاكميْن الوحيدين اللذين كانا مستعدين لـ«إحراق البلد» بِدكّ المدن دكّا أو باستخدام الدبابات والطائرات والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، هما «الأخ القائد» وطبيب العيون.

وقد أخذ الغربيون تهديدات القذافي مأخذ الجد فتدخلوا لتعجيل سقوطه. أما السفاح الضحّاك المُقهقه أبدا، فإنه مَدين بطول عمره في السلطة للقذافي ذاته لأن تقاعس أوباما عن تنفيذ وعيده بشأن الخط الأحمر قد أتاح لبوتين أن يملأ الفراغ ويعلن عدم السماح بأن يكرر الغربيون في سوريا ما فعلوه في ليبيا، زاعما أنهم خدعوه عندما برروا تدخلهم في ليبيا بحماية المدنيين بينما الواقع أنهم كانوا يريدون تغيير النظام.

وكان عام 2011 قد دشن نهاية حالة الاستثناء العربي. إذ كان الظن قبلا أن العالم العربي هو نموذج «الاستقرار» أي منطقة الركود والجمود الوحيدة على وجه الأرض وأن الدكتاتوريات الجاثمة على صدرها قد قطعت أنفاسها واستلّت منها الروح. فإذا بالشعوب العربية، التي كان يُظن أنها مستسلمة يائسة هامدة، تنتفض بشرف وعنفوان وتثبت أنها شعوب حية، أي شعوب عادية على غرار بقية شعوب العالم، تتوق للكرامة وتحب الحرية وتريد أن تكون سيدة في أوطانها.

ولا تزال بعض الأطراف تنكر إلى اليوم أن العرب يمكن أن ينتفضوا بمحض إرادتهم، بدليل أن المرشد الإيراني قال إن سقوط بشار مؤامرة حاكتها أمريكا وإسرائيل (ناسيا أن إسرائيل كانت تترجّى أوباما الإبقاء عليه) تماما كما كان يُزعم أن الثورة السورية السلمية عام 2011 صنيعة مؤامرة إمبريالية، بل وأن «الربيع العربي» كله ما هو إلا مكيدة من تدبير الأرصاد الجوية التابعة للاستخبارات الغربية!

ولكن بما أن تشاؤم الفكر حالة سائدة عممها فشل الثورات العربية، فإن الأمل هو أن تصير سوريا هي بلد الاستثناء الناجح، بحُكم ألم المحنة الرهيبة والعِبَر المستخلصة، وبرغم عظم التحديات المتطاولة كالجبال أخطارا داخلية وأطماعا إقليمية. إذ يكفي أن يفلح بلد عربي واحد في إنشاء ممارسة ديمقراطية ليبرالية رشيدة، جامعة للشمل الوطني، حتى يصير مثالا ملهما لسائر البلاد العربية ومثبتا أن الحرية ليست ممكنة فحسب، بل إنها واجبة لأنها في متناول تفاؤل الإرادة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الربيع العربي سوريا الربيع العربي سقوط الاسد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة عالم الفن صحافة سياسة صحافة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الحرارة 42 في الظل | إعلان رسمي من الأرصاد عن ذروة موجة ساخنة

أكد الدكتور محمود شاهين، مدير مركز التحاليل والتنبؤات الجوية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن البلاد تشهد حاليًا موجة شديدة الحرارة بدأت منذ السبت الماضي، ومن المتوقع استمرارها حتى يوم الجمعة المقبل، على أن تبلغ ذروتها يومي الأربعاء والخميس بدرجات حرارة تصل إلى 42 درجة مئوية في الظل.

درجة الحرارة تصل 49 .. تحذير عاجل من الأرصاد: ذروة الموجة الحارة يوم الخميسغدا ويوم الخميس | الأرصاد تحذر من ذورة الموجة الحارة .. وهذا موعد الإنكسار

وأوضح شاهين، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "مساء DMC" المذاع عبر قناة "DMC"، أن التغيرات المناخية أثرت بشكل ملحوظ على الثوابت الجوية المعروفة، مشيرًا إلى أن شهر يوليو، الذي كان يُعرف تقليديًا بكونه الأشد حرارة في فصل الصيف، لم يعد بالضرورة كذلك، حيث باتت درجات الحرارة المرتفعة تمتد إلى شهور أخرى مثل أغسطس.

وأضاف أن الظواهر الجوية لم تعد تسير وفق النمط المعتاد، إذ شهدت البلاد خلال الفترة الأخيرة سقوط أمطار في فصل الصيف، وهو أمر غير مألوف مناخيًا، موضحًا أن تلك الأمطار طالت مناطق متفرقة من البلاد، من بينها السواحل الشمالية، القاهرة، وسلاسل جبال البحر الأحمر.

ونصح شاهين المواطنين بتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة خلال ساعات الذروة، نظرًا لخطورة ارتفاع درجات الحرارة، لافتًا إلى أن الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار يوم السبت المقبل، حيث تنخفض درجات الحرارة لتسجل نحو 36 درجة مئوية.

طباعة شارك الأرصاد الأرصاد الجوية درجات الحرارة موجة حارة حالة الطقس

مقالات مشابهة

  • الأرصاد: موجة حارة بالمدينة المنورة
  • موجة حارة ورياح وشبورة.. توقعات حالة الطقس غدًا الخميس
  • الشيباني: نواجه أيضاً تحديات خارجية تسعى لفرض واقع تقسيم سوريا وإثارة الفوضى فيها
  • الحرارة 42 في الظل | إعلان رسمي من الأرصاد عن ذروة موجة ساخنة
  • الأرصاد الجوية تتوقع طقسا رطبا نسبيا على الساحل وفي البحر الليلة
  • تفاصيل مؤامرة النظام المخلوع لسرقة ثروات المواطنين في سوريا
  • الأرصاد الجوية”: تشكل غيوم رعدية في مختلف المناطق
  • الأرصاد الجوية السودانية تحذر من عاصفة متوقعة
  • الحرارة تقترب من 50.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة لمدة 72 ساعة
  • تصل لـ46 درجة.. الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اليوم