“ممر داوود”.. مشروع “إسرائيل الكبرى” من الجولان إلى العراق
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
يعتبر الكيان العبري الإسرائيلي المؤقت مُجَـرّد دولة مسكونة بالخرافات الدينية، تؤمن بدولة الشريعة المتخيَّلة ونصوص التوراة المحرّفة وتعاليم التلمود، ولا ترى أن هناك من يستطيع أن يحد من طموحاتها ومشاريعها الكبرى، ما دام العالم أجمع منحها صك العربدة.
“إسرائيل الكبرى” من البحر إلى النهر؛ ليست خيالًا، بل مشروعٌ يشق طريقه نحو النجاح، وخططها ليست مُجَـرّد تهديدات وعمليات عسكرية عابرة، بل هو رسم جغرافي وجزء من مخطّط طويل الأمد لتغيير خريطة الشرق الأوسط من خلال تحالفاتها الدولية والإقليمية كما أعلنها “نتنياهو وسيموترتش” في المحافل الدولية منذ مارس 2023م، وهذا ما تم ترجمته حرفيًّا في مسارها التكتيكي العسكري على كُـلّ جغرافية المنطقة، واستطاعت أن تُحدِث تغييرًا جذريًّا في معادلة “توازن الكلفة” لتحقيق كُـلّ مشاريعها وحفظ أمنها.
وفي جديد نهم الكيان الصهيوني التوسعي الكشف عن عزمه تنفيذ مشروع “ممر داوود” والذي يعزز نفوذه الإقليمي ويدعم رؤيته التوراتية لإقامة حلم “إسرائيل الكبرى” المزعومة، ويعكس هذا المخطّط وجود قواعد أمريكية في هذه المناطق دعمًا دوليًّا ضمنيًّا لهذه المخطّطات وتستهدف مواجهة خصومها الإقليميين.
ويرى خبراء دوليون أن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية والتطهير العرقي لن تقف عند غزة أَو لبنان أَو سوريا؛ بل سيطال المنطقة ككل، ما دام مسرح اللعب داخل الشرق الأوسط سهلًا وممهدًا لها، فقد أصبح لـ “إسرائيل” حُلم تسعى لتحقيقه وهو؛ الوصول إلى نهر الفرات عبر مشروعها الكبير “ممر داوود”، وسقوط نظام الأسد كان فرصة ذهبية لها لفرض واقع جغرافي جديد يحقّق كُـلّ مشاريعها الكبرى.
ويلفت الخبراء إلى أنها وبعد سقوط النظام في سوريا لم تستطع “إسرائيل” الانتظار بل قامت فورًا بتوجيه ضربات مكثّـفة استهدفت تجريد الدولة السورية ومؤسّساتها وجيشها من مقدرات الأمن القومي، واستباحت الأرض السورية ودمّـرت أكثر من 80 % من مقدرات الشعب السوري؛ كما توسعت في احتلالها لمزيد من الأراضي السورية بالسيطرة كاملًا على سفوح “جبل الشيخ والجولان”، بل ظهر وزير الحرب الصهيوني “يسرائيل كاتس”، بالتصريح والاعتراف بأنهم من أسقطوا نظام الأسد.
وهُنا بدأت حكومة الكيان تتحدث صراحةً عن مشروعها التوسعي الكبير والذي يسمى “ممر داوود” الذي يمر عبر الأراضي السورية للوصول إلى حدود العراق وإلى نهر الفرات تحديدًا تحقيقًا للنبوءة التوراتية بـ “مملكة داوود”، وأطلقت على توغلها داخل الأراضي السورية اسم عملية “سهم باشان”، الذي يرمز -على حَــدّ معتقداتهم- إلى مملكة يهودية كانت قديمًا في منطقة جنوب سوريا، وهي “منطقة زراعية خصبة بالمياه العذبة تمتد من جنوب دمشق وحتى حوض نهر اليرموك وسهل حوران، ومن جبل الشيخ غربًا إلى جبل الدروز شرقًا”.
مشروع “ممر داوود” الذي تتحدث عنه الأدبيات الصهيونية والغربية السياسية، يربط “إسرائيل” بالفرات، ويطوّق الحدود العراقية؛ إذ “يبدأ من شواطئ البحر المتوسط مُرورًا بالجولان ودرعا والسويداء، والرقة ودير الزور، والتنف” -مكان تواجد القواعد العسكرية الأمريكية حاليًا- وُصُـولًا إلى نهر الفرات؛ ما يعني أن جزءًا كَبيرًا من تلك القواعد العسكرية الأمريكية موجودة بالأصل على طول هذا الممر.
ويرجِّحُ مراقبون أن الممر ربما سيكون تحت إشراف أمريكا وقواعدها في المنطقة، وَإذَا ما تحقّق سيؤمِّنُ لـ “إسرائيل” السيطرة الكاملة على مناطقَ واسعةٍ تصل إلى الحدود العراقية السورية؛ وسيُساعد على قيام دولة “درزية” في جنوب سوريا، ودولة “كردية” في شمال سوريا، بعد موافقة تركيا، وسيلتحم التمدد الكردي المدعوم أمريكيًّا بالتمدد الإسرائيلي ليصنع محورًا تتمكّن فيه “إسرائيل” من الوصول إلى نهر الفرات وسيلتقيان في منطقة التّنف.
وبحسب المراقبين، فإن هذا المشروع يمنح الكيان الصهيوني سيطرة مباشرة على مناطق غنية بالموارد وذات أهميّة جغرافية حيوية، وعبر هذا الممر؛ إذ يسعى الكيان إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحه سواء عبر القوة أَو عبر شراء الأراضي أَو الاستحواذ التدريجي.
وفيما يستغل الكيان الخطاب الديني والتوراتي لتبرير توسعه زاعمًا بأن هذا التوسع جزء من مخطّط إلهي ليضفي شرعية على سياساته العدوانية، يؤكّـد الخبراء أن لهذا المشروع تداعيات إقليمية كارثية؛ إذ يشكل تهديدًا لوحدة سوريا ويدفع نحو تقسيمها إلى كيانات عرقية وطائفية ويزيد من الصراعات الداخلية، كما يهدّد بتأجيج مواجهات عسكرية جديدة بين القوى الإقليمية الكبرى وزعزعة استقرار المنطقة بأسرها.
المسيرة
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
العراق يجدد رفضه استمرار إسرائيل بضرب إيران
آخر تحديث: 22 يونيو 2025 - 9:03 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- دعا وزير الخارجية فؤاد حسين، امس السبت، لوقف العدوان على إيران وغزة، فيما اقترح تشكيل لجنة متابعة عربية-إسلامية لخفض التصعيد.وجاء في بيان لوزارة الخارجية ، أن “نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، ألقى كلمة العراق خلال أعمال الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، المنعقدة في مدينة إسطنبول امس السبت الموافق 21 حزيران 2025، والتي تركزت على مناقشة التصعيد الخطير في الشرق الأوسط، لاسيّما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والجمهورية الإسلامية الإيرانية”.وأكد فؤاد حسين في مستهل كلمته أن “انعقاد هذا الاجتماع يأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، مما يستوجب اتخاذ قرارات وإجراءات عملية وفعالة لوقف العدوان ونزع فتيل أزمة إقليمية خطيرة قد تمتد تبعاتها إلى العالم بأسره”.وشدد الوزير، “على تحميل الكيان الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التصعيد في المنطقة، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وداعيًا مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار ملزم يوقف العدوان فورًا ويسمح بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع المحاصر”.وجدّد، موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أراضيه وعاصمتها القدس الشريف.وعبّر حسين، بحسب البيان، عن قلق العراق العميق إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لأجواء دول المنطقة، بما فيها الأجواء العراقية، محذرًا من عواقب لا يمكن التنبؤ بتداعياتها، ومشيرًا إلى أن استهداف القيادات الدينية أو المنشآت النووية قد يُشعل فتيل فوضى شاملة تهدد استقرار المنطقة.وأكد أن “الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية قد يؤدي إلى كارثة بيئية وصحية تمتد آثارها إلى جميع دول الجوار، داعيًا إلى تنفيذ مقررات مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار لعام 1995 بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط”.وعبّر وزير الخارجية، عن رفض العراق القاطع لاستخدام أجوائه في تصفية الحسابات الإقليمية، مؤكدًا أن إغلاق جزء كبير من مجاله الجوي قد ألحق أضرارًا اقتصادية جسيمة، وقطع السبل أمام العديد من المواطنين العراقيين في الخارج، داعيًا دول الجوار إلى تفهم الأبعاد الإنسانية لهذا الوضع وتيسير عودة العالقين.وكشف الوزير عن مقترح عراقي رسمي تم طرحه خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب المنعقد يوم الجمعة في إسطنبول، والذي دعا فيه العراق إلى تشكيل لجنة متابعة عربية-إسلامية تتولى مهمة التواصل مع الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية لبحث سبل خفض التصعيد ودرء الأخطار، داعيًا الدول الإسلامية إلى دعم هذا المقترح بشكل عملي.وأشار الى أن العراق، بصفته رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيواصل العمل على دفع مسارات الحوار والتفاوض، لاسيما بين إيران والولايات المتحدة، انطلاقًا من إيمانه الراسخ بأن الحوار هو السبيل الوحيد لوقف التصعيد، وإنقاذ الأرواح، وتجنب انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة مدمرة.وفي ختام كلمته، دعا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إلى تفعيل التعاون الإسلامي في المجالات الاقتصادية والتجارية والبيئية، مشيرًا إلى مبادرات عراقية قائمة، منها مشاريع الربط الكهربائي مع دول الخليج والأردن وتركيا، داعيًا إلى تعاون مشترك لمواجهة تحديات التغير المناخي وشحّ الموارد المائية والتصحر.وأضاف، إن “العراق يتطلع حكومة وشعبًا إلى استضافة الدورة المقبلة لاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في بغداد”