أثار مشروع قانون جديد يتعلق بالأحزاب السياسية أقرته الحكومة الموريتانية قبل أيام، سجالا واسعا، وسط دعوات من قادة معارضين لسحبه فورا قبل عرضه على البرلمان، فيما دافعت عنه الحكومة وقالت إنه يتضمن "جملة من الاصلاحات الجوهرية تهدف إلى نشأة أحزاب سياسية قادرة على أداء مهامها على الوجه الأكمل؛ خاصة فيما يتعلق بإعداد برامجهم المجتمعية، وتأطير المواطنين.



شروط إنشاء الأحزاب
وتضمن مشروع القانون الذي أثار الجدل شروطا لإنشاء الأحزاب السياسية بينها زيادة عدد أعضاء الجمعية العامة التأسيسية للحزب من 20 إلى 150 مواطنا يمثلون كافة ولايات الوطن، بالإضافة على تزكية برنامج الحزب من طرف خمسة آلاف مواطن، ينتمون إلى نصف ولايات الوطن على الأقل، على ألا يقلَّ عددُ المنتسِبين في الولاية الواحدة عن 10% من العدد الإجمالي للمنتسبين للحزب، وتمثِّلُ النساءُ نسبة 20% على الأقل من العدد الإجمالي لأعضاء الحزب.

وتضمن مشروع القانون خفض السنِّ المشترطة في الأشخاص المؤسسين للحزب والأعضاء في إحدى هيئاته القيادية من 25 الى20 سنة، واعتماد مبدأ التناوب الضروريّ المتمثل في تجديد ثلث أعضاء الهيئات القيادية على الأقل عَقِبَ كل دورة عادية للمؤتمر.


إجراءات التسيير والحل
وبخصوص إجراءات تسيير الأحزاب السياسية نص مشروع القانون على الالتزام بافتتاح الحزب لمقرات في نصف ولايات الوطن على الأقل بعد فترة ستة أشهر من تاريخ الترخيص، ورفع النسبة الأدنى التي تضمن للحزب الحصول على التمويل، من 1% إلى 2% على الأقل من مجموع الأصوات المعبر عنها على المستوى الوطني في آخر انتخابات محلية عامة.

ونص القانون الجديد على أنه يتم حل الحزب السياسي بقوة القانون عندما يقدم مرشحين لاقتراعين متتاليين في انتخابات محلية عامة ولم يحصل على 2%، من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو الحزب الذي لم يشارك في اقتراعين متتاليين في انتخابات محلية عامة.

ونص القانون على أنه يتم تعليق نشاطات الحزب مؤقتا 90 يوما في حالة تهديد النظام العام، وفي حالة حل حزب سياسي بمرسوم يتم منع أعضائه المؤسسين من تأسيس حزب جديد وذلك لفترة خمس سنوات.
كما نص مشروع القانون على عدم مطالبة الأحزاب السياسية المشرعة حاليا بالإجراءات المتعلقة بالتأسيس، مع مطالبتها بالتقيد بالاشتراطات المتعلقة بما بعد التأسيس.


دعوة لسحب مشروع القانون
وفور إعلان الحكومة مصادقتها على مشروع القانون، دعا قادة معارضون لسحبه فورا قبل عرضه على البرلمان.

وقال المرشح الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية الماضية، بيرام الداه اعبيد، إن مشروع القانون هذا يضع الكثير من العراقيل في وجه ترخيص الأحزاب السياسية، مطالبا بسحبه.

فيما طالب رئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" محمد ولد مولود، بحسب مشروع القانون ووصفه بأنه "مناقض للديمقراطية".

وشدد في تصريحات صحفية على ضرورة سحب مشروع القانون، مضيفا أنه "لا يعكس رغبة حقيقية في تعزيز الديمقراطية، بل يمثل خطوة إلى الوراء في مجال حرية التنظيم السياسي".

وأوضح ولد مولود أن مشروع القانون يتضمن إجراءات "مجحفة بالنسبة للأحزاب وحريتها وحرية تشكيلها" معتبرًا أن تلك الإجراءات تُعَقد من عملية تأسيس الأحزاب وتُحجم من قدرتها على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية".


بدوره قال النائب البرلماني يحي ولد اللود، إن القانون الجديد "محاولة لتنظيم الحياة السياسية حسب ما يشتهيه النظام".

سجال سياسي
مشروع القانون أثار سجالا سياسيا على مدى الأيام الماضية، بين الموالين للنظام والمعارضين له.

وفي هذا الصدد علق رئيس "جبهة المواطنة" الموالية للنظام٬ محمد جميل ولد منصور، قائلا: "لا إشكال في معظم ما ورد في التعديلات المقترحة على قانون الأحزاب، ولعل الملاحظة الأساسية تتعلق بعدد المزكين لبرنامج الحزب الطالب للترخيص والمقترح له خمسة آلاف، والمطلوب هنا تخفيف هذا العدد حتى يتمكن عدد من طالبي الترخيص من نيله".

وأشار في تدوينه عبر فيسبوك إلى أنه "من غير المناسب القول إن تعديل قانون الأحزاب ينبغي أن ينتظر الحوار المرتقب، ذلك أن نيل الحق لا يؤخر عن وقته، وقد تأخر كثيرا، ثم إن قوى لا تعدم أهمية وحضورا في المشهد السياسي متقدمة لنيل الاعتراف، وسيكون الحوار ناقصا بغيابها، مختلا بحضورها دون الاعتراف بها".


أما القيادي بحزب "الإنصاف" الحاكم، اج ولد الدي، فقد اعتبر أن مشروع القانون، كان "ضروريا لإيقاف الفوضى التي طبعت هذا المجال خلال السنوات الماضية، وتسببت في وجود وضع سياسي غير طبيعي".
وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن من مظاهر الفوضى التي طبعت المجال "كثرة الأحزاب السياسية، وعدم تناسبها مع عدد السكان، وانتشار الأحزاب الصورية الفاقدة للحد الأدنى من مؤهلات القيام بمهامها التأطيرية والمجتمعية، وعجزها عن المشاركة السياسية، وعن البقاء على قيد الحياة الطبيعية، ولجوئها - بدل ذلك - للابتزاز والزبونية".

وأضاف أن الفوضى التي كانت حصالة أدت إلى ظهور "البعد التجاري أو بزنسة معظم الأحزاب من خلال بيع وتأجير يافطاتها وطوابعها في المواسم الانتخابية، وفقا لقانون العرض والطلب، وغير ذلك من الاختلالات التي تستلزم تطبيع المجال السياسي ومواءمته مع مقتضيات إصلاح وتحسين الحكامة السياسية".

وأضح أن تعديل أو إلغاء القانون رقم:024- 92 المعدل الصادر بتاريخ: 25 تموز/يوليو 1992 "أمر لا مناص منه لإيقاف هذا العبث وإصلاح ذلك الفساد".


واعتبر أن "الشروط المقترحة في مشروع القانون الجديد، تمثل الحد الأدنى من متطلبات الجدية وتجاوز الاختلالات، ومن ثم، فإن الطيف السياسي مطالب بدعمه وتحسينه خدمة للحياة السياسية ولتعزيز وتفعيل التجربة الديمقراطية".

أما نائب رئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" الحسن ولد محمد، فقد أكد على الحاجة لنظام التصريح بدل الترخيص للأحزاب السياسية.

وشدد في تصريح لـ"عربي21" على ضرورة الجمع بين مقتضيات تسهيل ممارسة العمل السياسي دون، اللجوء للشروط المجحفة مع ضرورة الحد الأدنى من الجدية وعدم التمييع".

وطالب بإحالة موضوع حل الأحزاب للقضاء "الأمر الذي يضمن - افتراضا - عدم توظيف الحكومة لهذه الصلاحية في صراعها السياسي مع منافسيها، ويمكن من تطبيق أسلم للقانون" داعيا إلى التبويب في المشروع المقترح على حقوق الأحزاب بدل الاكتفاء بواجباتها فقط".


هل يعود الاحتقان مجددا؟
ويخشى متابعون أن يتسبب القانون الجديد للأحزاب السياسية، في عودة التوتر السياسي للبلاد، بعد هدء استمر عدة أشهر.

وكانت موريتانيا عرفت صيف العام الجاري توترا سياسيا، عقب الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني ووصفتها المعارضة بالمزورة.

الانتخابات الرئاسية الأخيرة رفض المرشح الذي حل ثانيا بيرام الداه اعبيد، الاعتراف بنتائجها، ما أثار موجة من المظاهرات وأعمال الشغب تسبب في وفاة ثلاثة متظاهرين وقطعت السلطات على إثرها خدمة الانترنت في جميع أنحاء البلاد.

وبعد عودة الهدوء إلى البلاد، تعهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بإجراء حوار سياسي شامل في البلاد، لكن مراقبين يحذرون من أن قانون الأحزاب السياسية الجديدة قد يعيد البلاد لمربع التأزيم السياسي، خصوصا في ظل تأكيد أحزاب سياسية معارضة على ضرورة سحب مشروع القانون الجديد قبل بدء أي حوار سياسي.


وخلال الأيام الماضية استقبل الغزواني في القصر الرئاسي قادة أحزاب سياسية من المعارضة والموالاة، وبحث معهم إطلاق حوار سياسي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الأحزاب السياسية موريتانيا الشيخ الغزواني المعارضة المعارضة موريتانيا الأحزاب السياسية الشيخ الغزواني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأحزاب السیاسیة القانون الجدید مشروع القانون قانون الأحزاب على الأقل

إقرأ أيضاً:

مواجهة الفوضى.. ما أهداف مشروع قانون تنظيم الفتوى؟

أكدت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب أن مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى يمثل ضرورة وطنية ودينية تهدف إلى ضبط عملية إصدار الفتوى الشرعية، وحماية المجتمع من الفتاوى المتشددة أو المتساهلة، مع ضمان التزام وسائل الإعلام بعدم نشر الفتاوى إلا من الجهات المختصة، وتعزيز دور الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف كمصادر رئيسية للفتوى.

أهداف مشروع قانون الفتوى

وأشارت اللجنة إلى أن مشروع القانون يتضمن 9 مواد بخلاف مادة النشر، من أبرزها تحديد الجهات المختصة بإصدار الفتاوى العامة والخاصة، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، وإنشاء لجان للفتوى بوزارة الأوقاف وفقًا لضوابط علمية معتمدة، ومنح هيئة كبار العلماء حق ترجيح الرأي حال تعارض الفتاوى.

كما يلزم القانون وسائل الإعلام بعدم استضافة غير المختصين في برامج الفتوى، ويُدرج عقوبات جنائية تشمل الحبس والغرامة بحق من يصدر فتاوى دون ترخيص أو يخالف أحكام القانون.

دينية النواب: مشروع قانون الفتوى خطوة لضبط الخطاب الديني ومواجهة التطرفحظر تداول الفتاوي لغير المؤهلين..مشروع قانون جديد لتنظيم الفتوي في مصر

واختتمت اللجنة تقريرها بالتأكيد على أن مشروع القانون يأتي استجابة لحاجة ملحة لتنظيم الخطاب الديني وحماية المجتمع من فوضى الفتوى، بما يرسخ المرجعية الدينية الرسمية ويحفظ هوية الدولة.

مشروع قانون الفتوى أمام البرلمان

ويناقش مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية.

ويهدف مشروع القانون إلى تحديد الإطار القانوني والتنظيمي لممارسة الفتوى وضمان تقديمها بشكل يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المعمول بها، مما يحقق العديد من الأهداف، أبرزها تعزيز الاستقرار الديني والاجتماعي في المجتمع، ضمان جودة الفتاوى ومواءمتها مع الشريعة الإسلامية، تعزيز الشفافية في ممارسة الفتوى، وحماية المجتمع من الفتاوى المتطرفة أو غير الصحيحة، علاوة على التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها بنشر الفتاوى الشرعية الصادرة من المتخصصين.

طباعة شارك الفتوى إصدار الفتوى إصدار الفتوى الشرعية وزارة الأوقاف الأوقاف

مقالات مشابهة

  • مجلس النواب يوافق على مشروع قانون تنظيم الفتوى من حيث المبدأ
  • «النواب» يستجيب للأزهر بشأن تعديلات على مشروع قانون الفتوى الشرعية
  • النواب يوافق مبدئيا على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى
  • تقليص عدد الأحزاب السياسية بالغابون وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني
  • حكومة مالي تشن حملة دهم واعتقالات ضد قادة المعارضة
  • أول دفعة يُطبق عليها نظام الصيدلة الجديد (PharmD)
  • هكذا تخطط المعارضة التركية لإجبار الحكومة على انتخابات مبكرة
  • مواجهة الفوضى.. ما أهداف مشروع قانون تنظيم الفتوى؟
  • مجدي مرشد: مشروع قانون الإيجار يجب أن يعرض على الحوار الوطني
  • «حماة الوطن» يطالب بإعادة النظر في مقترح الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجار القديم