أي وجهة للعلاقات بين طهران وواشنطن في عهد ترامب؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
طهران- على ضوء التحديات الماثلة أمام محور المقاومة بقيادة طهران، وقراءة الأوساط السياسية في إيران للتحركات الدبلوماسية في إطار تفعيل قنوات التفاوض غير المباشر مع واشنطن، يكشف علي عبد العلي زاده، مساعد الرئاسة الإيرانية لشؤون اقتصاد البحار، عن توصل سلطات بلاده إلى "قناعة بضرورة التفاوض المباشر" مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وعشية رأس السنة الجديدة، طالب عبد العلي زاده -خلال استقباله نشطاء اقتصاديين- بالتفاوض "وجها لوجه مع ترامب"، مؤكدا أن البلاد "بحاجة إلى سياسة خارجية جديدة لأنه لا يمكن ترك قضاياها عالقة، ولذلك لا بد من التفاوض المشرّف والدفاع عن المصالح الوطنية".
يأتي ذلك بعد مضي يومين فقط على زيارة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إلى طهران وتسليمه رسالة من السلطان هيثم بن طارق آل سعيد للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، نفى نظيره الإيراني عباس عراقجي أن تكون من الجانب الأميركي.
ويلمس مراقبون إيرانيون في تصريحات عراقجي حول "مواصلة تبادل الرسائل مع واشنطن، إن اقتضت الحاجة، عبر السفارة السويسرية التي ترعى المصالح الأميركية في طهران"، مؤشرا على عزم الحكومة الإيرانية على الانتقال من المفاوضات غير المباشرة عبر الوسطاء إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة وذلك عبر القنوات الرسمية.
وتقرأ الباحثة في الشؤون الدولية، برستو بهرامي راد، هذه التصريحات الرسمية في سياق تداعيات التطورات الإقليمية، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وسقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، والتطورات الدولية ومنها عودة ترامب إلى البيت الأبيض ورغبته بالتوصل إلى اتفاق مع طهران.
وفي حديثها للجزيرة نت، تستذكر بهرامي راد الضريبة التي دفعتها طهران "غاليا" جراء الحرب الروسية الأوكرانية والاتهامات الغربية لها بمد موسكو بالسلاح، مؤكدة أن الأوساط الإيرانية لا ترى معارضة جدية من قبل الحلفاء الروس والصينيين لثني الترويكا الأوروبية عن قرارها بتفعيل آلية الزناد في الاتفاق النووي، ناهيك عن دور موسكو المعرقل في مفاوضات إنقاذ الاتفاق خلال الأعوام الماضية.
إعلانوبرأيها، فإن التصريح الإيراني بالتوصل إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع أميركا يأتي استكمالا للتسريبات السابقة حول عقد مباحثات بين "إيلون ماسك وزير الكفاءة الحكومية في إدارة ترامب وسفير إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك أمير سعيد إيرواني" الشهر الماضي، موضحة أن سلطات بلادها نفت "عقد أي لقاء بينهما" دون إعطاء المزيد من المعلومات.
وأضافت بهرامي راد أن طوكيو كانت سباقة، منذ 2016، في التوسط من أجل التفاوض المباشر بين طهران وواشنطن، وأنها تلقت إشارات بشأن رغبتها بإعادة طرح مبادرتها على حكومة بزشكيان.
ووفقا لها، فإن هذه التسريبات وتبادل الرسائل والتصريحات تأتي لتطبيع الحديث عن هذا الموضوع، مؤكدة أن "التفاوض المباشر بين العدوين اللدودين يصطدم بمعارضة شرسة داخل إيران والولايات المتحدة، إلى جانب معارضة بعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها تل بيب".
تغير الظروفوبحسب بهرامي راد، دفعت مستجدات التطورات إقليميا ودوليا الجانبين الإيراني والأميركي إلى قناعة بضرورة عقد مباحثات وجها لوجه لاحتواء التوتر وتقليص الضريبة الباهظة جراء القطيعة المتواصلة منذ أكثر من 4 عقود بينهما.
وبرأيها، فإن تقديرات طهران وواشنطن عن الطرف الآخر تغيرت كثيرا عما كانت عليه عام 2015 تاريخ التوقيع على الاتفاق النووي، مؤكدة أنه رغم تطور البرنامج النووي الإيراني عقب انسحاب ترامب من الاتفاق، فإن الجانب الأميركي يعول على خسارة إيران جزءا من نفوذها الإقليمي جراء العدوان الإسرائيلي على فصائل المقاومة وسقوط نظام الأسد.
وأضافت أن الجانب الإيراني أثبت أنه لا ينوي صناعة القنبلة النووية رغم بلوغه مستويات متطورة في التقنية النووية والتهديدات العسكرية التي يتعرض لها والدعوات الداخلية للتحول إلى قدرة نووية، موضحة أن الأطراف الغربية لا تريد التفريط بالحكمة التي يبديها الرئيس بزشكيان للتعامل البناء مع القوى الغربية والشرقية مدعوما من أعلى هرم السلطة في طهران.
إعلانوكان علي أكبر أحمديان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد أكد، خلال لقائه وزير الخارجية العماني في طهران، غياب أي تغيير في العقيدة النووية الإيرانية بناء على توجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي.
وتوقعت الباحثة أن يعقد الجانبان الإيراني والأميركي اجتماعات سرية يتناولان خلالها شتى الملفات، منها الأمنية والتطورات الإقليمية، وفي حال توصلهما إلى اتفاق مُرضٍ سيتم الإعلان عن الجانب المتعلق بإنقاذ الاتفاق النووي.
توجهات واشنطنوعما إذا كان التفاوض المباشر بين طهران وواشنطن ممكنا خلال ولاية ترامب الثانية، يقول الدبلوماسي مجتبى فردوسي بور، مدير دائرة الأبحاث لشؤون غرب آسيا وأفريقيا بوزارة الخارجية الإيرانية وسفير طهران السابق في الأردن، إن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي جاء عقب رفض طهران اقتراحه بالتفاوض من جديد.
وفي حديثه للجزيرة نت، يلخص الدبلوماسي الإيراني السياسات الأميركية في التعامل مع الجمهورية الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية في 4 محاور:
الأول، المصالحة: استذكر المتحدث هبوط طائرة الوفد الأميركي بمطار مهر آباد الدولي عام 1986 ولقاءه وفدا دبلوماسيا إيرانيا على متن الطائرة وتقديمه هدايا عبارة عن حلويات ومسدس أميركي للرئيس الأسبق علي أكبر رفسنجاني كعربون للمصالحة، وذلك إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). الثاني، الاتفاق: يشكل ثاني توجهات الدبلوماسية الأميركية حيال إيران وفقا لفردوسي بور الذي يستشهد بالاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية. الثالث، سياسة الاحتواء: اعتبر فردوسي بور أن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن هو عراب هذه السياسة الأميركية حيال "طهران الثورة". الرابع، سياسة التغيير: يقول إن الولايات المتحدة تبنتها في إيران منذ انتصار ثورة 1979، وركزت عليها بشكل أكبر عقب احتجاجات عام 2009، لكنها توصلت إلى قناعة بعدم جدوى هذا التوجه، لا سيما عقب استهداف الحرس الثوري الإيراني اجتماعا سريا للمعارضة الإيرانية بحضور عناصر من المخابرات الأميركية في أربيل العراقية. إعلانوتوقع فردوسي بور أن يتخذ ترامب سياسة الاتفاق حيال إيران خلال الفترة المقبلة بناء على شعاره "أميركا أولا" لضمان مصالح واشنطن، مستدركا أنه لا يستبعد في الوقت نفسه تبني ترامب سياسة الاحتواء والضغوط أو التغيير في إيران بناء على طبيعة فريقه الحكومي.
وفي حال توصل حكومتي بزشكيان وترامب إلى اتفاق، فإن حظوظ استمرار الاتفاق المزمع تبدو أكبر من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه حكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني مع الديمقراطي باراك أوباما، ذلك لأن الإدارة الجمهورية المقبلة قد بذلت جهدا كبيرا خلال حقبتها الأولی لتسجيل الاتفاق مع طهران باسمها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التفاوض المباشر الاتفاق النووی طهران وواشنطن بین طهران فی طهران
إقرأ أيضاً:
عقوبات أمريكة جديدة تستهدف أسطول الشحن الإيراني وشركات مرتبطة به
فرضت واشنطن عقوبات جديدة على أكثر من 115 فردا وكيانا وسفينة على صلة بإيران، في مؤشر على أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تُكثف جهودها في حملة "أقصى الضغوط" بعد قصف المواقع النووية الرئيسية الإيرانية في حزيران/ يونيو.
وتستهدف العقوبات التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الأمريكية الأربعاء، مصالح الشحن التابعة لمحمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الإيراني علي خامنئي.
ووصفت وزارة الخزانة الأمريكية هذه الخطوة بأنها أهم إجراء يخص العقوبات المتعلقة بإيران منذ 2018، خلال ولاية ترامب الأولى.
وفي شباط/ فبراير الماضي وقع الرئيس الأمريكي مرسوما رئاسيا يقضي بإعادة فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران.
وينص المرسوم على توجيه وزارة الخزانة الأمريكية بفرض "أقصى قدر من الضغط الاقتصادي" على إيران من خلال العقوبات المصممة لشل صادرات النفط في البلاد.
وفي 13 حزيران/ يونيو الماضي شنت دولة الاحتلال عدوانا على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين.
ولاحقا، دخلت الولايات المتحدة الحرب ضد إيران، بإعلان الرئيس دونالد ترامب، تنفيذ هجوم "ناجح للغاية" استهدف أبرز 3 مواقع نووية في إيران، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.
وعام 2015، وقعت إيران ومجموعة (5+1) وهي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا)، إضافة إلى ألمانيا، اتفاقا يقضي بتنظيم ومراقبة الأنشطة النووية لطهران مقابل رفع العقوبات عنها.
وانسحبت واشنطن من الاتفاق أحاديا في 2018 خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، وأعادت فرض عقوبات على إيران، وإثر ذلك أوقفت طهران تدريجيا التزاماتها في الاتفاق واتخذت سلسلة خطوات، بما فيها تخصيب اليورانيوم عالي المستوى مرة أخرى.