سجل مليشيا الحوثي الطويل في الاعتقالات والاختطافات في 2024
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
تحولت اليمن جذرياً نحو الاستبداد والقمع نتيجة ما قامت به مليشيا الحوثي (المصنفة على قائمة الإرهاب) من تنفيذ حملات اعتقالات منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء وبقية المحافظات.
وخلال العام 2024 شهدت صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، اعتقالات جماعية بحق المعارضين سواءً كانوا سياسيين أو نشطاء حقوق الإنسان أو صحفيين.
يقول حقوقيون لوكالة خبر، إن مليشيا الحوثي تمتلك سجلاً طويلاً من الاعتقالات والاختطافات خلال عام 2024، يصعب أن تحصيه التقارير الحقوقية، بل إن البعض منها لا يصل إليه الإعلام ولا توثقه المنظمات الحقوقية.
وأضافوا، أن الاعتقالات التعسفية والإخفاءات القسرية والتهديدات التي تطول المدنيين من قبل المليشيا الحوثية تكاد تكون بشكل يومي.
وبينت أن الاتهامات الموجهة للمعتقلين معروفة، وهي التخابر مع جهات أجنبية، وهي أداة مفضلة للحوثيين لسحق المعارضة وترسيخ قبضتهم على السلطة، في ظل الفضائح العلنية لممارساتهم وفشلهم في حُكم المناطق الخاضعة لسيطرتهم والتي باتت تُهدد سلطتهم.
وبدأت مليشيا الحوثي عام 2024 باعتقالات واسعة طالت ملاك محال الورود بتهمة الاحتفال برأس السنة 2024، ومروراً باعتقال القاضي عبدالوهاب قطران وغيره.
وشهدت محافظات واقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي عدة اعتقالات، ولكن في أوائل مايو/ أيار، أعلنت وسائل الإعلام الحوثية إلقاء القبض على ما أسمتها خلية تجسس تُسمى "قوة 400" تشمل مجموعة من اليمنيين يُزعم تخابرهم مع القوات الأمريكية والإسرائيلية لتحديد ورصد مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة واغتيال مسؤولين عسكريين.
وفي 1 يونيو/ حزيران، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء (التابعة لسلطة الحوثيين) حُكماً بالإعدام على 44 شخصا بتهمة التجسس، ومن بين أبرز الشخصيات الذين صدر بحقهم عقوبة الإعدام رجل الأعمال عدنان الحرازي، مدير شركة بروديجي سيستمز (ومقرها صنعاء)، وهي شركة اضطلعت برصد وتقييم عمل منظمات الإغاثة الدولية في اليمن، قبل اعتقاله في يناير/ كانون الثاني 2023.
وبعد أقل من أسبوع من صدور أحكام الإعدام، شنّ جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين حملة اعتقال طالت أكثر من 45 شخصاً من عمال الإغاثة اليمنيين وموظفي المنظمات المحلية والدولية، بمن في ذلك 13 موظفاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة.
وزعم المسؤولون الحوثيون أن الاعتقالات كانت تهدف إلى تفكيك شبكة تجسس أمريكية – إسرائيلية، مدعين أنها شُكّلت في السفارة الأمريكية قبل إغلاقها عام 2015، ثم توسّعت لتشمل عناصر في المنظمات الدولية.
ونشر المسؤولون الحوثيون سلسلة مصورة من خمسة أجزاء تشمل الاعترافات المزعومة للمتهمين من موظفين يمنيين سابقين في السفارة الأمريكية بصنعاء، في محاولة من الجماعة لتزخيم هذه الدعاية.
وألقت الاعترافات (المعدة نصوصها مسبقاً بعناية) باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتصل بالمشكلات التي تواجهها المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.
وركزت الاعترافات المزعومة على امتداد النفوذ الأمريكي – الإسرائيلي المزعوم ليشمل القطاع الزراعي والاقتصاد والثقافة في اليمن.
وشنت المليشيات الحوثية حملة الاعتقالات في شهر يونيو/ حزيران، بعد بضعة أشهر من إطلاق الحوثيين سراح رئيس نادي المعلمين الذي تم حلّه فيما بعد، أبو زيد الكميم، المعتقل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لقيادته احتجاجات من المعلمين تطالب الحوثيين بصرف رواتبهم غير المدفوعة، والتي اعتبرتها الجماعة تهديداً قد يؤجج شرائح أخرى من المجتمع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
كما أن الحملة القمعية التي شهدها العام 2024 ضد النشطاء بتهمة التجسس جاءت بمثابة رسالة تحذيرية لأي شخص يفكر في تحدي حُكم الحوثيين- لا سيما بعد صدور قرار من البنك المركزي في عدن يأمر البنوك والمؤسسات المالية التي تتخذ من صنعاء مقراً لها بنقل مقارها إلى العاصمة المؤقتة، وهو ما قد يؤدي إلى عزل صنعاء عن النظام المصرفي الدولي.
من جانبها، وثقت منظمة رايتس رادار في تقرير لها في العاشر من ديسمبر الماضي، بأن الاعتقالات التعسفية كانت الأكثر شيوعاً بـ914 حالة، كما سجل التقرير 171 حالة إخفاء قسري.
ولعل أكثر حملات الاعتقالات التي تناولتها العديد من الوسائل الإعلامية، في 6 يونيو 2024، حيث نفذت جماعة الحوثي حملة اختطافات استهدفت موظفين يمنيين يعملون لدى الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى في صنعاء والحديدة وصعدة وعمران.
وشملت الحملة اختطاف 18 موظفًا بينهم امرأتان، يعملون لصالح مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واليونسكو، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن.
من جانبها، قالت "هيومن رايتس ووتش" و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" (مركز القاهرة) إن سلطات الحوثيين اعتقلت عشرات الأشخاص في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول 2024 بسبب احتفالهم السلمي أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول "ثورة 26 سبتمبر" في اليمن، وهي ذكرى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية عام 1962.
ولم يوجّه الحوثيون تهمًا إلى الكثير من المحتجين، مما يرقى إلى الاحتجاز التعسفي.
وقالت آمنة القلالي مديرة البحوث بمركز القاهرة: "قمع الاحتجاجات وأي أنشطة تخالف معتقدات الحوثيين وأيديولوجياتهم يمثل انتهاكا إضافيا في سجل انتهاكات الحوثيين الطويل لحقوق الإنسان في ظل إفلات تام من العقاب".
ومنذ 21 سبتمبر/أيلول تقريبا، بدأ الحوثيون يعتقلون عشرات الأشخاص في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة على خلفية الاحتجاجات.
ويُفترض أن هذه الاعتقالات وحظر جميع المظاهرات هي محاولة للحيلولة دون التعبئة الجماعية التي يمكن أن تتحدى سلطة الحوثيين.
وبحسب صحفي قابله مركز القاهرة، اعتُقِل 209 أشخاص على الأقل في محافظة عمران وحدها، بينهم أطفال وكبار في السن، "يتجاوز عمر بعضهم 75 عاما".
ووفقا لـ"رابطة أمهات المختطفين"، فإن "عددا كبيرا من المحتجزين من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما".
وقابل مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش 11 شخصا، بينهم أقارب ومحامون وأشخاص على اتصال وثيق ببعض المحتجزين، للوقوف على تفاصيل الاعتقالات.
وراجعت هيومن رايتس ووتش أيضا ثلاثة فيديوهات تم تداولها على منصة "إكس"، تُظهر الترهيب والتهديدات المتعلقة بالاحتجاجات.
وفي الحالات التي وثقها مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش، لم يُوجّه الحوثيون اتهامات للمحتجزين، وذكر رجل من إب تواصل مع مسؤول حوثي بعد اعتقال العديد من أفراد أسرته مستفسرا عن سبب احتجازهم، أن المسؤول قال إن أقاربه المحتجزين أزعجوا الأمن العام وخالفوا التوجيهات؛ لكن الرجل يعتقد أن الحوثيين "يختلقون التهم لاعتقال الناس".
وفي كثير من الحالات، اعتقل الحوثيون أشخاصا لمجرد توشّحهم بالعلم اليمني أو التلويح به أو تعليقه على سيارتهم، قال أحد أقارب المحتجزين إن اثنين من أبناء عمومته اعتُقِلا وإنهما "لم يحتفلا أو يفعلا أي شيء، كانا يعلقان العلم اليمني على سيارتهم، قال لهما" الحوثيون "أنتما تحتفلان بيوم 26 سبتمبر وليس 21 سبتمبر وأخذوهما إلى السجن". قال الرجل من إب: "الحوثيون هددوا أي شخص يحتفل بالثورة أو يرفع الأعلام اليمنية".
وفي حالات أخرى، اعتقل الحوثيون أشخاصا بسبب منشوراتهم على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي إحياء لذكرى الثورة.
وقال رجل اعتُقِل شقيقه، إن هذا الأخير نشر فيديو يحتفل بالثورة في 26 سبتمبر/أيلول، وإن خمس مركبات عسكرية حوثية وصلت إلى منزل شقيقه في اليوم التالي، ووصف الرجل شقيقه بأنه ناشط مهتم بالقضايا الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال الحوثيون لشقيقه إنهم يريدون منه حذف قناته على يوتيوب وآخر منشور له حول 26 سبتمبر. قال شقيق المُحتجَز: "أخذوه إلى إدارة التحقيقات الجنائية، وعندما شرعوا في الإفراج عن بعض المعتقلين في 30 سبتمبر/أيلول، علمنا أنهم أرسلوه إلى إدارة الأمن والمخابرات ولم يُفرَج عنه بعد".
واعتُقِل أيضا كاتب في صنعاء، له الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد مشاركته منشورا حول 26 سبتمبر. قال صديقه: "وصل الحوثيون إلى منزله في عدة مركبات عسكرية، واقتحموا المنزل وكسروا الأبواب وأخافوا زوجته وابنه.. ثم أخذوه وأجهزته وحاسوبه المحمول وهواتفه وكاميراته القديمة، بعدما فتشوا المنزل بأكمله".
وفي كلتا الحالتين، لم يقدم الحوثيون مذكرة توقيف أو مذكرة تفتيش، في انتهاك للقانون اليمني والقانون الدولي.
وذكر آخرون أيضا أن الحوثيين هددوهم وتعمدوا ترهيبهم لمنعهم من نشر أي ما يتعلق بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وقال المحامي عبد المجيد صبره من صنعاء إنه بمجرد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أنه بصدد تقديم خدمات قانونية للمحامين المحتجزين على خلفية ذكرى 26 سبتمبر، تلقى "تهديدات مباشرة" من حوثيين.
وقال: "أتابع حالات الاعتقال عبر الهاتف من المكتب أو المنزل عبر التواصل مع بعض أقارب من نعرفهم من المحتجزين، وليس بشكل رسمي، وذلك لأن الخروج والمتابعة مع الجهات الأمنية يعني الاعتقال، ينتظرون أي ذريعة أو سبب للاعتقال".
وقالت امرأة أخرى إنها تلقت مكالمة تهديد بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في ذكرى ثورة 26 سبتمبر، قالت: "لم أشعر أبدا بالخوف من الحوثيين، لكن المُحبِط هو أنني لا أستطيع الخروج للاحتفال بذكرى الثورة ولا يمكنني رفع علم الجمهورية اليمنية والخروج مع ابنتي والاحتفال أشعر بالإحباط لعدم وجود العلم اليمني في شوارع صنعاء في ذكرى الثورة وكنت أبكي كل يوم".
ووثّق فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن في تقريره لعام 2023 العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب في اليمن، وأشار إلى أن «معظم الانتهاكات التي حقق فيها الفريق منسوبة للحوثيين».
وفي السنوات السابقة، احتجز الحوثيون أيضا مئات المتظاهرين الذين يحتفلون بذكرى ثورة 26 سبتمبر، في 2023، أشار المحامي عبد المجيد صبره على موقع فيس بوك إلى اعتقال الحوثيين ألف شخص تقريبًا على خلفية احتفالهم بذكرى الثورة.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية يمنية، إن الحوثيين استخدموا القوة المفرطة ضد الذين يتظاهرون ويحتفلون سلميًا.
كما احتجز الحوثيون تعسفيًا عشرات العاملين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن منذ 31 مايو/أيار، وذكرت مصادر مطلعة لهيومن رايتس ووتش أن عدد المحتجزين مستمر في الزيادة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: على وسائل التواصل الاجتماعی الأمم المتحدة ملیشیا الحوثی ثورة 26 سبتمبر مرکز القاهرة سبتمبر أیلول ذکرى الثورة رایتس ووتش فی الیمن عام 2024
إقرأ أيضاً:
موقع بريطاني: الإمارات عانت من أسوأ كارثة عسكرية لها في اليمن
وأكد الموقع في تقريره الذي ترجمه موقع "26 سبتمبر نت" أن أكبر المحافظات اليمنية هي محافظة حضرموت وتعتبر ذات كثافة سكانية منخفضة تمتد من خليج عدن إلى الحدود الشمالية لليمن مع السعودية. وتضم هذه المحافظة حوالي 80% من احتياطات النفط في البلاد.
وذكر الموقع البريطاني أن السعودية تشترك في حدود طولها 1300 كيلومتر مع اليمن.. وفي مارس 2015، قادت المملكة ومعها تسع دول تحالفاً عسكرياً ضد اليمن استخدمت فيه جميع أنواع الصواريخ والقنابل فضلاً عن حصار جوي وبري وبحري دفع اليمن إلى أزمة إنسانية مدمرة.
من جانبه قال أندرياس كريج ، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينجز كوليدج لندن، إن الأولوية الرئيسية للسعودية هي حدودها والتوصل إلى تسوية سياسية مع صنعاء.. مضيفاً أن الرياض لا ترغب في العودة إلى القتال واسع النطاق في اليمن بعد عقد من التدخل المكلف.
وأشار الموقع في تقريره إلى أن الإمارات قد عانت من أسوأ كارثة عسكرية لها في سبتمبر 2015، عندما قُتل 52 جندياً في ضربة شنتها قوات صنعاء على معسكر يضم ضباط إماراتيين في محافظة مأرب..ومنذ ذلك الحين، استخدمت قواتها البرية في اليمن بشكل محدود، حيث تعاقدت على تنفيذ العمليات البرية مع جماعات وكيلة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى مرتزقة معظمهم من أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة ، فضلاً عن قوات من قوات الدعم السريع السودانية سيئة السمعة.
ومن خلال علاقتها مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ساهمت الإمارات في بناء قواعد عسكرية ساحلية في المخا، وعلى جزيرتي عبد الكوري وسمحة، التابعتين لأرخبيل سقطرى الخاضع لإدارة المجلس. وتشكل هذه القواعد، إلى جانب قواعد أخرى في المنطقة، شبكةً تمكّن الإمارات من بسط نفوذها. كما تمتلك الإمارات الآن قاعدة في جزيرة ميون، وهي جزيرة تقع في مضيق باب المندب، الذي يربط بين الممرات الملاحية لخليج عدن والبحر الأحمر.
وأضاف ميدل إيست آي أن المجلس الانتقالي الجنوبي وحلفاءه في اليمن أثبتوا أنهم أدوات فعالة في تهميش الخصوم الذين لا تحبهم الإمارات.. وغالباً ما ركزت التغطية الإعلامية للصراع في اليمن على قوات صنعاء. لكن تراجع الصراع المباشر بين قوات صنعاء والتحالف الذي تقوده السعودية في السنوات الأخيرة، وصل فعلياً إلى طريق مسدود في عام 2022.
ومنذ ذلك الحين، استهدف اليمنيون إسرائيل بضربات صاروخية، فضلاً عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر في خضم الإبادة الجماعية في غزة.. وفي مارس/آذار، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة قصف ضد اليمنين، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين قبل توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في مايو/أيار.
وختم الموقع البريطاني حديثه بالقول: يرى المحللون أن هجوم المجلس الانتقالي الجنوبي لا يتعلق بالمحافظات الشمالية. ويشيرون إلى أن المخاطر التي سيواجهها المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال مواجهة قوات صنعاء ستكون هائلة، وأن للجماعتين أهدافاً مختلفة تماماً.. ان شن هجوم واسع النطاق جديد ضد المحافظات الشمالية من شأنه أن يُعرّض هذه المكاسب للخطر ويفتح جبهات متعددة في وقت واحد.