جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-15@10:43:09 GMT

القيادة في إدارة الموارد البشرية

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

القيادة في إدارة الموارد البشرية

 

د. سعيد الدرمكي

أصبحت القيادة في الموارد البشرية محورًا متزايد الأهمية في ظل التطورات المستمرة والاهتمام المتنامي بهذا المجال الحيوي. فهي لا تقتصر على كونها منصبًا أو مجموعة صلاحيات تُمنح، بل تعد فنًا يجمع بين التأثير والإلهام، وأداة استراتيجية تُستخدم لتحقيق التوازن الدقيق بين أهداف المؤسسة وطموحات الأفراد.

في عالم اليوم، الذي يشهد وتيرة متسارعة من التغيرات وتصاعدًا مستمرًا في التحديات، تبرز القيادة الفاعلة في الموارد البشرية كعنصر حيوي لا غنى عنه. إنها القوة المحركة التي تحول الرؤى الطموحة إلى واقع ملموس، وتعيد تشكيل الموارد لتصبح إمكانات فعالة، وتحول التحديات إلى فرص مبتكرة تضمن استدامة المؤسسات وتعزز قدرتها التنافسية في بيئة عمل ديناميكية.

والقائد الناجح يبدأ برؤية واضحة ومحددة لإدارة الموارد البشرية، رؤية تنطلق من استراتيجية المؤسسة ورسالتها، وتركز على بناء منظومة متكاملة تجذب أفضل الكفاءات، تطور إمكاناتها، وتعزز بيئة عمل محفزة للإبداع والتميز. هذه الرؤية ليست مجرد خطط على الورق، بل تترجم إلى إجراءات عملية تقود المؤسسة لتحقيق أهدافها بكفاءة واستدامة.

القيادة الحقيقية تتجلى في تعزيز ثقافة المؤسسة، فالثقافة ليست شعارات تعلق على الجدران؛ بل هي منظومة قيم تعكس التعاون، والشفافية، والاحتواء. فالقائد المتميز يعمل بالتعاون مع فريق إدارة الموارد البشرية على غرس هذه القيم، ليصبح الابتكار والانتماء جزءًا لا يتجزأ من هوية المؤسسة.

وبجانب ذلك، فإن القيادة الفاعلة تتمثل في تمكين فريق العمل وتحفيزهم لتحقيق أقصى إمكاناتهم من خلال التدريب المستمر، ووضع خطط واضحة للتطوير المهني، وتهيئة بيئة داعمة للنمو، بحيث يتحول الموظف من مجرد عامل في المؤسسة إلى شريك استراتيجي. ويتماشى هذا النهج مع أهداف رؤية عمان 2040 التي تركز على بناء كفاءات وطنية تمتلك مهارات ديناميكية وقدرات تنافسية على المستويين المحلي والعالمي. ومن الأهمية بمكان أن تحرص هذه الكفاءات على التلاحم والتعاون مع قياداتها، وتجسيد الثقة والشغف في أدائها، مما يضمن تحقيق بصمة مميزة تفرقها عن الآخرين.

وفي عالم مليء بالتغيرات تصبح القيادة هي المفتاح الأساسي في إدارة التحول المؤسسي. عليه فإن القائد الناجح يجب أن لا يخشى التغيير؛ بل يراه فرصة للنمو والتطور. ومن خلال التوجيه الصحيح، يمكن لفرق الموارد البشرية من التكيف مع المتغيرات بسلاسة دون الإخلال بأداء المؤسسة.

ولأن الكفاءة المؤسسية لا تتحقق إلا بسياسات مدروسة، فإن القادة يشاركون في صياغة سياسات موارد بشرية مبتكرة، تشمل التوظيف، والتقييم، والتطوير، والتحفيز. هذه السياسات لا تعزز العدالة فقط، بل تضمن أيضًا استدامة الأداء المميز.

أما الابتكار في إدارة الموارد البشرية، فيعتبر العنصر الذي يمكن المؤسسة من تخطي حدود زمانها وتحقيق تميز يجعلها قادرة على التنافس في مختلف الأزمنة. فمن خلال استثمار التكنولوجيا الحديثة، مثل أنظمة إدارة الموارد البشرية (الأتمتة) وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمكن تعزيز الكفاءة وتخفيف العبء الإداري. هذا النهج يتيح للعاملين في الموارد البشرية فرصة أكبر لتركيز جهودهم على المبادرات الاستراتيجية، مما يساهم في تحقيق أهداف المؤسسة بفاعلية ورؤية طموحة.

كما لا يمكن التغافل عن أهمية تحسين تجربة الموظف، فهي ليست مجرد رفاهية، بل ضرورة أساسية لتعزيز الإنتاجية وتشجيع الابتكار. ومما لا شك فيه أن القيادة الواعية تسعى دومًا لإيجاد بيئة عمل تحتضن الموظف كإنسان أولًا قبل أن تنظر إليه كعامل؛ مما يُساهم في دعم صحته النفسية، وتوفير التوازن بين الحياة والعمل، وتفتح له آفاق التطور المهني والشخصي.

كما إن القائد يؤدي دورًا محوريًا كجسر يربط بين الإدارة والموظفين، وذلك من خلال تطبيق مبادئ الشفافية، وتشجيع الحوار المفتوح، إلى جانب الاستماع بإنصات واحترام لوجهات النظر. هذه الممارسات تساهم في تعزيز الثقة، وإزالة الحواجز بين المستويات الإدارية، مما يؤهل الموظفين ليكونوا شركاء في صنع القرار، وليس فقط منفذين له.

في الختام.. لا بُد من التأكيد على أن القيادة في إدارة الموارد البشرية ليست خيارًا إضافيًا؛ بل ضرورة استراتيجية وحتمية لتحقيق النجاح المؤسسي؛ فالمؤسسات التي تعي أهمية العنصر البشري وتضعه في صلب خططها واستراتيجياتها، تكتسب ميزة تنافسية استثنائية ومستدامة. ومن خلال بناء منظومة مرنة وقادرة على التكيف مع تحديات الحاضر واستثمار الفرص الواعدة للمستقبل بفاعلية وإبداع، تستطيع هذه المؤسسات تعزيز استدامتها وتحقيق أهدافها على المدى الطويل. كما يجب أن نُدرك أن الإنسان يشكل جوهر التغيير وأساس التميز. ومن خلال قيادة ملهمة ورؤية استراتيجية واضحة، يُمكننا بناء مؤسسات تُلبِّي احتياجات الحاضر وتضع أسسًا قوية لتحقيق تطلعات المستقبل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاهلي يدرس الموافقة على عرض السد القطري لضم فيرمينو

ماجد محمد

كشفت مصادر مطلعة أن إدارة النادي الأهلي تميل إلى الموافقة على العرض المُقدَّم من نادي السد القطري، لشراء المهاجم البرازيلي روبيرتو فيرمينو خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية.

ويُعد هذا العرض هو الثاني الذي يتقدم به النادي القطري، بعد أن كان قد حاول التعاقد مع فيرمينو في الميركاتو الشتوي الماضي، إلا أن الأهلي رفض العرض حينها، مفضلاً استمرار اللاعب مع الفريق حتى نهاية الموسم.

ومع تجدد المفاوضات هذه الأيام، يبدو أن إدارة الأهلي باتت أكثر انفتاحًا على فكرة بيع اللاعب، في ظل دراسة الجهاز الفني والاداري لخطة تدعيم الفريق بعناصر جديدة، خاصة في خط الهجوم.

ومن المنتظر أن تُحسم الصفقة خلال الأيام القليلة المقبلة، حال التوصل إلى اتفاق نهائي بين الناديين على التفاصيل المالية وشروط التعاقد.

 

مقالات مشابهة

  • جامعة أسيوط تنظم ملتقي تحت عنوان التنمية البشرية وتطوير الذات
  • «طرق دبي» توقع مذكرة تفاهم لبدء التجارب التشغيلية لمركبات ذاتية القيادة
  • إدارة ترامب تستهدف مصر وسوريا و34 دولة بحظر السفر للولايات المتحدة
  • كم سيارة مسموح بها للمستفيد من الضمان الاجتماعي دون التأثير على الاستحقاق؟.. الموارد البشرية توضح
  • الاهلي يدرس الموافقة على عرض السد القطري لضم فيرمينو
  • وفاة والد محمد طارق عضو مجلس إدارة نادي الزمالك
  • قصور الثقافة تقدم رفرفة ضمن عروض التجارب النوعية على مسرح الأنفوشي
  • «الموارد البشرية»: تصاريح عمل تلقائية للمنشآت وتخفيض المستندات 100%
  • مجلس الموارد البشرية وهيئة تنمية المجتمع يوحدان جهودهما لدعم التوطين
  • «الموارد البشرية» و«تنمية المجتمع» يعزّزان توظيف المواطنين بإمارة دبي