الضفة الغربية- مر شهران على استشهاد الأسير سميح عليوي ولم تعرف عائلته أي خبر عنه وكيف استشهد، وأين يُحتجز جثمانه حتى الآن، ولم تتلق أي رد من سلطات الاحتلال الإسرائيلي يجيب عن أي من تلك الاستفسارات، بل كانت تزودهم بمعلومات مضللة، ففي حين استشهد في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصلهم الخبر بعد 9 أيام.

إلى جانب قطاع غزة، تنتهج إسرائيل سياسة "الإبادة" بحق الفلسطينيين أيضا بالضفة الغربية وضد الأسرى داخل سجونها الذين استشهد منهم حتى الآن 54 أسيرا، في حين بقي مصير العشرات مجهولا، مما يؤكد -وفقا لمؤسسات تعنى بشؤون الأسرى- أن ما يجري بحقهم "وجه آخر لحرب الإبادة، يهدف لمزيد من عمليات الإعدام وتصفيتهم".

وتؤكد أسرة عليوي أن ما تعرض له ابنها سميح (61 عاما) كان "عملية إعدام ممنهجة"، فقد اعتقل في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بوضع صحي جيد وكان يمشي على قدميه، وأدى الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاجات اللازمة له والتعذيب إلى استشهاده.

إهمال متعمد

ويقول معتصم نجل الشهيد سميح للجزيرة نت "حين اعتقل والدي كان بفترة علاج جراء عملية جراحية أجريت لمعدته في مشفى رفيديا بنابلس، وسلمنا جنود الاحتلال التقارير الطبية، وأخبرناهم أن لديه عملية ثانية بعد شهرين". ويضيف أنهم كانوا يستقون معلوماتهم عبر أسرى محررين من سجن مجدو حيث كان والده يقضي أول فترة اعتقاله قبل نقله لسجن النقب.

إعلان

وأكدت المعلومات أن تدهورا خطيرا طرأ على وضعه الصحي بفعل الإهمال الطبي والضرب الذي كان يتعرض له باستمرار وخاصة عند رفعه الأذان والصلاة، وأن وزنه نقص من 90 كيلوغراما لأقل من النصف، وظل الاحتلال يرفض علاجه حتى أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين نقل إلى عيادة سجن الرملة المعروفة بتأزم خدماتها العلاجية، ومن ثم نقل إلى مشفى "آساف هروفيه" الإسرائيلي ليعُلن استشهاده هناك.

وطوال فترة مرضه -تؤكد العائلة- أنه لم يحصل إلا على المسكنات بعد ضغط كبير من المؤسسات الحقوقية والإنسانية، ولم يصلها أي تقرير طبي عن ظروف استشهاده، ولا حتى مكان احتجاز جثمانه.

ووفق معتصم، فإن والده وبعد إنهاء إحدى جلسات التحقيق، في سبتمبر/أيلول الماضي، اتصل بأمه وخالته، ولم يستطع إخبار زوجته بمعاناته الصحية نظرا لوجود ضابط السجن الإسرائيلي بجانبه، فظنوا أنه بوضع أفضل، كما مُنع محاموه من زيارته أو حتى استئناف حكمه و"يدعون أنه بصحة جيدة".

وبالرغم من عدم امتلاكها أدنى فكرة عن سبب استشهاد نجلها، فإن عائلة عليوي تصر على أنه "أُعدم بشكل مباشر بأدوية معينة أو بالإهمال الطبي أو بالتعذيب"، ويقول معتصم "يدعي الاحتلال ما يشاء، فهو وحده يملك المعلومة، خاصة أنه يمنع المؤسسات الحقوقية والإنسانية من زيارة الأسرى، ونحن نتعرض لسياسة عقاب جماعي بقتل واحتجاز جثمان أبي".

وسُجن الأسير الشهيد سميح مرات عديدة، فاعتقله الاحتلال أكثر من 10 سنوات قضاها بين الأحكام والاعتقال الإداري، وأغلق محله التجاري الخاص ببيع الذهب، وصادر ممتلكات له بقيمة مئات آلاف الدولارات.

سياسة ممنهجة

وأمس الخميس، أُعلن استشهاد الأسير المحرر إسماعيل طقاطقة (40 عاما) من مدينة بيت لحم، وذلك "بعد تعرضه لجريمة طبية ممنهجة في سجون الاحتلال"، أدت -حسب هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني- إلى استشهاده في الأردن بعد 5 أشهر من الإفراج عنه، حيث تبينت إصابته بمرض سرطان الدم.

إعلان

وقالت المؤسستان -في بيان لهما تلقت الجزيرة نت نسخة منه- إن "الآلاف من الأسرى تعرضوا ويتعرضون لعمليات تعذيب ممنهجة، بشكل غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة على غزة، وإن الجرائم الطبية والحرمان من العلاج شكلت الأداة الأبرز لتنفيذ عمليات إعدام ممنهجة بحق العشرات من الأسرى منذ بدء الحرب".

وهو ما أكدته أماني سراحنة -مسؤولة وحدة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني- أيضا بقولها إن أوضاع الأسرى، الذين تجاوز عددهم 10 آلاف و400 أسير، مأساوية وإن مصيرهم مرهون بأمرين:

الأول: استمرار جرائم التعذيب الممنهجة بكل أشكالها من التجويع والضرب والجرائم الطبية، والاعتداءات الجنسية والجسدية. الثاني: وهو الزمن، حيث إن الأسير الذي تحمل الوضع منذ بداية الحرب بات من الصعب عليه اليوم وبعد 15 شهرا تحمّل ذلك، وهو مؤشر على ارتفاع أعداد الشهداء بين صفوف الأسرى "وبات من المؤكد أننا سنشهد مزيدا من الشهداء منهم"، كما تقول للجزيرة نت. عجز دولي

وحسب المسؤولة سراحنة "أصبح آلاف الأسرى مرضى جسديا ونفسيا، لم يحدث بتاريخ الحركة الأسيرة أن فقدت 54 شهيدا خلال 15 شهرا، وهؤلاء معروفة هوياتهم، ولدينا معطيات عن العشرات من أسرى غزة استشهدوا بعد الحرب، والاحتلال يمارس ضدهم جريمة الإخفاء القسري".

وتضيف "لم يعد حجم المعطيات التي تذكرها مؤسسات الأسرى -بما فيها الجرائم الطبية والتعذيب والتجويع- كافية لوصف الحالة بالسجون، وحالة العجز الممنهجة التي تمارسها المنظومة الدولية ومنظومة حقوق الإنسان، وكلها تشجع الاحتلال على ممارسة المزيد من التعذيب والجرائم الطبية بكل أشكالها".

ولم يعد الخطاب المستخدم بوصف جرائم الاحتلال ضد الأسرى كافيا، حسب المتحدثة نفسها، و"صارت الحاجة لخطاب آخر بمستوى ما يجري وما يكشف عنه من إبادة لحظية بغزة وجرائم تعذيب واعتداءات جنسية بحق الأسرى أيضا".

إعلان

وردا على سؤال ما إذا كان كل أسير مهددا بفقد حياته فعلا، أكدت سراحنة ذلك، وقالت إن مصير كل الأسرى على المحك، واتهمت الاحتلال بتعمد نشر مرض الجرب "سكايبوس" الجلدي بين الأسرى، وأن معظم من أصيبوا به خرجوا يعانون من التهابات حادة بالدم والكبد وغيرها.

من جانبه، كشف حسين شجاعية، منسق الحملة الوطنية لاستعادة الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال، أن 643 شهيدا محتجزون وموثقون في مقابر وثلاجات الاحتلال، بينهم 63 شهيدا من الحركة الأسيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تصاعد التضامن ’’العالمي’’ مع غزة تنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية بحق الأطفال والنساء .. اليمن نموذجًا للموقف المشرّف

يمانيون /

يشهد العالم موجةً غير مسبوقة من التضامن مع الشعب الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان الصهيوني الوحشي الذي لم يفرّق بين مدني ومقاتل، وارتكب جرائم إبادة مروّعة بحق الأطفال والنساء. هذا التضامن شمل احتجاجات شعبية واسعة، بيانات شجب من منظمات حقوقية، وتحركات قانونية دولية متزايدة. وسط هذا المشهد، يبرز الموقف اليمني كأحد أكثر المواقف دعمًا ووضوحًا في الانتصار للقضية الفلسطينية، متجاوزًا ما قدمته العديد من الدول والشعوب الأخرى.

الجرائم الصهيونية ضد الأطفال والنساء في غزة
منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023، وثّقت تقارير حقوقية أعدادًا صادمة للضحايا المدنيين في قطاع غزة، حيث أفاد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن أكثر من 14,000 طفل وامرأة استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي هذه الإحصائية مسجلة حتى أبريل 2024 فقط .
كما أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام إسرائيل لأسلحة متفجرة ثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان، ما أدى إلى تدمير عشرات المدارس والمستشفيات، ووصفت هذه الممارسات بأنها “جرائم حرب”
في تقرير آخر نشرته منظمة أنقذوا الأطفال (Save the Children)، تم توثيق معاناة أكثر من 1.1 مليون طفل في غزة من آثار الصدمة النفسية، والجوع، والتشريد القسري.

التضامن العالمي: بين الغضب الشعبي والتخاذل الرسمي
شهدت العواصم العالمية مظاهرات ضخمة رفضًا للعدوان على غزة. ففي لندن وحدها، خرجت مظاهرات عدة تجاوز عدد المشاركين فيها مئات الآلاف ، وفي الولايات المتحدة، وثّقت شبكة CNN خروج احتجاجات طلابية داخل أكثر من 60 جامعة أمريكية ضد دعم واشنطن لكيان الاحتلال الصهيون ، ورفعت شعارات تطالب بوقف تمويل الحرب وفرض العقوبات على الاحتلال ، وتوالت الاحتجاجات والتنديدات الغاضبة ضد كيان العدو ودعماً لغزة في عدد من الدول الغربية ..
وفي المقابل، جاءت مواقف العديد من الحكومات الغربية والعربية ضعيفة، واكتفت بعضها بدعوات عامة إلى “التهدئة” دون أي خطوات ملموسة، وسط استمرار شحنات السلاح المرسلة للعدو الإسرائيلي من الولايات المتحدة وألمانيا.

الموقف اليمني: صوت مقاوم لا يُشترى 
في مشهد يختلف عن الغالبية، برز اليمن كأكثر الدول العربية وضوحًا في دعم فلسطين، لا سيما من العاصمة صنعاء التي تشهد مليونيات شعبية ضخمة أسبوعيًا منذ بداية العدوان.

 تميز الموقف اليمني:
توثق وسائل الإعلام المحلية والدولية الصورة الأسبوعية للدعم الشعبي العارم بخروج الملايين في صنعاء وكل المحافظات يرفعون شعارات التحدي للعدو الصهيوني ، متوجاً بموقف القيادة السياسية الحازم الذي عبر عنه  رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط  في خطابه التاريخي في العام ’’2024’’ الثاني والعشرون من فبراير بقوله : أن “فلسطين هي قضية الأمة المركزية، والرد قادم في الوقت المناسب”،لتعلن بعده القوات المسلحة اليمنية تنفيذ ضربات بحرية بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية على سفن إسرائيلية وأمريكية في البحر الأحمر، دعمًا لغزة  وهو موقف يؤكد الربط بين المعركة في اليمن وغزة ، وهو موقف أكده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في خطابه التاريخي في السابع عشر من مارس 2024م بقوله : أن المعركة ضد التحالف السعودي-الأمريكي هي امتداد للصراع ضد الهيمنة الصهيونية. 

خاتمة
كشف العدوان الصهيوني على غزة نفاق الأنظمة العالمية التي تتشدق بحقوق الإنسان، وأظهر في المقابل مواقف مشرفة لشعوب حرة، وعلى رأسها الشعب اليمني. لقد أثبت اليمن، رغم ظروفه الصعبة، أن الانحياز للحق لا يحتاج إلى إمكانيات بل إلى إرادة وكرامة.
وبينما تسكت أنظمة كبرى أمام جرائم إبادة جماعية موثقة، يخرج صوت اليمن عاليًا: “لن تكون فلسطين وحدها أبدًا”.

مقالات مشابهة

  • نادي الأسير يحذّر من تصعيد الاحتلال لسياسة الاعتقال الإداري
  • عائلات أسرى الاحتلال بغزة: نطالب ترامب بمنع نتنياهو من تعطيل الاتفاق
  • تصاعد معارضة الحرب في صفوف الجيش الصهيوني لجريمة الإبادة في غزة
  • جرائم الاحتلال متواصلة.. ارتفاع عدد شهداء قطاع غزة إلى 54,381
  • قناة عبرية: واشنطن وعدت عائلات أسرى بطلب معلومات من حماس عن ذويهم
  • هآرتس: تكتيك تغيير أماكن الأسرى يربك الجيش.. قتل 20 منهم على الأقل
  • تحقيق لهآرتس: إسرائيل قتلت 20 من أسراها في غزة
  • تصاعد التضامن ’’العالمي’’ مع غزة تنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية بحق الأطفال والنساء .. اليمن نموذجًا للموقف المشرّف
  • 6 اختلافات جوهرية بين مقترحي ويتكوف.. صفقتا تبادل أسرى في أسبوع
  • ناميبيا تخلّد ذكرى الإبادة الجماعية وسط تصاعد الدعوات للتعويض