بقلم : د. سمير عبيد ..

أولا:-القضية لا تتعلق بالرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنه صارم او طمّاع او لا يُجامل في قراراته. فترامب ليس بلطجياً أو مجرماً خارج القانون. والذي ينظر للأمور بهكذا قناعة فهو لا يفقه شيء بادارة العالم .وكذلك لا يفقه شيء بتركيبة وتشابك المؤسسات في أمريكا والتي رغم تعقيدها واهميتها فهناك كونترول صارم تمثله بوصلة العالم التي تتحكم بالنظام العالمي والذي تمثلهُ الحكومة السرية العالمية التي يحترمها الجميع .

ولولاها لأصبح العالم في فوضى وغابة . بمعنى آخر لا يوجد شيء وحدث قد حصل ويحصل الآن وسيحصل مستقبلا في منطقتنا اعتباطاً أبدا .وعندما تبحث عن أصله تجده مقرر منذ سنوات او عقود للدولة سين وللنظام صاد في منطقتنا ” منطقة الشرق الأوسط” .لذا فالرئيس الاميركي ترامب هو موظف أكبر في امريكا ولديه مساحة يتحرك خلالها ولا يتمكن الخروج خارج تلك المساحة .ولكن أمريكا ليست شركة خاصة او مزرعة خاصة للرئيس الاميركي ترامب او للرؤساء الاميركان السابقين بل هناك كونترول عليه وعلى سياساته !
ثانيا : كل ما هنالك حصل جنون فعلي خلال فترة الرئيس الاميركي جو بايدن كونه صهيونياً ” ولقد اعترف بذلك بلسانه” وهذا يعني ان بايدن موظف لدى الحركة الصهيونية العالمية التي تتعرض إلى قرار التراجع والأفول في النظام العالمي الجديد ( فالحركة الصهيونية لن تبقى بنفس نفوذها وقوتها خلال العالم الجديد) والذي هو آخذ بالتبلور والذي شاهدنا ملامحه في منطقتنا وغيرها . اي ان هناك قرار من النظام العالمي ان لا يكون هناك تأثيرا وسلطة للحركة الصهيونية في العالم الجديد والقادم . من هنا جنَّ جنون الحركة الصهيونية وتحول بايدن إلى الشرطي المطيع لها. بل اصبحت اسرائيل ورئيس حكومتها بنيامبن نتنياهو ( هتلر هذا الزمان) لانه قام بالإبادة بمعناها الحرفي للأطفال والنساء والرجال والبناء والمؤسسات والماء والغذاء في قطاع غزة. بل صار نتنياهو الحاكم بأمره في العالم وورائه الحركة الصهيونية العالمية التي حركت شبه حرب عالمية ضد روسيا وضد الفلسطينيين في غزة ولم يسلم من توحشها لبنان وسوريا ولازالت مستمرة في توحشها . ولكن كل هذا مرحلي بأمر النظام العالمي الذي يشرف على رسم المنطقة من جديد !
ثالثا: فإسرائيل ونتنياهو يبشرون بمشروع الشرق الأوسط الجديد اي ” إسرائيل الكبرى ” ويطرحون شعار من النيل إلى الفرات ولكن ليس بالضرورة الفرات الذي في العراق .بل المرجح جدا هو اعالي الفرات في سوريا اي الذي تتواجد قربه الحركة الكردية ( قسد) والتي على علاقة جيدة مع إسرائيل. وهذا يتطلب وصول إسرائيل لتكون شرطي المنطقة وليس أمامها إلى إيران التي لديها نفس الطموح لتكون هي شرطي الخليج والإقطاعي الكبير . وهذا سر الخصام بين طهران وتل أبيب . وللعلم ان الطرفين لا يريدان انهاء هذا الصراع لانه مفيد لإيران لكي يتوحد الشعب الايراني خلف النظام وتبقى القوميات الإيرانية الكبرى متحالفة ولا يمكن تفكيكها . ومفيد إلى اسرائيل لكي تحصل على الدعم المالي والعسكري من اميركا والغرب من جهة ومن الجهة الاخرى لكي تفرض نفسها على دول الخليج لتحتمي بها من ايران وعليها فتح خزائنها ومطاراتها وموانئها لدعم إسرائيل وتجسد هذا في الحرب الاسرائيلية الأخيرة في غزة !
رابعا:- النظام العالمي يرفض رفض قاطعا ان يكون( العراق )في السلة الاسرائيلية من جهة ، ويرفض رفضاً قاطعا ان يستمر العراق ضعيفا وذيلا لإيران وحايط أنصيص بالنسبة لدول الخليج من جهة اخرى. لقد تقرر انهاء هذا الوضع تماما . لان النظام العالمي قد قرر اختيار العراق عاصمته السياسية والاقتصادية في ظل العالم الجديد ومحرم على روسيا وايران والصين وتركيا التقرب منها ،وفي نفس الوقت منع أسرائيل ودول الخليج من العبث في العراق .ومن هنا تبنى النظام العالمي مشروع ( التغيير القادم في العراق ) وهو قادم بنسبة ٩٩٪؜ لانهاء الدور الإيراني وانهاء حكم حلفاء إيران وتركيا وغيرهم . ولن يبقي من الطبقة السياسية الحاكمة طرفا واحدا يكون له حصة بالنظام الذي سيتأسس في العراق وبأشراف المجتمع الدولي. فالكل سوف يترجل وينتظر المحاسبة والبريء يعود لبيته سالما .فهل توضحت الفكرة الآن ؟
خامسا: فكم تهربّت دول الخليج من الربيع الخليجي بحيث كلما اقترب منها رمته على دولة عربية لتشعل النيران فيها ومنذ الربيع في تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن والسودان وآخرها غزة ولبنان ومن ثم سوريا … الخ . ولكن في آخر المطاف سيضربها وبنسبة ٩٩،٩٩٪؜ وربما في عهد الرئيس ترامب الذي لمح اخيرا حول تغيير الجغرافية السياسية من منطقة الخليج عندما قال ( أن استخدام مواردنا لحماية الأنظمة الحاكمة في الخليج هو الذي أدى إلى تفاقم خسائرنا في كارثة الحرائق)وأردف قائلا ( نحن نقدم لهم خدمة مجانية منذ عقود كلفتنا الكثير وعليهم ان يدفعوا لنا ثمن حمايتهم وبأثر رجعي ولولا حمايتنا لهم لكانت اليوم كل مشيخات وإمارات ومملكات الخليج عبارة عن ولايات إيرانية تتحدث اللغة الفارسية .ولكانت مكة عاصمة للدولة الحوثية). ولم يكتف الرئيس الاميركي ترامب بما تقدم بل قال كلاما واضحا بعباراته ( وهل تطلب منا السعودية أن نتجاهل تطبيق قوانيننا في ما يخص قضية خاشقجي الحامل للإقامة الدائمة في بلادنا؟؟.
وهل تطلب منا الإمارات والسعودية والبحرين أن نتغاضى عن انخراطهم في حرب السودان التي دمرت بلد بأكمله؟؟وهل تطلب منا الكويت وقطر وعمان أن نتغافل عن عدم عقدهم صفقات أسلحة معنا منذ مدة طويلة؟؟.نقول لهم بكل وضوح ان الثمن غالي جدا وإدارتي ليست كالإدارات السابقة) وهذا مانقلته قبل يومين صحيفة دايلي نيوز!. وهذا يؤكد ماتطرقنا اليه بمقالات سابقة حول تغيير المشهد السياسي والجغرافي في دول الخليج وأكدنا ان موضوع تمييع دولة قطر مسألة وقت قصير !
سادساً:- نعم .. فهناك دول خليجية سوف تختفي، وأخرى سوف تكبر، وأخرى سوف تتقسم ..وكل ذلك حسب خارطة العالم الجديد .بحيث حتى دور هذه الدول بدعم تقسيم سوريا وبدعم تقسيم العراق لن ينفعها وينجيها من القادم . وان العراق لن يتقسم لأن الدور قادم لدول الخليج نفسها .و العراق سيبقى بلد واحد وليس فيه اي اقليم ( والأكراد لهم خصوصية خاصة في العراق الواحد الذي سيقوده نظام وطني قوي ومدعوم من المجتمع الدولي) ولن يسمح لأي دولة بالتدخل في شؤونه الداخلية. وكذلك سوف يمنع تدخل رجال الدين في شؤون ادارة العراق بالمطلق !
سمير عبيد
١٨ يناير ٢٠٢٥

سمير عبيد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الحرکة الصهیونیة النظام العالمی العالم الجدید دول الخلیج فی العراق

إقرأ أيضاً:

لماذا سيستمر الاضطراب العالمي الحالي؟

ترجمة: بدر الظفري

تشير الأحداث الجارية في العالم إلى تصاعد الفوضى في النظام الدولي؛ فمجموعة القوانين التي وُضعت قبل عقود لضمان السلام والتعايش والتنمية، باتت اليوم تُنتهك باستمرار، وبصورة فاضحة في كثير من الأحيان.

تُذكّرنا الحروب في أوكرانيا وغزة وساحات أخرى بهذه الحقيقة القاتمة يومًا بعد يوم، وهي أن أسس القانون الدولي آخذة في التآكل، وربما تتدهور أكثر في المستقبل القريب.

في الأيام الأخيرة، قامت إسرائيل بمصادرة قوارب تابعة لعدة دول في المياه الدولية كانت متجهة إلى غزة لإيصال المساعدات الإنسانية، كما مدّت سيادتها الفعلية إلى المياه المقابلة لشواطئ غزة، في خرقٍ واضح للقانون الدولي.

من حيث المبدأ، يتفق الجميع على أن قيام نظام دولي عادل ومستقر يتطلب تطبيق معايير موحدة. ويجب أن تُحاسَب الدول على أفعالها غير القانونية، وعلى انتهاكها للسلامة الإقليمية والسياسية للدول الأخرى، سواء عبر التدخل العسكري أو الإكراه الاقتصادي، (استخدام الضغوط الاقتصادية لتحقيق أهداف سياسية.)

لكننا اليوم نشهد تجاوزًا حتى لأقدس مبادئ العلاقات الدولية، وهي حرمة البعثات الدبلوماسية والقنصلية، وحقّ الدول في ممارسة دبلوماسيتها بأمان ضمن حدود قوانين الدولة المضيفة.

ففي حرب كوسوفو عام 1999، قصفت طائرات حلف شمال الأطلسي السفارة الصينية في بلغراد. ولم تصدّق بكين التبرير الرسمي القائل إن القصف كان «حادثًا». وفي العقد الثاني من الألفية، تبيّن أن سفارة الولايات المتحدة في برلين كانت تضم على سطحها أجهزة تجسس ضخمة استُخدمت لمراقبة مؤسسات الحكومة الألمانية، حتى هاتف المستشارة أنغيلا ميركل الشخصي. وفي العام الماضي، قصفت إسرائيل المقرّ الدبلوماسي الإيراني في دمشق وقتلت عدة أشخاص، ثم أعلنت صراحة مسؤوليتها عن هذا العمل غير القانوني، زاعمةً أن المبنى «منشأة عسكرية» وليس سفارة. مأزق السفارة الصينية

وفي عالم الدبلوماسية المعقد، تمثل السفارات رموزًا قوية لحضور الدول وأولوياتها، وتجسّد شبكة العلاقات الثنائية بين الأمم. واليوم، ثمة خلاف حاد في بريطانيا حول الموقع الجديد المقترح للسفارة الصينية في لندن.

تسعى بكين منذ سنوات إلى نقل سفارتها من موقعها الحالي في شارع بورتلاند إلى مجمعٍ أوسع وأكثر حداثة في موقع «أولد رويال منت كورت» التاريخي. ظاهريًا يبدو الأمر مجرد تطوير دبلوماسي روتيني، لكن المشروع واجه اعتراضات محلية ومخاوف أمنية أدت إلى جمودٍ تام في الإجراءات.

وترى الصين أن هذا التعطيل انتهاك للأعراف الدبلوماسية، مؤكدة أن من حقها كدولة ذات سيادة تأمين بعثاتها الدبلوماسية، وهو مبدأ نصّت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وتعدّ بكين الرفض البريطاني قرارًا سياسيًا تغذيه الشكوك الغربية تجاه صعودها العالمي، ويمسّ بسيادتها وكرامتها.

ويبدو أن في ذلك ازدواجية معايير صارخة، وهي ظاهرة باتت الدول الغربية الديمقراطية تُتقنها مؤخرًا، إذ إن مبنى السفارة الأمريكية الضخم على ضفة نهر التايمز لم يواجه أي عقبات مماثلة.

من المرجّح أن واشنطن مارست ضغوطًا على لندن لمراجعة موقع السفارة الصينية، إلا أنه سيكون غريبًا أن تخضع حكومة كير ستارمر لذلك، وهي التي أبدت جرأة في الآونة الأخيرة حين خالفت الموقف الأمريكي باعترافها بدولة فلسطين.

ورغم خصوصية هذه القضية، فإنها تثير سؤالًا أوسع، وهي أنه في القرن الحادي والعشرين، يجب احترام مبدأ السيادة الوطنية بالتساوي بين جميع الدول، فلا يجوز أن يكون مفهومًا مرنًا يُطبّق وفق مصالح الديمقراطيات الغربية فقط.

تقويض النظام الدولي

لطالما قدّمت الولايات المتحدة نفسها دولة حامية للنظام العالمي القائم على القوانين العادلة، وهو نظام يستند إلى مبدأ السيادة الذي أقرّته معاهدة وستفاليا في القرن السابع عشر، إلا أن ممارساتها المتكررة أثبتت أنها من أكثر الدول انتهاكًا لذلك المبدأ.

فمن حرب كوسوفو عام 1999 إلى غزو العراق عام 2003 الذي بُرّر بادعاءات باطلة حول «أسلحة الدمار الشامل»، نرى سجلًا حافلًا من التجاوزات. وقد جرى الغزو دون تفويض واضح من مجلس الأمن، ما اعتُبر انتهاكًا صريحًا لسيادة العراق.

كما أن برامج الطائرات الأمريكية من دون طيار في باكستان واليمن والصومال وغيرها، والتي نفّذت «اغتيالات محددة» خارج أراضيها ومن دون إعلان حرب، تمثّل تحديًا صارخًا لمبدأ السيادة. فبينما تزعم واشنطن أن تلك العمليات دفاعٌ مشروع عن النفس ضد الإرهاب، ترى الدول المستهدفة أنها خرقٌ لسلامتها الإقليمية.

يضاف إلى ذلك القوانين الأمريكية العابرة للحدود، مثل العقوبات المفروضة على الشركات التي تتعامل مع إيران أو كوبا، إذ تُجبر الكيانات الأجنبية على الالتزام بالسياسة الأمريكية تحت طائلة الطرد من النظام المالي الأمريكي، وهو ما يعدّه كثيرون تغوّلًا سياسيًا واقتصاديًا أمريكيًا.

المفارقة إذن واضحة، فعندما تنتهك الولايات المتحدة سيادة الدول الأخرى، تُبرّر أفعالها باسم «الأمن العالمي» أو «حقوق الإنسان» أو «الحفاظ على النظام الدولي». أما عندما تسعى الصين إلى ممارسة حقوقها الدبلوماسية، فتُواجَه بمعايير مختلفة ولجان تخطيط ومخاوف «أمنية».

إن الخلاف حول السفارة الصينية في لندن يختزل خللًا أعمق في النظام الدولي المعاصر، حيث لم يعد مبدأ السيادة قانونًا ثابتًا، بل أداة دبلوماسية تُستخدم بمرونة تبعًا لقوة الدولة وموقعها الجيوسياسي.

لكن السيادة لا يمكن أن تكون طريقًا باتجاهٍ واحد. فإلى أن تتفق القوى الكبرى على تطبيق هذا المبدأ الأساسي بالتساوي على نفسها كما على خصومها، ستظل أسس القانون الدولي والاحترام المتبادل هشة، وسيسود الشك وعدم الاستقرار لسنوات قادمة. إن الفوضى العالمية الراهنة لن تتوقف، بل ربما تتفاقم.

ماركو كارنيلوس دبلوماسي إيطالي سابق

الترجمة عن ميدل إيست آي

مقالات مشابهة

  • موعد مباراة العراق والإمارات ونظام الملحق العالمي المؤهل لمونديال 2026
  • الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم 2026.. خطوة بخطوة
  • ائتلاف المالكي:مشاركة السوداني في اجتماع شرم الشيخ أساءت للعراق
  • وكالة دولية:التصنيف الائتماني للعراق ما زال في فئة المخاطر المرتفعة
  • لماذا سيستمر الاضطراب العالمي الحالي؟
  • التشكيل المتوقع لمواجهة السعودية والعراق.. من يمثل الخليج بالمونديال؟
  • الأردن يعزز صادراته للعراق.. نمو بـ 12٪ خلال 7 أشهر
  • نائب إطاري: لا سيادة مالية للعراق
  • مهازل لا تصدق من الإطار التنسيقي : كل عراقي المفروض يأخذ تحية للجمهورية الايرانية الاسلامية
  • ما الذي سيدمّر أميركا في صراع النظام العالمي الجديد؟