قتل وجثامين متحلله.. السودان على صفيح ساخن والرصاص سيد الموقف
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
تعيش السودان حالة متدنيه على المستوى الإنساني، فطلقات الرصاص تفرق بين الأخ وأخيه، فأحدهما ميت والآخر يموت، تنزف الدماء ويتناقص الغذاء وتشح الأدوية وكل على أمره مغلوب، شعوب مقهورة منذ سنين، تترنح بين الاغتصاب والحرق والسلب والنهب والضياع والقتل والتشريد، انتهاكات ترافقهم منذ الولادة إلى الكبر، وصوت الإنسانية غير مسموع.
واقع مؤلم يعيشه السودانيين
وفي السياق ذاته، تحولت الأحياء في السودان إلى مناطق شد وجذب بين طرفي الصراع، والتي تعد من أعنف عمليات القصف الجوي والبري، مما نتج عنه فرار الأهالي خوفًا الرصاص، مما يعكس أن الخرطوم ستصبح مدينة خالية من السكان تمامًا وستكون ساحة قتال حقيقية.
واتسعت رقعة المناطق الخطرة بشكل كبير، لا سيما بعد دخول المعارك شهرها الخامس دون انتفاضة حقيقية توقف الحرب، فمن ناحية القتلى والأخرى الجرحى، ولا صوت يعلو على صوت الرصاص بعد ذلك.
ترتفع وتيرة النزوح من أحياء أم درمان وبقية مناطق العاصمة، في واقع صعب ومؤلم يدفع ثمنه مواطنون يريدون العيش بسلام وجيش السودان الذي يكافح ببسالة لإنقاذ أراضيه من أي عدوان.
ويروى أحد سكان الأحياء الشمالية حجم المعاناة التي عاشها المواطنين قائلًا: الناس فقدت القدرة على الصمود، وما زاده هو الضغوط الأمنية والصحية والمعيشية، وليس أمامنا خيار آخر سوى النزوح عن بلادنا فلم يعد هناك أحمد آمن في العاصمة.
وأجبر القتال العنيف والقصف الجوي المستمر ملايين الأشخاص أي يعادلون 70 بالمئة أو أكثر على الفرار وترك منازله، الأمر الذي حول أحياء العاصمة إلى مدن أشباح من كثرة هجرها سكانها، والذين بقوا في بيوتهم تعرضوا لمآس إنسانية غير مسبوقة، فالبعض مان والآخر تحت الأنقاض، والآخر لم يدفن بعد.
وعلى الصعيد الآخر، يعاني العالقون في مناطق القتال، خاصة أحياء أم درمان القديمة وشرق الخرطوم من نقص كبير في المواد الغذائية، بسبب إغلاق الأسواق، إضافة إلى تدهور وضع المستشفيات بسبب تزايد عدد الضحايا المدنيين.
ويخشى أصحاب الأمراض المزمنة أن يداهم الموت أجسادهم بسبب نقص الأدوية، كأدوية السكر والضغط وجرعات السرطان وغسيل الكلى، في الوقت الذي يواجه القطاع الصحي صعوبات جامة بسبب خروج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة، إلى جانب النقص الكبير في المعونات الطبية والأدوية المنقذة للحياة والانقطاع المستمر من التيار الكهربائي.
وعلى إثر ذلك تحللت جثامين المتوفيين المحفوظة في ثلاجات مشارح المستشفيات الرئيسية والتي يقدر عددها بأكثر من 3 آلاف جثمان، إلى جانب ارتفاع معدلات الوفيات بسبب نقص التيار الكهربي.
جرائم ضد الإنسانية
وشهدت مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مثلما حدث في معظم المدن الكبرى في دارفور والعاصمة الخرطوم، غير أن أحداث العنف في الجنينة اتخذت طابعا همجيًا، وشهدت قتلا على الهوية كما أكدت الأمم المتحدة التي يقول مبعوثها إلى السودان، فولكر بيرتس، إنه تلقى تقارير موثوقة تشير إلى أن القبائل العربية وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو قد ارتكبت انتهاكات خطيرة تشمل القتل على الهوية والعنف الجنسي، قائلا إن هذه الأفعال ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام لقوات الدعم السريع بالضلوع في ارتكاب جرائم الاغتصاب. فقد اتهمت تلك القوات بارتكاب هذه الجرائم خلال مشاركتها في الحرب في إقليم دارفور في عهد الرئيس المعزول عمر البشير. كما لاحقت الاتهامات عناصر من هذه القوة بالقيام باغتصاب فتيات خلال فض اعتصام المحتجين أمام قيادة الجيش عام 2019، سلطة سياسية ينطلقون منها لهتك الأعراض.
التعليم في خبر كان
وذكرت رنا عبد الغفار المحامية والناشطة الحقوقية أن القصف العشوائي هو الذي أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني، وأن الاستجابة للأوضاع الأنسانية غائبة عن الساحة.
دمار هائل تترك الحرب أثره على وجوه البشر، وتزداد المخاوف من انهيار النظام الصحي في الخرطوم في ظل تفشي الأمراض تزامنا مع نقص الأدوية، حيث فقد 80 بالمئة من السكان مصدر دخلهم حيث توقفت معظم الانشطة التجارية وتعرضت 300 مؤسسة انتاجية وصناعية للدمار الكامل.
واقع مؤسف وتعليم على المحك، فهناك ملايين الطلاب خارج مقاعد الدراسة والعديد من الجامعات والمدارس والمراكز البحثية تعرضت لدمار كلي أو جزئي.
سيناريو الحرب الشاملة
وفي سياق متصل، اتسعت رقعة القتال الذي يشهده السودان، فبالإضافة إلى الخرطوم وما حولها من ولايات دارفور الخمس، دخلت مناطق جديدة في كردفان والنيل الأزرق والجزيرة دائرة المعارك خلال اليومين الماضيين، مما أثار مخاوف من سيناريو الحرب الشاملة التي من شأنها أن تدمر العالم.
وخلفت هذه الحرب المستمرة أكثر من 4 آلاف قتيل، وتشريد 4 ملايين، منهم ما يقرب من 700 ألف عبروا الحدود إلى دول مجاورة، وأوقعت الحرب خسائر اقتصادية باهظة قدرت بأكثر من 50 مليار دولار، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة.
وتعرض إقليم كردفان إلى دمار كبير، فمنذ اندلاع الصراع ظلت مدينة الأبيض أكبر مدن الإقليم تشهد معارك عنيفة، إضافة إلى أنها تشهد كرًا وفرًا بين طرفي الصراع.
ومع تردي الأوضاع الأمنية في شمال الإقليم، أعلنت السلطات حظر التجوال الليلي في النهود، إحدى أكبر مدن كردفان، أما في غرب الإقليم فقد استمر القصف المدفعي من قبل الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، على مدينة كادقلي، مما إحداث موجة هلع ونزوح وسط المواطنين.
وتزداد الأوضاع الأمنية في الإقليم سوءا مع استمرار الاقتتال وعمليات الاغتصاب والسلب والنهب والحرق، التي طالت أكثر من 50 منطقة سكنية.
وتهدف استراتيجية توسع القتال في مختلف البلاد، إلى تخفيف الضغط على قواتها في الخرطوم، وإشغال قوات الجيش من خلال فتح جبهات جديدة للقتال، ولكن ذلك ربما محاولة لشد أطراف أخرى إلى الحرب. وأن محاولة فتح جبهات جديدة للقتال من قبل قوات الدعم السريع، سيكلفها ثمن باهظ للغاية ويهدد قواتها في الخرطوم، حسب أمين مجذوب الخبير الاستراتيجي العسكري لسكاي نيوز عربية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: إغتصاب السلطات الخرطوم رصاص انتهاكات المواطنين كهرباء الممتلكات العامة والخاصة صفيح ساخن الجامعات والمدارس الدعم السریع أکثر من
إقرأ أيضاً:
أغلبية ساحقة تنقذ ترامب من العزل بسبب إيران.. ما الذي حدث في الكونغرس؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (وكالات)
في تطور سياسي مفاجئ، فشل تحرك لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تصويت مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة ضد اتهامه بـ"إساءة استخدام السلطة"، على خلفية شن ضربات عسكرية ضد إيران دون الرجوع إلى الكونغرس. الخطوة التي كان من شأنها أن تفتح فصلاً جديداً من الصراع بين الإدارة التنفيذية والتشريعية، انتهت بسقوط المبادرة وبقاء ترامب في مأمن من الإقالة.
التحرك جاء بمبادرة فردية من النائب الديمقراطي آل غرين (عن ولاية تكساس)، الذي اتهم ترامب بتجاوز صلاحياته الدستورية، واتخاذ قرار خطير بالحرب دون موافقة الكونغرس، في إشارة مباشرة إلى الضربات المكثفة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في الأسابيع الماضية. وقال غرين خلال مداخلته أمام المجلس: "لا ينبغي أن يكون لرئيس واحد فقط، أيًا كان، السلطة لإدخال 300 مليون أميركي في حرب دون استشارة ممثليهم المنتخبين".
اقرأ أيضاً ترامب يهدد بضرب النووي الإيراني من جديد.. في هذه الحالة 25 يونيو، 2025 البيت الأبيض يتحدى الشكوك ويحسم الجدل حول مصير المنشآت النووية الإيرانية 25 يونيو، 2025ورغم ما أحدثته المبادرة من ضجة في الإعلام والدوائر السياسية، إلا أن نتائج التصويت كانت قاطعة:
344 نائبًا صوتوا ضد العزل، مقابل 79 فقط أيدوا القرار.
اللافت أن الانقسام لم يكن فقط بين الحزبين، بل شق صفوف الديمقراطيين أنفسهم، إذ انضم عدد كبير منهم إلى الجمهوريين في التصويت لصالح تأجيل أو إسقاط القرار، ما شكل ضربة سياسية لمبادر غرين والتيارات المناهضة لترامب داخل الحزب.
وبحسب مراقبين، فإن هذا التصويت لا يعكس فقط موقفًا من الضربات ضد إيران، بل يعكس أيضًا حجم التعقيد السياسي داخل الكونغرس في التعاطي مع الملفات الخارجية التي تمس الأمن القومي، وخاصة في ظل إدارة توصف بأنها تتخذ قراراتها العسكرية بصورة حاسمة وسريعة.
ترامب لم يعلّق مباشرة على التصويت، لكنه ألمح في وقت سابق إلى أن خصومه "يستخدمون كل ورقة سياسية ممكنة لإضعاف القيادة الأميركية في لحظة حاسمة".
البيت الأبيض من جهته أصدر بيانًا مقتضبًا اعتبر فيه التصويت "تأكيدًا على شرعية القرار العسكري الذي اتخذته الإدارة في مواجهة التهديد النووي الإيراني".
وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من الجدل الداخلي والدولي حول شرعية الضربات الأميركية ضد طهران، والتي يرى معارضو ترامب أنها نُفذت دون غطاء قانوني من الكونغرس، فيما يقول المدافعون إن "الرئيس تصرف ضمن صلاحياته لحماية الأمن القومي".
من جهة أخرى، يرى محللون أن فشل تمرير مشروع العزل لا يعني نهاية المعركة، بل هو مؤشر على حجم الانقسام السياسي داخل واشنطن، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التي قد تعيد خلط أوراق السلطة في البيت الأبيض والكونغرس معًا.