الواقع المعيشي والحضاري يصنع من الشعوب ترسانة لا تنهار أمام أساليب النفوذ الخارجي
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
بعد وقف الحرب ضد إيران.. فشلت أمريكا في التشكيك بقدرات إيران العسكرية وإقناع الإيرانيين بأن المقاومة لن تحقق أي إنجاز لهم لصد ضربات إسرائيل.. ففي حين تشهد الساحة الإقليمية في السنوات الأخيرة تحولات ملحوظة، خاصةً بعد توجيه سياسات أمريكية هدفها التأثير على واقع إيران العسكري والثقافي، وفي الفترة التي أعقبت وقف التصعيد الظاهري، حاولت الولايات المتحدة باستخدام الحملات الإعلامية والدبلوماسية الموجهة التشكيك بقدرات إيران العسكرية، والسير في مسار إقناع الشعب الإيراني بأن جبهة المقاومة لن تكون قادرة على صد ضربات إسرائيل الاستفزازية.
على مدى عقود طويلة، اعتادت السياسة الأمريكية على استخدام أساليب النفوذ والدعاية للوصول إلى تحقيق أهدافها في قلب الفكر والمعتقد الشعبي للمجتمعات التي تعتبرها «خصوماً لها».. وفي هذه التجربة، اعتبرت القيادة الأمريكية بأن انخفاض كفاءة القدرات العسكرية الإيرانية سيجعل من المقاومة حركة غير مجدية، تستنزف جهودها دون تحقيق نتائج ملموسة ضد ضربات إسرائيل التي طالما استهدفت مصالح الشعوب في المنطقة.. إلا أن هذا التصوير الأحادي الجانب لم يجد صداه بين الإيرانيين، الذين لهم بصمات طويلة على مسار نضالهم الوطني عبر مواطن المقاومة القوية، المستندة إلى تجارب مريرة في مواجهة التدخلات الخارجية.
من ناحية أخرى، عملت السلطات الإيرانية على إعادة صياغة الخطاب الوطني وربط الهوية الوطنية بضرورة الدفاع عن الوطن ضد العدوان الأجنبي.. استعانت الحكومة بوسائل الإعلام المحلية والقنوات الثقافية لإبراز الانتصارات العسكرية والدبلوماسية التي حققتها المقاومة في وجه ضربات إسرائيل المتكررة.. كانت الرسالة واضحة، إذ أُعلن أن لكل خطوة تعاونية وتعاضدية شعبية وقعها، انعكست إيجاباً على القدرة القتالية والتصدي للتهديدات الخارجية.
وفي هذا السياق، استُخدمت صور البطولة والتضحية الشخصية في سرد قصص الأبطال الذين وقفوا في وجه محاولات التقويض الأمريكية، لتأكيد أن القوة الحقيقية لا تُقاس بتوكيدات أو تحذيرات إعلامية، بل القوة تقاس بمدى تماسك المجتمع وارتباطه بالله سبحانه وتعالى.
إن الإخفاق الأمريكي في تغيير العقلية الإيرانية لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة تقدير خاطئ لطبيعة المقاومة التي يقوم عليها نسيج المجتمع الإيراني.. فطالما آمن الإيرانيون بأن التحديات الخارجية تستدعي الارتباط أكثر بالله سبحانه وتعالى والاستجابة الحاسمة والمتماسكة من كافة فئات المجتمع، مع الاتكال على الخبرات العسكرية الطويلة والقيم الثورية التي ورثوها من تاريخهم المضطرب مع القوى الاستعمارية.. هذه القيم، التي ترتكز على مفاهيم العقيدة والشجاعة والوحدة الوطنية والكرامة، حوَّلت الآلية الأمريكية للدعاية لمحاولة تهميش القوى الإيرانية إلى تجربة فاشلة، إذ ازدادت حدة الخطاب الوطني الإيراني في مواجهة مضامين التحطيم النفسي دون أن تتزعزع جذور الهوية الوطنية الراسخة.
كما أن الفشل الأمريكي لم يقتصر على التشكيك في القدرات العسكرية وحدها، بل تجلى أيضاً في عدم القدرة على كسر إرادة الإيرانيين في متابعة مسار المقاومة العسكرية والدبلوماسية الهادفة إلى حماية مصالح وطنهم في مواجهة ضربات تهدف إلى تغيير موازين القوى الإقليمية، فقد أصبحت المقاومة الوطنية في الداخل الإيراني رمزاً للوحدة في مواجهة العدو الأمريكي والإسرائيلي، ومثالاً حيّاً على أن الشعوب التي تحفظ عقيدتها وتاريخها وتراثها البطولي لن تنحني لضغوط خارجية مهما بلغت حدتها.. وفي هذا السياق، تجلى أن القوة الحقيقية لا تُستمد من الأسلحة وحدها، بل من الارتباط بالله سبحانه وتعالى والعزيمة الشعبية والإرث التاريخي الذي يصب كل جهد في صياغة مستقبل مستقل قائم على أسس العدالة والكرامة.
وفي خضم هذه التجاذبات بين الاستراتيجيات الأمريكية المبنية على الدعاية والتأثير، أثبتت القيادة الإيرانية أن المقاومة ليست مجرد شعارات، بل هي حقيقة ملموسة واستجابة عميقة للظروف الإقليمية المتغيرة.. لقد أسهمت هذه الاستجابة في صد ضربات إسرائيل، وتحوّلت إلى درس تاريخي يعكس أن الجهود المبذولة لتفتيت الوحدة الوطنية لا يمكنها إلا أن تُواجه بموجة مضاعفة من التضامن والتصدي.. وهكذا، فإن فشل أمريكا في التشكيك بقدرات إيران العسكرية يُثبِت أن القوة لا تُقاس بالتهديدات الإعلامية، بل بالواقع المعيشي والحضاري الذي يصنع من الشعوب ترسانة لا تنهار أمام أي تكتيك من أساليب النفوذ الخارجي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رئيس الوطنية للانتخابات يشكر عضو قضايا الدولة التي أصيبت بجرح في القرنية خلال عملها بانتخابات مجلس الشيوخ
توجه القاضي حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، ونائب رئيس محكمة النقض اليوم الثلاثاء، خلال اعلان النتيجة الرسمية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ 2025، بالشكر للمستشارة ميادة السعيد السيد قريش من هيئة قضايا الدولة والمشرفة على لجنة 340 قسم ثاني المحلة الكبرى والتي أصيبت بجرح في عينيها ما أحدث جرح في القرنية أثناء عملها لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ والتي أدلى فيها ما يقرب من 11 مليونا و650 ألف ناخب بأصواتهم، بنسبة مشاركة بلغت 17.1%.
أعلن أن عدد المواطنين المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين، والتي وصلت نحو 69 مليونا و333 ألفا و138 ناخبًا.
أكد المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات أن عدد الذين الأصوات الصحيحة التي قامت بالتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 11 مليون و321 ألف و70 صوتا من إجمالي الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم وعددهم 11 مليون و837 ألف ناخب في انتخابات مجلس الشيوخ خلال حديثة بمؤتمر الهية الوطنية لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.
وقال القاضي أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، إن إعلان نتائج انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025، تأتي في لحظة وطنية بالغة الأهمية، والتي تمت وسط أجواء من الانضباط والشفافية، وفي مناخ آمن مكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري بكل حرية ومسؤولية.
وأكد على أن ما تحقق في الانتخابات هو نتاج عمل مؤسسي منظم، وخبرة تراكمية اكتسبتها الهيئة الوطنية للانتخابات في إدارة الاستحقاقات الدستورية، وفق أعلى درجات الشفافية والحيادية، والانضباط القانوني ومواكبة التطور التقني، حتى أصبحت الهيئة نموذجا يُحتذى به في التنظيم المحكم، الإدارة الرشيدة، حسن الإشراف.
وأوضح القاضي أحمد بنداري، أن أهمية هذا الإنجاز تزداد إذا وضعناه في سياقه الإقليمي، إذ جرت هذه العملية الديمقراطية في منطقة تفتقر في كثير من أجزائها إلى الاستقرار والأمن، وهو ما يعزز من رصيد الدولة المصرية، ويؤكد قدرتها على ترسيخ مؤسساتها الوطنية ويثبت احترامها لحقوق مواطنيها، والتزامها بمسارها الدستوري أمام ذاتها وأمام شعبها، بل وأمام العالم أيضاً، مشيرا إلى ان ما نشهده اليوم ليس مجرد ختام لعملية انتخابية، بل هو تتويج لمسيرة عمل وطني جاد، شاركت فيه مؤسسات الدولة، واحتضنه وجدان هذا الشعب العظيم، إيمانًا بأهمية ترسيخ دعائم الديمقراطية، وتعزيزاً لمسار المشاركة السياسية، وترجمة حقيقية لإرادة الناخبين.
ووجه مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات الشكر لكل من القوات المسلحة المصرية الممثلة فى وزارة الدفاع، على ما قدمته من دعم لوجستي وأمني رفيع المستوى، كما ثمن الجهود الكبيرة التي قامت بها وزارة الداخلية بمسؤولياتها في تأمين اللجان والمقار الانتخابية بكل كفاءة واقتدار، وأيضاً وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج لما قدموه من جهد وعمل يليق بمصر والمصريين.