لجريدة عمان:
2025-06-17@07:55:19 GMT

«الإسراء والمعراج» .. واحتفالية الصراع

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

تأتي مناسبة «الإسراء والمعراج» كئيبة، حزينة، تعيد إلينا ذكرى مقدسة، فـي أرض مقدسة، فـي ليلة مباركة، ولكن كل ذلك بات مجرد احتفالية وعظية، تحاول التذكير برحلة كونية سماوية، عرج الرسول الأكرم فـيها إلى السماوات العلى، بينما فـي الجانب الآخر من الرحلة قدس مصلوبة، ومدينة مهوّدة، وبلاد أسيرة، تتكالب عليها الدول من كل حدب وصوب، تحاول أن تنهش لحمها، وتسفك دمها، وتهدر مقدراتها، ومقدساتها، وتمحو كل ماضيها، وتاريخها، وإرثها الديني، والحضاري.

لم تكن «الإسراء والمعراج» مجرد حادثة عابرة، ولم يكن اختيار المكان عبثيا، بل كان إشارة إلى بؤرة صراع تاريخي، وديني ممتد، وغير مستقر، فبعد الآية التي يبدأ بها الله سبحانه وتعالى فـي سورة «الإسراء»: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ..»، يأتي ذكر النبي موسى، ثم يأتي التصريح والتحذير المباشر لليهود «وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً»، وبذلك يشير القرآن الكريم إلى صراع أبدي بين المسلمين واليهود، فاليهود الذين يعتبرون القدس قدسهم، والأرض أرضهم، أتوا من مهاجر شتى، وتركوا وراءهم ديارهم الأصلية، لكي يستولوا على ديار ليست لهم، ويغتصبون أراضٍ لا تمت لهم بصلة، ويتحدثون لغة غريبة لا تنتمي لأي لغة حولهم، جاؤوا ليقاتلوا فـي أرض غير أرضهم، يبيدون شعبا عربيا ضاربا بجذوره فـي ترابٍ تخضب بدمائهم، وشهد على انتمائهم لأرضهم على مر العصور، ولكن المستعمر الأجنبي أبى إلا أن يترك بصمته على أرض احتلها، وورّثها لشعب مشرد فـي الآفاق، لا أرض له، ولا مستقبل.

ورغم مرور عقود على وعد بلفور فـي عام 1917م، ومحاور الغدر، ومؤامرات الشر، إلا أن العرب كانوا جزءا من هذه الأحداث، ولكنهم كانوا مشغولين بمصالحهم الشخصية، أكثر من انشغالهم بما يبيّت لهم من مكائد، وكان بإمكانهم رغم ذلك تغيير الواقع الذي فرضه الاستعمار، لو كانت لديهم -آنذاك- إرادة حقيقية، ورغبة صادقة، وقليل من التنظيم، ومع ذلك دخل العرب حروبا فوضوية، غير منظمة، ضد المستعمر الصهيوني الجديد، إلا أنها كلها باءت بالفشل، وفـي المعركة الوحيدة التي كسبها العرب، لم تكن المفاوضات حول فلسطين والقدس، ولكن كانت حول أراضٍ عربية استولت عليها الدولة اللقيطة، وبذلك ظلت القضية الجوهرية بعيدا عن أي إنجاز حربي، وسلمي.

والآن... وبعد أكثر من سبعين عاما لا يزال المسجد الأقصى، مسرى الرسول، ومعراجه إلى السماء، فـي قبضة عصابة تتحكم فـي مصير العرب، وتبتز مشاعر المسلمين فـي كل مكان، وتفتح أبواب الصلاة لسكانه الأصليين متى شاءت، وتغلقه متى شاءت، ولم تفلح الاحتفالات السنوية التي يقيمها المسلمون بمناسبة الإسراء والمعراج فـي زحزحة صخرة الكابوس الجاثم على صدر القدس، ولم تتمكن المهرجانات الكلامية من تفعيل الفعل اللازم لتخليص أقدس المقدسات من يد اليهود الغاصبين، ولم تستطع الخطب الرنانة من تحريك الراكد، ويبقى الوضع كما هو عليه من أكثر من سبعين عاما دون حراك، بل والأدهى من ذلك أن بعض الدول الإسلامية رأت فـي المحتل صديقا دائما، وفـي القضية الفلسطينية عبئا جاثما، ورأت فـي القدس مجرد مدينة تاريخية، وفـي المسجد الأقصى مجرد مبنى لا قيمة دينية، أو قدسية له، وصار الاحتفال بالإسراء والمعراج مجرد احتفال رمزي لا علاقة له بالجوهر الذي أنشئ من أجله، ويبقى الصراع «الفلسطيني ـ الإسلامي ـ الإسرائيلي» قائما، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

مسعود الحمداني كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإسراء والمعراج

إقرأ أيضاً:

 الوعد الصادق 3… طهران تضرب وتغيّر وجه الشرق الأوسط وتُسقط أسطورة التفوق الصهيوني

الثورة / ماجد الكحلاني

في فجر الجمعة 13 يونيو، استيقظت طهران على أكبر هجوم جوي تتعرض له منذ الحرب العراقية-الإيرانية. أكثر من 200 طائرة مقاتلة إسرائيلية، بتخطيط استخباراتي أمريكي مباشر، نفذت عملية معقّدة تحت اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت أكثر من موقع عسكري داخل العمق الإيراني.

الضربات جاءت كثيفة ومتزامنة، وتركّزت على طهران، نطنز، أراك، شيراز، بوشهر، وقم، وأسفرت عن استشهاد أبرز قيادات الصف الأول في المؤسسة العسكرية الإيرانية، من بينهم اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان، والجنرال إسماعيل قآني، قائد فيلق القدس.

كما طالت الضربات منشآت نووية وعلماء بارزين، أبرزهم الدكتور فريدون عباسي، في ما اعتبرته طهران “محاولة مدروسة لإعدام الجمهورية الإسلامية من الرأس».

الصدمة والرد: “الوعد الصادق 3”

لم تنتظر إيران أكثر من ساعات لترد. ومع غروب شمس اليوم ذاته، انطلقت عملية “الوعد الصادق 3”، في واحدة من أكثر العمليات العسكرية تنسيقًا في تاريخ الحرس الثوري، بإشراف مباشر من العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوفضائية.

150 صاروخاً باليستياً من طراز “قيام”، “ذو الفقار”، “سجّيل”، و”خيبر شكن”، إلى جانب 100 طائرة مسيّرة انتحارية من نوع “آرش”، دكت أهدافاً في العمق الإسرائيلي بدقة غير مسبوقة.

الصواريخ الفرط صوتية من طراز “فتاح”، التي تجاوزت سرعتها 5 ماخ، اخترقت الأجواء الصهيونية، مستهدفة وزارات أمنية، قواعد عسكرية، ومطارات استراتيجية. قلب تل أبيب اهتز، وحيفا احترقت، وعسقلان غُمرت في النيران، فيما أعلن الإعلام العبري “حالة انهيار تكتيكي مؤقت في شبكة الدفاعات الجوية”.

سقوط الأسطورة: الطائرات الشبحية F-35 تسقط لأول مرة في التاريخ

في تطور استراتيجي غير مسبوق، أعلنت إيران رسمياً إسقاط طائرتين إسرائيليتين من طراز F-35I «أدير”، وهي النسخة المعدّلة خصيصًا لتفادي الرادارات.

المنظومات الإيرانية “باور 373” و”خرداد 15” كشفت الطائرتين فور دخولهما المجال الجوي الإيراني، وتعقبتهما حتى إصابتهما. الطياران، وفق مصادر إيرانية، أطلقا نداءات استغاثة قبل اختفائهما عن الرادارات. سقوط هذه المقاتلات لم يكن مجرد إنجاز عسكري، بل زلزال نفسي ضرب الصناعات الدفاعية الأمريكية، وفضح تراجع “الهيبة التكنولوجية” للغرب أمام تكنولوجيا المقاومة المصنّعة محليًا.

■ ليلة الرعب وصافرات الإنذار لا تتوقف

فجر السبت 14 يونيو، تحولت تل أبيب الكبرى إلى ساحة حرب مفتوحة. صافرات الإنذار دوّت في أكثر من 17 مدينة، والانفجارات تتابعت بوتيرة جنونية. شبكات الكهرباء انهارت، وألسنة اللهب تصاعدت من مبنى وزارة الأمن في “الكرياه”، ومنشآت في هرتسيليا وعسقلان. مشاهد الهلع في محطات القطارات والملاجئ، وتكدّس السكان في الأنفاق، رسمت صورة مقلوبة لما كان يسمى “ملاذًا آمنًا” لليهود. القبة الحديدية فشلت في اعتراض نصف الصواريخ، فيما نقل السفير الأمريكي تحت حراسة مشددة إلى ملجأ محصّن بعد سقوط صواريخ قرب مجمع السفارات.

قواعد اشتباك تغيّرت ومفاهيم عسكرية اندثرت

عملية “الوعد الصادق 3” لم تكن مجرد رد انتقامي، بل إعلان واضح أن إيران أصبحت فاعلًا مباشرًا في معادلة الردع الإقليمية. القواعد تغيّرت: أي استهداف للمنشآت النووية أو القيادات الإيرانية سيقابَل بردّ في العمق الإسرائيلي، وليس عبر وكلاء أو ساحات ثالثة. كما أن فشل أنظمة “ثاد” و”حيتس” في حماية سماء “غوش دان” أكّد أن التفوق الجوي الصهيوني بات مجرد وهم. القيادة الإيرانية أعلنت أن “الرد القادم سيكون أوسع إذا تكررت الاعتداءات”، بينما أكد الرئيس بزشكيان أن “زمن الضربات من دون عقاب قد انتهى».

تل أبيب المرتبكة: انكشاف جبهة الداخل وبداية الانهيار النفسي

المشهد داخل الكيان الصهيوني كان أشبه بانهيار جماعي. الإعلام العبري تحدث عن شلل مؤقت في السيطرة الجوية، وارتباك في اتخاذ القرار. وزير الحرب أصيب بحسب الأنباء المتداولة، وتم إخلاء مقر الحكومة إلى ملاجئ محصّنة. فيما أنباء متوترة صدرت عن نتنياهو ويسرائيل كاتس، تعكس حالة فقدان السيطرة. أكثر من 30% من الرحلات الجوية أُلغيت، وأسواق المال اهتزت، بينما سجلت أسعار النفط قفزة تجاوزت 12%. للمرة الأولى منذ عام 1948، يشعر الصهاينة بأن “ملجأهم الأخير” لم يعد آمناً.

تل أبيب تحاول فتح جبهة الاقتصاد

في محاولة لتشتيت الانتباه الإيراني، شنت طائرة مسيّرة إسرائيلية هجوماً على منشأة في حقل بارس الجنوبي في بوشهر، أحد أهم مشاريع الغاز الإيراني. الهجوم أدّى إلى انفجار محدود في أحد خطوط الإنتاج، سرعان ما تمت السيطرة عليه. إلا أن الرسالة كانت واضحة: “تل أبيب” تحاول خلط الأوراق وتوسيع رقعة المواجهة، بعدما فشلت في فرض معادلة جوية ناجحة. لكن الردّ لم يأتِ صوتيًا هذه المرة، بل عبر استمرار عمليات القصف المركّز داخل العمق الصهيوني.

المواقف الدولية: صمت غربي وتضامن إسلامي لافت

بينما التزمت الولايات المتحدة الصمت الرسمي، مكتفية بتأكيد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، انطلقت عواصم إسلامية في مواقف تضامن غير مسبوقة. اليمن، باكستان، العراق، سوريا، لبنان، الجزائر، وحتى سلطنة عمان، التي نادرًا ما تُعلّق، عبّرت عن دعمها لطهران. روسيا والصين أدانتا العدوان الإسرائيلي محذرتين من “تفجير الإقليم بأكمله”. أما الأمم المتحدة، فاكتفت بلغة دبلوماسية هزيلة، دعت فيها إلى “ضبط النفس” دون إدانة واضحة للمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل.

تفكك الردع الإسرائيلي: القبة الحديدية تحترق مع الأكاذيب

سقوط أكثر من نصف الصواريخ الإيرانية على العمق الإسرائيلي كشف هشاشة ما كان يُسوَّق لسنوات على أنه “سور الأمن”، وأجهز على ما تبقى من ثقة الشارع الإسرائيلي بمنظومة الردع. الصحف العبرية وصفت الوضع بـ”الانهيار الرمزي للدفاعات الوطنية”، بينما تحدث قادة عسكريون سابقون عن “صيف أسود” سيبقى في ذاكرة إسرائيل لعقود.

التحولات الكبرى: هل انتهى عصر الهيمنة الصهيونية؟

المعادلة تغيّرت. لم تعد إسرائيل فوق القانون أو خارج الاستهداف. الجمهورية الإسلامية، التي حوصرت لأربعة عقود، أثبتت أنها لا تُقهر، وأن مشروع التطبيع، والمراهنات على “تفوق الجو” و”الردع من طرف واحد”، قد دُفِنَ تحت أنقاض برج الأمن في تل أبيب. صواريخ “الوعد الصادق” لم تكن مجرد أدوات تدمير، بل رسائل سياسية، إعلان قيام شرق أوسط جديد تصوغه المقاومة وتُوقّعه بمداد اللهب.

من يطرق باب طهران… فليتوقع الآذان من تحت الركام

كما قال المرشد الأعلى علي خامنئي: “من يطرق باب طهران سيُقصف في قلب تل أبيب”. هذه ليست مجرد عبارة، بل مبدأ عسكري جديد في الإقليم. لقد سقطت نظرية “الضرب والفرار”، وتحوّلت المقاومة من متلقٍ لضربات العقاب، إلى صانع لقواعد الاشتباك. ومن نطنز إلى الكرياه، ومن حيفا إلى بوشهر، ومن اليمن إلى الضاحية، بدأ فصل جديد من الصراع… تكتبه الأمة بصوت النار.

✦ النهاية مفتوحة… لكن البوصلة انحرفت عن تل أبيب

اليوم، في قلب المواجهة، لا تعود الأسئلة إلى حجم الضربات، بل إلى ما إذا كانت إسرائيل قادرة أصلًا على تحمّل استمرار هذا الشكل من الردع الذكي والعميق. الشرق الأوسط يعاد تشكيله الآن، لا عبر مؤتمرات باريس وواشنطن، بل عبر بطاريات “سجّيل” ومنصات “آرش”. ومن لا يفهم لغة الصواريخ… سيقرأ التاريخ وهو محاصر في ملجأ.

مقالات مشابهة

  • حلا شيحة تحتفل بتخطي قناتها على يوتيوب حاجز المليون مشاهدة: “مجرد رقم.. لكنه دليل على المحبة الصادقة”
  • دقائق من الرعب الصامت: الكويت ترد على مرور صواريخ إيران فوق أبراجها
  • لطلاب الثانوية العامة.. أطعمة ترفع تركيزك وتقوي ذاكرتك وقت الامتحانات
  • سيمون تحتفل بعيد ميلادها.. زهرة الفن المختلف التي زرعت البهجة وصنعت لنفسها طريقًا لا يُشبه أحدًا
  • جبهات الإيمان تشتعل ضد المشروع الصهيوني
  •  الوعد الصادق 3… طهران تضرب وتغيّر وجه الشرق الأوسط وتُسقط أسطورة التفوق الصهيوني
  • المستشار محمود فوزي: مستقبل وطن لم يعد مجرد حزب بل مدرسة سياسية
  • دي بلدنا.. هنحافظ عليها
  • كيف يتم استلاب عقولنا؟ من التنوير الإعلامي المضلل إلى التبعية الطوعية
  • ما وراء الضربة.. خبراء: إسرائيل لا تستهدف فقط سلاح إيران النووي بل هذا الأمر