طه العامري

تهمة (الإرهاب) والعقوبات الاقتصادية وحصار الدول والأنظمة ومعاقبتها بصورة فردية أو جماعية، كل هذه القوانين والتشريعات ابتكار أمريكي لا علاقة لها بالقانون الدولي ولا بأي من المواثيق الدولية المنظمة للعلاقات بين الأمم والشعوب، هذه التهمة انطلقت بها أمريكا واعتمدتها بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة وانتهاء النظام القطبي ثنائي التفاعل وسقوط الاتحاد السوفيتي ودول المعسكر الاشتراكي، حينها نصبت أمريكا من نفسها زعيمة لما أسمته (العالم الحر) عام 1990م.


ومع هذا الإعلان الأمريكي صادرت أمريكا صلاحيات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، كما صادرت صلاحيات واختصاصات كل المنظمات الدولية التي أصبحت صلاحيتها تمارس من قبل مكتب العلاقات العامة بوزارة الخارجية الأمريكية، وهكذا هيمنت أمريكا على العالم وعلى القانون الدولي الذي استبدلته بقانونها الخاص وراحت بالتالي تخضع دول العالم لقوانينها ولهيمنتها المطلقة، فارضة قوانينها الخاصة على العالم، ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط وتحولت بالتالي أمريكا من دولة ليبرالية إلى أخرى إمبريالية، وإمبريالية متوحشة، أعادت بسلوكها مراحل الاستعمار الهمجي على العالم التي عرفها في القرون الوسطى ولكن هذه المرة بطرق أكثر تقنية وتطوراً، فقد استغلت أمريكا كل منجزات الثورة الصناعية وتقنية المعلومات وثورة الاتصالات لتوظفها من أجل الهيمنة على العالم وتطويعه بما يتسق مع مصالحها الاستعمارية ومصلحة حليفها الوحيد في الكون وهو الكيان الصهيوني الذي يعد بالنسبة لأمريكا بمثابة قاعدة عسكرية متقدمة لها في المنطقة مثلها مثل أي حاملة طائرات أو مثل أي قاعدة من قواعدها المنتشرة في المنطقة والعالم والتي تفوق 850 قاعدة عسكرية تنتشر خارج الجغرافية الأمريكية..
وخلال هذه الفترة الممتدة من العام 1990م وحتى اليوم تعمل أمريكا على توظيف تهم (الإرهاب) ضد دول وأنظمة وشعوب وأفراد وجماعات وشركات ومؤسسات، وكل من يناهض سياستها ويختلف معها ويستقل بقراره ويعمل لصالح وطنه فهو بنظر أمريكا (إرهابي) وتمنحه التهمة وتفرض العقوبات عليه وتجبر أنظمة ودول العالم ومؤسساته على تنفيذ قرارها حتى وإن كان ضد رغبات وإرادة هذه الأنظمة والدول والمؤسسات التي تجد نفسها مجبرة على تنفيذ أوامر أمريكا ووزارة خزانتها المتحكمة بالاقتصاد الدولي بحكم هيمنة (الدولار) السلاح القاتل الذي تستخدمه أمريكا لتجويع شعوب العالم التي تخالفها ولا تسير في ركبها..!
إن أمريكا توظف تهمة (الإرهاب) (لإرهاب) دول وأنظمة العالم ومؤسساته بدون وجه حق، فقط بهدف الانتصار لمخططاتها الاستعمارية وفي سبيل إبقاء هيمنتها الجيوسياسية على العالم..!
تهمة ترعب بها أنظمة ودولاً وكيانات تقاوم هيمنتها وترفض الانصياع لأوامرها والتسليم لرغباتها، ومن كوريا الشمالية إلى روسيا والصين وإيران وسوريا وحزب الله والمقاومة في فلسطين، مرورا بالعراق سابقا وليبيا والسودان والصومال وفلسطين والمقاومة إلى حركة أنصار الله في اليمن، وهناك دول ومنظمات وحركات ثورية وتحررية ودول أمريكا الجنوبية التي تعاني من هذه السياسية الاستعمارية التي تمارسها أمريكا الإمبريالية، نذكر منها كوبا التي تعاني من حصار أمريكا منذ ستة عقود وفنزويلا، وكل نظام أو دولة أو جماعة أو حركة تحرر لم تخضع لمنطق أمريكا وترفض التسليم بسياستها، تجد نفسها تلقائيا متهمة بتهمة الإرهاب التي طالت حتى الأفراد، وهذا سلوك يعكس هيمنة وغطرسة القوة الأمريكية التي داست على القانون الدولي وصادرت مهام وصلاحيات واختصاصات المنظمات الدولية وأصبحت هي الأمم المتحدة وهي الجمعية العامة وهي مجلس الأمن وهي كل المنظمات الأممية وهي وحدها من تقرر وتصنف دول وشعوب العالم، ولا فرق بينها وبين أولئك المتطرفين دينيا الذين يمارسون الإرهاب بزعم نشر الدين والتوحيد والجهاد في سبيل الله ويرون أنفسهم وحدهم على حق والبقية على ضلال، وأمريكا ترى نفسها وحدها المثالية والبقية إرهابيين ومارقين ومن رابطة ( محور الشر)..
وخلال هيمنتها، تسببت أمريكا في قتل ملايين الأطفال والشيوخ في كل قارات العالم ومنها وطننا العربي بفعل قرارات الحصار والمقاطعة التي فرضتها على أنظمة المنطقة في ليبيا والعراق والصومال واليمن وسوريا وإيران وفلسطين ولبنان، وكل هذا من أجل حماية كيانها اللقيط وبهدف تطويع الجميع لكي يخضعوا للمنطق الصهيوني الأمريكي..!
تهمة أرعبت دون شك أنظمة وحكاماً في العديد من دول العالم ممن أصبحوا عبيدا لأمريكا وأقنان في الاسطبل الصهيوني وكل هذا من أجل أن ترضى عنهم أمريكا ويرضى عنهم الكيان الصهيوني..
أمريكا التي جلبت أساطيلها للمنطقة لتحرير العراق من (النظام الديكتاتوري)، فعلت كذلك في (ليبيا) وفي فلسطين حين دفعت كيانها لمحاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وفعلت الأمر ذاته مع المقاومة في لبنان وارتاحت حين تم استهداف الشهيد حسن نصرالله وباركت اغتياله، كما باركت اغتيال رئيسي حركة حماس إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وباركت وشاركت في حرب إبادة الشعب في فلسطين وقطاع غزة وباركت جرائم الصهاينة في لبنان وسوريا، وهي تهدد إيران وأخيرا وجهت سهامها نحو اليمن ممثلة لحركة أنصار الله الذين يتصدون لمخططها ويرفضون هيمنتها، فتراهم بنظرها مجموعة (إرهابية)، فيما لا ترى في سلوكها هذه الصفة التي تنطبق فعليا عليها وعلى كيانها الصهيوني اللذين يمارسان إرهاب الدولة المنظم وهو الأخطر من أي عمل إرهابي آخر..!
إن أمريكا هي بالأساس دولة إرهابية الهوية والهوى والسلوك ومنذ نشأتها على انقاض السكان الأصليين حيث أقدمت على إبادة أكثر من مائة مليون من سكان أمريكا الأصليين وآخرهم يعيشون داخل محميات في أمريكا حتى اليوم يعيشون حياة بدائة قاسية لدرجة أن من يشاهدهم لا يصدق أن هؤلاء يعيشون في أمريكا محرومين من أبسط الحقوق المدنية لا ماء ولا كهرباء ولا مدارس لأطفالهم ولا مستشفيات، بل ولا يحملون حتى هويات شخصية، لأن الدولة الفيدرالية ترفض الاعتراف بهم ما لم يقبلوا الخدمة في جيشها..!
أمريكا التي خدعت شعوب أفريقيا حين ذهبوا إلى أوطانهم تغريهم بالعمل فيها مقابل رواتب مغرية ولسذاجة وبساطة الأفارقة صدقوا لكنهم وبعد أن تم شحنهم بالسفن وقبل أن يصلوا مضيق جبل طارق، كانوا قد تحولوا إلى (عبيد) تتقاسمهم شركات النخاسة التي باعتهم في أسواق أمريكا عبيدا وظلوا لقرنين من الزمن يعيشون حياة العبودية وكانوا في أوطانهم أحراراً..!
أمريكا التي قتلت الشعب الياباني بالقنابل النووية وهي الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي ضد شعب أعزل ثم فرضت الوصاية عليه وحررت الألمان من (النازية) ثم فرضت الوصاية عليهم وكل شعب ساعدته أمريكا باسم تحريره عملت على فرض وصايتها عليه، حدث هذا في كوريا الجنوبية والفلبين وصولا إلى العراق وليبيا وسوريا ولبنان مؤخرا وفي كل بلد حررته أمريكا من حكامه المحليين فرضت عليه الوصاية واستعمرته واحتكرت سيادته وثرواته وقراره..!

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: على العالم أمریکا من

إقرأ أيضاً:

أمريكا: الحرارة الشديدة تؤثر على اللاعبين في مونديال الأندية

تشهد الولايات المتحدة، التي تحتضن النسخة الحالية من بطولة كأس العالم للأندية، موجة حر شديدة، بدأت تؤثر بشكل واضح على أداء اللاعبين، خاصة في المباريات التي تقام في عز الظهيرة.
وذكرت صحيفة الغارديان، أن ارتفاع درجات الحرارة في الولايات المتحدة الأميركية، يُعيق تدريبات اللاعبين ويؤثر على أدائهم أثناء المباريات، في منافسات كأس العالم للأندية.
وتُقام أغلب المباريات، في وقت الظهيرة أو عند الساعة الثالثة عصرا بالتوقيت المحلي، وهو توقيت لا يناسب الجماهير الأميركية، بل يتماشى مع توقيت المشاهدين الأوروبيين، بحسب الصحيفة.
وأشار المصدر، إلى أن “الفيفا” يمكنها جدولة المباريات في أوقات أقل حرارة وألطف جوا، لكن ذلك لن يتناسب مع المشاهد الأوروبي، ولن يرضي الجماهير ولا المعلنين ولا القنوات الناقلة.
وكان فريق تشلسي الإنجليزي قد اختصر حصة تدريبية له قبل مباراته ضد الترجي التونسي بسبب الحرارة المرتفعة.
كما تعرض لاعب من بنفيكا البرتغالي لحالة إعياء بسبب الحرارة الشديدة، خلال مباراة فريقه أمام بايرن ميونيخ الألماني، مساء الثلاثاء.
وانتشرت لقطات للاعبي الاحتياط في الفرق الكبرى، وهم يتابعون المباراة من داخل غرف تغيير الملابس، عبر شاشة التلفاز، تجنبا للتواجد داخل الملعب، وهي حالة جسدت أضرار المناخ على البطولة.
وقالت الصحيفة البريطانية إن هذه الأجواء ستُشكل تحديا أمام الفرق الأوروبية، سواء في منافسات “مونديال الأندية” أو في كأس العالم المرتقب تنظيمه في الولايات المتحدة سنة 2026.

مقالات مشابهة

  • والتاريخ يتأزم في الشرق... والمغرب يشحن مناعته بالجنوب
  • الكرملين: ينبغي تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة النووية
  • أمريكا: الحرارة الشديدة تؤثر على اللاعبين في مونديال الأندية
  •  لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)
  • بعثة الأهلى تصل مطار القاهرة قادمة من أمريكا
  • قيمة المكافأة التي حصل عليها الترجي التونسي من مشاركته في مونديال الأندية
  • قيادة أمريكا للعالم لم تعد مقبولة
  • الجامع الأزهر: الهجرة من الباطل أساس نصر الأمة وصلاح المجتمع
  • موعد مغادرة بعثة الأهلي أمريكا بعد توديع كأس العالم للأندية
  • الخشمان في قراءة سياسية عميقة: في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟