يستعد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة وسط تعقيدات سياسية داخلية ودولية، حيث تتصدر مسألة التطبيع مع الدول العربية أجندة المحادثات بين تل أبيب وواشنطن.

وفقًا لكبار المسئولين في إسرائيل، فإن المحادثات مع مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، كشفت أن التطبيع مع دول عربية، وخاصة السعودية، يمثل أولوية قصوى للإدارة الأمريكية.

 ورغم أن نتنياهو يبدي رغبة في التقدم بهذا الملف، إلا أنه يواجه معضلة في كيفية تحقيق ذلك دون إغضاب شركائه السياسيين في الائتلاف الحكومي.

في إطار مساعي الحفاظ على استقرار حكومته، يسعى نتنياهو إلى تضمين حزمة سياسية تُرضي اليمين المتطرف، خاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. 

ومن بين الأفكار المطروحة، استغلال فرص التطبيع للحصول على دعم أمريكي لفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، على غرار ما ورد في "صفقة القرن"، مما قد يشكل حافزًا لسموتريتش للبقاء في الائتلاف وضمان استمرارية الحكومة خلال عملية التطبيع.

على صعيد آخر، وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى مع حماس، تحاول إسرائيل تجنب أي إعلان رسمي عن إنهاء الحرب. بدلاً من ذلك، تسعى إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد يُمكّنها من الاستمرار في عمليات تبادل الأسرى، لكن بطريقة تحفظ لها خيار استئناف القتال في المستقبل إذا استدعت الحاجة.

تعكس هذه التطورات طبيعة التحديات التي تواجهها حكومة نتنياهو بين ضغوط الداخل الإسرائيلي ومتطلبات تحقيق مكاسب دبلوماسية على الصعيد الدولي، في وقت تظل فيه الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة شديدة التعقيد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حماس ترامب نتنياهو غزة المزيد

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي

تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية.  وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.

إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.

أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.

ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.

وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.

ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.

رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.

خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.

في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
  • مسؤول أميركي يبدأ زيارة أمنية مكثفة إلى إسرائيل ويلتقي نتنياهو
  • كبير المفاوضين الأوكرانيين: زيلينسكي يتسلم اليوم وثائق خطة السلام
  • السوريون يحيون الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد وسط احتفالات واسعة وتحديات أمنية وسياسية
  • زيلينسكي: المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة سلام لم تكن سهلة
  • ترحيل عشرات الإيرانيين والعرب على متن رحلة واحدة من الولايات المتحدة
  • ميرتس: زيارة نتنياهو لألمانيا غير مطروحة للنقاش
  • قراءة إسرائيلية في تأثير زيارة نتنياهو إلى واشنطن ومستقبل الترتيبات في غزة
  • الصليب الأحمر: "إسرائيل" تمنعنا من زيارة الأسرى الفلسطينيين
  • ميرتس: زيارة نتنياهو لألمانيا غير مطروحة للنقاش حالياً