ورد في فضل ليلة النصف من شعبان، مجموعة من الأحاديث ، بعضها مقبول وبعضها ضعيف‏,‏ غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال‏,‏ ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها‏.

ليلة النصف من شعبان

وفي شهر شعبان، ليلة عظيمة هى ليلة النصف من شعبان‏ ,‏ عظَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- شأنها فقال‏:‏ "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ‏" [ابن ماجه‏ وابن حبان].

وفي شعبان تم تحويل القبلة‏,‏ وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية‏,‏ كان تحويل القبلة في البداية من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية ، وهي تقوية إيمان المؤمنين وتنقية نفوسهم من شوائب الجاهلية‏ ، كما قال تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ).

فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه‏،‏ ولأن هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية قلوبهم من التعلق بغير الله ‏,‏ فقد اختار لهم التوجه إلى المسجد الأقصى‏ ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم من رواسب الجاهلية‏,‏ وليظهر من يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم‏,‏ ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية‏.

وبعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة‏,‏ صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام‏,‏ وهذا التحويل ليس تقليلاً من شأن المسجد الأقصى ‏,‏ بل هو ربط لقلوب المسلمين بحقيقة الإسلام‏,‏ فقد رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصًا لله‏,‏ وليكون قبلة للإسلام والمسلمين‏,‏ وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام. قال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ).

تحويل القبلة

وقد أكد تحويل القبلة الرابطة الوثيقة بين المسجدين، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية،‏ فإن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية‏,‏ الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات‏,‏ إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق. قال تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ).

وعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، فهو يعود إلى أصل القبلة، كما قال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ). فهي دائرة بدأت بآدم مرورًا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام‏, ولكنها اكتملت بالرسول الخاتم، فقد أخره الله ليقدمه،‏ فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال‏.

وقد كرم الله نبيه في ليلة النصف من شعبان بأن طيب خاطره بتحويل القبلة، والاستجابة لهوى رسول الله، قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

وجاء تحويل القبلة أيضًا لتقر عين الرسول، فقلبه معلقًا بمكة‏,‏ يمتلئ شوقًا وحنينًا إليها‏,‏ إذ هي أحب البلاد إليه.‏ وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف.  فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا‏:‏ "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" ‏(رواه الترمذي)‏.

وبعد أن استقر  بالمدينة المنورة‏,‏ ظل متعلقًا بمكة المكرمة ، فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام‏.، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة‏,‏ ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.‏

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسلام شعبان القبلة تحويل القبلة ليلة النصف من شعبان فضل ليلة النصف من شعبان فضائل الأعمال المزيد لیلة النصف من شعبان المسجد الأقصى المسجد الحرام تحویل القبلة إلى المسجد قال تعالى

إقرأ أيضاً:

أعظم الناس في الحج أجرا .. خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: أهل هذه العبادة

قال الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام : إنكم في أعظم أيام الدنيا، وأحبها إلى الله تعالى، فاعمروها بطاعة الله وذكره، وأكثروا فيها من حمده وشكره.

أعظم الناس في الحج أجرا  

وأوضح" المعيقلي" خلال خطبة عيد الأضحى اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن أعظم الناس في الحج أجرًا، أكثرهم فيه الله ذكرًا، فالحج أيام وليال، تبدأ وتختم بذكر الكبير المتعال.

واستشهد بما ورد في سنن أبي داود قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)، منوهًا بأن الله اصطفى حجاج بيت الله الحرام من بين خلقه، ويباهي بكم الرحمن ملائكته.

 وتابع: فهنيئًا لكم حيث قصدتم ركن الإسلام الأعظم، آمين البيت العتيق، ملبيين من كل فج عميق، تدعون ربًا كريمًا، وتسألون مَلِكًا عَظِيمًا، إذا أنعم أكرم، وإذا أعطى أغنى، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره.

خصكم بشعيرة عظيمة

وأضاف: ولا فضل أن يعطيه، فخصكم سبحانه بشعيرة عظيمة، تتابع عليها أنبياء الله ورسله، فدين الأنبياء واحد، وكلهم جاء بعبادة رب واحد، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).

ونبه إلى أن مناسك الحج، تؤول إلى مقاصد جليلة، أعلاها توحيد الله جل وعلا، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لما استوت ناقته على البيداء، أهل بالتوحيد، وصعد على جبل الصفا، ودعا بالتوحيد.

وأردف:  فتارة يلبي، وتارة يهلل، وتارة يكبر، وكلُّها أذكار، تُؤكِّد توحيد الله في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته، مشيرًا إلى أن حياة المؤمن الصادق، مدارها كلها على توحيد الخالق.

ودلل بما قال عز وجل:  (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)، فالله هو المتفرد بالنعمة والعطاء، والهبة والنعماء، وهو المستحق للعبادة وحده.

أصل الدين وأساسه

وأفاد بأن المسلم لا يجعل بينه وبين الله واسطة في عبادته، لا ملكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلًا، فضلًا عن غيرهم، فلا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يذبح ولا ينذر إلا الله وحده.

وأكد أن التوحيد هو أصل الدين وأساسه، فلا تقبل حسنة إلا به، وبدونه تحبط الأعمال وإن كانت أمثال الجبال، (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أنْصَارٍ).

ولفت إلى أن العيد أنس وبهجة وتعاطف ومحبة، ونفوس متسامحة، ورحم موصولة، فاهنؤوا بعيدكم، وصلوا أرحامكم، واشكروا ربكم أن بلغكم هذه الأيام، وأكثروا فيها من ذكره وتكبيره.

واستند لما ورد في صحيح البخاري: "كان عمر رضي الله عنه، يُكبر في قُبَّتِه بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيُكبّرُون، ويُكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرًا"

طباعة شارك أعظم الناس في الحج أجرا خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام إمام وخطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة عيد الأضحى من المسجد الخرام المعيقلي

مقالات مشابهة

  • ولي العهد: المملكة ستواصل خدمة ضيوف الرحمن مدركة عظم المسؤولية وشرف الخدمة
  • خطبتنا الجمعة من المسجد النبوي والمسجد الحرام
  • حجاج بيت الله الحرام يؤدون طواف الإفاضة
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خادم الحرمين الشريفين : أدعو الله أن يحمل عيد الأضحى المبارك الخير والسلام والمحبة للامة والعالم أجمع
  • أعظم الناس في الحج أجرا .. خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: أهل هذه العبادة
  • بدونه تحبط الأعمال وإن كانت جبالا.. خطيب عيد الأضحى بالحرم المكي: أصل الدين
  • خطيب عيد الأضحى بالمسجد الحرام: المسلم لا يجعل بينه وبين الله واسطة
  • أمير المدينة المنورة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد النبوي الشريف
  • تقود المرء إلى الخسران والتهلكة.. خطيب عيد الأضحى بالمسجد النبوي يحذر