جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-16@21:16:36 GMT

إدارة بلا رحمة

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

إدارة بلا رحمة

 

 

جواهر بنت خلفان الصلتية

لا شك أن بيئة العمل المثالية تُبنى على الاحترام المتبادل والتحفيز والإلهام، حيث يكون المدير قائدًا حقيقيًا، يوجه موظفيه نحو النجاح ويخلق بيئة عمل صحية. ولكن، ماذا لو كانت الإدارة بلا رحمة؟ وماذا لو تحول المدير إلى أداة قمع لا ترى في الموظف سوى رقم في كشوفات الرواتب؟ حينها، يتحول الشغف إلى معاناة، ويصبح العمل مجرد عبء ثقيل يسلب الإنسان حماسه وإبداعه.

في الواقع، من أكثر الأسباب التي تدفع الموظفين إلى فقدان شغفهم هو المدير المتسلط الذي يرى السلطة أداة للسيطرة بدلاً من أن تكون وسيلة لتطوير الفريق. فهو لا يلتفت إلى جهود الموظفين، ولا يعترف بإنجازاتهم، بل قد ينسبها لنفسه دون أدنى خجل. على سبيل المثال، تشير بعض الدراسات إلى أن أكثر من 50% من الموظفين الذين يتركون وظائفهم يفعلون ذلك بسبب رؤسائهم المباشرين وليس بسبب الوظيفة نفسها. وهذا النوع من الإدارة لا يقتل الشغف فقط، بل يزرع الإحباط ويؤدي إلى تآكل روح الفريق، مما يجعل الموظف يبحث عن مخرج بأي طريقة كانت.

علاوة على ذلك، نجد المدير المتعالي الذي يتعامل مع الموظفين وكأنهم أدنى منه شأنًا، ولا يكلف نفسه عناء الاستماع إلى آرائهم، ولا يعير انتباهًا لمقترحاتهم. وهذا السلوك يولد شعورًا بالغربة داخل بيئة العمل؛ حيث يفقد الموظف إحساسه بالانتماء، مما يؤثر بشكل مباشر على إنتاجيته، ويجعله يؤدي مهامه فقط بدافع الراتب، لا بحب الشغف والإنجاز. ولتفادي ذلك، يُنصح بأن يتبنى المديرون أسلوب القيادة التشاركية الذي يمنح الموظفين شعورًا بالأهمية والانتماء.

إضافة إلى ذلك، لا يُمكن أن نغفل عن المدير الظالم الذي يتخذ قرارات تعسفية دون أن يكلف نفسه عناء التحقق من الحقائق. فهو يمارس ضغوطًا غير مبررة، ويكيل التهم جزافًا، ويستمتع بتوبيخ موظفيه أمام الآخرين، كأنه يتلذذ بإذلالهم. وهذا الأسلوب لا يدمر فقط معنويات الموظفين؛ بل يدفعهم إلى البحث عن بيئة عمل أكثر عدلاً وإنصافًا. ومن هنا، يجب على المؤسسات وضع سياسات واضحة لتقييم أداء المديرين والتأكد من عدم استغلال سلطتهم بطرق تؤثر سلبًا على الفريق.

من ناحية أخرى، هناك المدير الذي لا يرى في الموظف سوى آلة تعمل دون كلل، يطالبه بالالتزام الصارم بساعات العمل، دون أن يهتم بما يقدمه من قيمة حقيقية. كما أنه يتجاهل مجهوده، ولا يكافئه، ولا يمدحه حتى حين يستحق ذلك. فتخيل أن تعمل في بيئة لا يُقدر فيها عطاؤك، ولا تجد فيها كلمة شكر! إذن، كيف يمكن لشخص أن يبقى شغوفًا في ظل هذا المناخ القاسي؟ وهنا تكمن أهمية أن تعتمد المؤسسات أنظمة تحفيزية لمكافأة الأداء المتميز وتشجيع الموظفين على الإبداع.

وما يزيد الطين بلة أن بعض المديرين يمارسون ضغوطًا نفسية متعمدة على موظفيهم، مما يؤدي إلى تراجع صحتهم النفسية والجسدية. فالموظف الذي يعمل تحت ضغط مستمر دون تقدير أو تحفيز، يجد نفسه محاصرًا بين الحاجة للبقاء في العمل والبحث عن بيئة أكثر إنصافًا. ومع تكرار هذه الضغوط، قد يصل الأمر إلى حد الإرهاق الوظيفي الذي يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وزيادة معدلات الاستقالات.

وفي المقابل، هناك المدير القائد، ذاك الذي يعرف كيف يستثمر طاقات فريقه، ويحترم إنسانيتهم قبل أن ينظر إلى أرقام الإنتاج. فالقائد الحقيقي لا يرى في الموظفين أدوات لتنفيذ المهام، بل ينظر إليهم كأفراد لديهم أحلام وطموحات، ويسعى إلى تحفيزهم ليحققوا أفضل ما لديهم. وبناءً على ذلك، مثل هذا المدير هو من يجعل بيئة العمل أكثر إبداعًا وإنتاجية، وهو من يستطيع أن يُخرج من فريقه أقصى ما يمكن من العطاء.

ولكي تتغير ثقافة العمل نحو الأفضل، يجب أن تُجرى تقييمات دورية لسلوك المديرين وأن يتم تعزيز ثقافة الاستماع إلى الموظفين. فالمؤسسات الناجحة لا تقيس نجاحها فقط بأرباحها، بل بمدى رضا موظفيها وسعادتهم. وعندما يتم بناء علاقة قائمة على الثقة بين المدير والموظف، تتحول بيئة العمل إلى مكان مليء بالإبداع والتطوير المستمر.

إنَّ الإدارة بلا رحمة تعني بيئة بلا أمل، ومكانًا يفرّ منه المبدعون، ويقتل فيه الإبداع والشغف. ولو أدرك المديرون أن بناء بيئة عمل إيجابية هو المفتاح الحقيقي لتحقيق النجاح، لأصبح كل موظف سفيرًا لمكان عمله، وليس مجرد شخص يبحث عن فرصة أخرى في أقرب وقت.

لذلك.. يجب على المؤسسات السعي إلى تطوير قادة وليس مجرد مديرين، واعتماد سياسات تدعم ثقافة التحفيز والتقدير؛ لأن الموظف حينما يشعر بالتقدير، يتحول عمله من واجب إلى شغف، ومن وظيفة إلى رسالة، ومن مجرد مسؤوليات إلى فرص للابتكار والإنجاز.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: السيرة الحسنة الباقية !!

 

 

تعددت المناسبات التى أحضر فيها عزاءات لأعزاء فقدناهم وتركوا لنا عبىء العيش وحدنا دونهم فى هذه الحياة، نتذكر بالخير ونتذكر مواقف كثيرة لهم، وندعوا لهم بالرحمة والمغفرة.
شخصيات عظيمة تغيب عنا واحدًا تلو الأخر وهذه سنة الحياة "فهم السابقون ونحن اللاحقون" !

لقد تأملت المشهد المهيب الذى صاحب جنازة المرحوم الأستاذ (محمود السعدنى) الكاتب الصحفى الكبير(رحمه الله رحمة واسعة ) !!
وتأملت المعزين من كل أطياف المجتمع مسئولين حاليين ومسئولين سابقين ونخب من المجتمع من شتى مجالات الحياة المهنية فى مصر.

ولعل ما شدنى فى هذا الأمر أن كثير مما سمعت عن الرجل غير ما تيسر لى من كتب كتبها، كلام طيب  وسيرة حسنة وزمالة لأجيال من الكتاب والإعلاميون يذكروا عنه طيب الحديث وروعة المواقف فى أشد الأوقات صعوبة مر بها الوطن وكان الأستاذ "محمود السعدنى" إما مشاركًا فى الأحداث كفاعل أو مفعول به طبقًا لموقفه من السلطة فى البلاد.

 


وأتذكر حينما قابلت المرحوم فى مكتب الوالد الراحل "وجيه أباظة" وكنت مقربًا من المرحوم "وجيك بك"، بعد أن خرج من السجن عام 1975 وجاء فى زيارة إلى إيطاليا حيث كان المرحوم "توفيق أباظة" إبن عم "وجيه بك" وزيرًا مفوضًا للسفارة المصرية فى روما وكانت تربطنى به صداقة عميقة وجاء "بعم وجيه" إلى البلدة التى أقيم فيها وهى (فيوماشينو) وبقى فيها معى "عم وجيه" لأكثر من أسبوع وتعلقنا ببعض حتى عودتى إلى القاهرة ودعوته لى بالقيام بأعمال شركة التنمية والتجارة (بيجو) وإقتربت من الرجل كأحد أبنائه (حسين وممدوح وشاكر وعزيز) إلى أن توفاه الله (رحمة الله عليه رحمة واسعة).
قابلت عند عم وجيه الأستاذ /"محمود السعدنى" عام 1979 وكان يتزاور "لعم وجيه" مجموعة من نخب المجتمع، أذكر الشيخ "متولى الشعراوى" وبعض قيادات مجلس الثورة وكذلك إعلاميين كبار مثل المرحوم "جلال معوض"، والمرحوم "محمود السعدنى" وغيرهم وكان إستمتاعى بهذه النخبة من زوار "عم وجيه" لا تضاهيها متعة.
ولقد أثرونى من المناقشات التى كانت تدور بينهم وكنت فى هذه المرحلة شابًا لايزيد عمرى عن خمس وثلاثون عامًا، فكنت فى أغلب الأوقات بل أعظمها (صامتًا) أستمع وأتعلم وأنصت بكل جوارحى للتجارب العظيمة التى وهبنى الله الفرصة لكى أتعايش بالقرب منها فى حجرة واحدة أو كراسى متقاربة لكى أستمع وأتكلم، كان المرحوم محمود السعدنى – شيىء رائع من البشر وشيىء خيالى من التجارب الرائعة التى خاضها ولم يبقى منه إلا السيرة الحسنة وكذلك هؤلاء العظماء الذين رحلوا عن عالمنا وتركوا لنا ذخيرة من المثل ومن السير الطيبة !! رحمهم الله جميعًا رحمة واسعة !!
  أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد 
Hammad [email protected]

مقالات مشابهة

  • احنا جايين نشتغل .. رحمة محسن تثير الجدل في حفل زفاف
  • رشوة تقود إلى توقيف موظف جماعي بطنجة
  • د.حماد عبدالله يكتب: السيرة الحسنة الباقية !!
  • سجن وزير تونسي سابق بتهمة اغتصاب وقتل فتاة
  • «حزن مغلي».. رحمة محسن تستعد لطرح أجدد أغانيها
  • رئيس البياضية يبحث طلبات المواطنين باليوم المفتوح ويكرم الموظف المثالي
  • استعراض كتاب إدارة الموارد البشرية في عصر التحولات الرقمية بصلالة
  • الشديفات: نعمل على خلق بيئة محفزة داخل المراكز الشبابية وتعزيز قيم العمل التطوعي
  • عندما يحكم الذكاء الاصطناعي ثرواتنا!
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)