إسرائيل.. واستراتيجيَّة" التِّيهْ"
تاريخ النشر: 21st, February 2025 GMT
القراءة السياسية لموقفها الوحشي الرّاهن يظهرها وفيّة إلى رحلة خروجها الأولى من التاريخ
ربما تودّ دولة إسرائيل ـ وهي جامعة لليهود الذين تاهوا في الأرض وتقطَّعوا أمماً ــ أن تعيد انتاج قصة" التِّيه" الأولى التي عاشها بنو إسرائيل عند خروجهم من مصر عند نزول الوحي على نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ وتجوالهم في البرية حتى حدود كنعان.إذا كان الأمر كذلك، فإن القراءة السياسية لموقفها في تهجير الفلسطينيين يظهر أنها وفيّة إلى رحلة خروجها الأولى من التاريخ على مستوى المبدأ، ولكن ليست كذلك على مستوى تكرار التجربة ببُعدِها التاريخي، والعمل على تصديرها للفلسطينيين، ولشعوب العالم جميعهاً، فهي ستغدو متناقضة، لأنها تجمعت في مرحلة التيه الأولى خلال أربعين سنة، ثم تجمعت كما نراها اليوم بعد آلاف السنيين، بغض النظر عن شرعية وجودها من عدمه.
مهما يكن، فإن البعد الديني للدولة العبْرية يدفع قادتها إلى إحياء فكرة وطريق التيه، من حيث هو ميراث يكشف عن حل" الإقامة" في الأرض للأمم الأخرى، التي تعتبرهم" الأغيار"، ويتم هذا بطريقة عصرية مصحوبة بقوة مفرطة تراهن على الاستكبار الأمريكي، بما يَشِي بتحقيق مشروع تغيير خريطة الشرق الأوسط، طبقاً لتقسيمات جديدة تخصًّ منطقتنا بوجه خاص، تم الإعلان عنها في أكثر من مناسبة.
التِّيه هنا مقصود به؛ أيضاً، تحقيق الرؤية المشتركة بين ترامب ونتانياهو، من منطلق تحقيق السلام الدائم لإسرائيل على أرض لا يشاركها فيها أحد، وذلك باستعمال القوة، وما تبعها من إبادة بشرية، وخراب للمكان، والدفع نحو العيش في زمن آخر موعود، حتى لو يكن له وجود، على النحو الذي يسم حياة الفلسطينيين اليوم، وفي ذلك تشويه للمعنَييْن الوُجُودي والحضوري لهم، بحيث يمثِّل الواقع حقيقة واحدة ـ لا شريك لها ولا منافس أو منازع ـ هي: تثبيت إسرائيل وجوديّاً وحضوريّا بشكل مطلق.
المُلاحظ، أن تبني إسرائيل لمسألة" التيه" تحول من التكتيك خلال مراحل الصراع السابقة إلى استراتيجية بعد انطلاق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وهو ما كشفت عنه الأساليب التي اتَّبعتْها لإبادة الفلسطينيين حين لم يهاجروا، وهي مرحة أولى، يُتوقَّع أن تُتْبع بأخرى أشد إيلاماً وأكثر وحشيَّة بعد تبادل الأسرى في المرحلة النهائية.
ولأجل تحقيق استراتيجيّة التيه تعمل إسرائيل جاهدة ـ بدعم أمريكي ـ على اتباع سياسة الأقواس المفتوحة على مستوى الأرض مع دول الجوار، خاصة دول الطوق (مصر، الأردن، سوريا، لبنان)، والتي يقصد منها ـ كما هو ظاهر ـ إحلال الفلسطينيِّين في تلك الدول سواء بقبول هذه الأخيرة ضمن صفقات يتم الترتيب لها، وهو ما يسعى الرئيس ترامب من خلال ضغطه على القيادتين في مصر والأردن، أو بالتهجير القسري إليها بعد احتلال أراضي الدول المجاورة.
في هذا السّياق أشارت مصادر مُطَّلعة إلى أن الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل في الفترة الأخيرة، قد تكون وطناً بديلاً للفلسطينيين على أن يتم صهرهم في المجتمع السوري، والرِّهان هنا على قبول السلطة الجديدة في دمشق للأمر، وقد يحدث هذا أيضاً مع لبنان، عبر المنطقة الحدودية التي احتلتها إسرائيل مؤخراً والبالغة 8 كيلومترات.. والسؤال هنا: هل تملكُ إسرائيل القوة على تنفيذ استراتيجية التّيه؟
الرِّهان على القوة ـ إسرائيليّاً وأمريكيّاً ـ قائم وموجود، ولكنه بخلاف الموت والدمار لم ينتج شيئاً يذكر، ناهيك عن أن الأساطير المؤسسة للدولة العِبْريَّة لم تعد مجدية اليوم، كما أن أسلوب الإبادة للسكان الأصليين الذي حدث في أمريكا لا يمكن تكراره في فلسطين لأسباب كثيرة، والأهم من هذا كله هو: أن صمود الفلسطينيين ـ بما ذلك المستقبلي ـ قد يجعل إسرائيل تعود إلى التِّيه من جديد، فتنفذ بذلك استراتيجيتها على نفسها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
معاناة الفلسطينيين تتفاقم.. الأمطار تودي بحياة 11 شخصا في غزة
غزة - الوكالات
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم السبت، انتشال جثامين 11 فلسطينيًا قضوا جراء انهيار مبانٍ متضررة سابقًا بالقصف، بفعل الأمطار الغزيرة التي رافقت المنخفض الجوي القاسي «بيرون»، مشيرًا إلى فقدان شخص واحد، وتكبّد خسائر مادية أولية تُقدّر بنحو 4 ملايين دولار.
وقال المدير العام للمكتب، إسماعيل الثوابتة، خلال مؤتمر صحفي عُقد أمام مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، إن المنخفض الذي بدأ الخميس الماضي تسبّب في تضرر أكثر من 250 ألف نازح من أصل نحو 1.5 مليون يعيشون في خيام ومراكز إيواء بدائية تفتقر لأدنى مقومات الحماية.
وأوضح أن فرق الدفاع المدني انتشلت الجثامين من تحت أنقاض 13 مبنى كانت متضررة جراء القصف الإسرائيلي، وانهارت بسبب الأمطار، لافتًا إلى استمرار عمليات البحث عن مفقود واحد، في حين أفادت مصادر طبية بوفاة 3 أطفال ورضع نتيجة البرد القارس.
وأشار الثوابتة إلى أن الخيام كانت الأكثر تضررًا، حيث سُجّل غرق وتلف أكثر من 53 ألف خيمة بشكل جزئي أو كلي، بينها 27 ألف خيمة انجرفت أو غمرتها مياه الأمطار، إلى جانب تلف مستلزمات معيشية أساسية للنازحين.
كما لحقت أضرار واسعة بالبنية التحتية، شملت انجراف مئات الطرق الترابية وتعطّل خطوط مياه مؤقتة، واختلاط المياه النظيفة بالطين، إضافة إلى مخاطر صحية متزايدة نتيجة انهيار حفر امتصاص بدائية، وتضرر عشرات النقاط الطبية وفقدان أدوية ومستلزمات صحية.
وجدد المكتب الحكومي تحميل إسرائيل مسؤولية الكارثة الإنسانية، مؤكدًا أنها تمنع إدخال 300 ألف خيمة وبيوت متنقلة، وتُعيق وصول مواد الإغاثة والطوارئ، رغم الحاجة الملحّة لها مع تكرار المنخفضات الجوية.
وفي السياق ذاته، طالبت جهات مجتمعية في غزة بإدخال بيوت متنقلة بدلًا من الخيام، وإزالة الركام، في ظل تفاقم معاناة مئات آلاف النازحين الذين يواجهون البرد والسيول داخل خيام مهترئة لا تقي من الأمطار أو انخفاض درجات الحرارة.